يرى المحللون أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد خسر ثقة غالبية الفرنسيين الذين خيب آمالهم فيه كرجل وكحاكم بعد عشرة اشهر على وصوله إلى الرئاسة. وكان التراجع سريعا بالنسبة إلى ساركوزي الذي فاز بفارق واضح في انتخابات السادس من مايو، والذي بدأ عهده بفترة سماح وشعبية شملت أكثر من ثلثي الفرنسيين، وهي نسبة لم يشهدها أي رئيس منذ الجنرال ديغول. لكن شهر العسل بينه وبين الفرنسيين بدأ يتراجع منذ الخريف لتتدنى شعبيته إلى دون الخمسين في المئة في بداية السنة قبل أن تهوى إلى درجة أدنى في ما بعد. وقد ينعكس تراجع شعبيته هذا على الانتخابات البلدية المقررة في التاسع و16 مارس، حيث قد يخسر حزبه اليميني، الاتحاد من أجل حركة شعبية، عددا من بلديات المدن لصالح الاشتراكيين. لا يتحكم في نفسه وأفاد استطلاع للرأي نشر أخيرا أن ثلث الفرنسيين لا يزالون يثقون بساركوزي. بينما أفاد استطلاع آخر نشر الاثنين في صحيفة ليبراسيون الفرنسية ان ضررا لحق بصورة الرئيس، وان 47% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع يعتبرون انه لا يتحكم في نفسه بشكل كاف . ويقول فرديريك دابي من معهد ايفوب إنه ابتعاد عاطفي، وسحب ثقة، وحتى، بالنسبة إلى قسم من الرأي العام، رفض تلقائي . وأوضح المحلل السياسي دومينيك رينييه من جهته انه مزيج من خيبة أمل كبيرة وشعور بالخيانة . وأساء ساركوزي إلى صورته كرئيس يرى أن الإنجازات تكمن في الإرادة، عندما قال في الثامن من يناير انه لا يستطيع أن يفرغ خزنة هي فارغة أصلا ، بينما كان وعد بأنه سيكون رئيس القدرة الشرائية . في الوقت نفسه، تزوج العارضة الايطالية كارلا بروني بعد ثلاثة اشهر من طلاقه من سيسيليا، مجاهرا بسعادته وبميله إلى حياة الترف. ورأى كاتب الافتتاحيات في صحيفة لوموند الفرنسية جيروم جافري ان تراجع شعبية ساركوزي يكمن إلى حد كبير في تصرفاته التي تخرج عن إطار المعايير الفرنسية لرئيس يفترض أن يكون حكما وموحدا ويهتم بالأمور الأساسية. واقر ساركوزي بحدوث تراجع عزاه إلى أحداث استجدت في حياتي واضطررت للتعامل معها . ومن اجل العودة إلى السكة، كثف زياراته وإعلاناته. إثارة الجدل إلا انه تسبب بإثارة الكثير من الجدل مجددا، عبر تشديده على أهمية الدين ما أثار صدمة لدى العلمانيين، ورغبته في أن يعهد إلى تلاميذ فرنسيين في العاشرة بذكرى أطفال المحرقة اليهودية والضجة التي تسببت بها الفكرة اضطرته للتخلي عنها، ومحاولته إعادة النظر في المبدأ الدستوري القائل بعدم تطبيق القوانين بأثر رجعي لإبقاء المجرمين الخطرين في السجون وذلك وسط استياء السلك القضائي.
وحملت المعارضة على أسلوبه الكلامي وتوجهه إلى الزائر في المعرض السنوي للزراعة الذي رفض مصافحته بالقول انصرف أيها المعتوه المسكين ، معتبرة انه يسيء إلى المركز الرئاسي. ورأت أسبوعية لو بوان أن ساركوزي بات رجلا محاصرا من المعارضة والقضاة والمثقفين والرأي العام . وتابعت المجلة اليمينية لا ينقصه إلا أن يصبح هدفا لمحاربيه ، في حال خسر حزبه الانتخابات البلدية. وفي مواجهة سيل الانتقادات، يؤكد ساركوزي انه سيواصل الإصلاحات، ولو أن هناك غيوما كثيرة تتجمع في الأفق الاقتصادي، لا سيما انه يملك عنصر قوة يكمن في الوقت، كون ولايته لن تنتهي قبل 2012، ولا خوف من حصول تغيير في الغالبية البرلمانية. وأعلن أن واجبه لا يكمن في أن يكون رئيسا يتمتع بشعبية، إنما أن يستمر في تحركه النشيط بهدف إيقاظ بلد كان في سبات قبل انتخابه.