مني حزب اليمين الحاكم في فرنسا بتراجع جدي في الدورة الثانية من الانتخابات البلدية التي جرت الأحد حيث خسر عددا من المدن الكبرى أمام اليسار الذي دعا إلى معاقبة الرئيس نيكولا ساركوزي، كما بينت استطلاعات الرأي الأولية. وبحسب الاستطلاعات التي أجراها معهدا ايبسوس-ديل وتي ان اس-سوفر في مدن اعتبرت مراكز اختبار، عزز اليسار صعوده الواضح الذي حققه في الدورة الأولى منتزعا من حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية اليميني الحاكم معاقل مهمة. فوز سهل وفاز الحزب الاشتراكي بسهولة في الدورة الثانية في ستراسبورغ، اكبر مدينة شرق فرنسا التي كانت بايدي الاتحاد من اجل حركة شعبية، بحسب توقعات معهد تي ان اس-سوفر الذي أكد أن الاشتراكي رولان ريس انتخب رئيسا لبلدية ستراسبورغ مع 58% من الأصوات مقابل 42% لرئيسة البلدية المنتهية ولايتها فابيان كيلر. وكانت ستراسبورغ من بين ثلاث مدن إقليمية كبرى يمكن أن تنقلب من اليمين إلى اليسار مع مرسيليا (جنوب شرق) وتولوز (جنوب غرب). وتوقعت استطلاعات المعهدين أن يحتفظ اليمين بمرسيليا، ثاني مدن البلاد، وان يخسر تولوز. وانتزع الاشتراكيون كذلك كاين (غرب) ورين (شمال-شرق) واميان (شمال) بحسب الاستطلاعات. وفي بو (جنوب غرب)، اقر الزعيم الوسطي فرنسوا بايرو الذي حل ثالثا في الانتخابات الرئاسية، بهزيمته أمام المرشحة الاشتراكية وكان الفارق بينهما ضئيلا جدا. وأظهرت التوقعات الأولية أن اليسار حقق فوزا واضحا في ختام الدورة الثانية. فمدينة ميتز (شرق) انتقلت بحسب الاستطلاعات إلى اليسار. وفي مدينة ليل، إحدى كبرى مدن الشمال، أعيد انتخاب الاشتراكية مارتين اوبري بفارق كبير في الأصوات. وفي بيريغو (غرب)، اقر رئيس البلدية اليميني المنتهية ولايته كزافييه داركو، وزير التعليم الذي تلقى دعما ميدانيا من قادة حزبه، بخسارته أمام منافسه الاشتراكي. وعلى الفور، قال زعيم الحزب الاشتراكي فرنسوا هولاند هذا المساء، اليسار يتمتع بالأكثرية بالأصوات وبعدد المدن. مساء الهزيمة وفي المقابل اقر زعيم كتلة الاتحاد من اجل حركة شعبية في الجمعية الوطنية جان فرنسوا كوبيه بالهزيمة، وقال هذا مساء الهزيمة. وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد سي اس اي دكسيا، فقد استقر توزع القوى بين اليسار واليمين على 49.5% للحزب الاشتراكي وحلفائه مقابل 47.5% للاتحاد من اجل حركة شعبية وحلفائه. وكان اليسار حقق الأحد الفائت في الدورة الأولى من الانتخابات البلدية تقدما واضحا منتزعا مدنا عدة من اليمين مثل روان (غرب). واحتفظ الحزب الاشتراكي بليون (وسط-شرق) منذ الدورة الأولى وتصدر رئيس بلدية باريس المنتهية ولايته برتران ديلانوي النتائج بفارق كبير من دون أن يحسم المعركة من الدورة الأولى. وعلى الرغم من دعوات المعسكرين مناصريهما إلى المشاركة الكثيفة في الانتخابات، فقد ظلت نسبة المشاركة دون تلك المسجلة في الدورة الأولى حيث امتنع ناخب من اصل ثلاثة عن المشاركة فيها. امتحان لساركوزي وتعتبر هذه الانتخابات أول امتحان انتخابي لنيكولا ساركوزي منذ وصوله إلى الاليزيه قبل عشرة اشهر. وفي حال تأكدت هزيمة اليمين فسيضعف ذلك موقع ساركوزي ولو لفترة قصيرة بعد أن تدنت شعبيته بصورة حادة. ولكن مع إقرار البعض بالهزيمة، رفض مسئولون في اليمين الحديث عن المعاقبة وأصروا على الرهان المحلي للانتخابات. وأعلن رئيس الوزراء فرانسوا فيون انه لا أساس لاستخراج العبر من هذه الانتخابات وتعميمها على المستوى الوطني. وسجل اليسار الاشتراكي تقدما الأسبوع الفائت ولكن من دون أن يحقق اجتياحا وان كان احتفظ بمدينة ليون، وسط شرق، منذ الدورة الأولى. ودعا الاشتراكيون إلى تشديد العقاب الذي الحق في الدورة الأولى بساركوزي مستغلين استياء الفرنسيين من تراجع قدرتهم الشرائية وهو همهم الأول، ومن الأسلوب الرئاسي الذي يعتبرونه طنانا. واقر رئيس الحكومة فرنسوا فيون بوجود خيبة أمل لدى الناخبين حول ما حققه ساركوزي والحكومة. ووعد شأنه في ذلك شأن رئيس البلاد بتسريع الإصلاحات رغم الظروف الاقتصادية. تعديل حكومي واستبق ساركوزي أي نكسة محتملة بتأكيده الثلاثاء انه سيأخذ بطبيعة الحال بالاعتبار نتائج الانتخابات البلدية، مؤكدا مع ذلك انه لن يغير سياسته. وتفيد أوساطه انه سيلجأ إلى تعديل حكومي طفيف مع استحداث ثلاثة أو أربعة مناصب سكرتير دولة فضلا عن تغييرات في فريق الأعلام التابع له. ويبدو أن الرئيس ساركوزي اعتمد أسلوبا أكثر تحفظا. ويعود قسم من تراجع شعبيته في استطلاعات الرأي إلى استياء الرأي العام من التغطية المبالغ بها لتحركه ولحياته الشخصية وميله إلى الترف في وقت يؤكد فيه أن خزينة الدولة فارغة. لكن رغبته في تسريع الإصلاحات في العمق التي أكدها فيون الأحد، قد تصطدم بتدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار الذي رافق تدهور شعبيته. ولن يكون فوز الاشتراكيين في الانتخابات البلدية مليئا بالايجابيات، فهو قد يعود عليهم بنتائج عكسية. فمن شأن فوز كهذا أن يجعلهم محصورين في إدارة الشؤون المحلية وسيؤجل أيضا بلورة برنامج واضح للانتخابات الرئاسية التي ستجري عام 2012. وهي مدة طويلة سيستفيد منها ساركوزي الذي يتمتع بالغالبية المطلقة في الجمعية الوطنية. ولكن فوز الاشتراكيين قد يعزز الحرب بين قادته حيث يبدو ديلانوي مرشحا جديا في مواجهة سيغولين روايال للفوز بزعامة الحزب خلال مؤتمره القادم في الخريف.