صرح الكاتب والمفكر فهمى هويدى بأن الفراغ السياسي المخيم الآن على المشهد فى مصر أوضح أن قوى الإسلام السياسي هي صاحبة الحضور الأوفر حظا فى الساحة السياسية وهو ما أثبتته خمسة انتخابات واستفتاءات متعاقبة جرت بعد 25 يناير انتهت بفوز مرشح الإخوان فى الانتخابات الرئاسية, مقابل ما فعلته الأحزاب المدنية عندما أبدت استعدادها للتنازل عن حلم الديمقراطية وعسكرة الدولة مقابل إقصاء الإخوان. وأشار عبر مقاله اليومي بجريدة الشروق اليوم إلى أن أصل الأزمة فى مصر لها شقين جزءها الظاهر للعيان وشقها الغاطس الذي لا نعرف عنه على الوقت الراهن على الأقل، لكننا ندرك انه موجود، وكان فاعلا فى السابق ولا يزال فاعلا إلى الآن, من ثم فليس أمامنا سوى أن نحلل ما هو ظاهر أمامنا لكى نحدد دوره فى الأزمة التى أدعيها. ذلك اننى أزعم أن أس البلاء ومشكلة المشاكل فى مصر يكمن فى موت السياسة فى البلد، الذى أحدث فراغا هائلا تعذر ملؤه منذ إسقاط نظام مبارك، الذى اعتمد على الأجهزة الأمنية فى إدارة البلد وتثبيت حكمه طوال ثلاثين عاما. وقال أنه فى ظل هذا الفراغ المخيم وإزاء عجز الأحزاب السياسية القاتمة عن الفعل السياسي فإنها رفعت ضمنا شعار: العسكر هم الحل, وهو شعار كان بمثابة إشهار لإفلاس تلك الأحزاب وإعلان عن عجزها عن كسب ثقة الناس وأصواتهم, وهو ما أشارت إليه الدكتورة منار الشوربجى فى مقالها، حين انتقدت تفويض الأحزاب للقوات المسلحة فى أحداث التغيير الذى عجزت عن تحقيقه, وكان القيادى اليسارى الأستاذ عبدالغفار شكر قد أشار إلى ذات المعنى فى مقالة نشرتها له جريدة الأهرام، قال فيها انه فى ظل ضعف جماهيرية الأحزاب المدنية الراهن فى مواجهة تيار الإسلام السياسى، فليس أمامها من سبيل للمشاركة فى السلطة إلا بالاستعانة بالقوات المسلحة. وأضاف قائلا: هذا وجه آخر للأزمة يعكس مدى استعصائها على الحل. ذلك ان الأحزاب المدنية أبدت استعدادا مدهشا للتخلى عن الديمقراطية ومدنية المجتمع مقابل إقصاء الإخوان, وليس المراد هنا إتاحة الفرصة لتلك الأحزاب لكى تمسك هى بزمام السلطة من خلال ائتلاف أو غيره، ولكن لكى ينفسح المجال لعسكرة المجتمع وترحيل حلمه فى إقامة النظام الديمقراطى إلى أجل غير معلوم.