تسببت الزيادة الأخيرة فى أسعار كيلو اللحم من الفراخ البيضاء فى أزمة ومشكلة كبيرة دخلت منازل الغالبية العظمى من المواطنين، خاصة محدودى الدخل بعد ارتفاع سعر الكيلو من 12 إلى 20 جنيها، ومشكلة الزيادة فى الأسعار يتبادل الاتهامات فيها المربون والمستهلكون، وكلاهما يلقى الاتهامات على الدولة التى تسببت فى زيادة الأسعار؛ بسبب إهمالها فى الرقابة على تجارة العليقة والأدوية والكتاكيت. محمد عمر -تاجر ومربى دواجن- يقول : كنا نقوم أنا وإخوتى الثلاثة بالعمل فى تربية وبيع الدواجن استغلالا لوقتهم، حيث حصلوا على مؤهلات عليا ولا يجدون عملا, فنقوم باستئجار عنابر الدواجن من المالك بسعر العنبر -سعة 5 آلاف كتكوت- عشرة آلاف جنيه، ثم نشترى الكتكوت والعليقة والأدوية, ومدة الدورة تستغرق 45 يوما نقوم بعدها ببيع الفراخ، وإذا لم نتعرض لطوارىء مثل ارتفاع نسبة النافق, كنا نحقق أرباحا. أما فى السنوات الأخيرة، فإن تربية الدواجن تلحق خسائر كبيرة بالمربين بعد زيادة أسعار طن العليقة إلى 200%، ومثلها الكتكوت والأدوية وغيرهما, ناهيك عن الأمراض المفاجئة، والتكلفة الإجمالية للدورة تزيد على 150 ألف جنيه، وإذا حدثت خسائر فإنها تدمر المربى، وهذا حدث لعدة مرات فى الفترة الأخيرة، مما دفع أغلب المربين إلى الابتعاد عن هذا النشاط، وأغلقت معظم المزارع على مستوى جميع المحافظات، وانخفضت قيمة الإيراد لأقل من النصف، ومعها قيمة الناتج المعروض فى الأسواق، وبالتالى زادت الأسعار ولحقت بالمربين وأصحاب المزارع خسائر جسيمة. ويضيف محمد عمر أن المربين لا يمتلكون رءوس أموال يدفعون بها فى مشروع الدواجن، ولكن أغلب من اشتغلوا به هم أصلا لا عمل لهم، وقد دخلوا هذا المجال بحثا عن لقمة عيش شريفة، ويقومون بالتعاقد مع أحد كبار التجار فى العليقة والكتكوت والأدوية ويتفقون معه على تمويلهم بما يحتاجون إليه مقابل شيكات يوقعون عليها، ويقومون بسداد ما حصلوا عليه، ثم يأخذون المطلوب للدورة التالية, وفى حالة تعرضهم للخسائر تتراكم عليهم الديون حتى يتوقفوا عن السداد، ويدفع بهم هذا الوضع إلى الذهاب للسجن ووقف النشاط. همام عمر، صاحب مزرعة بالبحيرة، يقول : أملك مزرعة ثلاثة عنابر، تكلفة مبانيها تزيد على 450 ألف جنيه كنت أربى بها الدواجن، ولكن تعرضت لخسائر منذ سنوات بلغت 60 ألف جنيه فى الدورة؛ بسبب الزيادة المتواصلة فى الأسعار حتى تراكمت علىّ الديون فقمت بتأجيرها بالسنة، وحتى نظام الإيجار لم يعد مفيدا؛ لعدم التزام المستأجر بمدة العقد الذى يوقعه مع صاحب المزرعة، فهو وقبل انتهاء موعده يقوم المستأجر بترك المزرعة دون سداد ما عليه بحجة تعرضه لخسائر. ويضيف همام عمر: المزارع لها ملف بالضرائب، ويتم التعامل معنا على أن المزرعة تعمل بما يخالف الحقيقة، وفى النهاية يتم مطالبتنا بمبالغ ليست حقيقية، وتحرر الجهة المعنية المحاضر التى تؤدى بالفلاحين إلى المحاكم والسجون, واستطرد «همام»، قائلا: لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد إلى أكثر من 60%من المزارع على مستوى الجمهورية بعد أن دفع فيها أصحابها مئات الملايين من الجنيهات، معظمها مقترض من البنوك مثل بنك الائتمان الزراعى بفوائد مرتفعة، ولا ندرى ما العمل!!