سعر الدولار اليوم الخميس 15 مايو 2025    مشتريات العرب تصعد بالبورصة في مستهل نهاية جلسات الأسبوع    بعد جولة الخليج.. ترامب: حصلنا على استثمارات تفوق 10 تريليونات دولار في 3 شهور    ترامب: بايدن أسوأ رئيس للولايات المتحدة.. ولدينا أقوى جيش في العالم    أزمة مباراة الأهلي والزمالك.. القرار النهائي بعد استماع التظلمات لأقوال رئيس لجنة المسابقات    وفاة شخص على قضبان قطار في قنا    سعر الذهب فى مصر الخميس 15 مايو 2025.. جرام 21 يسجل 4550 جنيهًا    وزيرا السياحة والتنمية المحلية يبحثان خطط تحصيل الرسوم من المنشآت الفندقية    منافس الأهلي.. إنتر ميامي يتعادل مع إيرثكويكس بالدوري قبل 30 يومًا من مونديال الأندية    لقاء حسم اللقب، موعد مباراة اتحاد جدة والرائد في الدوري السعودي    "سأعود".. حسام عاشور يكشف كواليس مكالمة الخطيب بعد وعكته الصحية    تعرف على مدة إجازة رعاية الطفل وفقا للقانون    سالي عبد السلام ترد على انتقادات أدائها الصلاة بال "ميك أب" وطلاء الأظافر    الصحة تطلق حملة توعية حول مرض أنيميا البحر المتوسط    روسيا وأوكرانيا.. من جبهات الحرب إلى مفاوضات إسطنبول (تسلسل زمني)    27 مايو.. محاكمة عاطلين بتهمة تعاطي المخدرات بالساحل    الصحة تنظم مؤتمرا طبيا وتوعويا لأهمية الاكتشاف المبكر لمرض الثلاسميا    وفاة وإصابة 7 أشخاص إثر تصادم ميكروباص وبيجو بقنا (أسماء)    اتحاد عمال الجيزة يكرم كوكبة من المتميزين في حفله السنوي    5 دقائق تصفيق لفيلم توم كروز Mission Impossible 8 بمهرجان كان (فيديو)    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    رياح مثيرة للرمال.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم    حالة الطقس في الإمارات اليوم الخميس 15 مايو 2025    أمين عام الناتو: لدينا تفاؤل حذر بشأن تحقيق تقدم فى مفاوضات السلام بأوكرانيا    مصرع طفل صدمته سيارة نقل مقطورة فى أوسيم    حديد عز تجاوز 39 ألف جنيه.. أسعار الحديد والأسمنت اليوم الخميس 15-5-2025    هانئ مباشر يكتب: بعد عسر يسر    بزشكيان ل ترامب: أمريكا تصف من يقاوم احتلال إسرائيل لفلسطين أنه يُهدد أمن المنطقة    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الخميس 15 مايو 2025    كيف تتخلص من ارتفاع ضغط الدم؟ 3 طرق فعالة دون أدوية    نائب رئيس جامعة دمنهور تفتتح معرض منتجات الطلاب ضمن مبادرة «إنتاجك إبداعك»    لأول مرة، جيتور تستعد لإطلاق X70 Plus المجمعة محليا بالسوق المصري    نماذج امتحانات الصف الخامس الابتدائي pdf الترم الثاني جميع المواد التعليمية (صور)    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    الكشف عن نظام المشاركة في بطولة دوري أبطال أوروبا 2025-2026    مصر تتصدر منافسات ثالث أيام بطولة إفريقيا للمضمار.. برصيد 30 ميداليات    لطلبة الشهادة الاعدادية 2025.. موعد امتحانات النقل والشهادة بمحافظة الوادى الجديد    من بينهما برج مليار% كتوم وغامض وحويط.. اعرف نسبة الكتمان في برجك (فيديو)    ريهام عبد الحكيم تُحيي تراث كوكب الشرق على المسرح الكبير بدار الأوبرا    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي الترم الثاني 2025 في جميع المحافظات    حريق يلتهم مصنعا للبلاستيك بأكتوبر    المجلس الرئاسي الليبي يعلن وقف إطلاق النار في طرابلس    إعلام فلسطيني: شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة    رسميا.. رابطة الأندية تدعو الفرق لاجتماع من أجل مناقشة شكل الدوري الجديد قبل موعد اتحاد الكرة بيومين    تراجع أسعار الذهب اليوم في السودان وعيار 21 الآن ببداية تعاملات الخميس 15 مايو 2025    «5 استراحة».. اعثر على القلب في 5 ثوانٍ    موعد إجازة وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025 فلكيًا    سالي عبد السلام ترد على منتقديها: «خلينا نشد بعض على الطاعة والناس غاوية جلد الذات»    بريمونتادا +90 أمام مايوركا.. ريال مدريد يؤجل احتفالات برشلونة في الدوري الإسباني    تحركات برلمانية لفك حصار الأزمات عن أسوان ومستشفيات الجامعة    نشرة التوك شو| تفاصيل زيارة ترامب للسعودية.. وخالد أبو بكر يقترح إلغاء وزارة الأوقاف    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    "أول واحدة آمنت بيا".. محمد رمضان يكشف أهم مكالمة هاتفية في حياته    وفاة الفنان السوري أديب قدورة بطل فيلم "الفهد"    كيف قضى قانون الجديد العمل على استغلال الأطفال وظيفيًا؟    الكويت: سرطان القولون يحتل المركز الأول بين الرجال والثاني بين الإناث    الرئيس يتابع تنفيذ المشروع القومي لبناء الإنسان    ب«3 دعامات».. إنقاذ مريض مصاب بجلطة متكاملة بالشريان التاجى في مستشفى شرق المدينة بالإسكندرية (صور)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مجدى حسين يكتب: هل قدر مصر أن يحكمها جاهل.. ساقط ثانوية.. عميل صهيونى أمريكى؟!
نشر في الشعب يوم 11 - 10 - 2013

كيف تخلصت الديمقراطية الإنجليزية من الملك المستبد بألعاب عجيبة:
بدأت بإعدام الملك وانتهت باستيراد ملك ألمانى لا يعرف الإنجليزية لا يزال أبناؤه يحكمون حتى الآن؟!!
لقد سئمنا من الحديث عن الحاكم الفرد ونريد أن نبنى المؤسسات الوطنية ونتحدث عن إنجازات أمة

مجدى أحمد حسين
[email protected]
معركتنا لإسقاط الانقلاب العسكرى معركة حياة أو موت، ويجب أن نخوضها بهذه الروح، وإذا انتصرنا فيها بإذن الله، فإننا سنؤسس مصر عظيمة لمدة قرن أو قرنين من الزمان على أقل تقدير. لماذا؟
قلنا مرارا إن مشكلة مصر الأولى والجوهرية هى الاستقلال عن الهيمنة الأمريكية الصهيونية. ولكن هذا الاستقلال لن يتحقق بالخطب العصماء أو الأمنيات، ولكن من خلال بناء نظام وطنى محصن ضد الاختراق، نظام وطنى بمواصفات صحية تتبع سنن الله فى خلقه. كما اتبعها الغربيون والشرقيون أكثر منا.
ورغم أننا حزب غير ليبرالى، بالمعنى العقائدى، لكننا نؤمن بفكرة جوهرية فى الليبرالية، وهى ضرورة احترام حرية الرأى والفكر، وضرورة الانتخابات كوسيلة لاختيار الحكام والممثلين (الشورى والبيعة) ونحن لا نخجل من اقتباس بعض آليات الديمقراطية من الغرب، ونعترف بأنهم سبقونا، لأنهم أخذوا بأسباب تقدم العمران البشرى.
ونرى أن النظام الرشيد هو الذى يقوم على فكرة الشورى والتشاور الجماعى واحترام رأى الجماعة؛ أى رأى الأغلبية حتى يتغير (لا خاب من استشار). وهذه المبادئ لا تتحقق دون مؤسسات، وقانون وقواعد للتوازن بين هذه المؤسسات بحيث لا تطغى مؤسسة على أخرى. ليس المؤسسات الثلاث الشهيرة فحسب: السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بل كثير من المؤسسات السياسية والاجتماعية: الأحزاب السياسية، المجالس المحلية، النقابات والاتحادات، الجمعيات الأهلية بكل أنواعها: للدراسات، للعمل الخيرى والتربوى، أو للعلمى.. إلخ، اتحادات للجامعات والعمل الأكاديمى والبحث العلمى، المؤتمرات والندوات العامة والمتخصصة، المؤسسات الإعلامية.. وهلم جرا.
وليست العبرة بوجود هذه العناوين والأسماء، فهى موجودة فى كل البلدان، ولكنها تكون حقيقية وقوية ومؤثرة فى بلدان، وكاريكاتيرية مضحكة وهزيلة فى بلدان أخرى. والبلدان المتخلفة فى قاع العالم كبلادنا بفضل القيادة الرائدة لمبارك وتلميذه الانقلابى السيسى من النوع الثانى بطبيعة الحال، والتى تعتمد على حكم الفرد ومن يلوذ به بشكل شللى وليس بشكل مؤسسى. الموضوع أكبر من مبارك والسيسى، نحن لدينا مشكلة مزمنة أو مرض مزمن منذ عهد عبد الناصر عمرها 62 سنة، وهى مسألة حكم الفرد العسكرى. ولكن الإشارة لمبارك والسيسى كشخصيات هزيلة توضح حجم المرض وكيف استفحل. فإذا كان لدينا مرض مزمن، ولكن عندما يشتد الصداع وتشتد أعراضه، فلا بد أن يدفعنا هذا لعلاج جذرى لهذا المرض، حتى وإن كان عملية جراحية خطيرة. لا يمكن لبلد بوزن مصر وحجمها وموقعها وحضارة شعبها أن تكون «ملطشة» لأى عابر سبيل كى يحكمها 30 سنة مثلا!! لم يكن عبد الناصر أو السادات من عابرى السبيل، ولكن بالتأكيد فإن مبارك والسيسى ليس لهما علاقة بالقصة (الفكر والسياسة وفكرة العمل العام عموما) إلا أنهما قد تم زرعهما زرعا من الخارج.
تمحور المجتمع حول فرد
أذكر حوارا مهما مع أحد الصحفيين العاملين بأجهزة الأمن العسكرية أو بالأحرى كان يتحدث وأنا أسمع، فكان يقول لى: إن عبد الناصر فعل بالبلد كذا وكذا وكانت ميزته كذا وعيبه كذا، واستمر بنفس المنوال يتحدث عن السادات ومبارك. لم أعلق. ولكننى بعد أن تركته وكان حديثنا فى الطريق العام أخذت أفكر: متى ننتهى من هذه القصة، تفسير تاريخ مصر ومسارها المعاصر بصفات الحاكم، بل فعلا إن مسار التاريخ المعاصر ارتبط بنوع ومزاج وشخصية الحاكم، وبعضهم كان مزروعا من الخارج كما كتبت من قبل، والمخابرات وباقى أجهزة الدولة تفعل فى النهاية ما تؤمر به. المشكلة أن حديث هذا الزميل الصحفى كان ولا يزال صحيحا، فالحاكم الفرد هو الذى يطبع المرحلة بطابعها بنسبة أكبر من النسب المعتادة فى الدول صاحبة المؤسسات، بل بنسبة أكبر بصورة طاغية!
وأرجو أن تتذكروا أن الحوار الذى دار بينى وبين هذا الصحفى الأمنى (أنا تحاورت بالصمت لأننى مللت هذا النوع من الحديث) هو حوار نمطى يدور بين أى اثنين أو أكثر من المثقفين أو من المواطنين عندما يجلسون يتحدثون عن أحوال البلد. لقد أصبحت مهمتنا أن نظل نتعمق إلى الأبد فى شخصية 3 أو أربع شخصيات بدلا من بحث مشكلات البلد الماضية والحاضرة بشكل موضوعى. حتى الآن لا يزال المثقفون وكتاب المذكرات يختلفون: هل كان الملك فاروق فحلا من الناحية الجنسية أم عنده عجز؟ عذرا ولكن أريد أن أصدمكم بانشغالاتنا.
لا أنكر حقيقة مدى سيطرة الطابع الفردى للحاكم فى عهود: ناصر والسادات ومبارك، بالعكس بل أريد إنهاء هذه المهزلة. حتى تجربة محمد على ارتبطت بشخصه بصورة جوهرية، ولم يتمكن أبناؤه من حملها من بعده إلا محاولات إسماعيل التى فشلت فى النهاية.
بل بلغت الفردية فى الحكم إلى حد أن كل حاكم حكمنا من القبر بعد موته من خلال اختيار نائبه. فعبد الناصر عيّن السادات نائبا، الذى انقلب على تجربته بالكامل. والسادات عيّن مبارك كأغبى شخص يمكن أن يحكم أذكى شعب (دعك من العمالة واللصوصية الآن) السادات ظل 11 سنة، ومبارك استمر 30 سنة ولم يخرج من الحكم إلا بطلوع الروح. والآن لدينا «سيسى» يريد أن يبقى 30 سنة، وصحته جامدة، وهو من النوع الذى لا يموت (كما يتصور!!).
لست فى معرض تقييم هؤلاء الحكام، وآراؤنا حولهم مكتوبة. ولكن فى معرض الضرورة القصوى لإنهاء حكم الفرد.
الزعامة الجوفاء الكذابة
ولكن السيسى وأعوانه من العسكريين والمدنيين يريدون أن يجعلوا منه أسطورة زعامة كاذبة، ودون أى أمارة. أخذنا ننقب فى سيرته الذاتية فلم نجد شيئا سوى التعاون مع إسرائيل وأمريكا، والعمل كمخبر بدرجة مدير المخابرات الحربية عند مبارك، يكتب تقارير عن الضباط الخارجين عن طوع المخلوع. هذه كل كفاءته التى سيحكمنا بها 30 أو 40 سنة دون انتخابات أو بانتخابات مزورة.
هل قدر مصر أن يحكمها منذ 1981 رئيس ساقط ثانوية عامة – متخلف عقليا – عميل صهيونى أمريكى – عسكرى؟. هل هذه هى صفات وشروط ومسوغات التعيين للرئاسة؟!
مبارك كان متعثرا فى الثانوية العامة وحصل على أقل من 50%، وكان يسمح فى ذلك الزمان بدخول الطيران ب 48% أو أقل. وهذا ينطبق على السيسى الذى تأخر عامين فى الثانوية العامة، حتى حصل على 50%. لست من عبدة الشهادات؛ فلولا دى سيلفا رئيس البرازيل السابق لم يصل إلا إلى رابعة ابتدائى، ولكنه تعلم فى مدرسة النقابات العمالية والحزب الاشتراكى والسجون. وأين مبارك والسيسى منه؟! طريق «لولا» لا يمكن أن يسلكه العسكريون بحكم وظيفتهم.
التخلف العقلى: أقصد به محدودية الذكاء، وهذا بالنسبة لرئيس جمهورية يعتبر تخلفا عقليا. يوجد طلاب ثانوى أذكياء ولكن لا يستذكرون دروسهم جيدا فيحصلون على مجموع ضعيف ويدخلون الحربية. ولكن هذا لا ينطبق على مبارك ولا السيسى. وقد التقيت الاثنين واكتشفت محدودية تفكيرهما، ولكن يكفى ما يراه الناس بأنفسهم عندما يتحدث أى منهما بدون ورقة مكتوبة له.
عميل صهيونى: مشروحة فى عشرات المقالات السابقة.
عسكرى: لا تحتاج شرحا، ولكن نؤكد من جديد أننا كما نرفض الاستعلاء العنصرى العسكرى دون داع على المدنيين، فإننا نرفض التمييز المعاكس ضد العسكريين. ونرى أن الجيش به كفاءات عديدة يمكن الاستفادة بها فى العمل السياسى بعد أداء الخدمة. وبالتالى فإن إصرار المؤسسة العسكرية على ضرورة أن يكون الحاكم من الجيش كقاعدة وبالذوق أو بالعافية، هذا الإصرار لا بد من كسره، لأنه لا أساس شرعى له فى الإسلام، ولا أساس شرعى له فى الديمقراطية. ولا يوجد شىء اسمه أن الجيش هو الذى يختار وزيره، هذا شغل مجموعات المماليك المسلحة ولن نقبل به، وزير الدفاع تحت إمرة رئيس الدولة وهو الذى يعينه ويعزله. ولا بد أن تنتهى قصة الإمارة الاقتصادية العسكرية.
دولة المؤسسات
كلمة رائعة قالها السادات، ولكنه لم يلتزم بها قيد أنملة، بل فعل عكسها تماما حتى مات (دولة المؤسسات).
هذا الهدف الجوهرى من هذا المقال أن نقول: لا مخرج لمصر مما هى فيه إلا بإنهاء حكم الفرد العسكرى أو غير العسكرى. وهذا هو سبب تمسكنا المميت بالعودة إلى الشرعية. لا بد أن نتعود على مشكلات الديمقراطية حتى لا نقع فى مصائب وكوارث الاستبداد، ولم تكن الديمقراطية بالضرورة جنة ترضى الجميع. فحتى فى الرياضة تخرج الجماهير متذمرة من الهزيمة. ولكن البديل أن نضرب جميعا بحذاء العسكر، وهذا لم يعد تهديدا فى علم الغيب أو بالتحليل. بل نراه جهارا نهارا وبالفيديو وأمام أعيننا، بينما يحض السيسى على المزيد من القتل ويفعل جنوده ما يؤمرون به إلا قليلا.
قلنا قبل الانقلاب ونقول الآن إن خلافاتنا مع مرسى والإخوان كبيرة، وهى لم تحل حتى الآن وقد لا تحل أبدا، لأنه خلاف فى المنهج والاجتهاد. ولا يزالون يرون وغيرهم من الإسلاميين أن دعوتنا لإلغاء كامب ديفيد تهور فى غير محله. ولا تزال معظم القيادات الإسلامية تتجنب الإساءة لأمريكا وإسرائيل، بل تتجنب مجرد ذكرهما. وهذا قدر الأمة وسنظل ننافح من أجل ما نراه حقا. ورغم هذا الخلاف الجوهرى (مع القيادات) فإننا نرى أن أى خلاف صغر أو كبر لا بد أن يحل عبر المؤسسات أى عبر الانتخابات. يقولون نحن نتجه إلى الانتخابات من جديد. ولكن ما معنى أن تقوم بانقلاب عسكرى أولا ثم تجرى الانتخابات بعد إعادة ضبط آلة الدولة على ساعة نظام مبارك والحزب الوطنى!! وهل يوجد إعلان بالتزوير أكثر من ذلك. بل قالوا علنا بانتخاب السيسى عن طريق جمع التوقيعات فى صناديق الصابون الكرتونية بنفس طريقة جمع توقيعات تمرد.
عبقرية الإنجليز
ليس لدينا ليبراليون حقيقيون فى مصر وإلا لكانوا نقلوا لنا خبرات بناء صرح الحريات فى الغرب. ونحن مضطرون للقيام بهذا الواجب، نيابة عنهم، كخبرات ضرورية لشعبنا. بناء الديمقراطية يتطلب ضرب مركز القوة الأساسى للاستبداد. ونحن الآن نعانى أساسا من الجيش وأجهزة الأمن وهى مركز الاستبداد الذى يتعين ضربه من حيث هو مركز استبداد يتدخل فيما لا يعنيه: الحياة السياسية الديمقراطية، وليس من حيث هو جيش له مهام دفاعية (وإن كان لا يقوم بها!).
فى بداية التجربة البريطانية الديمقراطية كان مجلس العموم البريطانى (البرلمان) يعانى من استبداد الملك. وأصر كرمويل على إعدام الملك، ولكن الملكية المتسلطة عادت من جديد. وفى وقت لاحق اصطدم الملك جيمس الثانى مع البرلمان فاضطر للهرب إلى فرنسا وأصبحت إنجلترا من جديد بلا ملك. فاستعار أو بالأحرى اقتبس البرلمان أميرا هولنديا متزوجا من إحدى بنات العائلة المالكة البريطانية (مارى) ليصبح ملكا ضعيفا (وليم) وقد كان. وبعد وفاة الاثنين تصوروا ماذا فعل البرلمان الإنجليزى الداهية؟ بعد هولندا راح واستعار أو اقتبس ملكا من ألمانيا (حاكم مقاطعة هانوفر) وجعله الملك جورج الأول. ولعل البرلمان اختاره ملكا لأنه كان غبيا تماما، إذ وجد أن اختيار ملك ذكى قد ينافسه فى سلطته. وكان جورج الأول ملك إنجلترا لا يعرف كلمة إنجليزية واحدة. وكذلك كان ابنه جورج الثانى، وهكذا أصبحت هذه الأسرة الألمانية هى البيت الملكى الإنجليزى حتى الآن!!
رغم طرافة هذه القصة، وعدم انطباق تفاصيلها مع أحوالنا، إلا أن جوهر الفكرة هو ضرورة ضرب مركز القوة الأساسى المعطل للديمقراطية. (لاحظ أن الملك الغبى هنا مطلوب ليكون بلا صلاحيات، ولكن عندنا الغبى يكون له كل الصلاحيات!!). وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القصر الملكى البريطانى (الألمانى الأصل) ليس مجرد فلكلور كما يحاولون إيهامنا، فالملكة ليست رأس الكنيسة فحسب، بل تتدخل فى السياسة كثيرا بصورة غير رسمية. والآن توجد توازنات أخرى وليس مجرد ثنائية البرلمان الملك: أحزاب، نقابات، إعلام، مخابرات وجيش طبعا!!! فلا يمكن للجيش والمخابرات أن يخرجا من المعادلة، المهم ألا يكون هناك طرف واحد مسيطر بصورة دائمة، وأن تكون اليد العليا للطرف المنتخب.
الانقلاب يضيع المكسب الوحيد لثورة 25 يناير
كان المكسب الوحيد الذى خرجنا به من ثورة 25 يناير هو الحريات السياسية وبداية بناء المؤسسات. وكنا نسير فى هذا الطريق، واتضح للجميع قوة الشعب وأهمية الرأى العام فيه من خلال 5 استحقاقات انتخابية ب 14 اقتراعا على مدى سنتين. ولم تكن النتائج مرضية للجميع. وهذا طبيعى. لكن كنا قد قضينا على أهم مرض: التزوير.
من أهم اللقطات الموحية أننى كنت ذاهبا يوم الاستفتاء للإدلاء بصوتى فى موضوع الدستور بلجنتى بالروضة، كانت الصفوف طويلة، تحدثت مع مجموعة من شباب الإخوان المسلمين عن الأحوال. كانوا قلقين للغاية وقالوا إنهم لا يستطيعون أن يقدروا اتجاهات التصويت، خاصة بعد الحظر المشدد على الدعاية أمام اللجان. والحقيقة، لقد كنا هكذا فى كل الاستحقاقات بدءا من الاستفتاء الأول. لا نعرف النتيجة إلا بعد ظهورها نهائيا. انتهى عهد طبخ الانتخابات، وهذا يعنى عودة السيادة للشعب. الذين خرجوا من الشعب يوم 30 يونيو (أقصد حسنى النية) ضيعوا هذا المكسب الذى كان فى يدهم: السيادة، العصمة. فأصبحت السيادة والعصمة فى يد القوات المسلحة التى تعد المتظاهرين من خلال الهليكوبتر، وهى نكتة لم نسمعها من قبل فى أحد من العالمين. الطائرة الهليكوبتر حددت أن معارضى مرسى أكثر من مؤيديه، ورغم أن موعد الانتخابات لم يأت، فلا بد من عزله. السلطة فى يد من الآن: أليست محتكرة من العسكر؟ هل تملكون أن تخرجوهم من المشهد إلا بالانضمام لهذه الموجة الثورية الحالية؟
بالإضافة لتضييع وقت أمة هى فى إجازة من كل شىء جاد منذ 11 فبراير 2011، وهذا ليس بالشىء القليل. إلا أن الانقلاب ضرب فكرة وأهمية بناء المؤسسات، وأصبحت القضية هى السيسى المنقذ دون أى مسوغات حقيقية. أصبحت القضية هى صناعة ديكتاتور من رويبضة جديد. وأصبحت القضية هى تعزيز مركز الاستبداد: المؤسسة العسكرية كحزب حاكم وليس كمؤسسة للدفاع عن الأمة أو تحرير الأقصى. ثم تعود هذه المؤسسة لتعزز فكرة الفرد المعجزة ليكون رئيس جمهورية ويتسترون جميعا خلفه. ويصبح عنان مجرما لمجرد أن فكر فى الترشيح رغم أنه عسكرى، ولكنه لم يكن فى ثلة الانقلاب. وأصبح لصا، رغم أن طنطاوى نهب أكثر منه بكثير، ولكنه لا ينافس السيسى وبالتالى يجلس معه فى الاحتفال السرى (دون جمهور) يوم المذبحة (6 أكتوبر)!
نريد عودة الرئيس مرسى لتثبيت فكرة المؤسسات، وعودة مجلس الشورى والدستور. ثم نتفاهم على أى شىء فى إطار كل هذه الضوابط. بالمناسبة: معظم ما ورد فى خطوات الانقلاب كان الرئيس مرسى موافقا عليه، ولكن المسألة كانت ولا تزال تلاكيك. المقصود هو ضرب الديمقراطية التى تجيء بالإسلاميين. هذا هو موقف نظام مبارك ومعظم الأنظمة العربية وهذا ما يحطم ويشرذم مجتمعاتنا العربية، ويجعلها فى ذيل الأمم.
أيها الطغاة الفاسدون لن تستطيعوا القضاء على الطابع الإسلامى لمجتمعاتنا، ولكن تستطيعوا أن تقتلوا بعضنا وتؤخروا تقدمنا لبضع شهور أو سنين كما فعلتم من قبل. ولكن فات الكثير ولم يبق إلا القليل. ونتابع قضية دولة المؤسسات للمزيد من التوضيح المرة القادمة إن شاء الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.