الأستاذ الدكتور بكر إسماعيل الكوسوفي [email protected] www.kontribut.com
لقد عانى الشعب الألباني في كوسوفا معاناة شديدة ، وأن تحت وطأة احتلال وعمليات تعسف لا تطاق ، على الرغم من أن أكثر من 98% من المسلمين، و95% قومية ألبانية. هذا الشعب الكوسوفي العريق وقف صامداً إزاء تلك الهجمات الشرسة التي كادت تعصف بحياته كلية في العديد من الأحيان. وقد قدمت كل فئات الشعب وطوائفه من ساسة ومفكرين وتربويين وعلميين كل الجهود في سبيل الحفاظ على الهوية الألبانية وبقاء كوسوفا جبلا شامخاً لا تؤثر فيه الأحداث ، ولا تهزه العواصف. وبفضل تكاتف الجهود وإخلاص النية والعمل ، وتوافر عوامل ومقومات الجهاد والكفاح تمكن الشعب الألباني من أن يثبت وجوده على الساحة العالمية فضلاً عن الساحة البلقانية، وأثبت للعالم أجمع أن كوسوفا بكوادرها وروادها قادرة على أن تكون دولة ذات سيادة وقانون ، وبحق لها الانخراط في سلك المجتمع الدولي كدولة مشاركة في عمليات النهضة والسلام على المستوى العالمي. وإنما كان ذلك كذلك بسبب مرحلة العناء والعذاب الطويل التي عاشها وعايشها الشعب الألباني في كوسوفا؛ إذ أنه تعرض في معظم فترات حياته لعمليات إبادة على أعلى نطاق ومستوى، وقد آن الأوان وحانت الساعة لأن يتنفس الشعب الصعداء ، وينعم بالحرية والاستقلال شأنه في ذلك شأن سائر شعوب العالم ، لا سيما أنه يقوده الآن مجموعة من الساسة والمفكرين والعقلاء الذين هم ذوى بصيرة وخبرة بالأمور وإدارة الأزمات وشئون البلادة بمهارة وحكمة ، وتحقيق مبدأ الاستقرار وضمان العيش في سلم وأمان لكافة الأعراق الموجودة على أرض كوسوفا. ومما يؤكد استحقاق كوسوفا للاستقلال والحرية ما نشرته جريدة النيو يورك تايمز عن تلك المذابح المروعة التي ارتكبها الجيش الصربي في حق الألبان إبان الحرب العالمية الأولى. وإليك نص المقال الذي نشرته الجريدة ليكون وثيقة وشاهداً على ما نقول:
"الجيش الصربى و بحار من الدماء
ألاف من النساء والاطفال ذبحوا حسب التقارير المجرية
"وصفت الرسالة الاخبارية المبعوثة من المجر الى جريدة الديلى تلجراف الانجليزية نقلا عن تقارير المسؤولين المجر تفاصيل عمليات التعذيب فى ألبانيا و أماكن أخرى. أضاف المراسل أن: خلال مسيرة الجيش الصربى عبر ألبانيا الى البحر لم يكتف الصرب بقتل الالبان المسلحين، و لكن وحشيتهم لم تفرق بين المسلح و الاعزل بين الشيوخ و النساء بين الاطفال و الرضع. أعلن الضباط الصرب فى نشوة النصر أن الوسيلة المثلى لتهدئة ألبانيا هي التصفية النهائية للمسلمين الالبان. هذة السياسة تبناها جيش الاحتلال الصربى ووضعها فى حيز التنفيذ . حيث قاموا بقتل 3000 شخص بين مدنتى كومانوفا-Kumanova و أوسكوب -Uskup بالإضافة إلى 5000 أخرين بالقرب من بريشتينا-Prishtina كما حصروا أرناؤوطة (سقطت أرناؤوطة) فى يد الصرب بطريقة غير شرعية. أخترع الجنود الصرب طرق بشعة جديدة للتعذيب لإشباع حبهم للدم ، و قد تم إحراق كل البيوت فى العديد من القرى و عند محاولة فرار اهالى هذه القرى من النيران تم رشقهم بالرصاص مثل الفئران من قبل الصرب. قتل الرجال أمام زوجاتهم و أولادهم و أمام أعين الامهات مذق الصرب أجساد الاطفال. قتل الابرياء أصبح التسلية اليومية للجنود الصرب، و عند اكتشاف قطعة سلاح فى أى منزل يقوم الصرب بقتل جميع سكان هذة المنازل رميا بالرصاص أو شنقا. فى يوم واحد تجاوز عدد القتلى ال36 شخص. أعلن السكرتير السابق لرئيس الوزراء باسيتش أنه خلال رحلته ما بين بربرزرن-Prizren و بيا-Peja لم يرى شىء غير طبيعى فى حين أنه قد تم حرق قرى بأكملها و صفت المشانق على جوانب الطرقات و كان الطريق المؤدى الى جاكوفا- Gjakova أشبه بزقاق المشانق. قصص التعذيب التى ارتكبت فى ألبانيا ليس لا نهاية و الاعمال الاجرامية التى ارتكبت فى بريلب و كوسوفا و ويستشتزا فاقت كل ما تحمله الالبان تحت الحكم التركى. روى أحد الالبان الفارين من برزرن إلى جراس و الذى اتم دراستة فى النمسا الاتى: ان اى شخص يقوم بالبلاغ على البانى تكون النتيجة اطلاق النار على الالبانى لذلك لجئ كثرين للهروب من ديونهم الى هذه الطريقة ، و بعد شنق الدائن بتهمة الخيانة يقوم المدين بشراء المنزل و المزرعة بأبخص الاسعار. فى مدينة أوسكب أطلق الجنود الصرب النيران على الالبان العزل فى الطرقات. و تمادى الجنون الى حد كبير فإذا وجد سكين صيد فى منزل يقتل صاحب المنزل بدون رأفه. قام القائد الصربى فى مدينة فريسوفيتش بدعوة الفارين من الالبان الى العودة وتسليم اسلحتهم و عندما قبل الالبان و عادوا قتل الصرب 400 شخص و لم يترك فى مدينة فريسوفيتش(كوسوفا) سوى 6 عائلات مسلمة على قيد الحياة. قتل الصرب المعتقلين فى مدينة باما فى حين تم ذبح السكان فى فاروس و بريشتينا. اعترف الضباط الصرب بانهم تتبعوا الالبان و تفاخر احد الضباط بانه قتل تسع البان فى يوم واحد. و حتى خارج حدود البانيا قام الجنود الصرب باقتراف ابشع الجرائم . فى قلعة نيش حيث احتجز اعداد من المساجين الاتراك قام الصرب بركل احد الاتراك حتى الموت بتهمة تمردة على الاوامر. أقر طبيب فى منظمة الهلال الاحمر أنه كلما وجد جثث لالبان كانوا مذبوحين بدون رحمة حتى الشيوخ والنساء و الاطفال لم يستثنوا من نفس المصير. و أضاف الطبيب أنه شاهد حرق القرى فى صربيا القديمة كل يوم. بالقرب من مدينة كراتوفو صف الجنرال ستفانوفيتش مئات من المساجين وقتلهم بالاسلحة الالية. أما الجنرال زيفكوفيتش فقام بقتل 950 من الوجهاء الالبان و الاتراك بالقرب من سينتزا لانهم عارضوا تقدمه". جريدة النيويورك تايمز نشر المقال فى 31 ديسمبر ,1912 وهذا المقال اقتبسته الجريدة من أرشيف لندن الصحفي بتاريخ 31 من ديسمبر 1912. وهذا كله أكبر شاهد ودليل على حق كوسوفا في الاستقلال والإنعام بالحرية بعد غيابها سنوات طويلة وأزمنة عديدة, ونسيان ذلك الأنين تحت وطأة الجيش الصربي ومن يقومون بإدارته.