بجوازات سفر حديثة.. زرقاء اللون.. تحمل شعار الدولة، ومكتوب أعلاها بثلاث لغات ألبانية، وصربية، وإنجليزية: "دولة كوسوفا"، انطلقت بداية الأسبوع الجاري أفواج الحجيج من أحدث دولة أوروبية إلى الأراضي المقدسة لأداء مناسك الحج. ويعتبر حج هذا العام الأول لألبان كوسوفا في ظل دولتهم الحديثة -التي أعلنت استقلالها من جانب واحد عن صربيا في 17 فبراير الماضي- وفي ظل ظروف اقتصادية صعبة؛ قهرتها رغبة عارمة لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام. وصرح محمد الأرناؤوط مدير مركز دراسات العالم الإسلامي في الأردن؛ والذي شاهد الأجواء التي عاشتها تيرانا خلال تجهيز بعثة الحج: "كان من الملفت للنظر حماس الكوسوفيين للحج هذه العام، خاصة أنه الأول بجواز السفر الجديد لجمهوريتهم والذي منحهم حرية الحركة". وأضاف أن "الكوسوفيين ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها دولتهم حاليا؛ فإن المئات منهم تقدموا بطلبات لأداء الحج". وحول التسهيلات التي منحتها السعودية لحجاج كوسوفا قال الأرناؤوط: "إن المملكة أوعزت لسفارتها في تيرانا بتسهيل منح التأشيرات للحجاج الكوسوفيين دون أي عائق على جوازات سفرهم الجديدة رغم عدم اعترافها حتى الآن باستقلال دولتهم". ولم تعترف السعودية باستقلال الدولة الأوروبية التي يشكل المسلمون 90% من سكانها، إلا أن سماحها للكوسوفيين بالحج بجوازات سفرهم الجديدة أزاح العقبات أمام المسافرين جوا من مطار العاصمة بريشتينا إلى السعودية. وغادر الثلاثاء 25 -11 -2008 جوا إلى الأراضي الحجازية نحو 360 حاجا يمثلون الفوج الثاني من حجاج كوسوفا، في حين غادر الفوج الأول الذي كان يضم 180 حاجا الأحد الماضي 23 – 11 -2008. المسافرون برا وفي حين لن يواجه المسافرون جوا أي عقبات، فإن المسافرين برا يتخوفون من احتمال منعهم من المرور عبر حدود الدول العربية التي لم تعترف بعد باستقلال كوسوفا مثل سوريا والأردن، وغادر نحو160 حاجا عن طريق البر العاصمة بريشتنيا الأحد 23 -11-2008 عبر مقدونيا وتركيا باتجاه سوريا. وفي هذا الإطار، قال الأرناؤوط: إن "عدم اعتراف بعض الدول بكوسوفا لا يعني بالضرورة عدم الاعتراف بالجواز الكوسوفي؛ فاليونان مثلا إحدى الدول القليلة في الاتحاد الأوروبي التي لم تعترف بعد بكوسوفا؛ إلا أنها اعترفت بالجواز الكوسوفي وأصبحت تسمح لحامليهم بدخول أراضيها أو عبورهم للدول الأخرى". وأعرب عن أمله أن تحذو سوريا والأردن والدول العربية التي لم تعترف بالدولة الجديدة حذو اليونان على الأقل وتسمح للحجاج الكوسوفيين بعبور أراضيها والانتقال بجواز سفرهم الذي أصبح حقيقة واقعة كالاستقلال. وبدأت حكومة كوسوفا في استخراج جوازات سفر جديدة لمواطنيها في شهر يوليو الماضي، بعد خمسة أشهر من إعلانها الاستقلال عن صربيا، من جانب واحد. ويسمح هذا الجواز لمواطني كوسوفا بالسفر فقط إلى الدول التي اعترفت باستقلالها وعددها 52 دولة غالبيتهم من دول الاتحاد الأوروبي وبعض الدول الأخرى، وكذلك الدول التي اعترفت بالجواز الكوسوفي مثل اليونان ورومانيا وسلوفاكيا. وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات هي الدولة الوحيدة عربيا التي اعترفت باستقلال كوسوفا؛ إلا أنه -بحسب مسئولين كوسوفيين- ينتظر أن تعترف بالاستقلال دول عربية أخرى يعتقد بأنها خليجية. وتبلغ مساحة كوسوفا نحو 11 ألف كم، وعدد سكانها مليونان ومائة ألف نسمة، ويشكل الألبان نحو 92% منهم، بينما النسبة الباقية تتقاسمها أعراق أخرى من بينها الصربية.