كأس العالم للأندية - استعدادا لمواجهة بالميراس.. بعثة الأهلي تصل إلى نيوجيرسي    منتخب السعودية يستهل مشواره في الكأس الذهبية بالفوز على هاييتي بهدف    أسعار الفراخ اليوم الإثنين 16-6-2025 بعد الارتفاع الجديد.. وبورصة الدواجن الرئيسية اليوم    ميدو يتحدث عن أمنيته ل الأهلي في كأس العالم.. ويوجه رسالة بشأن زيزو (فيديو)    65 شهيدًا في غزة بينهم 26 في مراكز المساعدات خلال 24 ساعة    تقارير إسرائيلية: نحو 100 صاروخ إيراني أصابت مواقع في تل أبيب وحيفا والقدس    مدرب بالميراس: مباراة بورتو ستساعدنا على التحضير لمواجهة الأهلي    الصواريخ الإيرانية تحرق محطة كهرباء حيفا (فيديو)    قوات الحرس الثورى الإيرانى تُسقط 3 طائرات إسرائيلية فى زنجان وسنندج    عادل عقل: تعادل بالميراس وبورتو يشعل مجموعة الأهلى.. وفوز كبير للبايرن بمونديال الأندية    وسائل إعلام إسرائيلية: عدة مواقع في تل أبيب تعرضت لدمار كبير    أحمد السقا يرد على تهنئة نجله بعيد الأب.. ماذا قال؟    ارتفاع قتلى الهجوم الإيراني على إسرائيل إلى 16 قتيلا    «بكاء واعتذار».. تقرير يكشف تفاصيل ما حدث في أزمة تريزيجيه داخل الأهلي    خلال عودته من الديوان العام للاستراحة.. المحافظ يتجول بدراجة هوائية بشوارع قنا    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    مجموعة الأهلي.. نتيجة مباراة بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    الدولار ب50.56 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الاثنين 16-6-2025    مراجعة اللغة الفرنسية الصف الثالث الثانوي 2025 الجزء الثاني «PDF»    انكسار حدة الموجة شديدة الحرارة.. الأرصاد تعلن مفاجأة بشأن طقس الساعات المقبلة    فيديو.. الأمن الإيراني يطارد شاحنة تابعة للموساد    نجوى كرم تطلق ألبوم «حالة طوارئ» وسط تفاعل واسع وجمهور مترقب    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    أحمد سعد يشعل حفل الجامعة الأمريكية، ويحيي الأوائل    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأثنين 16 يونيو 2025    صرف الخبز البلدي المدعم للمصطافين في عدد من المحافظات    إمام عاشور: أشكر الخطيب.. ما فعله ليس غريبا على الأهلي    وفاة تلميذ متأثرًا بإصابته بلدغة ثعبان في قنا    بى إس جى ضد أتلتيكو مدريد.. إنريكى: نسير على الطريق الصحيح    إيران تبلغ الوسطاء رفضها التفاوض على وقف إطلاق النار مع إسرائيل    رصاص في قلب الليل.. أسرار مأمورية أمنية تحولت لمعركة في أطفيح    حريق داخل مدينة البعوث الإسلامية بالدراسة    مصرع طفلتين في حريق بمنزل أسرتهما بالزقازيق    ضبط موظف تحرش براقصة أرجنتينية في العجوزة والأمن يفحص    شركة مياه الشرب بكفر الشيخ تُصلح كسرين في خط مياه الشرب    رجال الأعمال المصريين الأفارقة تطلق أكبر خريطة استثمارية شاملة لدعم التعاون الاقتصادي مع إفريقيا    ختام فعاليات اليوم الأول من برنامج "المرأة تقود" بكفر الشيخ    وزير الثقافة يشيد ب"كارمن": معالجة جريئة ورؤية فنية راقية    ليلى عز العرب: كل عائلتى وأصحابهم واللى بعرفهم أشادوا بحلقات "نوستالجيا"    يسرا: «فراق أمي قاطع فيّا لحد النهارده».. وزوجها يبكي صالح سليم (فيديو)    حدث بالفن | وفاة نجل صلاح الشرنوبي وموقف محرج ل باسكال مشعلاني والفنانين في مباراة الأهلي    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل الدراسة في فارم دي صيدلة إكلينيكية حلوان    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    عانى من أضرار صحية وتسبب في تغيير سياسة «جينيس».. قصة مراهق ظل 11 يوما دون نوم    سبب رئيسي في آلام الظهر والرقبة.. أبرز علامات الانزلاق الغضروفي    لدغة نحلة تُنهي حياة ملياردير هندي خلال مباراة "بولو"    صحة الفيوم تعلن إجراء 4،441 جلسة غسيل كلوي خلال أيام عيد الأضحى المبارك    الثلاثاء.. تشييع جثمان شقيق الفنانة لطيفة    عميدة إعلام عين شمس: النماذج العربية الداعمة لتطوير التعليم تجارب ملهمة    غرفة الصناعات المعدنية: من الوارد خفض إمدادات الغاز لمصانع الحديد (فيديو)    "نقل النواب" تناقش طلبات إحاطة بشأن تأخر مشروعات بالمحافظات    3 طرق شهيرة لإعداد صوص الشيكولاتة في المنزل    وزير الشئون النيابية يحضر جلسة النواب بشأن قانون تنظيم بعض الأحكام المتعلقة بملكية الدولة في الشركات المملوكة لها    بوستات تهنئة برأس السنة الهجرية للفيس بوك    تنسيقية شباب الأحزاب تحتفل بمرور 7 سنوات على تأسيسها.. وتؤكد: مستمرين كركيزة سياسية في الجمهورية الجديدة    جبل القلالي يحتفل بتجليس الأنبا باخوميوس أسقفًا ورئيسًا للدير (صور)    بمناسبة العام الهجري الجديد 1447.. عبارات تعليمية وإيمانية بسيطة للأطفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا دم العربيّ رخيص؟
نشر في الشعب يوم 17 - 02 - 2008


بقلم: د. بثينة شعبان

لا أعلم كم من العرب قرأ قصّة أم أحمد في بيروت، وقصّة أم سائد وجودت نبهان في غزّة، ولا أعلم كم من العرب يتابع ألم الأمهات والآباء العرب الذين يحتارون اليوم في فقدان أبنائهم قرابين لأمة تأبى أن تتوحّد ولعرب يرفضون أن يروا كم هو رخيص دم العربي اليوم في كلّ بقعة من بقاع الأرض ويرفضون أن يروا الصورة الكليّة للتفاصيل المأساوية التي تحطّم حياة الأمهات الثكلى، والآباء المنكوبين، والأطفال اليتامى، والطلاب المفجوعين بأستاذ يلقنهم العلم والمعرفة وإذ به هدف استراتيجي لآلة الحقد والدمار الإسرائيلية. أوَ لا يخطر ببال أحد مثلاً أن يجمع دموع غزّة مع دموع جنين وبيت لاهيا ومارمخايل والموصل والبعقوبة العراق، ورفح وان يستمع بعد هذا كلّه إلى دافيد ساترفيلد، منسق وزارة الخارجية الأمريكية بشأن العراق، وهو يلقي باللائمة على الدول العربية الصديقة (المعتدلة طبعاً) لأنها، حسب زعمه، تأخرت في دعمها الدبلوماسي للعراق، الذي يحاول "أن يصبح بلداً آمناً وديمقراطياً". فقد قال ساترفيلد، الذي يشغل أيضاً منصب كبير مستشاري وزيرة الخارجية الأمريكية، أنّ هذا الغياب «غياب مهم»، ووجّه اللوم إلى السعودية ومصر والكويت لأنّ هذه البلدان حسب زعمه "لم تفِ بالتزاماتها بإرسال سفراء إلى بغداد كمؤشر للدعم". وابتدع في مضمون حديثه تعريفاً جديداً لبعض العرب من العالم العربي قد يكون السمّ الحقيقي المدسوس في السمّ المغشوش الظاهر للعيان حين قال: «الكثيرون في العالم العربيّ السنّي يجدون من الصعب أن يقبلوا مفهوم عراق ما بعد العراق السنّي» و«أنّ هذا المفهوم يبقى مفهوماً صعباً» (الواشنطن بوست، 7 فبراير 2008 . بالفعل هذا المفهوم صعب، بل وغير مقبول في العالم العربيّ، وهو يخدش حياء العربي من المغرب إلى الكويت لدى سماع مثل هذه المفاهيم التي لم يألفها العالم العربي، ولن يألفها ولن يعترف بها، مهما حاولت الولايات المتحدة الترويج لها، متوهّمة أنها تغرسها في أرضنا لكنها غرسة غريبة لم ولن تنمو في منطقة مهبط الديانات وتعايش البشر من كلّ الأجناس والأعراق والأديان، فلم ولن يكون هناك بلد عربي سنّي أو شيعي كما تحلم الولايات المتحدة، ولن تفلح مقولاتهم هذه في التغطية على حقيقة واضحة لجميع العرب وهي أنّ الاحتلال الأجنبيّ للعراق وفلسطين سوف يزول بينما يُكتَب البقاء للعرب المؤمنين بعروبتهم الحاضنة للتنوّع الثقافي والعرقي والديني، هذا التنوّع والتعايش هو جوهر الحضارة العربية وسرّ عظمتها. وإذا كان ساترفيلد يريد أن يذرّ الرماد في العيون من خلال إلقاء اللوم على بعض العرب واعتبار أيّ عربيّ يدخل العراق "أجنبياً يهاجم الأمريكيين والعراقيين" وكأنّه يقول أنّ: "الأمريكيين هم أهل العراق" كما قال نعوم تشومسكي، فلا ينخد أحدٌ بقول ساترفيلد "إنّ الولايات المتحدة لا تبحث عن قواعد عسكرية دائمة في العراق لكننا نتطلع إلى علاقة طويلة الأمد» مع البلد (العراق)". والسؤال هو أيّ علاقة بين المحتلّ والواقع تحت الاحتلال، بين العلماء وقاتليهم، بين بابل، مهد شريعة حمورابي، وبين جرّافات الاحتلال التي دمّرت ونهبت بابل إلى أن أُزيحت من قائمة اليونيسكو للتراث العالمي؟ بين من أنتج الحضارة وينتج النفط، وبين من يسرق الحضارة وينهب النفط، وبين شعبٍ يسعى إلى خلاصه من عبوديّة الاحتلال الأجنبيّ وبين طغاةٍ هدفهم تفتيت هذا الشعب واستعمار بلده من جديد؟

الصورة ذاتها، ولكن بألوان مختلفة، في لبنان، ورفح، وغزّة، والضفّة وكلّ فلسطين، والصومال، والسودان، وتشاد: إدعاءات بنشر الديمقراطيّة تقديم المساعدة والمعونة والصداقة والنتيجة واحدة: الترخيص بذبح العرب تحت أيّ مسمى، وفرض عقوبات جماعية واستباحة حياة شباب واعدين بعمر الورود، بحجّة أنهم من حماس أو من المقاومة أو ممن يرفضون الاحتلال، وكأنّ رفض الاحتلال ومقاومته تهمة. لكنّ عتب أم سائد وجودت نبهان في مكانه، وسؤال أمّ الشهيد أحمد العجوز في مكانه: لماذا دم العربيّ رخيص؟ وقد سألت هذا السؤال دوماً أمّهات الشهداء في فلسطين ولبنان والعراق. وهو سؤال محقّ ويتوجب الإجابة عليه، ومن حقوق هؤلاء الأمّهات على كلّ الحكومات العربية حماية أبنائهم وضمان سلامتهم. ولكنّ الدم العربي مستباح بلا رادع نتيجة تفتيت الصفّ العربيّ، وابتعاد البعض منهم عن بعضهم الآخر بضغوط من العدوّ نفسه، وعدم إيمان البعض منهم بأنهم في قارب واحد مع من يختلفون معه أن الدم العربيّ مستباح لأنّ هناك من يعتقد أنه ليس من واجبه حماية سائد وجودت نبهان ولكنه سيجد ابنه غداً في مكانهم، وستأتي أم أحمد العجوز وأم سائد وجودت نبهان لتذكّرنّ كيف اعتصر قلبها لدى فقدان ابنائهن الشهداء. أتذكرون تلك المرأة العربية اللبنانية التي صرخت بين أشلاء ضحايا مجزرة صبرا وشاتيلا «أين أنتم يا عرب؟» وما زالت الصرخة تتردّد في الأفق ومازالت أصداؤها تصل آذان أمّهات وآباء الشهداء والمهجّرين والمحاصرين والمعوّقين والمسجونين والمقهورين والنازحين، ضحايا لمخطط واحد في بلدان عربية مختلفة.

والجواب يا أم سائد وأم جودت، ويا أم أحمد العجوز يتألف من جزءين اثنين هما: أنّ الصراع محتدم على مستقبل وهوية هذه الأمة وهذه ليست مسألة سهلة أو يمكن تجاوزها بأيام قليلة، والأمر الآخر هو أنّ هذا الصراع العسكري والسياسي يتّخذ له غطاءً إعلامياً خبيثاً لا ترقى الأدوات العربية إلى مجابهته أو الردّ عليه. وهذه العبارة لا تعني على الإطلاق أنها لا يمكن أن ترقى، بل يمكن وبسرعة مذهلة إذا توفّرت الإرادة والإيمان والعمل. فبالإضافة إلى ضرورة الإحساس بآلام العرب الذين يُذبَحون في طريقة لا سابقة لها في هذا القرن تتعاضد على إنجاحها قوى الاحتلال الغاشمة وقوى الفيتو الظالمة وقوى الإمبرياليّة وقوى التواطؤ الكامنة نقرأ كلّ يوم تشويهاً شنيعاً لآلامنا في أعين الغير فقط ليُصاب معظم العرب بالقهر والإحباط دونهم اللجوء إلى الردود الفاعلة. وعلى سبيل المثال لا الحصر، لأنّ الأمثلة لا تُحصى، اقرؤوا مقالة في الهآرتس الإسرائيلية (وتقتبس عنها جرائد عديدة ووسائل إعلاميّة) بعنوان "مجموعات حقوق الإنسان تصفع إسرائيل لقطعها الكهرباء عن غزّة"! وأي صفعة هي إذ يؤكد المقال أنّ إسرائيل تخفف من إعطاء الكهرباء إلى غزّة كي تمكّن غزّة من بناء محطاتها الخاصّة بها والاعتماد على ذاتها بدلاً من الاعتماد على إسرائيل!!! وانّ حتّى التخفيف أتخذ شكلاً قانونيّاً إذ سمحت به (المحكمة العليا) في إسرائيل. "وأنّ سبعة فلسطينيين مسلحين وشخصا مدنيّا (المعلّم هاني نعيم) قُتِلوا في غزّة نتيجة عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي في غزّة للدفاع عن سكّان إسرائيل ضدّ إطلاق الصواريخ" (هآرتس، الجمعة 8 فبراير2008 ). وللأسف تقتبس فضائيّة أو أكثر أحكام المحكمة الإسرائيليّة وتضيف "المحكمة التي يفترض بها أن تكون عادلة". وبدلاً من إطلاق زفرات الألم دعونا نطلق مبادرة إيجابيّة حتى وإن أضاءت شمعة من الفعل العربيّ في هذه الظلمة الداكنة من السكون الرسميّ خلال هذه الفترة من تراكم الغضب الشعبيّ في الصدور. وهنا أحبّ أن أتجاوب مع مبادرة الصحفي علي بن نصيب الذي كتب مرتين عن ضرورة وجود "جيل جديد من الاتصاليين العرب قادر على إبلاغ الصوت والدفاع عن القضايا العادلة والانتقال من طور الدفاع السلبيّ إلى الهجوم المنظّم" (جريدة الصريح التونسية، الخميس 31 جانفي 2008) وأنا أقول أن هذا الجيل من الاتصاليين العرب موجود، وأنه قادر ومؤمن وكل ما يحتاجه هو مؤسسة تجمع جهوده وتعبئتها في الإطار الصحيح ولنبدأ من تونس ودمشق بتشكيل حلقة للتصدّي للمصادر الإعلاميّة المعادية والمتواطئة التي تبرر ذبح أطفالنا وهم في مدارسهم أو في منازلهم، أو في ملاعبهم وتقدّمها للعالم وكأنها طبق شهيّ حضاريّ قانونيّ تمّ "دفاعاً عن النفس ودرءاً لأخطار أشدّ وأدهى وباحترام كامل لحقوق الإنسان وكرامته وحضارته". سنبدأ بموقع "الاتصاليين العرب" المؤمنين بعروبتهم والرافضين الاستكانة للإحباط والعجز، ولا أشكّ لحظة أننا ما أن نكوّن حلقة صغيرة من هؤلاء حتى ينضمّ إلينا العديد من الشرفاء من كلّ العالم فها هي ثلاثون جامعة بريطانيّة تبدأ من الاثنين المقبل، ولأول مرّة في تاريخها بحملة "لمناهضة العنصريّة الإسرائيليّة" وتعلن أنّه كما سقط جدار برلين سيسقط الجدار الإسرائيلي، وها هو البرلمان الدانماركي يسمح بمناظرة نادرة حول فلسطين أصبح المدافع عن "يهوديّة إسرائيل" أضحوكة للجمهور الدانماركي. وبهذا نستطيع أن ننظر بأعين أمّهات الشهداء ونقول لهنّ لقد حاولنا فعل شيء كي لا يذهب دم أولادكم سدى ولن يذهب سدى أبداً فقرّي عيناً يا أم سائد ويا أم أحمد ويا أم هاني نعيم فالعرب ما زالوا ينبضون بالحياة والمحبّة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.