لا بد من جبهة وطنية ومجلس قيادة ثورة يعلن استقلال مصر ويلغى معاهدة الذل والعار يرتكب المجلس الأعلى للقوات المسلحة -والذى نحمّل أعضاءه جميعا المسئولية عن تخريب البلاد والثورة بهذا الانقلاب على الشرعية التى كنا قد حصلنا عليها بالدم وسنستعيدها بالدم إن شاء الله- يرتكب هذا المجلس المزيد من الجرائم باقتحام القرى وترويعها، فهل يتصور هؤلاء أن هذه الأعمال تثبت الانقلاب وتؤكد وجوده. بالعكس هذا يؤكد أن الثورة قد وصلت إلى كل شبر فى مصر، وأن الجيش المصرى قد تحول لسلطة احتلال، بل إن قوات الاحتلال الصهيونى قتلت 1300 فلسطينى فى الانتفاضة السلمية المعروفة باسم انتفاضة الحجارة على مدار 4 أعوام من 1987 حتى 1991، فيما قوات احتلال سيادتكم يا أصحاب الجنسيات المصرية قتلت فى يوم واحد بل فى نصف يوم ما لا يقل عن 3 آلاف مصرى فى رابعة والنهضة فى أقل التقديرات. ويصل عدد الشهداء إلى 6 آلاف على مدار أقل من 3 شهور. رغم أنها انتفاضة سلمية 100% باستبعاد سيناء التى استوطن فيها العنف منذ ما قبل ثورة 25 يناير. وفى المقابل هناك مفاجأة للشباب الذى لم يعش أحداث انتفاضة الحجارة. إن ثورة الحجارة لم تكن سلمية 100% بل كانت هناك فصائل ترفض ذلك وتقاوم الاحتلال الإسرائيلى وقتلت خلال ال4 سنوات 160 إسرائيليا وحوالى 500 فلسطينى عميل. إذن نحن عندما نقول: قوات احتلال وأنكم فقتم الصهاينة لا نقول ذلك على سبيل الردح والشتيمة بل على سبيل التوصيف الموضوعى للحقائق بكل أسف، نعم بكل أسف أن تهبط أحوال جيشنا إلى هذا الدرك الأسفل. عندما يتصور قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن تحدى النساء والأطفال والمدنيين عموما يرفع من شأنهم ويؤكد رجولتهم وأنهم جيش الوطن، وعندما يغيرون على القرى كما كانت تفعل قوات الاحتلال البريطانى فى ثورة 1919، عندما يتصورون أن هذا يثبت الانقلاب فهذا نوع جديد من الحماقة، ويؤكد أن لديكم أسوأ مستشارين من الساسة التابعين لكم. فهذا يؤكد للشعب أنكم فى معركة معه لا مع الإخوان المسلمين، ويؤكد أن هذه معركة مصيرية بينكم وبين الشعب، لذلك فإن الشعب سيصبر وسيواصل التظاهر. أقول ذلك لأحذر من الهجوم الشخصى على السيسى لأن ذلك يقلل من مسئولية زملائه بالمجلس العسكرى ويمهد لسيناريو الخلاص من شخص السيسى فى أى لحظة مع بقاء جوهر الأوضاع على ما هى عليه. كما ذكرت فى الأسبوع الماضى فإن الانقلاب مات سريريا، ولكن موعد إعلان الوفاة لم يعرف بعد، ونرجو ألا تكون حالة شبيهة بحالة شارون من حيث الطول، وأميل إلى الاعتقاد أن المسألة لن تتجاوز الأسابيع أو الشهور القليلة إن شاء الله لكل الأسباب التى ذكرتها. مشكلة مصر الجوهرية هى: ماذا بعد الانقلاب؟ وسنظل نؤكد أن مشكلة مصر الجوهرية ليست الصراع بين العلمانيين والإسلاميين رغم أن هذا المحور موجود فعلا، وليس الصراع بين الحكم المدنى والحكم العسكرى رغم أن هذا المحور من الصراع موجود فعلا، ولكن جوهر الصراع هو بين استقلال ومصر أو تبعيتها للحلف الصهيونى الأمريكى، ولا تزال الثورة تتعثر لأن المتصدرين للمشهد يتصارعون تحت القبة الأمريكية الصهيونية. وسنظل نتوجه للشعب المصرى صاحب المصلحة الحقيقية وصاحب البلد بهذه الحقيقة الساطعة التى ينكرها الإعلام بكل أنواعه ولا يأتى على ذكرها. إن مشكلة مصر الجوهرية هى هذه الهيمنة الخارجية التى لا تريد لمصر خيرا بالتأكيد، وهم سعداء بهذا الشقاق الذى يجرى. ولم يكن تنبؤ كيسنجر الثعلب الأمريكى اليهودى منذ عدة شهور مجرد تحليل؛ بل كان إعلانا للتوجه والخطة، عندما قال: إنه يتوقع صداما قويا وعنيفا بين العسكر والإسلاميين. إن هذا الشقاق يضعف مصر، وهذا غاية المنى فى الاستراتيجية الأمريكية والصهيونية، ولكن من المهم أن تظل الأطراف المتصارعة تتعلق بالحبال الأمريكية، وأن تظل أمريكا هى القرد الذى يقسم قطعة الجبن بين الهرتين، فيلتهم معظمها. ومن المهم ألا تصل الفوضى إلى حد تبلور بديل متماسك معادٍ لهم. ومن المهم ألا تنتج الفوضى حركة مسلحة معادية لإسرائيل، وهذا هو الجوهر الحقيقى لمعنى الفوضى الخلاقة. وهذه الخطة الأمريكية تطبق فى سوريا ومصر على السواء بوسائل مختلفة. وإن كانت فى سوريا تستهدف ضرب محور المقاومة والصمود المتبقى (إيران – حزب الله – المقاومة الفلسطينية) إلا أن هذا الاستهداف يأخذ شكل تمزيق سوريا وتدميرها فى حرب أهلية وطائفية، وهى تمول المسلحين المعارضين (والكثير منهم ليسوا سوريين وهذا شىء عجيب على الثورات) بالقدر الذى يزعج النظام ويضعف سوريا ويستنزف جيشها دون أن يحسم المعركة. فى مصر باعتبارها ولاية أمريكية، ولأن الثورة المصرية تجعل مصر تحاول التملص من السيطرة الأمريكية، ولذلك تلجأ أمريكا لنفس الألعاب القذرة. فهى تغذى الشقاق وتقدم نفسها كصديق لكل الأطراف: كلكم أولادى!! إننا نطالب بإعلان جبهة لإسقاط النظام أوسع من تحالف دعم الشرعية وإسقاط الانقلاب. جبهة لها برنامج ومجلس لقيادة الثورة، والبرنامج هو الذى طرحناه من قبل، فى وثيقة العدالة والاستقلال وقد بدأت حركة تنمو على محورها. وهذا هو مقترحنا لتأسيس هذه الجبهة والبديل للانقلاب ولبرامج كل الحكومات التى سبقته قبل وبعد ثورة 25 يناير. ويمكن تلخيصه فى 3 نقاط: أولا: إلغاء معاهدة الذل والعار المعروفة باسم كامب ديفيد، وإعلان مصر دولة عربية مستقلة ذات سيادة، تسعى للوحدة العربية والاسلامية، على مراحل تدريجية وفقا للنهج الأوروبى والغربى فى الوحدة. وهو أقرب للكونفدرالية منه إلى الفيدرالية. ثانيا: العودة للشرعية ضرورة للحفاظ على النظام الديموقراطى، لأنه وحده هو الذى يضمن الوحدة الوطنية ويوفر الآلية السلمية لإدارة الخلافات الوطنية بين مختلف التيارات. (راجعوا تجربة الهند الناجحة منذ 1947). ولكن عودة الرئيس مرسى تكون بضوابط وعلى رأسها التزامه بهذه الوثيقة، مع وجود مجلس رئاسى معاون له يكون له صفة أدبية شبه ملزمة، وبما لا يتعارض مع الدستور الشرعى الذى استفتى عليه الشعب. العدالة الاجتماعية: يحاول الانقلاب سرقة القضية بالإعلان عن حد أدنى للأجور فى يناير القادم، على طريقة مبارك الذى كان يطلب الاستمرار فى الحكم حتى سبتمبر 2011. وهذه لعبة سخيفة ومرفوضة ولن تسوق الانقلاب الذى يقتل المصريين كما قتلت أمريكا الفيتناميين. الوثيقة التى طرحناها بها الحد الأدنى فى هذا المجال. لذا نعيد نشرها. إن ثورة لا تنتهى بإعلان استقلال البلاد ولا ترفع شعار استقلال البلاد، لا تستحق تقديم الدماء والشهداء من أجلها. إذا لم يدرك المصريون أنهم تحت الاحتلال الإسرائيلى الأمريكى فسيظلون يرسفون فى الأغلال. إن البلد الذى لا يستطيع أن يحرك جيشه إلا بإذن مجلس الوزراء الاسرائيلى هو بلد محتل (وقد قلت ذلك أثناء اجتماعنا كقادة أحزاب مع مرسى والسيسى). إن البلد الذى لا يستطيع تحريك جيشه للدفاع عن الحدود هو بلد محتل. وإن البلد الذى يقوم العدو بتحديد أنظمة تسليحه ويعطيها له مجانا هو بلد محتل. إن من يعش على المعونات والسلف والدين، هو وطن شحاذ وخاضع لمن يقرضه وينفق عليه. إن وطنا يديره البنتاجون هو وطن محتل. إن وطنا تتدخل أمريكا فى تشريعاته وتشكيل وزاراته هو وطن محتل. إن وطنا لا يستطيع التصدير لأمريكا مع إعفاء من الجمارك إلا بمكون إسرائيلى هو بلد تابع ومحتل. إن بلدا يتم الاستيلاء على غازه وموارده الطبيعية هو بلد محتل. أليست هذه الحقائق معروفة لكل المصريين. لماذا لا تُقرّون إذن أنكم تحت الاحتلال الصهيونى الأمريكى. لماذا لا تهتفون فى مظاهراتكم ضد أمريكا وإسرائيل؟ ولماذا قتل الجيش المصرى الأبى 6 من حركة أحرار فى ميدان لبنان عندما هتفوا ضد أمريكا؟ إسقاط السيسى ليس هدف الثورة الأساسى والنهائى. ونحذر من تكرار تجربة إسقاط مبارك وكفى!!.. ارفع راسك فوق أنت مصرى تعنى كرامة الوطن والمواطن. وهذا الشعار هو الذى يلخص أهداف ثورة 25 يناير. وهو الشعار الذى لم يتحقق بعد. إسقاط السيسى وزمرته ضرورى، وإعادة الشرعية ضرورية لتأكيد معنى النظام الديمقراطى، ولكن إدارة الصراع كما لو أن مصر بلد مستقل، هو أخطر خديعة يتعرض لها الشعب. كما قال السيد المسيح: تعرفون الحق، والحق يحرركم.