يناقش نواب الإخوان المسلمين اليوم، رؤيتهم حول التعديلات الدستورية المرتقبة بمشاركة بعض الخبراء الدستوريين، وتضمنت ورقة التعديلات رؤية نواب الإخوان حول الإصلاح الدستوري، التي تركز علي أن النظام النيابي البرلماني، هو الأنسب لتحقيق طموحات الشعب المصري، وطالبوا بتعديل المادتين 76 و77 لتنصا علي انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع العام السري المباشر علي الوجه المبين في القانون، ومدة الرئاسة خمس سنوات، ولا يجوز انتخاب الرئيس لأكثر من فترتين. كما اقترحوا تعديل المادة الخامسة من الدستور، بما يؤسس للتعددية السياسية والحزبية، في إطار المقومات والمبادئ الأساسية، علي أن تنشأ الأحزاب بمجرد الإخطار، وينظم القانون عمل الأحزاب بما يكفل تكوينها وضمان فاعليتها، وعدم تقييد اتصالها بالجماهير.
وطالب نواب الإخوان المسلمين - في رؤيتهم بتعديل نص المادتين 101 و102 في الدستور، بأن يكون دوام دور الانعقاد العادي لمجلسي الشعب والشورى 8 أشهر علي الأقل، علي فترتين كل منهما 4 أشهر وبينهما شهر إجازة، لما في ذلك من حكمة ظاهرة، وإنهاء حالة تغييب البرلمان عن واقع الحياة 5 أشهر كاملة في العام، وذلك إعمالاً لحكم الدستور ذاته، ودون أن يتوقف ذلك علي دعوة رئيس الجمهورية، وأيضاً تعديل المواد: 124 و125 و126، و127، و128 لسلب رخصة رئيس الوزراء أو نوابه أو الوزراء في إنابة غيرهم في الإجابة عن أسئلة الأعضاء، أو الرد علي طلبات الإحاطة المقدمة إليهم، وتقرير جواز تحويل السؤال إلي استجواب في ذات الجلسة، وسلب اشتراط موافقة الحكومة علي تحديد موعد مناقشة الاستجواب في حالة الاستعجال، وأن تكون مسؤولية رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم مسؤولية تضامنية وفردية مع التسوية في قواعد تقرير المسؤولية وإجراءات سحب الثقة بين رئيس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم، مع إلغاء حق رئيس الجمهورية في التعقيب علي المجلس في مسألة تقرير مسؤولية الحكومة، وسحب الثقة منها، وإلغاء حقه في اللجوء إلي الاستفتاء في هذه الحالة، وتعديل سلطة الرقابة المالية الكاملة للبرلمان في إقرار الموازنة العامة بتعديل نص المادتين 115 و118، وحذف المادة 117 بوجوب عرض مشروع الموازنة العامة للدولة بجميع أجهزتها وهيئاتها المدنية والعسكرية علي المجلس، وتقرير سلطة المجلس في إدخال ما يراه من تعديلات عليه، ووجوب عرض الحساب الختامي لميزانية الدولة قبل نهاية ستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية.
وفي إطار ضبط العلاقة بين رئيس الجمهورية والسلطة التشريعية، وفق أصول النظام النيابي البرلماني، فقد طالب نواب الإخوان بتعديل المواد: 74 و101 و102 و108 و109 و113، و132، و133 و136 و141 و148، و152 و202، بإلغاء الاستفتاء الشعبي في الدستور، لما أسفر عنه التطبيق من تقويض لدعائم النظام الديمقراطي، من خلال استغلال هذا المظهر استغلالاً يضعف دور البرلمان لحساب رئيس الدولة، ويمهد الطريق لاستبداد سياسي.. ولما يخوله هذا المظهر لرئيس الدولة من تغول علي جميع السلطات، بل وإلغائها في كثير من الأحيان، لاسيما في الحالات التي يسودها عدم سلامة الاقتراع، كحالة مصر في تجاربها وسوابقها مع عملية الاستفتاء الشعبي، وكذلك إلغاء حق رئيس الجمهورية في دعوة مجلس الشعب للانعقاد، وتقرير انعقاد المجلس بحكم الدستور لدور الانعقاد العادي، وتقرير حق الأغلبية في تقرير الانعقاد غير العادي، وإبقاء رخصة إلقاء بيانات أمام المجلس، وضبط حق رئيس الجمهورية في إصدار لوائح التفويض، ووجوب عرض هذا النوع من اللوائح علي المجلس، ليس عند انتهاء التفويض فقط، بل عند طلب تجديده، لما أسفر عنه التطبيق المنحرف للمادة 108 من عدم عرض أي لائحة تفويض علي المجلس منذ صدور أول تشريع تفويضي وحتي اليوم!! ونقل حق اقتراح القانون من الرئيس للحكومة وضبط حق الاعتراض التوقيفي المؤقت في مدته ونصابه، وكذا اشتراط موافقة البرلمان علي تشكيل الحكومة أو تغيير أعضائها، وضبط حق حل البرلمان وربطه بحالة الضرورة، وطلب الحكومة وتسبيب القرار، وعدم جواز الحل لذات السبب مرة أخري، فضلاً عن اشتراط الدعوة لانتخابات جديدة في ذات، القرار وفي موعد لا يجاوز ستين يوماً، مع ضبط نص المادة 99، بما يضمن عدم العبث بحصانة النواب، وبما يعمق استقلالية السلطة التشريعية، وتعديل لنص المادة 148 لضبط إعلان حالة الطوارئ والسلطات المخولة بشأنها وإخضاع جميع السلطات في هذه الحالة لشكلين من الرقابة: القضائية بعدم جواز تحصين أي عمل منها وكفالة الرجوع إلي القضاء لكل من مسه أحد إجراءاتها.. والبرلمانية بوجوب الرجوع إلي البرلمان لإقرار أو إلغاء ما اتخذ منها فضلاً عن القيدين الزماني والمكاني، ووجوب انعقاد البرلمان فور إعلانها، وعدم جواز حله أو فض دور انعقاده، طالما كانت حالة الطوارئ معلنة.
كما طالبت ورقة نواب الإخوان بتعديل نصوص المواد: 109 و127 و128 و132 و133 و136 و137 و138 و141 و143 و153 و156 و157 و202: بتقرير حق الاقتراح للحكومة عوضاً عن الرئيس، وكذا حق إلقاء بيانات عن السياسة العامة للدولة، من خلال واشتراط موافقة البرلمان علي تشكيل الحكومة، الأمر الذي يدعمها في مواجهة الرئيس ويعزز دورها في رسم وتنفيذ السياسة العامة للدولة، واشتراط طلبها عند ممارسة حق الحل، وتقرير تولي الحكومة للسلطة التنفيذية صراحة بالدستور، واشتراط ممارسة رئيس الجمهورية لاختصاصاته التنفيذية بموجب مراسيم يجب لنفاذها أن يقرها مجلس الوزراء، وتوقيعاته يجب لنفاذها توقيع رئيس مجلس الوزراء والوزراء المختصون، ولا تعفي أوامره الشفهية أو الكتابية الوزراء من المسؤولية.. وتقرير اختصاص وضع السياسة العامة للدولة، والإشراف علي تنفيذها لمجلس الوزراء، وكذا اشتراط موافقته علي المعاهدات والاتفاقيات الدولية قبل إبرامها إلي غير ذلك من التعديلات المنسجمة وطبيعة النظام.
وأكد نواب الكتلة ضرورة تحقيق الاستقلال للقضاء، من خلال قضاء موحد، يختص دون سواه بكل ما يوصف بوصف «منازعة»، بتوحيد جهات القضاء في جهة واحدة، وإلغاء كل أشكال القضاء الاستثنائي، كنص المادة 171، وتفعيل نصوص الدستور في كفالة الحقوق والحريات الأساسية بإخضاع كل أشكال النزاع في المجتمع لاختصاص جهة القضاء وحدها، أياً كانت أسبابها أو أطرافها أو موضوعها، ويهيمن علي شؤون السلطة القضائية مجلس القضاء، الذي يضمن تشكيله هذا الاستقلال ويترجمه، وكذا اختصاصاته بما يقطع وينهي صور التدخل الفج في شؤون السلطة القضائية، وذلك بإدخال عنصر الاختيار في أعضاء مجلس القضاء الأعلى من بين أعضاء الجمعية العمومية للنقض واستئناف القاهرة، مع ضمان استقلال منصب النائب العام من خلال آلية اختياره من دائرة محددة من رؤساء الاستئناف، وبموافقة مجلس القضاء الأعلى، وكذا إعلاء سلطات الجمعيات العمومية للمحاكم، وعقد الاختصاص الأصيل لها في كل ما يتعلق بحسن سير العدالة داخل كل محكمة، فضلاً عن نشأة التفتيش القضائي في حضن مجلس القضاء الأعلي وتبعيته له دون سواه. وحذروا من المساس بأي من الحريات العامة والحقوق المقررة بالبابين الثالث والرابع من الدستور، سيما أننا من أولي الدول التي وضعت قانوناً لمكافحة الإرهاب بموجبه أدخلت تعديلات جوهرية علي قانوني الإجراءات الجنائية والعقوبات منذ عام 1992.
وبشأن تطوير الإدارة المحلية، تبني الإخوان فلسفة نظام الحكم المحلي، وليس مجرد الإدارة المحلية، بما يستتبعه من اللامركزية وتعميق الممارسة الديمقراطية بتعزيز انتخاب المحافظ انتخاباً حراً عاماً مباشراً، ومنح المجالس الشعبية المحلية سلطة المراسيم والرقابة المحلية الشاملة وعليه:
1 - يختار المحافظ بالانتخاب الحر العام المباشر، وكذا رؤساء جميع وحدات الحكم المحلي.
2 - تغليب الجانب الشعبي علي الجانب التنفيذي.
3 - منح أعضاء المجالس الشعبية المحلية بمختلف مستوياتها وسائل الرقابة البرلمانية من سؤال وطلب إحاطة واستجواب وطلب مناقشة عامة وسحب ثقة.
4 - منح المجالس الشعبية المحلية سلطة إصدار المراسيم المحلية وتخويلها سلطة اقتراح وضبط ميزانيات محلية مستقلة.
وبصدد ما يثار حول النظام الانتخابي الأمثل، الذي يكفل زيادة فرص تمثيل الأحزاب داخل البرلمان، أكد نواب الإخوان أن أزمة مصر ليست في نظام انتخابي أياً كان، وإنما هي في الإرادة السياسية التي تكرس الاستبداد وتفرغ النظم من مضامينها وأهدافها الدستورية والتشريعية، بحرص النظام القائم علي حيازة أغلبية مصطنعة بجميع الوسائل غير المشروعة، بدءاً بالتمسك بقانون الأحزاب السياسية القائم، الذي أجمعت الأمة علي وضعه في صدارة القوانين سيئة السمعة، بمصادرته حرية تكوين الأحزاب، وفرض هيمنة الحزب الحاكم علي الحياة السياسية بجميع السبل «غير المشروعة»، ومروراً بمحاصرة الأحزاب والتيارات السياسية ومصادرة حقها في الاتصال الجماهيري بأنواعه.
وفي ضوء ذلك، طالب الإخوان بضرورة التمسك بالإشراف القضائي الكامل علي عملية الاقتراع، بدءاً من إعداد الكشوف وحتي إعلان النتائج في كل انتخابات عامة، مؤكدين أن كل نظام انتخابي لا يلتزم بالمبادئ الدستورية ولا يترجم منظومة القيم المكفولة بنصوص الدستور، لاسيما قيم الحرية والمساواة وتكافؤ الفرص، هو نظام يولد ميتاً شأنه شأن النظم التي سبق للمحكمة الدستورية العليا أن حكمت بإعدامها.
يشارك في مناقشة الورقة اليوم النواب د. محمد سعد الكتاتني رئيس كتلة نواب الإخوان، وحسين إبراهيم نائب رئيس الكتلة، والنائبان أحمد أبوبركة وصبحي صالح، بالإضافة إلي عصام الإسلامبولي المحامي، ود. عاطف البنا أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة.