•الطاقة النووية تعد أكبر مصدر للطاقة الخالية من الانبعاثات، كما أنها توفر الكهرباء بدون فترات انقطاع على عكس طاقة الشمس والرياح. •في الوقت الذي اتجهت فيه دول الغرب للحد من تخصيب اليورانيوم، اتجهت روسياوالصين إلى تعزيز قدراتهما النووية. •في الوقت الحالي تسعى "واشنطن"، لإعادة فتح منشأة تحويل اليورانيوم المحلية في ولاية "إلينوي" بحلول العام 2023. نشرت مجلة "الإيكونومست" تقريرا سلط الضوء على حاجة الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى تعزيز استثماراتها في مجال تخصيب اليورانيوم، من أجل إنتاج الكهرباء من مصادر نظيفة خالية من الكربون، بدلًا من الاعتماد على الوقود الأحفوري الذي أضر بالمناخ؛ بسبب كثرة الانبعاثات، وكذلك للحد من ارتفاع أسعار الطاقة، والتي ترتب عليه ارتفاع السلع الأساسية حول العالم. وأشار التقرير إلى أن الطاقة النووية تعد أكبر مصدر للطاقة الخالية من الانبعاثات في العصر الحالي، كما أنه يوفر الكهرباء بدون فترات انقطاع على عكس المصادر المتجددة، مثل: طاقة الشمس والرياح، التي تشير بعض الأبحاث إلى أنها مصادر غير منتظمة لتوليد الكهرباء، ولا يمكن الاعتماد عليها وحدها. وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تضغط الجهات الحكومية في الولاياتالمتحدة من أجل الانتقال إلى توليد الطاقة من مصادر خالية من الكربون، لكنها استبعدت الاعتماد على الطاقة النووية، رغم أن التكلفة التي تحتاج إليها الولاياتالمتحدة لتمويل مشروعات توليد الكهرباء من الشمس أو الرياح تفوق التكلفة التي تحتاج إليها البلاد لتوليد الكهرباء من الطاقة النووية، لذا فإن الاتجاه نحو الاستثمار في تخصيب اليورانيوم بشكل أكبر سيكون أفضل من عدة جوانب. وفي السياق ذاته، لفت التقرير إلى أن الاقتراحات التي يقدمها بعض أعضاء مجلس النواب للتصدي لأزمة المناخ من خلال الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة على حساب الطاقة النووية يأتي بنتائج سلبية، حيث تعاني ولاية "كاليفورنيا" على سبيل المثال من انقطاع مستمر في التيار الكهربائي وتستورد ثلث احتياجاتها من الكهرباء، ودفع ذلك "جافين نيوسوم" حاكم الولاية إلى إعادة النظر في قرار إغلاق آخر محطة طاقة نووية، محطة "ديابلو كانيون" التي تدعم البلاد بالكهرباء في ظل تلك الأزمة. وأفاد التقرير أنه منذ عام 2013 تم إغلاق 13 مفاعلًا تجاريًّا للطاقة النووية في البلاد، ولم تترك البلاد سوى مفاعل واحد في ولاية "كاليفورنيا" بسبب مشكلة الكهرباء. وتطرق التقرير أيضًا إلى أهمية الطاقة النووية بالنسبة لمصالح الولاياتالمتحدة الخارجية، حيث أظهرت الأزمة الروسية-الأوكرانية، خطورة الاعتماد على روسيا من أجل الحصول على الطاقة، حيث إنه في الوقت الذي اتجهت دول الغرب فيه للحد من تخصيب اليورانيوم وإنشاء المفاعلات النووية، اتجهت روسياوالصين إلى تعزيز قدراتهما النووية، وفي الوقت الراهن تمتلك روسيا ما يقرب من نصف القدرة العالمية لتخصيب اليورانيوم للوقود النووي، ويعتمد 40 % من الطاقة النووية المنتجة في أوروبا على اليورانيوم من روسيا أو كازاخستان وأوزبكستان، وكلاهما حليف مقرب من الكرملين، في حين أن الصين تسعى بقوة للاستثمار في البلدان التي تقوم بتعدين اليورانيوم، مثل: ناميبيا، والنيجر، وكازاخستان، وأستراليا. وتابع التقرير أن الولاياتالمتحدة لاتزال رائدة عالميًّا في تقنيات المفاعلات النووية، وتقود الطريق نحو ابتكار تقنيات جديدة في تصنيع المفاعلات، ومن الجدير بالذكر أنها أقرت تشريعات لمنح تراخيص لإنتاج الوقود النووي محليًّا، بدلا من استيراده من الخارج، حيث تستورد الولاياتالمتحدة ما يزيد على 90% من اليورانيوم من الخارج، ويأتي نحو 50% من روسيا وكازاختسان وأوزبكستان مجتمعة، رغم أن البلاد تمتلك كميات هائلة من احتياطات اليورانيوم. ونوه التقرير إلى أنه في الوقت الحالي تسعى "واشنطن"، لإعادة فتح منشأة تحويل اليورانيوم المحلية في مدينة "متروبوليس" في ولاية "إلينوي" بحلول العام 2023؛ بسبب زيادة الطلب العالمي المتزايد من ناحية، ولوقف المكاسب التي تحصل عليها روسيا من مبيعات اليورانيوم، والتي تستخدمها في صراعها مع أوكرانيا من ناحية أخرى. كما تعمل "واشنطن" على زيادة قدرتها على إنتاج اليورانيوم عالي التخصيب من خلال إنشاء مفاعلات جديدة، حيث إنه من المقرر أن تنتهي من استكمال أعمالها في مفاعل "Terra Power's Natrium" بحلول العام 2028، في ولاية "وايومنج" الأمريكية، ولحين الانتهاء من هذا المشروع، يجب على الولاياتالمتحدة أن تعتمد على احتياطاتها بدلا من الاستيراد من روسيا، كما أنه يتعين عليها التفكير في حظر الوقود النووي الروسي على المدى الطويل، ولكن بعد أن تؤمن سلاسل آمنة للصناعات ذات الأهمية الاستراتيجية. ومن الجدير بالذكر أن أول محطة طاقة نووية تجارية أمريكية افتتحها الرئيس "دوايت أيزنهاور" قبل 64 عامًا، في ولاية "بنسلفانيا"، حيث كان المشروع جزءًا من برنامجه "الذَّرة من أجل السلام" لدفع دول العالم على استخدام الطاقة النووية سلميًّا، وظلت الولاياتالمتحدة رائدة في مجال الطاقة النووية، وقامت بتصميم المفاعلات النووية وتقديم الخبرات النووية، وفي عام 1980 كانت تمتلك أكبر مصنع لإنتاج اليورانيوم في العالم. ختامًا، أوصى التقرير بأهمية وضع تشريعات من قِبل أعضاء الكونجرس؛ لتعزيز الاستثمار في إنتاج اليورانيوم، وتوسيع إمدادات البلاد من مصادر طاقة خالية من الانبعاثات، وكذلك الاستفادة من التطبيقات الجديدة للطاقة النووية في معالجة مياه الصرف الصحي وتحلية المياه، دون الاعتماد على الواردات الروسية أو أي طرف آخر، لذا يتعين على "واشنطن" أن تصبح رائدة مرة أخرى في مجال الطاقة النووية.