طرح قرض صندوق النقد الدولي عدة قضايا واشكاليات واثار خلالها العديد من ردود الافعال المتناقضة؛ فنجد ان حزب الحرية العدالة قد اتخذ موقفا عدائيا من قرض صندوق النقد، واعتبروه ربا محرما شرعا في حكومتي عصام شرف والجنزوري.الا ان الوضع انقلب رأسا علي عقب، وسارعوا بعد انتخابات الرئاسة وفوز محمد مرسي بها، وتشكيل حكومة هشام قنديل الي الجلوس مع صندوق النقد الدولي والمضي قدما نحو اتمام الحصول علي قرض قيمته 4,8 ملياردولار.وفي ظل استفحال العجز في الموازنة العامة بعد زيادته الي 190 مليار جنيه نتيجة استجابة حكومتي شرف والجنزوري للمطالب الفئوية والذي ارتفع علي إثره بند الاجور و المرتبات من 82 مليار جنيه عام 2009 الي 137 مليار جنيه في الموزانة العامة الجديدة عام 2012 -2013وعند النظر الي موازنة الدولة الجديدة نجد ان بند الديون وفوائدها بلغ 150 مليار تقريبا بذلك يبلغا ثلثي الميزانية تقريبا، هذا الوضع الاقتصادي يجعلنا نؤكد علي ان الامر علي حاله هذا من صناعة ما يسمي بالقرصنة الاقتصادية، ويجعلنا نتساءل من هم هؤلاء القراصنة؟وقد ذكر جون بركنز في كتابه الاغتيال الاقتصادي للامم - اعترافات قرصان اقتصاد انهم مجموعة من الاستشاريين تجوب العالم بحثا عن فرائس للشركات الكبري، والصيد في هذا الصدد دول وليس مجرد افراد، بهدف اجبار هذه الدول علي استنزاف مواردها لصالح الشركات العابرة للقارات، اوخضاع سياساتها للاجندة الامريكية ووضع اصواتهم لصالحها في الاممالمتحدة.وذلك يأتي باقناع رئيس الدولة باستثمار منصبه لصالحه الشخصي ولأسرته للإثراء الفاحش، ونظير ترك بلاده فريسة للشركات الامريكية وإن رفض يتم احالة الامر الي عناصر CIA لقتل رئيس الدولة وتوليه آخر ليلبي طلبات القراصنة والدولة الامريكية وشركاتها، ويترك الامر للحل العسكري مثلما حدث في العراق باتمام احتلاله في 2003 ونهب بتروله وتفكيكه حتي لايكون حجر عثرة امامهم في المنطقة العربية.وهناك اسلوب آخر يتمثل في اقناع الدولة المستهدفة بقدرتها علي استيعاب كم هائل من الديون ثم اعادة دفعها من عائدات المشروعات نفسها وكذلك من عائدات ثرواتها الطبيعية مع المبالغة في تقديرات الاحتياجات المستقبلية للدولة.وعبر الضغط علي فئات الشعب الفقيرة باستمرار افقارها ومنع اية فرصة لتتخلص من فقرها، تنفجر الاوضاع الداخلية في الدولة المستهدفة، فتدخل الدول الاستعمارية وشركاتها لنهب ثروات هذه الدولة.ومثال لذلك ما حدث مع الخديوي عباس حينما اقنعوه بالاستدانة مما ادي الي سقوط مصر في قبضة الاحتلال الانجليزي وتعيين مندوبين من الحكومة الانجليزية والفرنسية في مصر لمراقبة الميزانية المصرية.وأيضا ماحدث في ايران علي يد محمد رضا بهلوي شاه ايران السابق، حينما اقنعوا الرأي العام بأن محمد مصدق ذا ميول شيوعية واسقطوه،لان مصدق تجرأ وأمم بترول ايران وجعله ملكا للدولة الايرانية، اما في مصر ما بعد ثورة 25 يناير، وبتحالف الفلول وعناصر امن الدولة السابقين تمكنوا من تحريض مختلف قطاعات الجهاز الإداري علي الثورة والمطالبة بزيادة الاجور بشكل مستفز وبلا حق، وذلك بهدف تعميق المأزق الاقتصادي الذي تمر به مصر وصولا لاقناع المواطن البسيط بأن زمن مبارك هو الزمن الجميل علي خلاف الحقيقة، حيث شهدت مصرفي عهده اسوأ عمليات بيعها بالقطعة ولمن يدفع اكثر، وطبقت هذه الفئات المثل القائل انا ومن بعدي الطوفان ، وهم لا يمثلون اكثر من 3% من المجتمع فقط الا ان اصواتهم عالية ويعرفون كيف ومتي يحصلون علي المزيد من المزايا والامتيازات، ويلقي 98% من الشعب التجاهل التام من الرئاسة والحكومات المتعاقبة، وعلي الرغم من ذلك فهم خارج حسابات الحكومات المتتالية ليس لها من سبيل سوي النظر الي رغيف الخبز الذي يتناوله الفقير والخدمات البسيطة التي يحظي بها من كهرباء ومياه وصرف صحي وهو اهمال متعمد ومقصود كما ذكرنا سابقا، في استهداف الفئات الفقيرة وافقارها اكثر لتحريضها علي الثورة والانتفاض وتمزيق الدولة واسقاط اجهزتها ومؤسساتها نموذج الصومال.ولم تجد حكومة هشام قنديل سوي الدعم المقدم الي الطبقات الفقيرة من الشعب المصري تاركة الفئة الغنية تتمتع بميزات كبيرة من الدعم، فبدأت في خطة الغاء الدعم علي الخبز فورا والبوتاجاز بعد اصطناع ازمة حول الحصول عليهما، علي الرغم من ان هنالك الكثير من الدعم المقرر للطاقة يستحوذ عليه مجموعة من الافراد الرأسماليين بمصانعهم المستهلكة للطاقة بصورة كبيرة حيث يلتهم الدعم المخصص 91% من إجمالي الإنفاق العام ولا يمس غالبية المصريين ممن يستحقون الدعم والذي يذهب الي الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة، ولا يخدم أي غرض اجتماعي حقيقي لرفع مستويات المعيشة للفقراء الذين باتوا يمثلون نحو نصف سكان البلاد ويلتهم جزءاً كبيراً من الإيرادات.ومن ضمن المستفيدين كان من أركان النظام السابق كأحمد عز، وإما شركات متعددة الجنسيات كحال لافراج الفرنسية وهولكيم السويسرية عملاقي الأسمنت الذين يحوزان علي ما يقرب من ثلث الإنتاج وما يقرب من 08% من الصادرات.هذا بالرغم من أن المستهلك لم يتمتع بشكل عام من هذا الدعم اذ انه تطبق عليه اسعار تزيد علي الاسعار العالمية نتيجة ممارسات احتكارية رصدها ووثقها جهاز منع الاحتكار، اي ان دعم الطاقة يتحول إلي أرباح لشركات كبري.وعن تلك المفارقات حدثنا د. عبد الله شحاتة استاذ المالية بجامعة القاهرة وعضوحزب الحرية والعدالة، فأكد ان موقف الحزب تغير لاسباب عديدة منها ان العجز في الموزانة بلغ هذا العام 190مليار جنيه واننا نبحث عن اعادة تقييم للوضع الاقتصادي المصري بشكل ايجابي، والحصول علي شهادة الجدارة الائتمانية تساعدنا علي الحصول علي المزيد من القروض لتغطية هذا العجز لان قرض الصندوق لن يغطيه كاملا.اضافة لتسهيل التعامل مع سوق التمويل الدولية وكسر حجة بعض الدول العربية التي اعلنت عن مساعدات لمصر، ولكنها ربطتها بتنفيذ توقيع الاتفاق مع صندوق النقد.واشار د. عبد الحميد نوار الاستاذ المساعد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية تعليقا علي بند الاجور المرتبات انها بلغت 82 مليار جنيه في عام 2009 ووصلت قيمة الأجور في الموازنة الي 136.6 مليار جنيه بزيادة 19 مليار جنيه علي العام السابق.واضاف بأن له رأي في هذا الموضوع حيث يعتبر ان التمويل بالعجز يساوي بالسيولة لانك اذا مررت بعجز سوف تدفعه الاجيال القادمة فأنت تقترض لتسدد في المستقبل، وبعد استجابة الجنزوري وعصام شرف للمطالب الفئوية وحدوث خلل امني وتخريب استمر مايقرب من عامين انعكس علي الناتج القومي الذي يجب مقابلته بخفض الاجر مسايرة للناتج المنخفض، وبالعكس صحيح وطالب من وجوب ان تكون هنالك مشاركة للمواطنين واحاطتهم بالظروف التي تمر بها الدولة المصرية.واشار الي اننا وجدنا استجابة منهم حينما دعي الشيخ محمد حسان للتبرع لهذا اكد علي طرح الموضوع للمناقشة بين الشعب والحكومة ودعي الي ضمان حد ادني للدخل بأن تضمن الدولة مائة يوم عمل سنويا لكل المواطنين وان ينص عليه في الدستور مثلما يحدث في الهند فهي تتيح للمواطنين اعمال مائة يوم في مجالات عامة مختلفة لضمان حد ادني للمعيشة للمواطن الهندي الذي لايملك عملا دائما.واخيرا وليس آخرا فهل تستيقظ الحكومةالمصرية وتدير برنامجا اقتصاديا اصيلا وبوعي كبير وتراعي صالح الشعب المصري وخاصة فئاته المطحونة، ضد المؤسسات المالية التي لاتعمل إلا لصالح الولاياتالمتحدةالأمريكية والشركات العابرة للجنسيات.