في منزل بسيط عبارة عن دور واحد، تجلس الأم بملابسها السوداء، وحولها سيدات القرية لعزاءها في وفاة ابنها الوحيد. مأساة كبيرة تعيشها أسر في عزبة التفتيش التابعة لمركز أشمون في محافظة المنوفية، عقب فقدان 8 من أبناء القرية في غرق سيارة -كانت تنقلهم للعمل بمزرعة دواجن- أثناء عبورها الجانب الآخر من أعلى معدية سقطت في فرع رشيد. أسرة "سعيد"، الابن صاحب ال13 عاما، الذي تحمل عناء الحياة رغم صغر سنه؛ لمساعده والده المريض الذي لا يقدر على العمل، وتجهيز شقيقته الوحيدة، ورعاية والدته. قالت والدة "سعيد"، باكية: "(سعيد) كان راجل البيت، عنده 13 سنة بس كان شايل البيت كله، وبيصرف علينا ويساعد والده المريض ويجبله العلاج". وأضافت أنه كان يخرج يوميا للعبور من قريتهم وحتى محافظة الجيزة، من بعد الفجر، للعمل في مزرعة دواجن مقابل 60 جنيها يوميا، وكان يرفض عدم الخروج، متابعة: "كنت باقوله اقعد وأنا هاطلع أشتغل، ما رضيش وكان بيخرج هو كل يوم". وتابعت الأم المكلومة أن ابنها جاء بعد 14 عاما من الزواج وعدم الإنجاب، قائلة: "جبته ومكنتش بخلف، وبعدين جبت أخته وشيلت الرحم بعدها، يعني كان كل حاجة ليا في الدنيا". وأكدت الأم أن أطفال القرية يخرجون يوميا للعمل في مزارع الجبل بمحافظة الجيزة، حيث تمر سيارة ربع نقل يوميا لتجميعهم من منازلهم، وتخرج بهم وتمر من المعدية الصغيرة التي تربطهم بمحافظة الجيزة، وكذلك عند رجوعهم للعمل في المزارع، مقابل 60 جنيها. تسكت الأم برهة، ثم تبدأ في الصراخ والنداء على ابنها: "راح (سعيد) وكل حاجة في حياتنا، وأبوه هيموت بعده، ملناش حد غير ربنا". وتمكنت قوات الإنقاذ النهري من انتشال 7 جثث من ضحايا الحادث، وهم (دعاء نبيل، وندى أحمد، وهاجر عبدالصمد، وزياد أحمد حسن، ومحمد صبرى سالم، وزينب عبدالمؤمن، وسعيد سعد الطناني)، وتم دفنهم في مقابر أسرهم بالقرية. وينتمي الضحايا إلى قرية عزبة التفتيش التابعة لقرية طليا بمركز أشمون في محافظة المنوفية، حيث كانت السيارة تقل نحو 23 من أبناء القرية خرجوا للعمل في مزرعة الدواجن.