كان يا ما كان .. في سالف العصر والأوان .. جلس المصري مع أشقاء عرب في بلد عربي وجاءت سيرة بلد عربي آخر بمناسبة ان احد الحضور العرب قال انه سمع أن واحد عربي اعتدي علي أخته جنسياً .. انتقض المصري مفزوعاً واحمر وجهه خجلاً .. ودورها في دماغه .. وهرش في شعره أكثر من مائة مرة .. وبدأ يكلم نفسه .. وبعد شوية قرر انه ( ينفض ) وينسي الموضوع كله لكنه لم يستطع .. وأخيرا وجدها فأقسم بأغلظ الأيمان ( ملاحظة : لم يكن حينها متزوجاً وإلا كان أقسم بالطلاق ) أن اللي حصل مالوش غير تفسير واحد .. وصمت الحضور وبدأ المصري يتكلم قائلا : المسألة يا جماعة متخشش المخ إلا إذا كان هناك اختلاط في الأنساب .. سألوه : يعني إيه سكت ثم استعاذ بالله من الشيطان الرجيم .. ولما طال صمته كرر عليه أحد الحضور سؤاله : يعني أيه ؟! .. انطق .. وتحت الإلحاح قال المصري بخجل : أزاي شهوته تيجي علي أخته .. أكيد مش أخته .. بيولوجياً ما ينفعش .. حاولوا يفهموه أنه بيقول كلام فارغ لكن أصر علي أنه لا يمكن بيولوجيا الأخ يعاشر أخته جنسياً .. وبعد جدل طويل قال لهم انه مرتاح لهذا التفسير حتي لو كان خاطئاً وحتي لو لم يقنعوا به .ولم يكن ما حدث في سالف العصر والأوان قديما بل كان قبل عشرين عاماً وكان المصري هو أنا .. وكان المكان في السعودية .. وكان الحضور من أكثر من بلد عربي .. وكان البلد المعني بحادثة الاعتداء الجنسي هو لبنان .. وأذكر أنني حينها أسهبت في الحديث عن لبنان البلد المفتوح وليس المنفتح فقط .. والبلد المفلوت وليس المنفلت فحسب .. لكنني اعترف ان هذا التصور عن لبنان خاطئ وان لبنان عندما تزوره لن تجد صورته كما اختزلها البعض في الجنس .المهم إن المصري الذي هو أنا - بعد هذه السنوات العشرين - ظل مرتاحاً لهذا التفسير ولم يتزحزح عنه قيد أنملة رغم ما سمعه عن حوادث متشابهة في مصر الي ان صدمته حكاية فريال..والحكاية باختصار كما قرأنها أن فريال ذات يوم في الشهر الماضي ذهبت إلي قسم بولاق الدكرور وقدمت بلاغاً تتهم فيه والدها بمعاشرتها جنسياً سبع سنوات .. وقالت فريال في البلاغ أنها حملت من والدها إلا انه اصطحبها إلي أحد الأطباء الذي قام بإجهاضها ولم يتوقف والد فريال عن معاشرتها جنسياً فحملت منه مرة أخري ولديها طفلة تدعي رحمة في الخامسة من عمرها .. طبعاً القسم استدعي الأب الذي لم ينكر الجريمة لكنه أنكر ارتكابه لها واتهم ابنيه سيد ودسوقي بأنهما من فعلا ذلك .. ولأنه يعرف كل التفاصيل قال إن الطفلة رحمة هي ابنة دسوقي .. وجاء دسوقي للقسم الذي أنكر بدوره التهمة وبرأ شقيقه سيد منها وعلقها في رقبة أبيه.ولم أتابع ما حدث بعد قرار النيابة باحتجاز فريال وطفلتها إلي حين عرضهما علي الطب الشرعي وحبس الأب والشقيق دسوقي .لم أتابع ليس فقط لأن الحكاية ( مقرفة ) ولكن لأن هناك أكثر من سؤال في ( الحدوتة) لم أجد له إجابة رغم أنني قرأتها منذ عشرة أيام ومن يومها وهذه الأسئلة (تخرم) رأسي :فريال من بولاق الدكرور .. هذه المنطقة الشعبية التي يعرف سكانها عن بعضهم كل صغيرة وكبيرة .. ولا أعرف كيف حملت وأنجبت دون أن تسألها جارة لها عن حملها ؟أليس لفريال وأسرتها أقارب يسألون عنها وجيران تزورهم ويزورونها؟هل منزل أسرة فريال ولا أتصور أنه أكثر من شقة ( مطرحين وحمام ومطبخ ) يقع في جزيرة معزولة أو داخل ثكنة عسكرية ؟من الواضح أن حكاية المعاشرة الجنسية هذه يعرفها الأب والشقيقان سيد ودسوقي وطبعاً فريال بدليل أن الأب لكي يدفع التهمة عن نفسه كان واثقاً من صحة معلوماته حين أكد أن والد رحمة هو دسوقي وليس سيد .. ولا أعرف كيف توصل إلي هذا اليقين؟كيف تواطأ الكل (فريال وأبوها وسيد ودسوقي ) علي الصمت علي هذه البلوي؟ ألم يذهب أحد الرجال الثلاثة إلي المسجد مرة وسمع من الخطيب أن هذه العلاقة محرمة ؟ألم تسأل رحمة أمها عن أبيها مثلما يفعل كل الأطفال؟ وبماذا كانت تجيب فريال؟من المسئول عن هذه الكارثة المجتمعية ؟ هل هو انهيار منظومة القيم والقانون الأسري ؟ هل هو الانحدار المجتمعي ؟ هل هي الحكومة ؟ هل هو المسجد؟ هل هم مفتو الفضائيات؟ هل هم علماء البزنس ؟ هل هم مشايخ التوافه الذين يختلفون علي طول اللحية ويتجادلون علي زيارة القدس ويتنازعون حول زكاة المال هل يتم إخراجها في رمضان أم حين يحول الحول ؟وزاد من غيظي أن علماء الاجتماع وأساتذة علم النفس قالوا إنني مخطئ وان الظاهرة تنتشر في المجتمعات المغلقة أكثر من المجتمعات المنفتحة .. وهذا يعني أن الريف الذي أنتمي إليه والفقراء وأنا واحد منهم ليسوا أحسن حالاً من الأغنياء وساكني المدن بل أن المجتمعات الأكثر انفتاحاً حسب تقرير نشره اليوم السابع تتوفر فيها الثقافة الجنسية وتدرك فيها الفتاة الصح من الخطأ .. وأن بعض الآباء خصوصاً في المجتمعات المغلقة يعتبرون ابنتهم ملكية خاصاً وبعض الأشقاء يعتقدون أنهم أولي جنسياً بشقيقاتهم من الغريب .وأنا أقسم بأغلظ الأيمان ( وبالطلاق أيضاً بما أنني متزوج الآن) أن هذا الكلام ليس دقيقاً.. وأقول إذا ضاع الإيمان فلا أمان .. ان الإيمان إذا ضاع فلا تقل لي أسرة ولا مجتمعاً ولا وطناً ولا غيره معها زاد عدد مرتادي المساجد وزاد من يحملون ( زبيبة) في جباههم .. أنا أتحدث عن الأيمان الذي وقر في القلب وصدقه العمل وليس عن هذا التدين الشكلي الذي يهتم باللحية والثوب اكثر مما ينشغل بالعمل والسلوك.صحيح أن أول دراسة علمية أجراها عالم الاجتماع الراحل الدكتور أحمد المجدوب والجنائية كشفت عن ان مرتكبي زنا المحارم يعيشون في مساكن ضيقة تعوق خصوصية الأفراد في داخلها كما أنهم من ذوي التعليم المنخفض إلا أنها كشفت ايضاً عن أنهم يميلون لعدم التدين (الحقيقي طبعاً).الدراسة التي أجريت علي 200 حالة ممن وقعوا في جريمة زنا المحارم أشارت إلي 47.5% من الضحايا لم يسبق لهن الزواج وجاء بعدهن المتزوجات ثم الأرامل والمطلقات في حين أن الجناة الذكور غالبيتهم من غير المتزوجين وكشفت أيضاً أن أكبر نمط لعلاقة زني المحارم كان بين أخ وأخته بنسبة 25% يليه نمط الأب والبنت بنسبة 12% وكان اقلها بين الأم والابن بنحو 5% .أرقام مفزعة .. أمان ربي أمان.ولم أتابع ما حدث بعد قرار النيابة باحتجاز فريال وطفلتها إلي حين عرضهما علي الطب الشرعي وحبس الأب والشقيق دسوقي .