نقلا عن العدد الاسبوعىمن الرئيس القادم لمصر؟ حتي الآن السؤال مازال مطروحا وسط سيناريوهات عدة في الشارع المصري، رغم الاحتفالات العارمة التي أقامتها حملة المرشح الإخواني د.محمد مرسي في ميدان التحرير وبعض ميادين المحافظات.فقد اعتبرت جماعة الإخوان وحزبها السياسي الحرية والعدالة أن المؤشرات الأولية التي أظهرت تفوق مرسي علي منافسه الفريق أحمد شفيق هي بمثابة نتيجة نهائية ومؤشرات حاسمة، رغم أن عمليات فرز الأصوات لا زالت مستمرة .فقد أظهر أنصار مرسي نشوة عارمة بطعم الفوز غير المؤكد وغير الرسمي وبطريقة جددت مخاوف المواطنين منهم، فكان ينبغي عليهم الصبر حتي إعلان النتيجة بشكل رسمي، أو علي الأقل مع اقتراب الانتهاء من فرز جميع صناديق الاقتراع علي مستوي الجمهورية خاصة وأن نتائج محافظتي القاهرة والجيزة الأعلي تصويتا لم تظهر حتي احتفال مرسي وأنصاره بالفوز.فما فعله أنصار مرسي في التحرير إنما يمثل أن هذه النتيجة باتت غير قابلة للطعن، وأنهم لن يقبلوا بغير ذلك وإن أعلنت اللجنة فوز شفيق فمعناه أن هناك انقلابا وعبثا من المجلس العسكري واللجنة العليا للانتخابات الرئاسية بهدف تزوير النتيجة لصالح شفيق المحسوب علي المجلس العسكري.ويبدو للوهلة الأولي من المشهد الذي أعده أنصار مرسي وأعضاء جماعة الإخوان المسلمون يبدو أنهم هدفوا إلي تعبئة الشارع المصري وتهيئته نفسيا بفوز مرشحهم د.محمدمرسي وأنه أصبح الرئيس الفعلي لمصر بعد ثورة 25 يناير.والغريب في الأمر أنه حتي مثول الجريدة للطبع لم تظهر نتائج محافظتي القاهرة والجيزة ذات الكثافة السكانية الأعلي والتي سترجح بشكل كبير أحد المرشحين والغريب أن جماعة الإخوان المسلمين أكدت في بيان رسمي لها علي موقعها الالكتروني أن مرسي حاز علي 13 مليونا و237 ألفا صوتا بنسبة 52% مقابل 12 مليونا و338 ألفا و973 صوتا لصالح شفيق بنسبة 48% .وأكدت الجماعة أن إجمالي الأصوات الصحيحة بلغ 25 مليونا و575 ألفا و 973 صوتا.وفي المقابل فقد اندهش الجميع من الصمت المطبق للمرشح أحمد شفيق وحملته الانتخابية فلم يظهر شفيق ولا أي رد فعل من قبله سوي ما قاله المتحدث الرسمي لحملته أحمد سرحان من أن إعلان فوز محمد مرسي غير صحيح، وأن شفيق محققا أعلي الأصوات في المحافظات ذات الكثافة التصويتية الأعلي.وأضاف سرحان أن الحملة تقدمت بطعن للجنة العليا للانتخابات الرئاسية ضد إعلان حملة د.محمدمرسي فوزه رئيسا لمصر.لقد عاشت مصر ليلة عبثية توترت فيها الأعصاب، واندهشت من تصرفات جماعة الإخوان التي مثلت مفاجأة صادمة للشارع المصري الذي استرجع علي الفور خطابات التهديد والوعيد من قبل الجماعة ومرشحها محمد فوزي وتذكر المواطنون تشديد الإخوان وتركيزهم علي فكرة تزوير الانتخابات لصالح شفيق وأنه إذا نجح شفيق فستكون النتيجة مزورة وعليه سيكون للإخوان تصرف آخر وربما يسترجع المواطنون تصريحات من عينة الكفاح المسلح والخروج.. إلخ.أما لو أعلنت لجنة الانتخابات فوز محمد مرسي هنا فقط فالانتخابات غير مزورة وسليمة 100% وكما قلنا منذ قليل وتأسيسا علي هذه النوعية من التصريحات فإن ما قام به أنصار مرسي وشباب الجماعة في ميدان التحرير بالقاهرة والاحتفالات بالأغاني والDJ منذ الصباح الباكر ليوم الاثنين 18 / 6 / 2012 كل هذا إنما هو تعبئة للرأي العام وللشارع المصري بأن الجماعة لن تقبل بغير مرسي رئيسا لمصر حتي لو أعلنت اللجنة غير ذلك في الإعلان الرسمي للنتيجة.الظهور المطمئن المخيفمن المظاهر التي استاء منها الشارع المصري ووصفها المراقبون بأنها جاءت في وقت متعجل ولا ينبغي صدورها عن رجل بحجم رئيس الدولة كان ظهور محمد مرسي في مؤتمر صحفي بمقر حملته بوسط القاهرة وظهر معه في المؤتمر كل من د.سعدالكتاتني رئيس مجلس الشعب المنحل ود.عصام العريان النائب ورئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المنحل والنائب السابق سعد الحسيني فلماذا ظهر مرسي سريعا قبل أن تعلن النتيجة رسميا، وهذا من الأخطاء الكبري التي وقع فيها واعتبرها المحللون أنها جاءت بأوامر من مكتب إرشاد الجماعة وأن مرسي لا يد له في هذا الظهور.أما د.سعد الكتاتني فكان موقفه أكثر غرابة وأكثر تخوفا فإذا كان بحق مؤمن بأن مجلس الشعب قائم ولن يستطيع أحد حله ولو كانت أعلي محكمة في البلاد المحكمة الدستورية لو كان ذلك وباعتباره نائبا في المقام الأول عن جميع فئات الشعب ورئيس المجلس فلماذا ظهر بجوار مرشح الإخوان د.محمدمرسي.فلو كانت حجة الكتاتني بأنه ظهر بصفته الحزبية حيث أنه عضو وأمين عام حزب الحرية والعدالة فهذا يعني أنه سلم بحل مجلس الشعب وإلا فإن ظهوره فيه تحيز واضح وصارخ، ورسالة قوية ومخيفة مفادها القول ب هنا دولة الإخوان.فمرسي هو رئيس الدولة والكتاتني هو رئيس مجلس الشعب أما عصام العريان والمعروف بأنه وزير خارجية الإخوان فسيكون وزير الخارجية المصرية في حكومة الإخوان بالطبع أما النائب سعد الحسيني فقد يكون وزير المالية باعتباره رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب.إن المصريين بأي حال من الأحوال سيقبلون بنتيجة الصناديق التي ستقرر وحدها من الرئيس القادم سواء كان مرسي أو شفيق فالجميع ارتضي بلعبة الديمقراطية من البداية وعلينا أن نقبل بها في نهاية المطاف.إن المشهد العبثي الذي رأيناه منذ الساعات الأولي لإعلان النتائج الأولية، علي كثير من محطات التليفزيون وبشكل خاص قناة مصر 25 والتي ركزت علي المحافظات التي تفوق فيها محمد مرسي علي غريمه أحمد شفيق، حتي أن تليفزيون الإخوان لم يكن يذكر المرشح أحمد شفيق، ويستعيض عنه بقوله المرشح الآخر، مما يؤكد تجاهلهم واحتقارهم التام لمنافس مرسي.لقد أراد الإخوان وحزبهم الحرية والعدالة أن يجعلوا مرسي أمرا واقعا علي المصريين ولماذا لا وقد كتب حزب الحرية والعدالة فجر الإثنين علي حسابه بموقع تويتر الدكتور محمد مرسي أول رئيس جمهورية مصري منتخب شعبيا.القول الفصللمن القول الفصل في هذا السباق الذي يحمل وراءه مجهولا كبيرا ربما تعلمه مصر في الأيام المقبلة.كان علي الجميع من أنصار حملتي مرسي وشفيق التزام الصمت حتي الإعلان الرسمي والنهائي من رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.إن السيناريوهات المحتملة خلال الساعات القليلة القادمة لن ترضي الجميع، فهناك مفاجأة غير مستبعدة من اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة من احتمال إعلان فوز أحمد شفيق رئيسا لمصر، وذلك بعد إرسال جميع النتائج من اللجان العامة بالمحافظات والفصل في الطعون المقدمة من المرشحين واحتساب نسبة الخطأ واحتساب اللجان التي لم يتم إضافتها بعد وفي هذه الحالة من الممكن أن يصعد أحمد شفيق ويفوز ولو بفارق بسيط علي منافسه محمد مرسي.وهذا السيناريو إن حدث فيحدث لأن المؤشرات الأولية أظهرت تفوق شفيق علي مرسي في المناطق ذات الكتل التصويتية الكثيفة، ولكن تبقي الكلمة النهائية للتجمع النهائي لفرز الأصوات والنتيجة التي سيعلنها رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية.وعلي الجميع قبولها حتي نبدأ مشوار الهدوء والاستقرار في الجمهورية الثانية.لقد تسببت حالة البلبلة التي فعلها شباب الإخوان في ارتباك حاد لدي المواطنين، خاصة وأن عددا من قنوات التليفزيون أعلن تقدم الفريق أحمد شفيق علي د.محمد مرسي بينما أعلنت قنوات أخري العكس علاوة علي التصريحات المتبادلة من حملة كلا المرشحين، وسيناريوهات باحتمال وقوع أعمال عنف في أعقاب الإعلان الرسمي للنتيجة.فرحة حماسبمجرد أن أعلنت حملة د.محمدمرسي فوزه وأنه أول رئيس شعبي منتخب لمصر، فقد انهالت حالة الفرحة العارمة علي جماعة حماس في قطاع غزة بفلسطين ونظموا مسيرات بالسيارات والدراجات البخارية رافعين صور محمد مرسي وطافوا بها شوارع غزة، معلنين عن فرحتهم بفوز مرسي رئيسا لمصر، وهو ما يطرح تلقائيا أسئلة محيرة، وفي نفس الوقت مخاوف أكثر من هذه المباركات الحمساوية لفوز محمد مرسي.المواجهة مع إسرائيللاشك أن وصول أي تيار إسلامي للحكم في مصر وبشكل خاص الإخوان المسلمون سيمثل إزعاجا لإسرائيل خاصة وأنه تم قتل ثلاثة إسرائيليين من مجموعة مسلحة تسللت إلي إسرائيل في أعقاب الإعلان عن فوز محمد مرسي بمنصب رئيس جمهورية مصر العربية الأمر الذي دعا شاؤول موفاز نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع أيهود باراك المسئولين المصريين الجدد إلي السيطرة علي الوضع في سيناء بعد تنفيذ هذه العملية.واعتبر موفاز في تصريح للإذاعة العسكرية أن الوضع في صحراء سيناء أصبح مشكلة أمنية وما حدث يشكل خطوة جديدة في التصعيد وأنه يشكل تحديا كبيرا للقيادة المصرية المنتخبة.من جانبه رفع الجيش الإسرائيلي من حالة الطوارئ والتأهب القصوي علي الحدود المصرية، ونشر المزيد من قواته وعدد من الدبابات في المنطقة د الحدودية التي يمنع فيها تواجد أسلحة ثقيلة وفقا لاتفاقية كامب ديفيد للسلام بين مصر وإسرائيل.وذلك عقب العملية المسلحة التي تمت فجر الاثنين بعد تسلل مسلحين داخل إسرائيل عبر سيناء.كانت وكالة الأنباء الفرنسية قد رصدت صورة لدبابة إسرائيلية من طراز ميركافا علي الحدود المصرية الإسرائيلية وتحديدا في وادي بئر ملكا بصحراء النقب.وينص البند رقم (1) المرفق بالاتفاقية التي وقعت بين الجانبين بمنتجع كامب ديفيد عام 1979، علي أن يتمركز بالمنطقة (د) داخل الحدود الإسرائيلية المتاخمة للحدود المصرية، والتي تمتد من شرق مدينة رفح إلي إيلات بعرض 2.5 كيلومتر قوات من حرس الحدود الإسرائيلي أو الشرطة الإسرائيلية فقط، علي ألا يزيد عدد عناصرها علي 4000 جندي من دون دبابات أو مدفعية ولا صواريخ، عدا صواريخ فردية (أرض/ جو) محملة علي الكتف.وكانت التحقيقات الأولية للجيش الإسرائيلي قد أشارت إلي أن سيارتين لعمال إسرائيليين تحركتا في المنطقة قرب محور فيلاديلفي حوالي الساعة السادسة فجرا، في الوقت الذي عبر فيه مسلحون الحدود مع مصر، ونصبوا كميناً بالقرب من منطقة نيتسانا، وقاموا بتفعيل عبوة ناسفة علي بعد نحو 30 متراً من المحور، وأطلقوا النار من أسلحة خفيفة، بالإضافة إلي قذيفة آر بي جي.وقسمت شبه جزيرة سيناء إلي 3 مناطق هي المنطقة (أ، ب، ج)، بينما جاءت المنطقة (د) داخل الحدود الإسرائيلية الموازية للحدود مع مصر، ونصت الاتفاقية علي أن يتواجد بها قوات من حرس الحدود أو الشرطة الإسرائيلية فقط، وليست قوات عسكرية، سواء احتياطاً أو قوات نظامية من الجيش الإسرائيلي.خاتمةإن الساعات القليلة القادمة ساعات فاصلة وحاسمة في تاريخ مصر حيث يعلن بالدليل القاطع الرئيس الجديد لمصر في أول انتخابات حرة حقيقية سواء كان الفائز مرسي أم شفيق ليتحدد مصير الوطن ليبدأ مشوار جديد من الاستقرار أو تجدد التوتر.