لاخلاف بين الاقتصاديين على المشكلات الضخمة التى ستواجهها أيه حكومة جديدة سيتم تشكيلها حيث ستواجه الحكومة الجديدة صعوبات في التعامل مع ارتفاع اسعار المواد الغذائية وتراجع الاحتياطيات بالعملة الأجنبية والأزمة الوشيكة في ميزانية الدولة التي تعقد جهود السلطات في التعامل مع أسوأ اضطرابات تشهدها البلاد منذ الإطاحة بمبارك في فبراير الماضي.فمعالجة أي مشكلة سيفاقم الأخرى. فخفض الانفاق الحكومي على دعم المواد الغذائية لتعزيز مالية الدولة على سبيل المثال قد يزيد الأثر على تضخم أسعار الغذاء ويثير المزيد من الاضطرابات. وربما لهذا السبب احجمت حكومة شرف عن اتخاذ قرارات حاسمة بشأن أي من المشكلات الاقتصادية التى تواجهها مصر .كما أن انتخاب برلمان جديد لن يعني بالضرورة وضع سياسات أكثر حسما، فالسلطات الرئاسية ستظل مع المجلس العسكري حتى انتخابات الرئاسة في يونيو 2012 بحسب ما أعلنه المشير طنطاوى .والتهديد الاقتصادي الأكثر إلحاحا هو تراجع الاحتياطيات المصرية بالعملة الأجنبية إذ تضررت إيرادات السياحة والصادرات من الاضطرابات وفرار رؤوس الأموال من البلاد.وهبطت الاحتياطيات من نحو 36 مليار دولار في بداية عام 2011 إلى 22.1 مليار دولار في أكتوبر تشرين الأول وقد تصل في الأشهر القليلة المقبلة إلى مستويات لا يتمكن عندها البنك المركزي من منع انخفاض حاد في قيمة الجنيه.وكان بإمكان مصر في بادئ الأمر التعامل مع المشكلة بفرض بعض اشكال القيود الرأسمالية أو بالسماح بانخفاض بطيء ومحكوم للجنيه لتحفيز النمو الاقتصادي والحد من الضغوط باتجاه مزيد من انخفاض العملة. وقد يكون الوقت قد تأخر جدا لتطبيق أي من هذين الحلين دون أن يتسبب ذلك في إثارة حالة فزع في سوق العملة ومزيد من عدم الاستقرار.ويفضل العديد من قادة الصناعة خفض قيمة العملة لجعل الصادرات أكثر جاذبية لكنهم يقولون إن ذلك كان يجب أن يبدأ قبل فترة طويلة.وقال خليل قنديل رئيس غرفة الصناعات المعدنية كان يجب ان يحدث ذلك تدريجيا على مدى الاشهر الستة الماضية بدلا من خفض عشرة بالمئة بشكل مفاجئ ما سيربك الجميع ويجعل من الصعب وضع الخطط.لذلك فمن اجل تجنب ازمة عملة قد يتعين على الحكومة الحصول على مليارات الدولارات من المساعدات الدولية في الاشهر القليلة المقبلة. لكن المساعدات من صندوق النقد الدولي او مانحين غربيين قد تأتي مصحوبة بشروط تتعلق بالسياسات الاقتصادية مثل اشتراط تحجيم الانفاق الحكومي. والمساعدات من الدول العربية الغنية في الخليج قد تأتي مصحوبة بشروط سياسية.وفي الصيف 2011 رفضت الحكومة عرضا ببرنامج تمويل من صندوق النقد الدولي بقيمة 3.2 مليار دولار لكن الحكومة اثارت آمال المصرفيين هذا الأسبوع بقولها انها ستطلب من الصندوق بدء مفاوضات على برنامج سيشبه السابق على الأرجح. واستقالة الحكومة قد تعطل هذه المفاوضات.وبحسب خبراء اقتصاد فأنه إذا لم تصل المساعدات الخارجية سيكون تراجع العملة المصرية أكثر حدة وقد يصل سعرالجنيه إلى 6.8 جنيه للدولار في المتوسط في السنة المالية 2012-2013 . وجرى تداول الجنيه بسعر 6.0025 جنيه للدولار الخميس الماضى وهو أدنى مستوى في أكثر من ست سنوات أمام الدولار .والتغير في سعر الصرف سيؤثر بشكل مباشر على مسألتين اقتصاديتين أخريين مثيرتين للقلق هما التضخم ومالية الدولة. فأي انخفاض كبير في سعر الجنيه سيشكل ضغوطا تضخمية على اسعار المستهلكين. ومصر اكبر مستورد للقمح في العالم لذلك فإن ارتفاع اسعار الواردات سيهدد بالمزيد من الصعوبات للمصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر والذين تشير التقديرات إلى انهم يشكلون نحو خمس سكان البلاد.وبلغ معدل تضخم اسعار المستهلكين في مصر 7.1 بالمئة على أساس سنوي في أكتوبروفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. وهذا هو ادنى مستوى في اربع سنوات بفضل المحاصيل المحلية الجيدة لكنه يظل مرتفعا بحسب القيمة المطلقة ويرى بعض المحللين انه سيصعد في الاشهر المقبلة.وللحد من أثر ارتفاع أسعار الغذاء تدير الحكومة برنامجا ضخما للدعم يسهم في عجز الميزانية الذي يقدر رسميا في السنة المالية الحالية بنحو 8.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مقتربا من مستواه في اليونان.وكانت الحكومة تناقش إصلاح برنامج الدعم لخفض تكاليفه والحد من هدر الموارد من خلاله لكن الحكومة لم تتخذ إجراء وربما تكون غير مستعدة للتحرك باتجاه قضية حساسة مثل هذه حتى تنتهي الانتخابات.ومن ناحية أخرى تجد الحكومة صعوبة متزايدة في تمويل العجز بالاقتراض من البنوك المصرية.وخفض البنك المركزي حجم مزادات أذون الخزانة الأسبوع الماضي إذ بلغت العائدات أعلى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية في 2008.وارتفعت تكلفة التأمين على الدين السيادي المصري ضد التخلف عن السداد لمدة خمس سنوات 60 نقطة اساس يوم الإثنين إلى اعلى مستوياتها في عامين ونصف العام. وارتفعت عائدات السندات المصرية المقومة بالدولار.وما يعقد جميع قرارات السياسة الاقتصادية هو احتمال أن تثير المزيد من الاضطرابات المدنية وتجعل اجراء الانتخابات أكثر صعوبة. وحتى قبل مقتل نحو 39 شخصا منذ يوم السبت الماضي في اشتباكات بين الشرطة ومحتجين في القاهرة كانت هناك اضطرابات متفرقة في مختلف ارجاء البلاد.