قال الدكتور رمزي الجرم، الخبير المصرفي، أنه على الرغم من وجود ممارسات سلبية في الجهاز المصرفي المصري؛ شأنه في ذلك شأن كافة مؤسسات الدولة، التي طالتها يد الوساطة والمحسوبية واستغلال النفوذ؛ إلا أن مسودة التعديلات المقترحة على قانون البنك المركزي الجديد؛ تُعد تكريس مقنن تقنيناً دقيقاً لتلك الممارسات، فالمادة 109 من مسودة القانون المقترح؛ تُعد مثيرة للجدل، وتجرف البنوك العامة والخاصة من كفاءات مصرفية أسهمت إسهاماً كبيراً في تحقيق طفرة في معدل الأرباح على مدى خمس سنوات مضت، كان الجهاز المصرفي فيها هو المؤسسة الاقتصادية الوحيدة المنضبطة في ظل الصراعات والانهيارات المالية التي عاصرتها مصر بعد ثورة يناير 2011، كما أن مبررات ضخ دماء جديدة إلى القطاع المصرفي ؛ ما هو إلا وسيلة مقننة لاعتلاء أصحاب الوساطة واستغلال النفوذ وأهل الثقة في مراكز اتخاذ القرار في الجهاز المصرفي، دون خبرات أو كفاءات تذكر، فضلاً عن أن ذلك يٌعد تغول على سلطة الجمعيات العامة بالبنوك العامة والخاصة. فليس من المقبول ونحن بعد ثورتين متعاقبتين، تحمل الشعب المصري معاناة شديدة من أجل الإصلاح والتنمية؛ أن يكون إصدار القوانين بدافع شخصي مع و/ أو ضد بعض الشخصيات. وأوضح الجرم أنه بالإضافة إلى ذلك؛ وتشدقاً بالمعايير الدولية الخاصة بالحوكمة؛ فقد تم تخصيص باب لهذا الشأن، على الرغم من أن تلك المبادئ والممارسات استرشادية وليست ملزمة في معظم البنوك العالمية، في الوقت الذي يتم التعامل مع تلك المعايير من الناحية النظرية فقط، من خلال الدورات التدريبية والندوات والمؤتمرات وغيرها، دون تنفيذها في الواقع الفعلي ، إلا لبعض الاعتبارات الشخصية فقط . على سبيل المثال لا الحصر، فقد أعطت المادة 70 من مسودة القانون المقترح سلطات منفردة لمحافظ البنك المركزي المصري في الترخيص للشركات التي تقدم خدمات الاستعلام والتصنيف الائتماني المتعلقة بمديونيات عملاء البنوك وشركات وجمعيات التمويل متناهي الصغر، رغم أن تلك المادة بصفة خاصة ؛ كان يتعين أن يكون القرار بيد المجلس وليس المحافظ بمفردة، وهذا يٌعد مجافاة لمعايير الحوكمة بشكل واضح. وتابع الجرم – تصريحاته ل"النهار"- قائلاً:"هذا بخلاف الكثير من الأمور المثيرة للجدل، ومن أهمها إعفاء أرباح البنك المركزي من أي نوع من الضرائب، في ظل إلقاء أعباء إضافية على محدودي الدخل ، لتوفير أي موارد تسهم في تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي ،كذا؛ عدم التقيد باللوائح والقوانين المعمول بها في الدولة فيما يتعلق بالمعاملات المالية والتعينات والترقيات المتعلقة بالبنك المركزي المصري. أيضاً زيادة أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي إلى إحدى عشر عضواً بدلاً من تسعة أعضاء، غير مبرر، في ظل غياب واضح للمجلس في كثير من الأمور، وتركزها بيد المحافظ فقط، فضلاً عن وجود تفصيلات كثيرة في صلب القانون، كان مكانها الطبيعي في اللائحة التنفيذية للقانون." وأشار الجرم إلى أن هذا القانون ، ومن خلال مسودته؛ لا يمكن أن يقدم جديداً، بالمقارنة بالقانون الحالي، سوى بعض الأمور التنظيمية والتي تخدم بعض الأشخاص، وتنال من البعض الآخر، تذرعاً وتشدقاً بما يطلق عليه في أدبيات العمل المصرفي ، بحوكمة المصارف، على الرغم من وجود مستجدات قد طرأت على المشهد المصرفي؛ تستدعي النظر في مواد القانون الحالي من الناحية الإجرائية وليس التنظيمية، ولكن من وجهة نظر محايدة ومجردة.