3 دقائق، ظهر فيها سائق توك توك، بأحد البرامج التلفزيونية، متحدثًا بغضب عن أحوال البلد -من وجهة نظره- دفعته بغته إلى بؤرة اهتمام الناس، أثار الرجل جدلًا، هناك من اعتبره مُعبرًا عن ما يدور بعقولهم، آخرين اتهموه بانتمائه إلى جماعة متشددة، وأن اللقاء مُفبرك. يعيش "خريج التوك توك" في إحدى العقارات بطريق المستقبل -العشوائيات- بمدينة 6 أكتوبر، داخل شقة صغيرة لا تتعدى ال 53 مترا، برفقة زوجته وطفليه الصغيرين، يخرج في الصباح الباكر يوميًا بحثًا عن قوت يومه غير أن مكَسبه لا يكفي "هيلاحق على إيه ولا إيه.. الشقة ب 850 ج في الشهر غير الكهربا والنور ومصاريف البيت" كلمات يلفظها خال "مصطفى" بأسى. كَبر "مصطفى" أمام عيني خاله "الحاج محمد"، منذ أن كانا يعيشان في سوهاج برفقة الأسرة، انتقلوا جميعًا في زمن ماضي إلى القاهرة "قعدنا في روض الفَرج، ومصطفى كان بيدور على شغلانة"، استقر في نهاية الحال كعامل في محل لصيانة "الموازين"، لكنه تَرك المهنة عند انتقاله إلى مدينة السادس من أكتوبر، هناك اشترى "توك توك" بالاشتراك مع شقيقه "سَعد" ليصبح رفيق دربه. لا يبدو من تعاملات "مصطفى" مع جيرانه، أية تفاصيل توحي بالشجاعة التي ظهر بها في أحد البرامج التلفزيونية، تعجب رياض سيد -أحد جيرانه- عندما شاهده في التلفاز، يوضح الرجل الخمسيني: "هو مكملش تعليمه عشان يبقى عنده طلاقة كدا في الكلام". خال "خريج التوك توك"، لم يندهش من تَصرف ابن شقيقته "هو طقهان، ولما شاف الكاميرا فض بَطنه من اللي جواه"، كثيرًا ما يستمع إلى شكواه، صارت طقسًا معتادًا، لا يقوى السائق على مجاراة غلاء الأسعار في الأونة الأخيرة، طلبات البيت لا تنتهي، وقلة حيلته تَكسره "لو تشوفه تحِس إنه زي عود ناشف من التَعب". الشائعات المتداولة عن انتماء "مصطفى" إلى جماعة محظورة، تؤذي جيرانه وذويه، لا يصدق صاحب سوبر ماركت بمنزله الأمر "نعرفه من سنين، مشفناش منه أي حاجة تقول كدا"، يُضيف جاره الخمسيني "لو كان إخوان وبيعمل حاجة تضر البلد كنا هنسلمه"، يضحك خاله مؤكدًا أن الأسرة جميعها انتخبت الرئيس عبد الفتاح السيسي، من بينهم ابن شقيقته :"كان متحمس جدًا للرئيس، بس موضوع الغلاء هو اللي خَنقه".