أكد عز الدين الأصبحى، وزير حقوق الإنسان فى اليمن، أهمية الدور المصرى الداعم لبلاده فى مواجهة الاوضاع الانسانية المتدهورة الراهنة جراء الانقلاب الحوثى، معربا عن أمله فى ان تؤدى عضوية مصر غير الدائمة فى مجلس الأمن فى دعم ملف اليمن ومساندة شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادى. واستعرض الاصبحى فى حواره ل"النهار" الاوضاع فى اليمن والجهود المطلوبة عربيا ودوليا من أجل تحقيق الأمن والاستقرار هناك.* بداية نود القاء الضوء على أوضاع حقوق الانسان فى اليمن؟ فى الحقيقة ملف حقوق الانسان فى اليمن من اكثر الملفات مأساوية وهناك حالة من الانتهاكات الممنهجة والجسيمة التى عانى منها الشعب اليمنى خلال الفترةالاخيرة على ايدى ميليشيات الانقلاب الحوثي وصالح، وللاسف الشديد ربما ظلمت الجغرافيا ايضا اليمن كبلد بعيد لم ينتبه احد الى الانتهاكات الخطيرة التى يعانيها شعبه منذ2012 و2013 ولم يدرك العالم مدى فظاعة ما يجرى فى اليمن الا مؤخرا مع اعلان الانقلاب الكامل فى سبتمبر2014، ولولا تدخل التحالف العسكرى العربى لدعم الشرعية فى اليمن لكان الوضع حاليا اكثر كارثية، فضرب الميليشيات من خلال المدفعية والكاتيوشا والسلاح المدمرللمناطق المختلفة يتم بشكل ممنهج وقاس للغاية ويستهدف تدمير كافة البنى الاساسية، فلم تتعرض المدارس والمستشفيات والبنى التحتية لضرب متعمد كما حدث فى اليمن خلال الاشهر الماضية، فعندما عدنا الى عدن وجدناها مدينة مدمرة بالكامل من حيث البنى الاساسية، واليوم تعز وهى تتحرر جزئيا من الحصار الذى دام لأكثر من 10 أشهر نكتشف ان 80% من البنى التحتية ليست متواجدة بل دمرت بالكامل كهرباء ومياه وصحة وتعليم، بالاضافة الى آلاف الشهداء وعشرات الالاف من الجرحى، كما نعانى غياب الخدمات الاساسية، أى ان الانتهاكات لا تقتصر على الحقوق السياسية والمدنية باعتقال الآلاف من الاشخاص وهناك اكثر من1400 شخص مغيبون فى السجون المختلفة غير المعلومة، كما ان هناك تعذيبا متواصلا يعانونه، فضلا عن انتهاك الحقوق الاقتصادية والاجتماعية من حق الحياة وحق الصحة والتعليم وغيرها من الحقوق. * وما هو المطلوب عربيا لدعم الشرعية اليمنية خاصة ونحن على اعتاب تحرير تعز؟ اعتقد الان اليمن امام معركتين، الاولى تتمثل فى الانتهاء من الانقلاب فما يقوم به التحالف العربى يحتاج الى تعزيزعربى بشكل كبير حتى تنتهى هذه الكارثة، الامر الاخر هو ان اليمن بحاجة الى دعمها لاعادة الاعمار الكامل، ليبدأ اعادة اعمار البنى الاساسية والمنشآت بل اعادة بناء المجتمع، فلابد من رؤية عربية لاعادة بناء اليمن على مستوى يفوق البنى الاساسية التى دمرت ويلبى احتياجات مجتمع عانى من التشتت والتمزق الاجتماعى، فالحرب افسدت كل شىء فى اليمن حتى النسيج الاجتماعى الذى كان اليمنيون يتباهون به دائما، وبالتالى نحن بحاجة الى ما يشبه المعجزة لاعادة انسان يمنى سوى بعيدا عن حالة الانتهاك الممنهج التى عانى منها فترة طويلة، وبالتالى فإن التدخل العربى بات ملحا وضروريا بل أمرا عاجلا. * وما ردكم على الانتقادات الموجهة للتحالف العربى بأنه يستهدف ايضا مدنيين؟ هناك الان لجنة وطنية للتحقيق بشأن كافة انواع الانتهاكات او ادعاءات انتهاكات حقوق الانسان على مستوى الجمهورية اليمنية، وهذه اللجنة تعمل وفق المعاييرالدولية وبالتعاون مع الاممالمتحدة وايضا المفوضية السامية لحقوق الانسان، ومهمتها التحقق من كافة الادعاءات التى تتم من قبل كافة الاطراف فى اليمن، ولن تقتصر مهمتها فقط على انتهاكات الميليشيات الانقلابية. . وتجدر الاشارة فى هذا الصدد الى ان التحالف العربى قد أعلن خلال الاسابيع الماضية أن لديه لجنة قانونية لمتابعة كافة الادعاءات التى تقول بأن هناك اخطاء بسبب الحرب، واعتقد اننا واضحون تماما ولا يمكن لنا السماح بانتهاكات حقوق الانسان من اي طرف كان، اذا كانت ممنهجة ومتعمدة، ونحن نعمل على استعادة الكرامة والاستقلال واستعادة الحق واعادة النظام الشرعى بالقانون وندحر الانقلاب ولا نعتدى على احد، واذا حدثت اخطاء بسبب الحرب هنا او هناك فهى محل مساءلة حتى يأخذ القانون مجراه. * التحرر الجزئى فى تعز هل نعتبره مؤشرا للتقدم المتحقق على الارض؟ بالفعل فخلال اليومين الماضيين حدث تقدم كبير وحقيقى على مستوى الجبهات المختلفة، وتعز يمكن القول بانها تقدمت جزئيا وليس كليا ولا تزال تعانى من حصار حقيقى وممنهج وهى بطبيعة الجغرافيا التى عانت منها خلال الفترة الماضية، هناك اكثر من سبعة ألوية ممن تسمى النخبة السابقة للجيش اليمنى هى التى عملت على حصارها خلال الفترة الماضية وبالتالى هناك تكلفة كبيرة فى هذا العمل، ولكن يمكن القول بأن تعز تحررت بشكل جزئى كبير يؤشر بأننا فى طريقنا الى التحرير الكامل لها. * فيما يتعلق بصنعاء والمناطق الاخرى ماذا عنها؟ لا شك ان الطريق الى صنعاء والمناطق الاخرى صار ممهدا، ونأمل أن ننجح فى أن نتجنب الحرب على مستوى المدن المختلفة ومنها صنعاء، وانا مازلت اراهن على صوت العقل بأننا سنتجاوز دخول المدن الاخرى لحروب او انتهاكات او مواجهات واتمنى ان تسير الامور فى صنعاء دون دموية. * وماذا عن التعاون اليمنى مع مصر؟ علاقتنا مع مصر استراتيجية، ومصر هى العمق الاستراتيجى لنا خلال السنوات الطويلة الماضية تاريخيا، ومصر قدمت لنا الكثير ليس عسكريا او ضمن التحالف العسكرى العربى ولكن على الاصعدة التعليمية والتنموية والصحية ايضا، واليمنيون لا ينسون ابدا أنهم خرجوا الى العصر الحديث فى فترة الستينيات بسبب الزعيم الراحل عبدالناصر وما قدمه لليمن فى كافة المجالات المختلفة، وبالتالى فإن الدعم المصرى لنا مازال قائما سواء باحتضان اليمنيين القادمين اليها من كل مكان وما زال اليمنيون ينظرون الى مصر بانها بيتهم الثانى باستمرار ولا تزال مصر تقدم لنا الدعم السياسى والعون الكامل امام كل المحافل الدولية. وعلى صعيد التحالف العربى فإن مصر ايضا شريكة فى التحالف العربى، وعلى صعيد الدعم الفنى والصحى والتعليمى فهى عون لنا فى هذا المجال. * وماذا عن دورها فى مجلس الأمن تجاه الملف اليمنى؟ مندوب مصر فى مجلس الامن هو مندوب العرب وهو يتبنى الملف اليمنى بكل جدية واقتدار ونثمن ما يقوم به بشكل كبير لدعم الحقوق الشرعية اليمنية. * وماذا عن الجهود الاغاثية العربية تجاه الشعب اليمنى؟ هذه الجهود تسير بشكل معقول لكن اليمن بحاجة الى جهود اغاثية عاجلة، وتقارير الاممالمتحدة تذكر أن هناك81% من اليمنيين فى حالة احتياج شديدة وننوه هنا بدور مركز الملك سلمان بن عبدالعزيز الذى يقدم دعما اغاثيا كبيرا لليمنيين، ونحن بحاجة للعمل بشكل اوسع فى ظل وجود ممرات آمنة لتقديم العون والمساعدات الاغاثية. * التدخلات الايرانية ومخططاتها فى اليمن ودول المنطقة كيف يمكن التصدى لها؟ لابد من مواجهتها عبر مشروع عربى اقليمى واضح وتحصين البيت العربى برؤية عربية ناضجة، فاليمن دفع ثمنا كبيرا للتدخلات الايرانية والاقليمية لكن هناك فى الوقت ذاته وعى شعبى متنام بضرورة التصدى لهذه المشروعات المرفوضة والتى لن تنجح فى اليمن خاصة مع تنامى المقاومة الشعبية التى اصبحت نموذجا للتصدى لهذه التدخلات بشكل واضح، فهناك رفض شعبى لهذا الامر وهناك مشروع وطنى من أجل اعادة الاعتبار للموضوع اليمنى. * وماذا عن الحوثيين وتهديداتهم لباب المندب وقناة السويس؟ حقيقة نحن فى المرحلة الاخيرة من الحسم نحو انهاء هذا الانقلاب ومخاطره على المستوى الاقليمى ولا تهديد لهم فى باب المندب او قناة السويس. * مع قدوم امين عام جديد للجامعة العربية أحمد أبوالغيط، كيف تنظر لملف اليمن خلال الفترة المقبلة؟ نأمل ان يكون هناك اهتمام كبير من قبل الامين العام الجديد احمد أبوالغيط بالملف اليمنى وتقديم المزيد من الدعم والتنسيق من اجل تحقيق تطلعات الشعب اليمنى، كما نتطلع لعملية اصلاح شاملة لدور الجامعة لاستعادة دورها الريادى تجاه القضايا الراهنة وتحقيق مصالح الأمة.