شكك أستاذ الإعلام المشارك في جامعة الإمام الدكتور عبدالله الحقيل في وجود تأثيرات إعلامية،مؤكداً في محاضرة أقامتها له الملحقية الثقافية السعودية بالمغرب ضمن فعاليات صالونها الثقافي، عنوانها التأثيرات الإعلامية: نظرية أم فرضية وأداراها الملحق الثقافي السعودي بالمغرب ناصر البراق، وجود إشكال في نظريات التأثير الإعلامي، إذ إنها لم تقم على الربط المباشر ما بين مكنون الفرد والمضمون الإعلامي، بل قامت على إسقاط المضمون الإعلامي على الفرد إسقاطاً تعسفياً لا يجيزه المنهجي العلمي للعلاقة واختبارها. وطالب بالتأمل في هذه التأثيرات الإعلامية ووضع الأمور في تصورها المنهجي السليم، قبل أخذ هذه التأثيرات على إطلاقها، وألا نقبل ما يسمى بنظريات التأثير على أنها نظريات يقينية مسلم بها.ونفى الحقيل وجود أية نظرية إعلامية تربط ربطاً منهجيا وإحصائياً بين مضمون وسائل الإعلام ومكنون الفرد، ما عدا نظرية ترتيب الأولويات، واصفاً إياها بأنها نظرية هلامية من الناحية المنهجية ولديها عيوب كبيرة، والمعالجة فيها ضعيفة، على رغم أنها تلاقي رواجاً وإقبالاً هائلاً من الباحثين.وفي المحاضرة، لفت الحقيل إلى أن ما دفع العالم للافتراض أن وسائل الإعلام ذات تأثير قوي، هو عدم التفكير في تعقيدات قياسات العملية الإعلامية عندما نشأ بشكل قلق كعلم وكممارسة في الحرب العالمية الثانية. مضيفاً أن هذا الافتراض لاقى استحسان السياسيين والإعلاميين والأكاديميين ورجال المال، وجميعهم تلقوا هذا التصور وآمنوا به لفترة طويلة، لأنهم منتفعون منه.وفصّل في ذلك، وقال إن السياسيين يريدون أن ينفذوا عبر وسائل الإعلام إلى شعوبهم وإلى مريديهم، كما أن وكالات الإعلان تريد أن تكون وسائل الإعلام قوة تخدم أهدافهم الاقتصادية والاستثمارية. قبل أن يضيف أن الأكاديميين أيضاً لهم مصلحة في أن يروا وسائل الإعلام مؤثرة، لأن ذلك سينعكس على أهمية تخصصهم وما يقوموا به من أعمال أكاديمية كثيرة، ولذا تفاعل الغالبية منهم مع التأثيرات الإعلامية على أنها نتيجة أكثر من فرضية، وانطلقوا يبحثون في الدلائل التي تؤكد النتيجة وليس البحث في قبول الفرضية أو رفضها. فأنشأت أقساماً وكليات للإعلام، كان مبرر تأسيسها أن وسائل الإعلام ذات قوة هائلة، وبالتالي لا بد من السيطرة عليها وتنظيمها وتطويرها عبر تحويلها من ممارسة مهنية عفوية إلى ممارسة مقعدة على شروط ومعايير وقواعد منضبطة، أي تحويل الممارسة الإعلامية من فن إلى علم عبر توثيق الممارسة وأنماطها، بما يسمح بتدريسها وتداولها وتطبيقها وتطويرها.وناقش الحقيل هل الإعلام مؤثر حقاً؟ وهل تأثيره الحقيقي يتفق مع ما تقوله أدبيات التأثير تلك، وما تصفه البحوث وما تشرحه نظريات الإعلام؟ قبل أن يجيب أن ذلك يحتاج تأملاً منهجياً. وقال إن التأثير في أبسط صوره يتطلب أن يكون لدينا متغير مستقل وتابع في حالة صفرية، بحيث يتحرك فيها المتغير المستقل تحركاً يحدث حركة أخرى في متغير تابع، ثم بعد ذلك نتأكد أن الحركة التي تحدث في المتغير التابع هي فعلاً ناتجة عن حركة المتغير المستقل، مؤكداً أن إثبات ذلك عملية صعبة جداً إن لم تكن مستحيلة، لأن العملية الإعلامية تتكون من حلقات منفصلة هي المرسل والوسيلة والجمهور، وكلها كتل مستقلة، وبالتالي لا نستطيع من الناحية المنهجية أن نقول إن هذا المتغير أثر على ذك المتغير.