يرى الخبراء أن استضافة مصر لمؤتمر دول التكتل الافريقي الكوميسا هي نقلة جديدة فى الاقتصاد المصري ستفتح آفاقا جديدة اقتصادية وصناعية وزراعية لتكون نواة جديدة نحو مستقبل اقتصادي افضل من كل النواحي ويساعد على استعادة شريان طالما فقدناه طول 40 عاما مضت ، كما يرون ايضا أن سياسة الرئيس عبدالفتاح السيسي ستكون هي الباب نحو استعادة الحليف الاستراتيجي الذي ساندناه خلال ثورات تحرره فى الخمسينيات والستينيات وحان الوقت للاستفادة من هذه العلاقات التاريخية في ظل سوق يتمتع بمواد خام وفيرة وأيدي عاملة وأراض شاسعة تتمتع بتربة خصبة . الدكتور سعيد عبد العال عميد كلية التجارة جامعة الأزهر يرى أن عودة مصر للكوميسا تمثل نقلة على المستويات الزراعية و الصناعية كما سيساعد على مواجهة التحديات و التكتلات العالمية خاصة ان افريقيا زاخرة بالمواد الخام والثروات الطبيعية ولديها القدرة والعوامل التى تساعدها على النهوض منها وفرة الايادى العاملة و الارض الممتدة الواحدة بين دول القارة التى لا تفصلها عوامل طبيعية تسهل من انشاء طرق برية و مواصلات سريعة تسهل من عملية انتقال الاشخاص و البضائع بين دول القارة. وأشاد في الوقت ذاته بالتكامل بين مصر والسودان خلال الفترة الماضية وبمخطط اعتماد مجموعة من المنافذ البرية , وخصوصا ان السودان امتداد المدخل الجنوبى لمصر للعبور إلى افريقيا . واقامة المشروعات الصناعية والزراعية وتدريب الايادى العاملة الافريقية وتعتبر مصر سوقا كبيرا لكثير من الدول الافريقية و ايضا منفذا للدول الافريقية نحو الشمال لتصريف البضائع والتنقل . فرق الدكتور عبد الصمد الشرقاوى رئيس المركز العربى للتنمية البشرية ، بين عهد جمال عبد الناصر و مصر الآن، مشيرا إلى أنه فى عهد عبدالناصر كان يستقبل مجموعات من شباب افريقيا ويتدربون فى مختلف الكليات العسكرية المصرية بحرية، جوية، دفاع جوى وايضا الكليات العلمية والنظرية ويقدم منحا لهم فى الجامعات، الاسكندرية، والقاهرة، عين شمس بالاضافة الى دور شركات النصر للاستيراد والتصدير فى افريقيا من تسويق المنتجات الصناعية فى فترة ازدهار الصناعات المصرية كالثلاجات، البطاريات البوتوجازات،السيارات، الجرارات،الأدوات الزراعية ، كما كانت المخابرات المصرية تنتقى العناصر الوطنية فى افريقيا لمساعدة دولهم على التحرر . واوضح الشرقاوى ان العلاقات التى تحكم دول افريقيا بمصر تتركز على المصالح المتبادلة وخصوصا بين دول حوض نهر النيل , تحاول بعض الدول الاستعمارية ان تضر بحصة مصر من مياه النيل مع الدول النيلية و تشكك فى اتفاقيتى 1919 , 1959 لتنفيذ مخطط يقوض مصر واتخاذ قرار أممي ضدها فى حال تمسك مصر بحقها . وأضاف رئيس المركز العربى للتنمية البشرية أن القيادة المصرية الحالية ،أدركت أهمية التكتلات مع الدول الافريقية وانشاء تجارة حرة بين الدول الافريقية , و ازالة المعوقات الجمركية بين 25 دولة افريقية حيث يمثلون 630 مليون نسمة بناتج محلى 1,2 تريليون دولار نستطيع من خلال التعاون أن يتضاعف الناتج المحلى مع الاستخدام الصحيح للكنوز و الثروات الافريقية التى لم تستغل , لكى يستفيد بها أبناء هذه الدول أيضا الركائز الموجودة فى هذه الدول مثل وفرة المياه والاراضى الخصبة مما نستطيع أن نوفر القمح للدول الافريقية ونبنى بنية تحتية صناعية تحيي القومية الافريقية، و تغرى دولا افريقية اخرى تدخل فى هذا التكتل الشرقى جنوبى افريقى , بالاضافة إلى التعاون مع دول الكوميسا لاقامة مصالح اقتصادية ومشروعات استثمارية وترويج للسلع حسب الاتفاقيات , نستطيع أن ينمو الاقتصاد الافريقى نموا سريعا، و الارادة السياسية المصرية مهتمة بافريقيا لدرجة دعت الى عقد مؤتمر اقتصادى افريقى فى اكتوبر القادم . و يؤكد ان مصر تبنى قاعدة علمية واقتصادية قوية مع الدول الافريقية من خلال القرارات التى نبعت من مؤتمر التكتل الافريقى بشرم الشيخ ومن اهمها اقامة خط سكك حديدية بين القاهرة و كيب تاون بجنوب افريقيا أى من شمال القارة الى جنوبها لتسهيل نقل التجارة والحضارة والسياحة وتوثيق الروابط بالاضافة الى الخط البحرى وهذا سيشجع دول افريقية اخرى للانضمام الى التكتل الافريقى وسيذوب الخلافات بين الدول ويرسى السلام العالمى حسب مبادئ ميثاق الاممالمتحدة . يصف محمد سعد خير الله مؤسس الجبهة الشعبية ، فترة حكم مبارك فى البعد عن افريقيا و خصوصا بعد حادث اديس ابابا عام 1995 بانه خطأ استراتيجى كارثى تسبب فى مشكلات عديدة منها مياه نهر النيل و استغلال بعض الدول اهمها اسرائيل حالة الفراغ و التقاطع الاقتصادى لتتبنى اجندات معادية ضد مصر مع الدول الافريقية لممارسة ضغوط سياسية و تحقيق مكاسب و شاهدنا تفاهمات بين اسرائيل و اثيوبيا والمساعدة بالرسومات الهندسية لبناء سد النهضة . ايضا تدخلت مصر فى الصراعات الداخلية للدول الإفريقية وتورطت فى زرع الكرة وتوسيع الخلافات بين ابناء الشعب الواحد وحصدت مصر من الملف الافريقى العطش ، ويرى ان الرئيس عبد الفتاح السيسى يحاول اصلاح ما افسده النظام الاسبق من خلال فتح الباب الافريقى و احتواء الافارقة و العمل على التعاون الاقتصادى البناء بهدف اقامة تكتلات بين دول القارة فى ظل عالم حر لتحقيق منافع مشتركة و قد اوضح ذلك من المؤتمر الاقتصادى الافريقى بتوقيع مذكرة تفاهم بين 25 دولة افريقية على اتفاقية التجارة الحرة تمهيدا لانشاء السوق الافريقية المشتركة و وضعت آليات حقيقية تنفذ على ارض الواقع . و يشير ان الحقائق التاريخية فى استراتيجية محمد على اثبتت ان امن مصر الجنوبى يبدا من اثيوبيا و اوغندا و ايضا ادركها الرئيس عبد الناصر فهى البعد الأمنى لمصر . و اوضح ان العالم الآن مبنى على تكتلات اقتصادية اهمها تكتل بريكس حيث يتكون من 10 دول الاكثر معدلات النمو الاقتصادي فى العالم تستطيع فى سنوات قليلة أن تسيطر اقتصاديا على التجارة العالمية . ويوضح الدكتور محمد على نوفل رئيس قسم اللغات الافريقية بمعهد البحوث والدراسات الافريقية بجامعة القاهرة أهمية افريقيا فهى كانت دار هجرة اولى لصحابة الرسول صلى الله عليه و سلم حيث استقبلهم ملك الحبشة و وجدوا عنده الملاذ الآمن , و فى العقد الثانى للهجرة النبوية دخل الاسلام افريقيا و تقبلته شعوبها وكان الرابط المتين بين العرب و افريقيا، و اليوم يمثل العرب ثلث سكان القارة وتنتشر اللغة العربية فى كثير من الدول الافريقية بجانب لغتهم المحلية . و يضيف رئيس قسم اللغات الافريقية ان الحياة السياسية دعت الى تعزيز التعاون بين العرب و افريقيا لخدمة مصالح الطرفين خصوصا بعد فترة التحرر من الاستعمار يساعدها فى ذلك القرابة و التشابة و التشابك بين اللغات الافريقية واللغة العربية تجسد واقعا تاريخيا وجغرافيا . ولذا نحن نريد ان تكون قارتنا الافريقية مسكونة بالحضارة الافريقية لا نريدها ان تكون قارة جغرافية تحمل الاسم فقط كما هو الحال بالنسبة لأمريكا، و حتى ننشئ الحضارة الافريقية لابد من التعاون و اقامة تكتلات اقتصادية نستطيع بها ان ننهض بالحضارة الافريقية و تفيق من الصدمة الاستعمارية الذى حاول ان يذوب الهوية الافريقية بما يسمى الفرانكفونية او الانجلوفونية , ان التحرر السياسى يبدأ بتعزيز المرتكزات الثقافية والحضارة الفكرية . ويرى ان مصر ارتبطت بقارتها الافريقية منذ العصور حيث عانت مصر من الاستعمار وهو ما جعل مصر تشارك قارتها وحدة التاريخ النضالى و بالتالى بناء المستقبل والمصير معا . وليس غريبا ان اقول أن اهل الساحل مولعون بسماع القرآن الكريم من الشيخ عبد الباسط و الحصرى و غيرهم من مشايخ القراء المصريين و ايضا تأثير الثقافة المصرية عليهم خاصة وعلى افريقيا عامة بسماع الغناء المصرى من أم كلثوم وعبد الوهاب فهذا تأثير وجدانى حضارى مصرى فى افريقيا .