أصدرت المحكمة العليا بجنوب إفريقيا، أمرًا بعدم مغادرة الرئيس السوداني عمر البشير جنوب إفريقيا، لحين النظر في القضايا المطلوب فيها دوليًا، بعد أن طلبت المحكمة الجنائية الدولية، الدول الأطراف "الوفاء بالتزاماتها بتنفيذ مذكرتي التوقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، أثناء مشاركته بقمة جوهانسبرج". وتتهم المحكمة الجنائية الدولية البشير، بالضلوع في النزاع الدائر منذ عام 2003 في إقليم دارفور، والذي أسفر عن مقتل 300 ألف شخص حسب تقارير للأمم المتحدة، حيث انتهت توصيات لجنة تقصي دولية، إلى أن انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان مستمرة في دارفور، وأن نظام العدالة السوداني غير مستعد وغير قادر على التصدي لهذه الجرائم، وملف دارفور هو أول وضع يُحال من مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية الدولية. وكان مجلس الأمن، أحال قضية دارفور في 2005 إلى المحكمة الجنائية، حيث واجهت البشير ب5 تهم تحت بند "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية" و3 جرائم تتبع بند "الإبادة" وتهمتي "جرائم حرب". وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 2009 و2010، مذكرتي جلب بحق الرئيس السوداني حسب معاهدة روما، التي أنشأت هذه المحكمة، ولم يوقع عليها السودان. وفي 9 مارس الماضي، سلمت محكمة الجنايات الدولية ملف الرئيس السوداني عمر البشير لمجلس الأمن، بعد رفض الخرطوم تسليمه بناء على مذكرتي جلب بتهم إبادة وجرائم حرب في دارفور غرب السودان. وفي تقرير لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" في 2009، أفادت بحسب ريتشارد ديكر مدير برنامج العدل الدولي في "هيومن رايتس ووتش"، بأن إثبات اتهامات الإبادة الجماعية أمر صعب للغاية، لكن الرئيس البشير ليس بمعزل عن المحاسبة، إذ أنه مطلوب للعدالة في تورطه في جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، تشمل الاغتصاب على نطاق موسع، والقتل والتعذيب ضمن مخطط الحكومة. وقال مايكل كلوج، الذي عمل مديرًا لبرنامج إفريقيا في مجلس العلاقات الخارجية، في الفترة بين 1987 وحتى عام 1996، في مقال له بصحيفة "لوس أنجلوس تايمز"، ترجمته جريدة "الرياض"، إنه لا توجد هناك تقديرات موثوق بها عن عدد الأشخاص الذين فقدوا حياتهم في دارفور، بما في ذلك الذين قتلوا في اعتداءات، أو الذين قضوا نحبهم بسبب الأمراض أو سوء التغذية، لكن يمكن أن يصل عددهم إلى 200 ألف شخص. وأضاف كلوج، أنه بدأ السماع عن دارفور بعد أن بدأت منظمات حقوق الإنسان في القول، إن مئات الآلاف من المدنيين يطردون قسرًا من قراهم، في أوائل 2003 عندما تم تسليح قبائل بدوية تعرف ب"جنجويد"، ولفت إلى أن ما حدث في إقليم دارفور لم يلفت الانتباه إلا في ديسمبر 2003، عندما حذر مسؤولو الأممالمتحدة لشؤون الإغاثة، من كارثة إنسانية وشيكة الحدوث في الإقليم، وبعد أن أفادت منظمتا "أمنستي انترناشونال" و"هيومان رايتس ووتش" لمراقبة حقوق الإنسان، بأن مليشيات "جنجويد" تنفذ عمليات قتل وتشريد للقرويين في الإقليم بتنسيق مع الحكومة السودانية. وحثت المنظمتان، الأممالمتحدة والولايات المتحدة ودول كبرى أخرى، على ضرورة ممارسة ضغوط على الحكومة السودانية، لمنع تلك الاعتداءات وتوفير مواد إغاثة للنازحين في مخيمات تشاد، غير أن المحاميين والباحثين في منظمة "هيومان رايتس ووتش"، وربما في منظمة "أمنستي انترناشونال"، توصلوا إلى استنتاج بأن أحداث دارفور لا ترقى إلى كونها إبادة جماعية، لعدم وجود أدلة وبراهين دامغة على وجود نية للإبادة التامة أو الجزئية، ضد مجموعات سكانية وطنية أو عرقية أو دينية معينة وغيرها، طبقًا لتعريف وصف الإبادة الجماعية في القانون الدولي.