أكد مستشار شيخ الأزهر للحوار الدكتور محمود عزبعلى ضرورة العودة إلى أصل الإسلام،أي القرآن الكريم،لفهم الخطاب الديني وصورتهالمعاصرة .. مشيرا إلى أنه من أهم ملامح الخطاب القرآني أنه يعترف بالاختلافوالتنوع باعتبارهما سنة إلهية لا يمكن تبديلها، كما يجعل من الحوار وسيلة للتعايشبين المختلفين.وقال عزب - خلال ندوة منتدى الحوار التي عقدت بمكتبة الأسكندرية بعنوان قراءةفي الخطابات الدينية المعاصرة - إن الخطاب القرآني له مستويات ثلاثة، فهناكخطاب موجه إلى الإنسانية عموما، وآخر موجه إلى أهل الكتاب، وخطاب موجه إلىالمسلمين، منبها إلى ضرورة التفريق بين هذه المستويات وعدم الخلط بينها.وأكد أن عظمة الحضارة الإسلامية ارتبطت بتنوعها وثرائها الداخلي وانفتاحالمسلمين على غيرهم من أصحاب الثقافات والديانات الآخرى، كما وضع الإمام أبوحنيفة أسس حق الاختلاف بقوله إن أعلم الناس هو أعلمهم باختلاف الناس.وفيما يتعلق بحال الخطاب الديني في مصر ، أوضح مستشار شيخ الأزهر للحوار أنالخطورة تكمن في سيادة الرؤية الأحادية والفكر الإقصائي؛ ملمحا إلى أنه رغم تراجعدور الأزهر في العقود الأخيرة، إلا أنه لازال الضمان الوحيد للفكر المعتدلوالوسطي والمنفتح على الآخر.وأشار إلى أن تراجع الأزهر كان انعكاسا لتراجع دور مصر كلها وتدهور أوضاعها،كما كان هذا لصالح تيارات مذهبية من داخل مصر وخارجها عمدت إلى تهميشه من أجلسيادة خطاب ديني دخيل على الثقافة المصرية.وقال إنه قد نشأ أزهر جديد منذ ما يقارب العام يعمل على تدارك الأوضاع ويحاولجديا تصحيحها وتجديد نفسه ذاتيا وذلك باتخاذ عدة خطوات في سبيل إصلاح التعليمالأزهري، وإقامة حوار فكري شامل مع مختلف التيارات الدينية والسياسية والفكريةالموجودة في مصر لمناقشة مستقبل البلاد ومحاولة بناء رؤية متكاملة في هذا الإطار.ولفت إلى مبادرة بيت العائلة المصرية التي أسسها الدكتور أحمد الطيب؛ شيخالأزهر، وتضم رؤوس الكنائس المسيحية في مصر، والتي تهدف إلى بناء مصر قوية وقادرةمن خلال خطاب ديني تقدمي لا يقصي أحدا.ومن جانبه ، أوضح نائب بطريرك الأقباط الكاثوليك بالقاهرة الأنبا يوحنا قلتهأن مفهوم الخطاب الديني الذي يتمثل في خطب الجمعة أو مواعظ الأحد أو الدعوةالدينية يشير إلى الخط الواصل بين الله والإنسان، والحلقة الجامعة بين النصوصالمقدسة والعقل البشري .. منوها إلى أن القائمين على هذا الخطاب هم أصحاب رسالةلا مهنة.وعدد ملاحظاته على الخطاب الديني المسيحي والإسلامي الحالي في مصر؛ والتي تشملتسييس النص الديني وإقحامه في كل شأن، واستقطاع النصوص الدينية لخدمة أهدافوقضايا معينة دون العمل بها، واختفاء الدعوة إلى الكلمة السواء وبناء الإنسان،واتسام الخطاب الديني بكونه صدى للعصور القديمة دون تجديد وإبداع، وغياب قيمةالإنسان، فلايوجد اهتمام لدى القائمين على هذا الخطاب بحياة البشر ومعيشتهم رغمأن الأديان جاءت لخدمة الإنسان وليس استعباده.وشدد على ضرورة تنظيف الذاكرة المصرية مما علق بها من شوائب، مع فتح بابالاجتهاد دون أن يدعي طرف امتلاك الحقيقة، إضافة إلى التركيز في الخطاب الدينيعلى أبعاد الإنسان المختلفة؛ خاصة البعد الجمالي، وأن يهدف الخطاب إلى إشاعةالاعتقاد بالله لذاته، وتمثل القيم الإنسانية المشتركة والاعتراف بالآخر وبوجودهوحقه في التعبير عن هويته، كما دعا إلى ضرورة تجديد التفسيرات القديمة والمتراكمةللنصوص المقدسة دون مساس بهذه النصوص.وأكد الأنبا قلته، في معرض رده على مداخلات الحضور، أن حوالي 90\% من دخلالكنائس خاضع لإشراف الدولة، بينما الباقي يتمثل في النذور والتبرعات التي تأتيللكنيسة، كما أن أغلب أوقاف الكنائس هى هبات من المسلمين .. مضيفا أن الدولة لاتدفع رواتب القساوسة ولاتبني الكنائس أو تسهم في صيانتها ، مشددا على أن الكنيسةليست ضد الدولة، ومصر فوق كل شيء.وأدان ما تردد على لسان أحد رجال الدين المسيحي من أن المسلمين ضيوف على مصر ،مؤكدا أن الأقباط يعيشون في حمى الله وفي حمى إخوانهم من المسلمين .. ورأى أنهعلى المسلمين في العالم أن يتحملوا النقد الذي يوجهه قلة من المتطرفين للدينالإسلامي وأن يعملوا على تصحيح صورة الإسلام بأنفسهم دون الاكتفاء بالشكوى من هذاالهجوم الذي عده متناسبا مع عظمة الدين ورسوخه، فالشجرة المثمرة هى التي تقذفبالحجارة.ودافع عن الأزهر الشريف في مواجهة النقد الذي يتعرض له، قائلا إنه جوهرةونعمة لمصر ومدرسة الأجيال والتاريخ ومنارة الشرق، مطالبا بمساندته لاستعادةدوره، واختتم حديثه بالإشارة إلى انتهاء فكرة دار الإسلام ودور غير المسلمين؛ إذأن العالم أصبح أسرة واحدة، كما أن العقل البشري لا يحتمل التمزق.