باستكمال الانتخابات البرلمانية القادمة نكون قد أنجزنا خارطة المستقبل التى بدأت مع إعداد الدستور وانتخابات رئاسة الجمهورية، ولكن مازالت النخبة السياسية متشككة من فاعلية البرلمان القادم ومن تسلط السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية خصوصا أن بشائر البرلمان تشير إلى ضعف المعارضة وأنه لن يكون لها ظهير فى ظل تشكيل الحكومة بموافقة أغلبية أعضاء البرلمان. بالتأكيد المواطن فى الشارع لا يهمه من المرشحين شيئا لأنه تعود أن المعركة الانتخابية البرلمانية، مجرد صراع على سلطة أونفوذ أو حصانة، لأنه يرى أنه ليس من المعقول أن ينفق مرشح برلمانى ثمن دعاية كما اقرت اللجنة العليا للانتخابات500 ألف جنيه غير المبالغ الخفية، دون أن يكون متأكدا - أى المرشح- أنه سيعوض أضعاف هذا المبلغ فورجلوسه تحت القبة, ولم نرَ برنامجا طموحا ينتشل المواطنين من حالة الفقر والغلاء التى أصبحت هى القاعدة فى كل ربوع مصر. يرى شهاب وجيه القيادى بحزب المصريين الأحرار أن دورالبرلمانى هو معرفة احتياجات الشارع، مؤكدا أن هذا ما يقوم به الحزب قائلا: نحن فى حزب المصريين الأحرار لدينا شباب قادرون على حل المشكلات التى تواجه المواطن فعند حدوث أزمة الأنابيب استشعرنا خطر المشكلة وتكلمنا مع رؤساء الأحياء التى فيها مقرات لحزبنا وقمنا بتوزيع الانابيب بالاشتراك مع الحى حتى لا يحدث تكدس واحتكاك بين المواطنين، وأيضا قمنا بحملة لجمع القمامة بالزيتون ومشاركة الاهالى فى تنظيف مناطقهم بالاضافة إلى أننا نقوم بتوعية المواطنين بضرورة المشاركة فى انتخابات البرلمان وأهمية دور البرلمانى الذى سيمثلك فى تحديد مستقبلك, فمن هنا نرجع الى اهمية العمل المجتمعى ونشر الأمن فى الشارع فمن الصعب ان تقوم الدولة بكافة الاحتياجات. وأضاف أن الحزب لديه مشاريع وخطط تستطيع أن تنهض بمصر اقتصاديا واجتماعيا, فالدكتور نصر الدين علام لديه بحث عن كيفية حل أزمة سد النهضة مع إثيوبيا وأيضا الكابتن زكريا ناصف لديه برنامج طموح لكيفية النهوض بالرياضة وهو من مرشحى الحزب عن دائرة المعادى فالمرشح للبرلمان لابد ان يكون لديه خطة ممنهجة طموحة, لكى يعرضها على اهالى منطقته حتى يثقوا فى المرشح البرلمانى الذى يمثلهم. فيما وصف الدكتور محمد السعيد إدريس رئيس لجنة الشئون العربية فى البرلمان المنحل، قانون الانتخابات البرلمانية بأنه ضعيف متسائلا: ما الذى يجبرنا على قانون مباشرة الحقوق السياسية والدوائر الانتخابية الأربع الواسعة؟، مؤكدا أن هذه الأمور وغيرها تعتبر عوامل تؤدى الى برلمان اقصائى غير ديمقراطى فرض علينا, مؤكدا أن هناك حالة ترقب للانتخابات البرلمانية القادمة وأنه لم يشهد فى حياته تشتتا سياسيا مثل المرحلة التى نمر بها . واضاف ان البرلمان القادم سيفشل ويتفتت وستسيطر عليه سطوة المال والنفوذ والفلول وسيكون عديم التأثير ومخوخا مثلما كان مجلس الشعب الماضى "مجلس قطط". واعتبر إدريس أن ضعف البرلمان يفسد فكرة عمله من الأساس، لأن دور النائب الحقيقى هو إعادة النظر فى القوانين التى اصدرها الرئيس، وفى حال كان البرلمان ضعيفا مثلما هو متوقع فإن السلطة التنفيذية ستطغى على السلطة التشريعية وسيصبح البرلمان غير فعال . وطالب الناخبين بضرورة الوعى فى المرشح البرلمانى الذى يختارونه فالنائب دوره تشريعى وليس خدميا شخصيا, فلا نريد طلبات شخصية تقدم للعضو البرلمانى, بل نريد برلمانيا مؤهلا لخدمة المصلحة العامة وليست الشخصية . فيما ركز الدكتور مجدى عبد الحميد رئيس الجمعية المصرية للنهوض والمشاركة المجتمعية على أهمية الرقابة على انتخابات البرلمان لضمان وصول الصوت الصحيح لمرشح البرلمان من الناخب داخل دائرته فهى جزء مكمل للارادة الشعبية التى تصون عملية اختيار المرشح . واعتبر ان المحاسبة أحد اوجه النزاهة الهامة فالانتخابات فى نهاية المطاف ماهى إلا الوسيلة التى يتمكن المواطنون من خلالها من محاسبة ممثليهم المنتخبين . وشدد عبد الحميد على أن الشعب يريد أن يتحقق أن الاموال العامة تدار بما يتماشى مع القانون والضوابط واذا ما كانت الادارة الانتخابية التى انتخبها الشعب تحقق النتائج المرجوة منها. . وهو ما أكده الدكتورعادل عامر مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية الذى قال إن دور الناخب لا ينتهى عند الإدلاء بصوته فى صناديق الانتخابات البرلمانية، بل يتعدى ذلك إلى متابعة أداء النائب الذى اختاره سواء داخل البرلمان أو خارجه. فالعبرة بالأفعال لا بالأقوال، ولابد أن نقيم أداء النائب بأعماله قياسًا على أقواله وعلى برنامجه الانتخابى الذى طرحه قبل انتخابه. ومن المعلوم أن لكل نائب مقراً خاصاً به يلتقى فيه بأبناء دائرته لحل مشاكلهم أو لتوصيل صوتهم إلى حيث يريدون وربما لمناقشة الأمور العامة التى يمكنه عرضها على البرلمان من أجل المصلحة العامة، ومناقشة أدائه، وطرح أفكار ومقترحات قد تسهم جدّيًا فى الارتقاء بأدائه البرلماني. وعلى الناخب ان يثق أنه لن يغلق الباب فى وجهه لأنه ببساطة إن كان قد فاز بصوتك بالفعل ودخل البرلمان فإنه حتمًا سيحتاجك فى الدورة التالية. وشدد عامر على ضرورة ألا نحكم على النائب بالفشل عندما ترفض مساهماته أو عندما لا يؤخذ بمقترحاته وذلك لأن الأمور داخل البرلمان يحكمها قانون الأخذ برأى الأغلبية، وقد يكون رأيه أو اقتراحه لا يصب فى اتجاه المصلحة العامة وبذلك يكون له العذر وعلى أهالى الدائرة التعاطى الفعال والإيجابى مع نائب البرلمان حتى وإن لم تكن قد أعطيته صوتك مسبقاً لأن مآل الأمور فى النهاية تحكمه المصلحة لأبناء الدائرة وللوطن. وحتماً ستعود الإيجابيات عليك أنت ومن حولك بالنفع من خلال الارتقاء بالخدمات العامة من صحة وتعليم وتشغيل وتوسع فى الإنتاج الزراعى والصناعى وتحسّن فى الأداء العام للجهات الخدميّة، وليكن فى حسبانك أيضاً أن جميع هذه الإنجازات تحتاج وقتاً لتظهر نتائجها على الأرض . ويوضح عادل عامر ان الدستور ألزم عضو البرلمان بتقديم إقرار ذمة مالية، عند شغل العضوية، وعند تركها، وفى نهاية كل عام.. وإذا تلقى هدية نقدية أو عينية، بسبب العضوية أو بمناسبتها، تؤول ملكيتها إلى الخزانة العامة للدولة.. وكل ذلك على النحو الذى ينظمه القانون. كما تحدد مواد الدستور أنه لا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التى اُنتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها. ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من مجلس النواب بأغلبية ثلثى أعضائه.. ويقبل مجلس النواب استقالة أعضائه، ويجب أن تقدم مكتوبة، ويشترط لقبولها ألا يكون المجلس قد بدأ فى اتخاذ إجراءات إسقاط العضوية ضد العضو.. ولا يُسأل عضو مجلس النواب عما يبديه من آراء تتعلق بأداء أعماله فى المجلس أو فى لجانه.. ولا يجوز، فى غير حالة التلبس بالجريمة، اتخاذ اى إجراء جنائى ضد عضو مجلس النواب إلا بإذن سابق من المجلس. فيما أكد الدكتورعبد الله المغازى استاذ القانون الدستورى وعضو البرلمان السابق على اهمية مشاركة الشباب فى الانتخابات البرلمانية القادمة ودعا الاحزاب إلى اعداد كوادر شبابية لأن الخبرة تجىء مع الممارسة السياسية فرئيسا وزراء انجلتراوايطاليا لم يتعديا 38 عاما ولم يشترط لهما خبرة, والبعد عن المرشح الجاهز. وانتقد الدولة عدم تقديمها للشباب حيث إن 60% من سكان مصر شباب فإذا اردت ان تبحث عن الذهب والماس لابد أن تحفر الى باطن الارض وانما الدولة لا تريد ان تتعب فتستخرج الحديد من فوق الأرض وبالتالى يصبح فالصو . واكد ان المادة244 فى الدستور تحدثت عن تمثيل الشباب والمسيحيين وذوى الإعاقة ولا يوجد مثل ذلك فى برلمانات العالم وانما أردنا أن نجامل بعض الاعتبارات الاجتماعية. وطالب المغازى الدولة بإنشاء مركز إعداد لتدريب اعضاء البرلمان مثلما يحدث فى الولاياتالمتحدةالامريكية وأن يكون للنائب 3 مساعدين، معتبرا أن البرلمان القادم قائم على التكتلات وبالتالى سيسهل تفتيته عندما تختلف المصالح وان 95% من لائحة مجلس الشعب مخالفة للدستور . فيما يرى عصام شيحة عضو الهيئة العليا للوفد أن البرلمان القادم هو الأخطر منذ عام1866 مع تقلص سلطة رئيس الحمهورية من سلطاته وهو انعكاس لموازين القوى فى الساحة السياسية. وأضاف شيحة أنه لدينا 94 حزبا سياسيا, منها 10 أحزاب نخبة, هذه الأحزاب برامجها متشابهة والباقية أحزاب صغيرة, معتبرا أننا فى مصر لسنا بحاجة الى كل هذة الأحزاب فحزب يسارى, وليبرالى, واشتراكى, وقومى وكل الأحزاب تشترك فى القومية, أمر يضر بالحياة السياسية فى مصر. من جانبه حدد الدكتورعلى الصاوى استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة معايير وطرق الاتصال بين البرلمانى والمواطنين، بان تكون هناك قنوات اتصال مباشرة وغير مباشرة تسهل الوصول للعضو البرلمانى من خلال مؤشرات أهمها اتاحة مضابط البرلمان للجمهور ليطلع عليها ويتعرف على اداء نائبه ومدى التزامه بوعوده الانتخابية وبرنامجه الذى وعد به، وأيضا إعلان عمليات التصويت داخل المجلس حتى يعرف المواطن مواقف ممثليهم الحقيقية ويتيقن الرأى العام من صحة انعقاد الجلسات وسلامة القرارات وعمليات اعداد وسلامة القوانين ولهذا تتجه البرلمانات المعاصرة الى التصويت الالكترونى وتسجيل نتائج التصويت على شاشة مكبرة داخل المجلس بالاضافة الى امكانية عمل زيارات وجولات داخل البرلمان ولاسيما للطلاب والشباب دون تدخل أو تأثير على سير الجلسات وكلما نقل البرلمان ما يقوم به من اعمال للمواطنين يدل الأمر على جدية تمثيل لهم. وتتجه البرلمانات المعاصرة الى تخصيص برامج وقنوات للبث المباشر لأعمال البرلمان كما فى ايطاليا وأمريكا والهند والكويت وقد استخدمت مصر مؤخرا هذا الأمر حتى يحدث تفاعل وتعبير عن الرأى العام, مشيرا أيضا إلى أهمية الأحزاب وجماعات المصالح المنظمة والمشروعة مثل مراكز الابحاث والجامعات والتى تزود البرلمان بالمعلومات وما يحتاجه من مبادرات فكرية ومن خلالها تستطيع الوصول الى البرلمان والتأثير فى السياسات العامة بالتواصل مع المواطنين . ويشير الصاوى إلى أنه كلما زاد عدد الاجتماعات المفتوحة كان ذلك دليلا على جدية تمثيل البرلمان للمجتمع واكثر تفاعلا واكثر كفاءة فى عملية صنع القوانين والرقابة على الحكومة ومحاسبتها ومكافحة الفساد ومساءلة الموظفين العموميين وسوء الادارة فى اعمال الحكومة واساءة استخدام السلطة وإهدار نفقات المال العام وهنا تكمن الأهمية القصوى للعضو البرلمانى والبرلمان عامة.