في عام 1963 ظهر للنور واحد من أجمل اأفلام السينما المصرية، وهو«عروس النيل» من بطولة لبنى عبدالعزيز، ورشدي أباظة، وعبدالمنعم إبراهيم، وإخراج فطين عبدالوهاب. ويحمل الفيلم طابعا خفيفًا كوميديًا ومناظر ساحرة وفقًا لطبيعته التي تحدثت عن الحكم الفرعوني والآثار القديمة وجمال مدن الصعيد التي تتميز بسحرها الخلاب. خلال أحداث الفيلم يذهب « سامي» إلى الأقصر لمتابعة عمليات التنقيب عن البترول، لكن الأهالي تحاول منعه على أساس أن المنطقة كانت تستخدم كمقبرة لعرائس النيل في عهد الفراعنة، وحذره الدكتور «حسن» عالم الآثار من أن لعنة الفراعنة ستسقط عليهم لو بدأت البريمة في الحفر، لكن «سامي» يرفض تلك التحذيرات معتبرا أنه لا يوجد شيء يدعى لعنة الفراعنة، وهنا تظهر «هاميس» ابنة آتون إله الشمس وآخر عروس نيل، كي تمنع انتهاك حرمات مقابر عرائس النيل، وإلا سيصاب «سامي» بلعنة الفراعنة. كل ما سبق قصة كوميدية خيالية كانت فكرة لبنى عبدالعزيز، وقصة فائق إسماعيل، لكنها تحولت خلال تصوير الفيلم إلى حقيقة واقعة، عايشها أبطال الفيلم الذين لم يكونوا يؤمنون بما يطلق عليه «لعنة الفراعنة». «مكنتش بآمن بلعنة الفراعنة بس بعد الفيلم آمنت بيها».. هكذا تحدث الفنانة لبنى عبدالعزيز بصوت ضاحك في تصريحات خاصة ل«المصري لايت»، مؤكدة أن صناع هذا الفيلم أصابتهم لعنة الفراعنة طوال مدة تصويره. ومنذ أن فكرت «لبنى» في فكرة الفيلم يبدو أن اللعنة أصابتها فعلاً، على حد قولها، حيث دخلت المستشفى بعد قيام المنتج بحجز الاستوديو وأصيبت بالتهاب في الرئة وتدهورت حالتها الصحية، وكان الأطباء يرفضون دخولها التصوير، لكنها أصرت حتى لا يخسر المنتج أمواله. ظل استوديو التصوير معلقًا لمدة شهرين كاملين في انتظار تحسن حالة «لبنى»، إلى أن قررت بدء التصوير رغم مرضها الشديد، لكن طبيبها أصر على ملازمة أحد مساعديه لها أثناء التصوير من أجل الاطمئنان على حالتها صحتهادائم. ومن يرى «هاميس» وهي «بتتنطط» من مكان لآخر في الفيلم، وتنادي بصوت رقيق: «يا بتاع الجاز.. يابتاع الجاز»، لا يعرف أنها كانت تترك سرير بجوار «الكاميرا» حتى تنتهي من تصوير مشاهدها، فتذهب مسرعة كي تستريح قليلاً من جم إرهاقها وتعبها. تعطل تصوير الفيلم أكثر من مرة بسبب مرض«لبنى» الشديد، والذي تقول إنه من أشد حالات المرض التي أصابتها في حياتها، لذلك توقف التصوير لمرات عديدة، وكلما بدأ يتوقف ثانية بسبب أحداث تصفها «لبنى» ب«الغريبة» كانت تحدث أثناء تصوير الفيلم ما أثار دهشتهم جميعاً. وتحكي «عبدالعزيز» في تصريحات خاصة ل«المصري لايت» أنها ذات مرة كانت تستعد لتصوير أحد المشاهد وبينما تقف لآداء دورها إذ تفاجئ بالديكور يسقط فوق رأسها دون سبب، فصرخ المخرج: «إيه ده؟ إيه اللي نازل علينا ده؟ اللي بيحصل ده أمور مش طبيعية خالص»، فكانت الإجابة واحدة طوال تصوير الفيلم: «لعنة الفراعنة». وتذكر «لبنى» أن أسوأ ما حدث معها كان نفاذ مسامير، لا تعلم من أين جاءت، إلى قدميها عبر حذاءها.، مع تكرار الأمر أكثر من مرة لنفس السبب، دون أن تعرف من أين ظهرت المسامير في الفيلم؟ وكيف تصيببها بذلك الشكل؟. ما حدث لها قبل وأثناء الفيلم كان الجميع يندهش لسببه، ويتساءل: ما الذي أصابها؟، وماذا يحدث هنا؟ لكن الإجابة لم يجدها أحد سوى في عبارة كانت مثار ضحك جميع صناع الفيلم، وهي «لعنة الفراعنة». تلك اللعنة، التي تتذكرها«لبنى» ضاحكة، لم تصبها وحدها، لكنها أصابت كل صناع الفيلم تقريبا، وتقول «لبنى»: «كان (رشدي) كل يوم كويس وبعد التصوير يبقى تعبان ويبدأ يحس بالصداع أو يشعر بالنعاس الشديد والإرهاق باستمرار دون سبب، وكنا نضحك ونقول دي لعنة الفراعنة». حتى الفنان فؤاد شفيق، الذي أدى دور عالم الآثار الرافض للتنقيب في مقابر عروس النيل، والذي كان يحذر «سامي» من لعنة الفراعنة، لم يسلم هو الآخر من تلك اللعنة المزعومة، حيث أصيب في أحد المرات بتعب شديد أثناء التصوير، وأخذ إجازة كبيرة وأدى ذلك إلى تعطيل التصوير مرة أخرى. كما أن الفنان عبدالمنعم إبراهيم، الذي قدم دور «فتحي» صديق «سامي» لم يسلم هو الآخر أثناء تصوير الفيلم، حيث تعطل التصوير لفترة بسبب بعض الأمور الشخصية التي حدثت له أثناء التصوير، والتي قالت عنها «لبنى» إنها كانت أمور «مفاجأة وغريبة»، ما أرجعته إلى اللعنة التي أصابت الجميع. واستمر مسلسل تعطل تصوير الفيلم مرات عديدة،بسبب الحوادث التي لم تكتفى بإصابة نجومه فقط، امتدت لصيب معدات التصوير، بدءًا من الديكور الذي سقط على رأس بطلته لبني عبدالعزيز، إلى سقوط إحدى الكاميرات باهظة الثمن، والتي كانت معلقة أعلى الديكور، دون سبب منطقي، ما أدى إلى توقف التصوير، وتقول عنها «لبني»: «الكاميرا وقعت ادشدشت مليون حتة بدون سبب وكانت غالية أوي ومهمة، لكن ما باليد حيلة». أما أكثر المشاهد صعوبة خلال تصوير أحداث الفيلم، فكان مشهد حفلة خطوبة بطله «سامي» الذي لعب دوره الفنان الراحل رشدي أباظة، إذ كانت «هاميس» تقوم خلاله بإفساد الحفل باستخدام السحر. وتقول «لبنى» عن ذلك المشهد: «لعنة الفراعنة أصابت المشهد ده، كل لما نبدأ تصوير نتفاجئ بناس بتقع، وكاميرات بتتكسر، ومشاكل في المشهد وغيره، وكنا مندهشين من اللي بيحصل». في الظروف الطبيعة يتم تصوير الأفلام في شهرين أو 3 على أقصى حد، لكن هذا الفيلم استغرق تصويره أكثر من 6 شهور، بسبب الإصابات المتكررة لصناعه وأبطاله ومعدات التصوير الخاصة به، والعاملين في الديكورات وغيرهم ممن ساهم في «عروس النيل» من قريب أو بعيد. وعلقت النجمة الكبيرة لبني عبد العزيز على ذلك بضحكة عالية: «كان الفيلم فكرتي، وكل لما يحصل لحد حاجة يقولوا: ياريتها ما فكرت، وكان الأستاذ (فطين) مستغرب من اللي بيحصل للفيلم ومن التعطيل كل شوية، لكن كل تلك الأجواء كانت ساخرة ومضحكة لينا كلنا وهونت علينا طول مدة التصوير».