أسترجع عشر سنوات أو يزيد، حينما سمعت لأول مرة عن إعداد برنامج لتأهيل اليمن، وتطوير إنسانه، والاهتمام بتعليمه، ومحاربة الفقر فيه، وتخليصه من بعض العادات الاجتماعية السيئة، ودفعه للعمل والإنتاج، من أجل أن ينضم لدول مجلس التعاون الخليجي، لما يمثله اليمن من خاصرة خطرة في الجزيرة العربية، وما يحيط به من بلدان أخرى مجاورة، لها تأثيرها، وموقعها الإستراتيجي، وهي مطمع دائم للمنقضين على نهش الخرائط الجغرافية، من تلك الخاصرة المهملة محلياً من قبل اليمنيين أنفسهم، وحكوماتهم، وثوراتهم المتعاقبة والمتناحرة، والمعطلة عربياً وقومياً من قبل مشاريع جامعة الدول العربية المتكاسلة، وميزانيات الدول العربية المقتدرة، والمسكوت عنها دولياً، بحيث صنف اليمن باعتباره بؤرة للتطرف، والفساد، والفوضى المعلنة، لذا غالباً ما يأتي من جانبه الشرور، أقول: عشر سنوات ويزيد ليست بالكافية لانتزاع بلد موغل في إشكاليات سياسية واجتماعية واقتصادية، ونفس هذه الإشكاليات هي مهددات له، ولكيانه، لكنها بالتأكيد ستكون الخطوات الأولى في سبيل التمهيد للتغيير الاجتماعي الذي باستطاعته أن يغير كل شيء، فاليمن بالرغم من عدد سكانه المهول، مقارنة بالدخل، وتضاعف الجهل، إلا أن لدى شعبه ممارسات سياسية، وتجارب أيديولوجية مختلفة، وحروب دفعت أثمانها الدماء، وثمة نخبة مثقفة، وطبقة اجتماعية وسطى قد تقود شيئاً من التغيير، وتمسك ببعض المفاصل في الدولة الجديدة، عشر سنوات ويزيد كانت كافية بأن تبشر، وتزهر، وتصنع الفرق، لكن الأيدي الكثيرة التي تريد أن تعبث بمقدرات ذلك البلد الذي كان يوماً ما سعيداً، وكثرة الطامعين بأرضه البكر، والتي يمكن أن تشكل منها، وتشكل فيها ما أردت، جعلته مطمعاً، وجعلته معبراً، وجعلته حقلاً للتجارب الفاشلة، ولأن اليمن ظل لوحده، بعيداً عن ذلك التأهيل، والإعداد للمستقبل الجديد، أضاف لأعبائه: الفقر والجهل والسلاح والفساد، وعادات اجتماعية، وموروثات قبلية، عبئاً آخر هو توطين الإرهاب، وإيوائه، توطين إرهاب الداخل، وإيواء إرهاب الخارج، والخاسر الوحيد هو اليمن الوطن، الحالم بالتغيير والتجديد، والمواطن اليمني، الساعي ليرى المستقبل، ويودع غبار الماضي. ومهما كان قرار مجلس الأمن المنعقد من أجل اليمن، فالمهم أن يفهم اليمن مصلحته، ومهما حاولوا أن يشكلوا حكومة مؤتلفة، فالكل كواسر، والكل يريد أن يسيل نابه، ومهما حاولوا أن يقاربوا بين الشق الشمالي، والشق الجنوبي، فالشق غلب الرتق، ومهما غارت طائراتهم بدون طيار لاجتثاث بؤر الشر، فالشرور في كل مكان، ولا عزاء لموطن العرب السعيد، لأن السيل العرم قادم! نقلا عن جريدة الاتحاد الإماراتية