عاد انقطاع التيار الكهربائي من جديد في بعض المناطق وفى نفس الوقت يشكو كثيرون من ارتفاع قيمة فاتورة الكهرباء, الباحث عن الحقيقة فى الأمر يجد أن هناك العديد من السلوكيات الخاطئة التى ترتكب فى المجتمع تؤدى لمثل هذه الانقطاعات المستمرة وارتفاع قيمة الفاتورة ومنها الإهدار الواسع للطاقة الكهربائية. وتأتى سرقة التيار الكهربائى من أعمدة الإنارة بالشوارع فى مقدمة الممارسات التي تؤدي إلى إهدار الطاقة الكهربائية كما أن استخدام الكهرباء فى بعض العقارات السكنية بدون تركيب عداد كهربائى يعتبر عاملا أساسيا لهذا الإهدار خاصة بعد أن قامت الحكومة بتكييف هذه الطريقة من الاستخدام . فقد تعذر قانونا توصيل التيار الكهربائى لبعض العقارات ولذلك ابتكرت وزارة الكهرباء طريقة بديلة لاستخدام سكان هذه العقارات للكهرباء وفى نفس الوقت سداد مبلغ محدد شهريا لحين الانتهاء من إجراءات التركيب, حيث قال جمال النجار أحد العاملين بوزارة الكهرباء إن المنتفعين بهذه الخدمة يدفعون من 100 إلي 400 جنيه كل 3 أشهر كقيمة متوسطة للاستهلاك ويسمى هذا النظام بالممارسة لحين إنهاء إجراءات تركيب العداد ولكن للأسف أغلب المواطنين يستغلون عدم وجود العداد ويسرفون في استخدام الكهرباء وهذا يعد إهدارا للطاقة الكهربائية وكان من الأفضل للوزارة أن تسهل لهم تركيب العداد الكهربائي لتقنين الاستخدام . توجهنا بالسؤال إلي مني فوزي وهي من قاطني محافظة الجيزة المنيب ومن المستفيدين من نظام الممارسة عن عيوبه ومميزاته فقالت: أدفع 400 جنيه عن كل شقة كل ثلاث شهور حتي لو كانت فيها لمبة واحدة في حين يدفع بعض المشتركين فاتورة ممارسة لدور واحد ويتم توصيل باقي الأدوار من خلاله حتي لو كانت عمارة من 10 أدوار لعدم وجود رقابة دورية علي المشتركين ولا نفهم الحكمة من رفض الحكومة توصيل الأرضي لها بحجة زيادة الأحمال بالرغم من توصيل التيار الكهربائي للعين بنظام الممارسة ونطالب الحكومة بإلغاء هذا النظام وتوصيل عداد كهربائي حتي تأخذ الدولة حقها ولا ندفع نحن أكثر من استهلاكنا. بسؤال محمود طه وهو أحد العاملين بإدارة الكهرباء ببني سويف عن إهدار الطاقة الكهربائية أكد أن الفاقد كبير من سرقة التيار الكهربائي وأن مباحث الكهرباء تضبط نسبة قليلة منها بالنسبة لحجم المخالفات التي تتم وإذا تم ضبط معظمها سوف لا نضطر إلي قطع التيار ولا إلي رفع فاتورة الكهرباء علي محدودي الدخل. وعن سرقة التيار الكهربائي وكيفية مواجهة الوزارة له أجاب الدكتور محمد اليماني المتحدث الإعلامي لوزارة الكهرباء: تقوم مباحث الكهرباء بقيادة اللواء سامي الميهي مساعد وزير الداخلية لشرطة الكهرباء كل 24 ساعة بعمل خمسة آلاف محضر سرقة للتيار. وطالب اليمانى المواطنين بالإبلاغ عن أي مخالفة سرقة للتيار الكهربائي فورا لمأمور شركة الكهرباء في منطقته حيث إنهم يتمتعون بحق الضبطية وتوقيع عقوبة على السارق، مشيرا إلى أهمية دور الإعلام في توعية المجتمع في كيفية الإرشاد وعدم الإسراف في استهلاك الكهرباء. وعن الاستخدام السيئ لنظام الممارسة من قبل بعض المنتفعين بها أشار إلى أن الوزارة ستقوم باستبداله بنظام العدادات المدفوعة مسبقا. وأضاف محمد اليماني أن ارتفاع فاتورة الكهرباء وراءه عدة أسباب، منها أن وزارة الكهرباء قد قامت بهيكلة الأسعار ووضع شرائح جديدة، وأصدرت الوزارة تعليمات لشركات توزيع الكهرباء بأن أي تراكمات يجب أن يحاسب عليها المواطن، فمن الطبيعي أن تأتي شكاوي من المواطنين، من ضمن أكثر من 30 مليون مشترك، ومع ذلك نؤكد للمواطن أنه قبل دفع الفاتورة عليه أن يقارنها بالعداد وهناك إمكانية لتقسيط المبلغ، وهناك بعض الحالات في زيادة أسعار الفواتير سببها سرقة كهرباء المواطنين من محل مجاور أو سلم مثلاً، أو وجود خطأ من محصل الكهرباء كما أن هناك حالات عديدة يكون الخطأ من العداد، حيث إن عمر العداد الافتراضي 15 عاماً، ويجب علي الجميع تركيب العداد الجديد وأوضح أن هناك موروثا ثقيلا من هذه الأزمة، وأن الوزارة تتحرك على أسس علمية، ونحن الآن بدأنا في العلاج، وبدأنا أيضا في عمل حلول ولكن تدريجيا. أما الدكتور جلال عثمان خبير الطاقة فأكد أن أزمة الكهرباء تتفاقم بسبب أن الجهود المبذولة فى مجال الطاقة المتجددة في مصر بطيئة ولا تتناسب مع احتياجاتها في الفترة المقبلة، مشيرا إلى أن إنشاء محطات بقدرة 5 كيلووات فقط من الطاقة الشمسية من جانب بعض الوزارات والهيئات الحكومة غير كاف. وطالب الدكتورعثمان بالخروج من الوادي الضيق في مصر الذي يمثل 8 في المائة فقط من مساحة مصر والانطلاق إلى الصحراء والأماكن البعيدة لإنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح كما دعا إلى الاعتماد على الكهرباء التي يتم توليدها خارج الشبكة القومية، من خلال المحطات المستقلة على مستوى الجمهورية، والابتعاد عن المركزية في الإنتاج بالاعتماد على محطات متعددة صغيرة بقدرات صغيرة بدلا من الاعتماد على محطات كبيرة، وهو ما يمكننا من تجنب ما شهدته مصر من أزمة بعد خروج محطة غرب القاهرة بقدرة 1300 ميجاوات.. ونوه إلى أنه يمكن إنشاء 20 محطة توليد كهرباء بالطاقة الشمسية بقدرة 4 ميجا للمحطة الواحدة، وتكرار هذا النموذج إلى أن نصل إلى القدرات التي تلبي احتياجاتنا. واستنكر الاتجاه إلي استيراد الفحم من أستراليا وعندنا مساحات كبيرة من الأراضي التي تسطع الشمس عليها يمكن استغلالها في توليد الطاقة الشمسية، واختتم الدكتور عثمان تصريحاته بأن الطاقة المتجددة ستوفر فرص العمل لشبابنا الذي يبحث عنها وأنه يأمل في نواب مجلس الشعب الجديد أن يكون متفهما لأهمية الاستغلال الأمثل للطاقة الشمسية بالأخص والطاقات البديلة بأنواعها في العموم.