"جو مصر وحشنى" هكذا يشعر الفنان الكبير عمر الشريف بعودته لمصر من جديد بعد مكوثه بفرنسا طيلة حياته، عاد الشريف إلى مصر حاملا إليها أمنيات وأحلام جديدة وطموح فى العمل والحياة والحب، واصفا الموت على أرض مصر أروع طموح يمكن أن يطمحه إنسان متفائل يحب بلده ... الفنان الكبير بعد رحلة كفاح طويلة قرر العودة لأصدقائه من جديد ويفتح قلبه ل"النهار" عن صداقة العمر وأمنياته للبقاء وتوقعاته للمستقبل . ** بعد 53 عاما من السفر تعود إلى القاهرة حاملا الحب، لماذا قررت الاستقرار فى مصر فى هذا الوقت؟ آن الأوان أن أعود إلى بلدى وأن أعيش فيها ما ضاع منى، قضيت حياتى مسافرا رحالا بين بلدة وأخرى تعلمت أغلب اللغات وأصبح لى أصدقاء فى كل دولة، فيكل ميناء كان لى جمهورى ومحبينى، وفى كل مكان كانت لى ذكرياتى التى لاتنسى، لكن فى كل مرة كنت أشعر أن مصر هى المحطة الحقيقية التى يجب أن أصل إليها لا يمكن أن أتأخر عليها أكثر من ذلك، دائما كان بحثى عن العمل وحبى للتعرف على الثقافات الأخرى وسيلة لسفرى ولكن فى النهاية تبقى رائحة الجو المصرى وذكريات الثلاثينيات وحب العمر فى كل رملة من أرض مصر لذلك قررت أن أعود لتكون النهاية هنا أيا كانت وبأى شكل المهم أن يدفننى أهلى بها. ** عملت بالسينما العربية والمصرية والأجنبية وكنت النجم الأكثر غزارة فى أعمالك، بعد كل هذا العمر هل أنت راضٍ عن مشوارك الفنى ؟ مشوارى ليس فقط أفلاما لكنه قصة حياة، فكل فيلم قدمته كانت له ظروفه، تفكيرى فى فترة الثلاثينيات كان تقديم أعمال من الواقع المصرى وكنت أستمع فقط للمخرجين وأفعل ما يريدونه دون اعتبار شخصى منى، وعندما كبرت عرفت معنى أن أكون فنانا، كنت أعرف تماما أننى لست أفضل فنان وهناك من يقدمون أداء أقوى وأهم منى، لكننى كنت محظوظا بأن لدى موهبة التنقل والتعرف على ناس جديدة ولذلك كان تقديمى لدكتور زيفاجو وشخصيتى فى تشى جيفارا من أبرز العلامات التى عرفتنى على شخصيات جديدة ونقلات فنية مختلفة، وقدمت أفلاما من أجل الحصول على أجر فقط لمجرد التواجد عرضت على أعمال كثيرة كانت تهين العرب لكننى كنت أرفضها حتى لو كان المقابل مغريا لكنى اعتبرت أن مصر فى البداية وكل شيء يأتى بعدها، ومرت الأيام وأعتبر أننى راضٍ تماما عن مشوارى الفنى. ** لو عاد بك الزمن ما القرارات التى لم تكن تتخذها ؟ أعتقد أن القدر أقوى من كل شيء، لكنى كنت أتمنى لو لم أنفصل عن فاتن حمامة فهى أكثر من أثرت فى حياتى والوحيدة التى كان لها دور بارز فى مشوار الحياة وأعطتنى ابنى طارق أجمل ما فى حياتى، والذى اكتشفت بعد مرور كل هذه السنوات أنه أفضل ما حدث لى فى عمرى ولولاه لشعرت بالغربة، وأعتقد أننى لم أندم على شيء فى حياتى سوى ابتعادى كثيرا عن بلدى ولكن القدر أنصفنى. ** هل تنوى العودة للتمثيل من جديد؟ عمرى 83 عاما لم تعد لدى الطاقة الكافية للوقوف أمام كاميرا السينما لكنى إذا عرض على عمل مع الشباب متوافق مع قدراتى الجسدية سأشجعهم، فأنا عاشق للسينما وأحب تدعيمها بأى شكل أيا كان الأسلوب وآخر أعمالى كان المسافر، عملت فيه مع أجيال مختلفة سعدت بها للغاية ولو كانت لدى القدرة لشاركت فى أعمال كثيرة. ** بعد كل هذه السنوات كيف ترى مصر على الخريطة؟ محط احترام واهتمام من العالم، مصر هى أم الدنيا، مهما حدث فيها ومهما عانت من إرهاب وعثرات سياسية واقتصادية وثقافية لكن يظل حب الله لها بأن أعطاها شعبا لا يوجد مثله، يجبر الجميع على حبه والاهتمام به واعتباره أهم ما يحدث فى العالم، الشعب المصرى أثبت أنه قادر على فعل المعجزات ولا يوجد شعب يحب بلده مثل مصر ويعى معنى كلمة الوطنية سوى المصريين الذين يشعرون أن حبهم لبلادهم هو حب رومانسى عاطفى، فالشعب المصرى يتعاطف مع النيل ويحب على أغانى عبد الوهاب وعبد الحليم ويعيش الحب دائما ويعرف معنى أن يربط ذكرياته ببلده. ** كل ما يحدث فى مصر وتتوقع لها أن تنهض ؟ ثورتا يناير ويونيو أكبر دليل على كلامى، فالشعب هو من خرج بالثورة، وعلم الشعوب الأخرى معنى الثورة، وما حدث فى تونس كان مجرد شرارة لكن الشعب المصرى يبحث منذ فترة عن التغيير ولا يجده وفكرة البحث عن الكرامة مطلب بسيط لكنه فى مجمله خطير، والشعب المصرى بحث عن كرامته كثيرا وأصاب الشعوب الأخرى بنفس الفكرة وما يحدث لنا الآن جراء أننا شعب لا يخاف التغيير لكنه لا يعرف معناه ويجرب فى كل شيء حتى مع الرئيس الجديد فهو يجرب معنى كلمة حرية وكرامة من جديد، والوضع لن يهدأ بسهولة، الشعب يجرب والحكام يجربون والنتيجة ستكون مبشرة والدليل مشروع قناة السويس وفكرة تقبل الشعب للرئيس الجديد والسير خلفه لإعطاء فرصة لنفسه ولحكومة الجديدته وأعتقد أن البرلمان سيكون التحدى الأقوى الفترة القادمة فى حياة الشعب المصرى. ** فى النهاية ما أمنياتك للمستقبل ؟ على المستوى الشخصى أنا متفائل جدا وأريد فقط أن أذهب إلى منزل أحمد رمزى لأنه كان أفضل صديق لدى، وشعرت بالحزن والأسى بعد وفاته، لأنه كان بالنسبة لى الأخ والزميل وصديق العمر، وعلى المستوى الوطنى أشعر أن مصر فى بداية مرحلة مهمة جدا وبداية مبشرة لمستقبل أفضل.