خناقات بين مذيعى القنوات, استقالات على الهواء, قرارات منع من الظهور مرة أخرى, شتائم وسباب, كشف للحقائق المستورة, كل ذلك يحدث يوميا فى برامج الهواء التى تابعها المصريون لدرجة الإدمان الذى أصبح من الصعب الشفاء منه والمشكلة تكمن فى تدنى الحوار الإعلامى عند الكثيرين من المذيعين ومقدمى البرامج. آخر فضائح برامج التوك شو هي التطاول اللفظى بين يوسف الحسينى وأحمد موسى كل من خلال برنامجه، ليقدم كل منهما صورة صارخة لمرحلة تدنى الخطاب الإعلامى الذى نعيشه من خلال مجموعة برامج يعتبر مقدموها أنها برامج ملاكى يقولون ويفعلون ما يشاءون. ولم يسلم من هذا التطاول الجمهور الذى يشارك من خلال المداخلات التليفونية عندما يحاول المذيع أن يلوم هذا المتصل على أفكاره بشكل يفتقد كثيرا من الرقى والأخلاقيات المهنية وهو ما حدث مع متصلة أفصحت عن غضبها من براءة مبارك وحزنها على شهداء يناير، فما كان من المذيع إلا أن أذاقها وابلا من اللوم والتقريع. مكالمات مفبركة الكاتب الصحفي محمد بسيوني أستاذ الإعلام وخبير حقوق الإنسان يرى أن برامج الهواء أفادت الإعلام كثيرًا، وأمدته بالحيوية والحماس وخلعت عنه الرتابة التى ملها المشاهدون لسنوات طويلة، مضيفا صحيح أن للهواء خطورته فهو يحتاج لمذيعة واعية وكنترولا يدرك أهمية دوره بشكل كامل ومع بداية الألفية الجديدة أصبح الوضع مختلفا حيث زادت البرامج الحوارية التى تناقش شئون الدولة وأوضاع المواطنين وكلما زادت الحرية زادت الانتقادات حتى جاءت المداخلات التليفونية لتعطى مزيدا من الحيوية لتلك البرامج الهوائية والتى أرى نسبة كبيرة منها قد يصل إلى 70% منها مفبرك ومجهز مسبقا.. والهدف منها تنشيط البرنامج وتشجيع المتابع له على الاتصال ليظهر البيزنس جليا خلال السنوات العشر الأخيرة. وإن كانت تلك المداخلات فى حد ذاتها بريئة في بدايتها مع أوائل الستينيات وحتى بداية التسعينيات عندما كانت تقتصر على الإهداءات والأغانى كانت معظمها تدور حول فكرة ما يطلبة المستمعون. وتابع زس التى تمنح القناة رصيدا أكثر عند شركات الاتصالات والمتصل يعلم ذلك جيدا فيدرك أنه يتكلم بفلوسه، أو أن القناة تريد صنع توجه معين فتجعل كل المتصلين يؤكدون تلك الحالة المقصودة, وظهر ذلك بوضوح مع بداية برنامج البيت بيتك الذى قدم على شاشة القناة الأولى والفضائية المصرية، مؤكدا أن المشكلة لا تتوقف عند حد برامج الهواء ومداخلتها التليفونية ولكن ما زاد على ذلك، هو تطاول كل من المذيع والمتصل على الآخر، أو التطاول المتبادل بين المذيع والضيف، أو حتى بين مذيعين على قناتين مختلفتين، وهو الأمر الذى صنع حالة من الفوضى اللفظية داخل المجتمع، وهذه مشكلة كبيرة خاصة أن هناك 82 مليون شخص يمارسون الإعلام من دون دراسة عبر شبكات التواصل الاجتماعى من خلال التقارير والصور والتعليقات والكل ينجرف وراء لغة التدنى. بسنت شحاتة مراسلة لإحدى القنوات الخاصة أكدت أن ما يحدث داخل البرامج الفضائية هو مؤشر لحال المجتمع، فبعد أن أصبحنا جميعا وكأننا فوق صفيح ساخن، ولغة التحدى أصبحت هي المسيطرة على الساحة الإعلامية سواء من خلال الضيوف أو من خلال المداخلات التليفونية, ليس ذلك فحسب، ولكننا نرى لغة التحدى والهجوم بين الناس على صفحات التواصل الاجتماعى, لذلك فلا نستطيع أن نلوم الإعلام أو البرامج المقدمة أو حتى القنوات الخاصة، فنحن لا نستطيع أن نظلم الجميع لأننا نعيش فى حالة من الفوضى ومع استقرارها سوف تتغير كل الأمور. وعن رأيها عن المكالمات المفبركة والموجهة تقول بسنت: طوال سنوات عملى ومع انتقالى للعمل من قناة إلى أخرى لم أجد أبدا تلك المكالمات المفبركة فهى مكالمات حقيقية صريحة. من جانبها ترى الدكتورة سامية خضر أستاذ الاجتماع السياسى، أن الجميع هذه الأيام شال برقع الحياء كما نقول وأصبح كل من يريد أن يقول أو يفعل أى شىء لا يجد ما يمنعه أى أننا ببساطة شديدة أصبحنا نعيش فى حالة من الإسفاف وسط صمت كل الجهات المسئولة سواء وزارة الثقافة أو الإعلام أو الشباب والتعليم و غيرها من الجمعيات الأهلية، فكل البرامج أصبحت تعتمد على الشتائم والتجاوزات فى الحوار سواء من خلال المذيع أو الضيف أو حتى المكالمات التليفونية.