الخلافات والمشاجرات التى تحدث على الهواء مباشرة بين مقدمى برامج التوك شو والضيوف، أو بين ضيوف البرامج أنفسهم .. لماذا تحدث؟ .. وما سبب تزايدها فى فترة ما بعد الثورة؟. وهل هى دليل على مناخ الحرية والديمقراطية أو نوع من الفوضى الفضائية.. هذا ما نحاول الإجابة عنه من خلال السطور القادمة.. ? فى البداية يقول الدكتور حسن عماد، وكيل كلية الإعلام لشئون الطلاب، والقائم بأعمال عميد كلية الإعلام: لابد أن يكون فريق العمل فى أى برنامج ذا حرفية عالية ومهنية أيضا عالية ولابد أن يكون فريق الإعداد فى أى برنامج فريقا يعرف أسس المهنة جيدا وعليهم أن يجمعوا المعلومات اللازمة لأى ضيف فى أى برنامج دون أى خطأ، وعلى سبيل المثال الخلاف الذى حدث مؤخرا بين الإعلامى عمرو أديب والشاعر عبد?الرحمن القرضاوى، نتج عن خطأ فى فريق الإعداد وقابله خطأ أكبر من الشاعر عبد?الرحمن القرضاوى، عندما تحدث بشكل غير لائق عن فريق الإعداد وقرر الانسحاب من البرنامج دون أية مراعاة أنه على الهواء، وكان من المفترض أن يقوم بتصحيح تلك المعلومات الخاطئة بشكل مهذب ولائق، وهذا يعكس بصفة عامة عدم قدرتنا على الحوار والتحكم بانفعالاتنا من جانب من يقدمون هذه البرامج أو من جانب من يُستضافون فيها. ? ويقول الدكتور محمود خليل، أستاذ الصحافة والإعلام بكلية الإعلام: حالة توتر عام أصبحت تسود المجتمع فى الوقت الحالى وأيضا ترتبط بما يطلق عليه ثقافة الصراع مابين أطراف عدة فى المجتمع المصرى، أما على المستوى الخاص فمن الملاحظ أن هناك جنوحا فى استخدام الصوت العالى خلال المرحلة السابقة سواء من جانب السياسيين والمثقفين أو من جانب مقدمى البرامج، فالكل اليوم يراهن على الصوت الأعلى وأصبحت معادلة «على وأنا اعلى» الأكثر سيطرة على المشهد الإعلامى الآن، فالخطاب الإعلامى أصبح خاضعا لمتطلبات الشكل أكثر ما هو خاضع لمتطلبات المضمون، بمعنى أننا نجد أن أغلب مقدمى البرامج وكذلك الضيوف يجنحون إلى الأداء الاستعراضى أو الشو، فى الوقت الذى تضيع فيه الحقيقة رغم أن الخطاب القائم على سرد الحقائق هو الخطاب الأكثر وعيا بوظائفه وبدور الإعلام فى مصر ما بعد الثورة. يقع فى هذا السياق الملاسنة اللفظية بين الإعلامى محمود سعد ومحافظ القاهرة فى برنامجه «فى?الميدان» والتى شهدتها المداخلة التليفونية التى قام بها المحافظ فى البرنامج، وأيضا الملاسنة الهوائية بين الشاعر عبد الرحمن القرضاوى والإعلامى عمرو أديب فى برنامج «القاهرة اليوم»، الأفضل أن نترك معادلة الحديث بعيدة عن الأهواء الشخصية لكى ننجح فى تقديم خطاب إعلامى قادر على مناقشة الهموم الحقيقية للمجتمع من ناحية وقادر على توعية الرأى العام للعديد من القضايا والأفكار التى يجب أن يكون هناك وعى للمصريين بعد الثورة. ? ومن جانبها تقول الإعلامية منى الحسينى: لابد لأى إعلامى متمرس أن يكون معه جميع أسلحته عندما يظهر على الهواء مباشرة، والخناقات والخلافات التى تحدث على الهواء واردة وحدثت معى أكثر من مرة، ولكن لابد على كل إعلامى أن يكون هادئا للغاية وأن يحتوى الموقف، فالضيف لابد من احترامه، حتى لو كان الإعلامى لا يتفق معه فى وجهة نظره، لأن من حق كل ضيف أن يعبر عن وجهة نظره وإلا كان البرنامج مثل «ماتش الكورة»، وحتى لو تطاول الضيف بأى لفظ علىَّ أن احتوى الموقف بكل لباقة، ومن واجب كل إعلامى أن يتحكم فى انفعالاته بشكل كبير.. ? ويقول معتز صلاح الدين المستشار الإعلامى لقناة الحياة: ما يحدث الآن فى مجال الإعلام مهزلة بكل المقاييس، لأن الإعلام المصرى يلعب دورا سلبيا فى الفترة الأخيرة، خاصة فى الفترة ما بعد الثورة مما يؤثر على صورتنا أمام العالم، فالخناقات والخلافات التى تحدث على الهواء لم تكن تحدث من قبل وإن كانت تحدث فليست بالصورة التى نشاهدها الآن، حيث نشاهد الآن ضيوفاً يتشاجرون بالضرب بالكراسى على الهواء ويتلفظون بأقذر الشتائم، فلابد من أن نلاحظ أننا مرآة للعالم ككل، فمقدم البرامج هو إعلامى وليس زعيم سياسى، فلابد من أن يتفهم دوره جيدا. ? وعن تلك الظاهرة تقول الدكتورة مروة شبل مدرس الصحافة بقسم الإعلام بكلية الآداب: من القائد؟ سؤال يطرح نفسه فى كل البرامج الحوارية والعاقل هنا من يدرك أن القائد ليس صاحب الصوت العالى المبادر بالحديث وإنما القائد هو صاحب المنطق والعقل الذى يجذب أذن المشاهد قبل عينه فالمذيع الذى يبحث عن نجومية سريعة وكل هدفه الظهور والبريق بالشكل دون المضمون والضيف الذى يتكلم، والجمهور الذى يشتت تفكيره وتتراجع رغبته فى المعرفة يوما بعد يوم، والقناة التى تؤثر أجندتها فى البرامج التى تبثها، كلهم يتحملون المسئولية عن مشكلة البرامج الحوارية بدرجات متباينة. ولذلك يجب على المذيع هنا أن يكون هو القائد الذى يدير دفة الحوار فى تسلسل منطقى دون أن يشعر المتلقى بهذا الانتقال وهنا تظهر احترافية المذيع الجيد الواعى القادر على احتواء الضيف والجمهور حتى ولو احتد الحوار بينه وبين الضيف لأى سبب عليه أن يضع نصب عينه دائما لافتة انتبه لا تتجاوز الخطوط المحددة أمامك مشاهدين مستمعين لما تقول فحافظ على لباقتك وقناتك وضيفك.