أكد الدكتور نبيل العربي، أمين عام جامعة الدول العربية، على الاهتمام الكبير الذي توليه الدول العربية للعلاقات مع الهند، مشيرًا إلى انعقاد الدورة الأولى للاجتماع الوزاري للمنتدى العربي الهندي، خلال الربع الأخير من عام 2015 في إحدى البلدان العربية. جاء ذلك خلال كلمته بمناسبة إطلاق النسخة العربية من الدستور الهندي بمقر الأمانة العامة، بحضور مساعد وزير الشؤون الخارجية الهندية لشؤون الشرق الأوسط "أنل وادهوا"، وحضور عدد من المندوبين الدائمين بالجامعة العربية. وأعرب العربى عن تقديره لإطلاق النسخة العربية من الدستور الهندي، الذي دخل حيز النفاذ في 26/1/1950 بعد أن وافقت عليه الجمعية التأسيسية ووقعه واضعوا الدستور الذين يعتبرون من مؤسسو جمهورية الهند، مهنئًا المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية على مبادرته في تقديم الدستور الهندي مترجمًا إلى اللغة العربية، و كذلك السفارة الهندية بالقاهرة على قيامها بنشره، مشيرًا إلى أن الأمة الهندية صاغت هذا الدستور بكل اقتدار بعد الاستقلال، وظل على مدار ستة عقود عمودًا فقريًا للديمقراطية الهندية وعنوانًا لتعدديتها. وأضاف العربي: "ستوفر هذه النسخة المترجمة فرصة للدول العربية وباحثيها ومواطنيها للتعرف على التجربة الهندية في مجال دراسات القانون الدستوري، مشيرًا إلى أن هناك الكثير للمجتمعات العربية والهندية الذي يمكن أن تتعلمه من بعضها البعض". وأكد أنه من الأمور الجديرة بالثناء في الدستور الهندي التحديد الدقيق للمسؤوليات في إطار نظام فدرالي، وحماية استقلال السلطة القضائية، والتوضيح الرصين للمبادئ الأساسية التي على الدول أن تعمل وفقًا لها، ولعل من أهمها ما يتعلق بالحقوق الأساسية للمواطنين التي لا يمكن انتقاص أي منها، فإن الدستور الهندي هو بحق حجر الأساس لنظام ديمقراطي يعمل في الإطار السليم ويحتذى به. وأضاف: "الحاكم والمشرع والمثقف والقارئ العربي بصفة عامة في حاجة إلى معرفة دساتير دول أخرى غير عربية ليطلع عليها ويستلهم منها ما يناسب واقع هذا البلد العربي أو ذاك، ويثري ثقافته في فرع من أهم فروع علم القانون لكي يستفيد من جوهر تلك الأحكام القانونية ومن صياغتها لتلك النصوص المتباينة في الشكل والمحتوى والمدة والصلاحيات والعلاقات فيما بين هيئات الدولة وبينها وبين المواطنين". ونوه بأنه تم التوقيع على مذكرة التعاون لإنشاء منتدى التعاون العربي الهندي بتاريخ 2/12/2008 في نيودلهي، وتم تجديد الوثيقة وتطويرها والتوقيع على الوثيقة المعدلة والبرنامج التنفيذي للمنتدى بين عامي 2014-2016 خلال زيارتي إلى نيودلهي بتاريخ 17/12/2013، وبموجب هذه المذكرة تغيرت آلية المنتدى لتصبح على مستوى وزراء الخارجية العرب ووزير الخارجية الهندي، وحددت الاجتماع الوزاري الدوري مرة كل عامين، واجتماع كبار المسئولين مرة كل عام، وذلك بالتناوب بين الهند وإحدى الدول العربية. حيث تم عقد الدورة الأولى لاجتماع كبار المسئولين في 7/11/2014 في نيودلهي. وأعرب عن ثقته من أن هذا النوع من الشَراكات يمكن أن يؤدي إلى تعزيز علاقات التقارب التقليدي بين حضاراتنا القديمة، وأنه على يقين بأن الدروس التي سنتعلمها من خلال التطبيق المستمر للقانون الدستوري في السياق المحلي سوف تساعد على خلق نظم أكثر عدلا وإنصافا. ولفت إلى أهمية الدساتير لأنها تشغل مكانة محورية في الحياة السياسية لجميع الدول، لأنها الآلية التي تحمي الحقوق وتحدد الواجبات والمسئوليات لأجهزة الدولة فضلاً عن تنظيمها العلاقة بين مؤسسات الدولة. وأكد انه لا تستطيع أية دولة أن تعمل بصورة فعالة دون أو يكون لها دستور سواء كان مدونًا أو غير مدون، فالدستور يمثل أساس شرعية الحكم في الدولة، كما أن الدستور ينظم طريقة ممارسة السلطة من خلال القواعد التي تحدد صلاحيات الحكام، ويجسد القيم والمبادئ التي ترتكز عليها الدولة، والأهداف التي تسعى لتحقيقها لصالح أبناء شعبها، والآليات المستخدمة لضمان تحقيق هذه الأغراض. وتابع: كان من بين التحديات الأساسية للمجتمعات في فترة ما بعد انتهاء حقبة الاستعمار هو صياغة دساتير تلبي الاحتياجات الخاصة لهذه المجتمعات وتعبر عن الأهداف الاجتماعية والتنموية التي تسعى إلى تحقيقها. وأشاد بالتجربة الهندية قائلا: لا تزال الهند إلى اليوم تمتلك خبرة كبيرة يتعلم منها الآخرون في مجال صياغة الدساتير والتشريعات، مشيرًا إلى أنه قد شهد بنفسه خلال فترة عمله سفيرًا لمصر لدى الهند، التنوع الهائل الذي تتميز به الهند من اللغات والديانات والأعراق والانتماءات السياسية، فقدرتُ كيف كان صياغة الدستور الهندي عملاً عظيمًا، مرجعًا ذلك إلى الفضل في ذلك إلى رؤية الآباء المؤسسين للهند من أمثال المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو وغيرهم الكثير والكثير من زعماء الهند.