أعلنت مصر عن البدء فى خطة تحرك عاجلة للحفاظ على حقوقهافى مياه النيل كما تحددها الاتفاقيات والأعراف الدولية ، وتعتمد على عدة محاور فىمقدمتها التنسيق مع كافة الحكومات والجهات الدولية المعنية خاصة على المستوىالأفريقى لتأكيد حقوقها المشروعة والمعترف بها دوليا.وتأكيد مصر تمسكها بحقوقها التاريخية والقانونية فى مياه النيل يأتى متزامنامع حرصها على التفاوض مع دول حوض النيل على أساس العلاقات التاريخية والأخويةالتى تربط بين الجانبين والدعوة إلى استمرار الحوار مع كل دول حوض النيل للعودةمرة أخرى للجلوس على مائدة المفاوضات لضمان التوصل لصيغة توافقية تحافظ على مصالحكل شعوب الحوض ودون أن تضر بأية دولة منها.وتعتبر نقطة الأمن المائى من أبرز النقاط العالقة بين دول حوض النيل ، حيثتشكك دول المنبع فى مشروعية اتفاقيات مياه النيل السابقة وتطلب تغييرها نظرالأنها أبرمت فى الحقب الاستعمارية .. بينما تؤكد دول المصب مصر والسودانمشروعية تلك الاتفاقيات استنادا إلى مبدأين رئيسيين فى القانون الدولى ، وهما :التوارث الدولى للمعاهدات ،والحقوق التاريخية المكتسبة وعدم جواز المساس بهما ..وذلك حرصا على استقرار النظام الدولى حيث أن قواعد القانون الدولى تحافظ على حقوقمصر واستخداماتها الحالية والمستقبلية مع عدم الاضرار بالمصالح المصرية المائيةوالأمن المائى لجميع دول الحوض.وكان التعاون بين دول حوض النيل قد بدأ فى عام 1999 من خلال مبادرة جمعت بيندولهاالعشر مصر،السودان،اثيوبيا،أوغندا،الكونغو الديمقراطية،بوروندى،رواندا،كينيا، تنزانيا إلى جانب إريتريا كمراقب.والمبادرة هى آلية مؤقتة تجمع دول حوض النيل تحت مظلة واحدة وتقوم علىمبدأين ،وهما: تحقيق المنفعة للجميع ، وعدم الضرر للوصول إلى صيغة توافقية للمياهبدول الحوض ..ودخلت دول المبادرة فى مفاوضات حول توقيع إتفاقية اطارية جديدة ترسمالإطار المؤسسى والقانونى لتلك الألية المؤقتة وتضع الأسس للمشاركة فى منافعالحوض فى المستقبل وتأخذ فى الاعتبار مصالح دول المنبع والمصب على حد سواء.ومع ظهور مؤشرات تدل على تعثر توقيع الاتفاقية الاطارية بسبب بعض النقاطالعالقة بين دول المنبع ودولتى المصب مصر والسودان تتمثل فى موضوعات الأمنالمائى ، والإخطار المسبق ، والاجماع.فالاتفاقية الإطارية لدول المنبع مخالفة للقواعد الإجرائية التى اتفق عليهاولاتعفى هذه الدول من التزاماتها نحو الاتفاقيات السابقة مع مصر والموجودة منذعشرات السنين وهى اتفاقات قائمة وسارية طبقا للقانون الدولى، والوضع الحالىللاتفاقية يخرجها من إطار مبادرة حوض النيل ويؤثر سلبا على برامج التعاون التىتجرى حاليا من خلال المبادرة التى جمعت بين دول حوض النيل العشر .وتستند وجهتا نظر مصر والسودان من حيث موضوع الأمن المائى محل الخلاف فىالاتفاقية الإطارية بين دول حوض النيل على أن حقوق كل الدول وحصتها فى مياه النيلتحفظها وتنظمها عدة اتفاقيات مع دول الحوض ابتداء من اتفاقيتى 1902 و1906 ومروراباتفاقية 1929 مع دول الحوض فى البحيرات الاستوائية واتفاقية 1959 مع السودانوكلها تضمنت عدم اقامة أى مشروعات على مجرى النهر أو فروعه تقلل من نسبة تدفقالمياه إلى مصر والسودان.وبالنسبة للنقطة الثانية محل التعثر فهى شرط الاخطار المسبق عند القيامبمشروعات مائية قطرية أو جماعية أو فردية على مجرى الحوض،حيث ترى دول المنبع عدمالتقيد بالاخطار المسبق كشرط سابق عن أى مشروعات مائية تعتزم انشاءها لأن ذلكيعوق مشروعاتها التنموية، وفى المقابل تصر دول المصب على ضرورة تطبيق شرط الاخطارالمسبق بشأن جميع المشروعات المائية إعمالا بمبدأ من مبادىء القانون الدولى وهوعدم التسبب فى الضرر.وفيما يتعلق بالنقطة الثالثة وهى شرط الاجماع،حيث تسعى دول المنبع لتمريراتفاق اطارى تعاونى جديد بغية إنشاء مفوضية دائمة لدول حوض النيل بغض النظر عنمشاركة دولتى المصب مصر والسودان عوضا عن الاتفاقيات القديمة لتوزيع مياه النيلمع فتح الباب لانضمامهما فى المستقبل بحيث تستطيع الحصول من الدول المانحة علىتمويل لمشروعاتها النيلية والزراعية..فيما أعلنت مصر والسودان ضرورة التزام كلدول حوض النيل باحترام قاعدة التصويت بالاجماع عند نظر أى تعديل .ولم تنتظر دول المنبع حسم النقاط العالقة وأكدت فى اجتماع وزراء دول حوض النيلالذى عقد فى مدينة شرم الشيخ منتصف أبريل الماضى السير قدما فى توقيع اتفاقيةالاطار المؤسسى والقانونى لمبادرة حوض النيل اعتبارا من 14 مايو الماضى .. مشيرةإلى أن اجراءات التأسيس ستستمر لمدة عام ، ووقعت خمس دول آنذاك على اتفاقيةعنتيبى وهى اثيوبيا، أوغندا ، رواندا ، تنزانيا ، ثم كينيا فيما وقعت بوروندىالاسبوع الماضى عليها.ويجمع الخبراء على أنه إذا كانت هذه الدول أصرت على التوقيع منفردة دون مصروالسودان على الاتفاقية الاطارية لحوض النيل فأن الوقت كفيل بأن يوضح لهذه الدولان التفاوض والتشاور والعمل على تنفيذ المشروعات المشتركة هى التى تخدم شعوب دولالحوض جميعا.