كشف استطلاع أجرته جامعة إيسترن ميتشيجان الأمريكية، أن عدد الملحدين فى مصر وصل إلى 3% من عدد السكان، أى أكثر من مليونى ملحد، بعد ثورة 25 يناير 2011, كما كشف الاستطلاع أن أكبر محافظات مصر من حيث عدد الملحدين هى القاهرة، تليها الإسكندرية، إضافة إلى تواجد ملحدين فى الإسماعيلية والشرقية، فيما خلت محافظات الصعيد تمامًا من الملحدين. الملاحظ والمراقب يعلم جيدا أنها ظاهرة لم يعتدها المجتمع المصرى بشكل خاص والمجتمع العربى بشكل عام, حيث بدأت فى الآونة الأخيرة زيادة أعداد من يسمون أنفسهم باللادينيين أو فى مصطلح آخر الربانيون أو الملحدون, جميعها تسمية لشكل واحد من أشكال عدم الاعتراف بالدين كضابط للسلوك, ومحاولة أخرى للهروب من القيود سواء الدينية أو الأخلاقية داخل مجتمعاتنا . "النهار" تحاول فتح هذا الملف للتعرف على الأمر عن قرب ممن ينتمون لهذه الفئة ومعرفة أسباب انتشارها. فى البداية اعتبر البعض أن ظاهرة الإلحاد أو من يصفون أنفسهم باللادينيين غير موجودة كظاهرة، والبعض الآخر نظر إليها بعين السخرية ووصفهم بأنهم قلة ستندثر ولن يكون لهم وجود أو تأثير على المجتمع بعد وقت قصير، فهل هذا الرفض من الآخر لفكرة الإلحاد مجرد تجاهلهم حتى لا ينتشروا أكثر أم هو بالفعل قصر نظر من هؤلاء المنكرين لوجود ''الملحدين''. والملحدون هم الذين يرفضون فكرة وجود قوى فوق طبيعية (كالآلهة) رفضا صريحا، فالحقيقة أننا لا نستطيع تحديد عددهم بالفعل لعدم وجود إحصاءات لحصر أعدادهم إضافة إلى تجنب الغالبية العظمى منهم التصريح بذلك والإبقاء عليه سرا خوفا من ابتعاد الناس عنهم وتجنبهم وحدوث المشكلات المختلفة لهم أو لذويهم، ولكن إذا حاولت البحث عنهم فستجد الكثيرين منهم على مواقع التواصل الاجتماعى ليس فقط يجاهر بإلحاده وعدم إيمانه بوجود الله ولكنه أيضا ينشئ صفحات للدعوة لأفكاره وقد تصل فى بعض الأحيان إلى السب. ''يزن سيد'' شاب مصرى من إحدى قرى الصعيد، أنهى دراسته فى كلية الطب، واختار لنفسه اسما مختلفا ويكتب بجوار اسمه لأنه ملحد ويجاهر بإلحاده فى محيط أسرته وبين أصدقائه وزملائه فى الجامعة. يبدأ "يزن" حكايته بأنه كان طفلا مختلفا يحب القراءة ودائما ما يذهب للمكتبات للقراءة فى موضوعات عدة، وفى المرحلة الإعدادية والثانوية كان يقتنى الكتب الدينية، ويقرأ فى الدين باستفاضة ويحافظ على فروض دينه ويتعمق فيه وفى أداء كل الفروض والنوافل، وقد راودته بعض الأفكار عن ماهية الصلاة والخالق إلا أنه عاد سريعا واستغفر عن تلك الأفكار، ولكن منذ ثلاث سنوات عادت إليه تلك الأفكار فقرر البحث فيها ليصل إلى الحق الذى يرضيه عقليا إما باتباع هذا الدين بيقين أو تركه. وأضاف "يزن" أنه فى رحلة البحث عن الحقيقة عانى كثيرا من الأرق والإرهاق من كثرة التفكير وقراءة كتب عديدة، والإقامة فى منتدى التوحيد وهو مكان يوجد به مسلمون يقومون بالرد على الشبهات والذى أسف "يزن" على إضاعة وقته فيه على حد قوله- ثم استقر بعدها على وجود أخطاء عديدة فى الأديان السماوية جميعا وأنها لا تخاطب العقل وبها الكثير من الأخطاء العلمية والمشكلات المنطقية، مشيرا إلى أنه بعد أن استقر على إلحاده أخبر أسرته المكونة من والدته وإخوته مشيرا إلى أنهم حاولوا إثناءه عن هذا القرار، وأن والدته تدعو له أن يهديه الله إلا أنها حسبما وصف استسلمت لأنها تعلم أنه ذكى ومسئول عن نفسه ويعرف أكثر منهم. أما عن أصدقائه فقد أدى به إلحاده إلى فقد أقرب أصدقائه الذين انقطع الحديث بينهم تماما بسبب هذا الاتجاه، ولكن فى الجامعة اختلف الأمر، فالبعض تقبل هذه الفكرة إذ إنها علاقة خاصة بينه وبين الله ولا يحق لأحد أن يتدخل فيها، والبعض رفضها وقاطعه. ويرى"يزن" أن الشيوخ لا يمكنهم النقاش مع الملحدين أوإقناعهم لأنهم لا يعلمون شيئا عن العلوم الفيزيائية والميكانيكية وغيرها وفى بعض الأحيان لا يفهمون أيضا العلوم الدينية التى يدرسونها معتبرا أنهم يرددون فقط ما يحفظونه من أمور الدين دون فهم، مثل الشيوخ الذين يخرجون علينا فى شاشات التلفزيونات. وتساءل "يزن": ماذا يعرف شيوخ الأزهر عن التطور؟ هل قرأوا كتبا أجنبية أو عربية عن الإلحاد؟ هل يعلمون شيئا عن علوم الطبيعة؟ بالطبع لا، وأخيرا أنهى "يزن" حديثه بأن الإلحاد لا يكون بين يوم وليلة ولكنها رحلة بحث قد تستغرق سنوات عديدة وأنه ألحد عن اقتناع وعلم وليس ملحدا بجهل !!