«ودّيت ابنى يتعلم رجع لى جثة محروقة»، ظلت هذه العبارة ترددها أم «أحمد»، الطالب الذى لقى حتفه فى حادث أوتوبيس البحيرة، عشرات المرات، دون أن تسمح لأحد بمقاطعتها، وحينما انتهت من تكرار العبارة، انهمرت فى البكاء وسقطت على الأرض وسط حالة من الدموع والحزن من الجميع أمام مشرحة دمنهور العام. وقالت أم «أحمد»: «ما ليش غير ابنى فى الدنيا، وكان حنين عليا وعمره ما ضايقنى بكلمة، واستهتار المدرسة بروحه حرمنى منه، لكن أنا مش هسكت وهاخد حق ابنى من المدرسة ومن كل مسئول عن الإهمال اللى تسبب فى حرقه ووفاته بالطريقة دى». وأردفت قائلة: «يا ريت كنت أنا اللى مُت وهو عاش، ولو كان عمره يموت دلوقتى يا ريت لو كان مات معزز على سريره أو حتى فى حادث بس من غير حرق وتفحم، أنا مش هتدخل فى إرادة ربنا، لكن ربنا ما يرضاش أبداً إن الطمع والجشع بتاع إدارة المدرسة يتسببوا فى حرق ابنى بالشكل ده». وطالبت أم «أحمد» وزير التربية والتعليم باتخاذ إجراءات رادعة ضد إدارة مدرسة الأورمان بشكل خاص، وكل المدارس الخاصة التى تتسيب وتستهتر ولا تراعى أرواح الأبناء، على الرغم من كونهم أمانة فى أعناقهم أودعها إياهم أهاليهم وذووهم. وتابعت: «يعنى الواحد خاف يودى عياله مدارس حكومية، علشان ما يتعرضوش للإهمال فى النظافة أو الوجبات الملوثة أو الضرب، وودّى عياله مدرسة بآلاف الجنيهات فى السنة، ويكون جزاؤه إن عياله يرجعوا له متفحمين بالشكل ده؟». وبعين يملأها البكاء والحسرة، قال محمد أبوالنظر، أحد الأهالى، الذى توفى 5 من ذويه فى حادث أوتوبيس البحيرة، ل«الوطن»: «أهلى كلهم ماتوا.. الله يلعن الإهمال والاستهتار بأرواح البشر». توفى 5 من أهل «أبوالنظر»، فى الحادث، هم أخته و3 من بنات إخوته وزوج أخته، أثناء توجههم فى سيارة ملاكى إلى البحيرة، تصادف مرورها بجوار الأوتوبيس أثناء الحادث. وأضاف «أبوالنظر»: الأسرة كانت رايحة من إسكندرية لكوم حمادة وكان من المفروض أن أعود معهم، وأنا هنا سمعت إن عربية ملاكى وأوتوبيس وسيارة نقل تفحمت على الطريق، فهرولت لأطمئن على أفراد عائلتى، وإذا بى ألقاهم جميعاً متفحمين كالأخشاب والفحم، وهم المقدم أبوزيد عبدالنبى، نائب مأمور مركز الدلنجات، وأسرته، وهم ابنته «إيمان»، وابنتها الطفلة «جودى»، وزوج ابنته عبده عمر، و«شيماء» بنت أخيه. وأضاف «أبوالنظر» أن هذا قدر الله وربنا يعلم بهم، ولكل أجل كتاب، إلا أنه لم يتمكن من تمالك أعصابه، وصرخ قائلاً: «الله يحرق قلوب اللى كانوا السبب». وواصل: «لازم المسئول يتحاسب، ولازم التحقيقات تجيب كل المسئولين من أكبر راس لأصغر راس، علشان دم أهالينا مش هيروح هدر، العيلة اللى ماتت دى بنى آدمين مش فراخ علشان يموتوا بالشكل ده».