حالة من القلق والخوف سادت بين الأوساط الاقتصادية عقب التقرير الذي أصدره مركز المعلومات بمجلس الوزراء خلال العام الحالى، والذي كشف خلاله أن أكثر من 400 شركة خاصة أعلنت إفلاسها رسميًا، فيما تتعرض 74 شركة تابعة للشركات القابضة التابعة لوزارة الاستثمار لنفس المصير، و4500 مصنع أفلست أو حققت خسائر كبيرة، بلغت فى مجملها أكثر من 10 مليارات جنيه. والغريب في الأمر أنه بعد صدور هذا التقرير بأيام قليلة، أعلن رئيس الوزراء إبراهيم محلب بأن مصر ستكون أفضل دولة استثمارية قريباً وذلك في ضوء وضع تشريعات جديدة وجوهرية بقانون الاستثمار، يتم الانتهاء منها قبل مؤتمر فبراير الاقتصادي ، وأن الدولة تتعامل مع المستثمرين بروح جديدة وتسعى لحل مشاكلهم. لذا استطلعت « النهار» آراء عدد من الخبراء والاقتصاديين حول هذا الأمر، وما هي الأسباب الرئيسية وراء زيادة نسبة توقف المصانع عن العمل؟، وهل زيادة تعثر المصانع والشركات ستكون بداية لطرد الاستثمارات من السوق المصري؟، وما هي السبل التي لابد على الحكومة اتباعها لحل أزمة تعثر الشركات؟.. وجاءت إجاباتهم خلال السطور القادمة. في البداية أكد الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن سوء إدارة الشركات يؤدي لزيادة مديونياتها لدي البنوك، الأمر الذي يجعلها عرضة للإفلاس، وسرعان ما يترتب عليه عودة جديدة للاعتصامات والاضرابات التي تنجم من تعثر وتوقف الشركات والمصانع عن العمل، ولعل أبرز هذه الاعتصامات خلال الفترة الراهنة، الاضراب الذي نظمه عمال شركة النصر للمواسير منذ أيام قلائل، وكذلك شركة الحديد والصلب، وأيضاً إضراب عمال سجاد المحلة. وأضاف الدسوقي أن جدولة ديون الشركات المتعثرة قد تساهم في إنقاذ هذه الشركات من الاستمرار في التعثر، وقد تكون بداية جيدة لوقف مسلسل الإضرابات والاعتصامات العمالية الذي بات سائداً منذ اندلاع ثورة 25 يناير، لذا ينبغي على الحكومة أن تجري اتفاقاً مع القيادات المصرفية وإقناعها بهذا الامر كي تنقذ قطاع الشركات الخاصة والأعمال من الانهيار. في حين أكد الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية، أن عدم قدرة إيرادات الشركة على تغطية نفقاتها يجعلها عرضة للإفلاس، ويجعلها عاجزة تماماً عن مواجهة تسديد الالتزامات القصيرة الأجل وهذا الأمر يسميه الاقتصاديون بأزمة سيولة نقدية. وأوضح عبده أن شركات الغزل والنسيج تأتي على رأس الشركات الخاسرة، إذ إن هناك نحو 33 شركة غزل ونسيج، تعرضت لخسائر فادحة خلال العام الجاري، مؤكداً أن صعوبة هذه الشركات في الحصول على التمويل هو ما جعلها تتعرض للإفلاس إذ إن هناك نحو 500 مصنع فقط هي من حصلت على تمويل من إجمالي 4500 مصنع. وطالب عبده المهندس إبراهيم محلب بضرورة تشريع قانون حول إفلاس الشركات، كما أنه لابد من تشجيع الصناعات الصغيرة وتوفير التمويل اللازم لها، فكل هذه الأمور ستكون بداية جيدة لأن تكون مصر من أفضل البلدان الاستثمارية خلال الفترة المقبلة، إلا أن زيادة تعثر الشركات لن يضع مصر نهائياً ضمن البلدان الجاذبة للاستثمارات وإنما ستكون من البلدان الطاردة للاستثمارات خاصة وأن ما يهم المستثمر هو توفير المناخ الجيد للاستثمار والبيئة الملائمة لنمو استثمارته. وأيده في الرأي الدكتور محمد عبد الحليم عمر، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ورئيس مركز صالح للاقتصاد الإسلامي حيث أكد أن الأخطاء الإدارية بالشركات وعدم تحديث وتطوير المعدات بها يجعلها تتكبد خسائر فادحة، ومن ثم سرعان ما تخرج من السوق بسبب الإفلاس، وعلى سبيل المثال قطاع التشييد والبناء، فعدد الشركات المسجلة بالاتحاد المصري لمقاولي التشيد تبلغ 41814 شركة، منها 13615 شركة أعلنت إفلاسها. وأوضح عمر أن زيادة عدد الشركات المتعثرة تؤدي لانخفاض معدلات النمو في قطاعي الصناعة والتصدير، وهذا الأمر سيؤثر بالسلب على مؤشرات الاقتصاد المصري خلال الفترة المقبلة، لذا فإنه ينبغي على حكومة المهندس إبراهيم محلب أن تضع خطة عاجلة تهدف لإعادة تشغيل المصانع المتعثرة والمتوقفة عن الإنتاج وذلك بالاتفاق مع البنك المركزى واتحاد البنوك والقيادات المصرفية لإعادة جدولة ديون المصانع المتعثرة حاليا، كما أنه ينبغي أن يتم توفير الآليات التمويلية اللازمة لقطاع الصناعة بالإضافة إلى توفير مستلزمات الإنتاج لتشغيل المشروعات الخدمية المعطلة، فكل هذه الأمور ستساهم في جذب المزيد من الاستثمارات خلال الفترة المقبلة، لاسيما وأن رفع وزيادة عدد المصانع المتوقفة عن العمل يهدد بخروج المزيد من الاستثمارات من السوق المصري خلال الفترة المقبلة.