منذ أن أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما الحرب على داعش وبدأت الضربات الجوية للتنظيم الإرهابى فى سورياوالعراق تلحق خسائر بشرية فى صفوف قياداته، بدأت تتردد مخاوف وتحذيرات من انتقال عناصر التنظيم إلى مناطق ليبية بعينها نظرا لحالة الفوضى القائمة فى ليبيا مع سيطرة قوى متطرفة على جزء كبير من البلاد. البداية: نبتت داعش من رحم تنظيم القاعدة فرع العراق (تنظيم القاعدة ببلاد الرافدين ) والذى أسسه أبو مصعب الزرقاوى عام 2004 بعدها دعى أبو مصعب الزرقاوى إلى انضمام وتوحد جميع الحركات الإسلامية المسلحة تحت اسم ( مجلس شورى المجاهدين). وتمر عدة سنوات ويتولى أبو بكر البغدادى قيادة داعش محدثا طفرة كبيرة فى نمو الحركة وسيطرتها على مناطق كبيرة فى العراق مكونة الدولة الاسلامية فى العراق. ولكن بقيام الثورة السورية والتى تحولت فيما بعد إلى حرب أهلية بتدخل أطراف خارجية كثيرة حدث التوسع الأكبر لداعش فقد سيطرت على مساحات كبيرة تفوق مساحة بريطانيا مثلا؛ وبسبب رغبة داعش فى السيطرة وانتهاج سياسات مستقلة عن سياسات القاعدة حدث توتر فى العلاقات استمر لثمانية أشهر تقريبا قبل أن يعلن تنظيم القاعدة فى فبراير 2014 قطع علاقته مع داعش( بسبب وحشية داعش والاستعصاء سيئ السمعة) كما أعلن البيان الصادر عن القاعدة. وعندما شعرت الدول المحيطة بداعش بخطرها المتنامى إضافة إلى الولاياتالمتحدة وحلفائها بدأت الضربات الجوية لداعش فى 23 سبتمبر 2014 قصفت طائرات التحالف أهدافا للتنظيم فى كل من العراقوسوريا ونفذت القوات الجوية السعودية والإماراتية ما نسبته 80% من الغارات الجوية. حمدي بخيت: مصر تدعو الشعب الليبى للالتفاف حول جيشه اللواء حمدى عبد الله بخيت المحلل الإستراتيجى والعسكرى يرى أنه لا خوف مطلقا من تنظيم مثل داعش على مصر فلديها جيش قوى ومتمرس. وعن مخاطر وجود داعش فى ليبيا فى منطقة درنة على الحدود الغربية لمصر وإمكانية دخول عناصرها إلى مصر أوضح بخيت أن ذلك مستحيل لأسباب واضحة فداعش تتمدد فى الأماكن الرخوة التى لا توجد بها جيوش قوية وإدارة وطنية تحظى بوفاق وطنى وشعبى وهو ما لا ينطبق على مصر. أوضح اللواء بخيت أنه لا يؤيد تدخل أى قوات مصرية فى ليبيا إلا بموافقة الشعب والجيش الليبيين وأنه يمكن أن تدعم مصر قوات ليبيا الوطنية مثل قوات اللواء خليفة حفتر وبذلك يتحقق الالتفاف الوطنى حول القوات الوطنية الليبية وتحسم الحرب بوفاق وطنى ليبى. علماء النفس: شخصيات غير سوية يسعدها تعذيب الآخر أما عن رأى الطب النفسى فى هذا التنظيم الدموى فيقول الدكتور على بهنسى أخصائى الطب النفسى بمستشفى أحمد ماهر التعليمى أن الإنسان الطبيعى لديه ما يسمى فى طب النفس بمركز السعادة الداخلى حيث يشعر بالسعادة عندما يقوم بفعل يسبب السعادة والمنفعة للآخرين أما سلوك هؤلاء فهو العكس تماما فهم ليسوا أسوياء بل شخصيات حادة ومنغلقة تستخرج من القرآن والدين ما يناسب توجهاتها وأفكارها الشاذة, كما أن الأغلبية من أفراد هذا التنظيم شخصياتهم تابعة لقادتهم وينفذون ما يطلبونه دون تفكير وهو ما يعرف في علم النفس بظاهرة (إرضاء القادة) وهو الشخص الذى يسعى لإرضاء قائده أو مديره فى العمل. وهى فى كل الحالات شخصيات غير سوية نفسيا. ماهر فرغلى: داعش دموية بلا حدود وتكفير بلا منطق ماهر فرغلى الكاتب والباحث فى شئون الحركات الإسلامية يرى أن داعش تمثل جيلا جديدا من الجماعات التكفيرية المسلحة (الجيل الرابع ) يتصف بالدموية الشديدة وتكفير كل من يخالفهم الرأى وإباحة قتله فداعش تكفر الحاكم ومعاونيه وجنوده بل والمجتمع بأكمله بل إن داعش كفرت أيمن الظواهرى نفسه. ويوضح فرغلى أن الإسراف فى القتل من جانب داعش للآخرين لأنهم يطبقون (حدود الردة المغلظة) ويعمدون إلى قتل من يكفرون دون مناقشة أو محاولات استتابة أو أن يعذره بجهله أما الأسرى فيقتلون دون محاكمة أو حتى تحقيقات ولو شكلية أو بسيطة. وأوضح فرغلى أن الخطورة الحقيقية لداعش أنها مشروع توسعى مقدس (فى نظرهم) ومطبق على الأرض بالفعل وليس فى الكتب الفقهية أو دعوات الجهاديين المتشددين فهى مشروع يتوسع كل يوم ويكتسب مؤيدين جددا ينضمون لصفوفه من الشباب حديثي السن لتحقيق حلم الخلافة الإسلامية الراشدة ذاك المشروع الذى يلتف حوله الشباب لعدم وجود مشروع قومى ببلادهم يحتويهم ويمتص طاقتهم فيتعلقون بداعش وأمثالها ويلتحقون بها من جميع الجنسيات. وفيما يتعلق بإمكانية انضمام جماعات مسلحة مصرية أو ليبية (لداعش) مما يهدد مصر من الشرق حيث سيناء والغرب حيث الحدود الليبية قال فرغلى: مبدئيا يجب أن نعرف أن فكر التكفير خرج أساسا من مصر من كتابات سيد قطب وتفسيراته الدينية للمجتمع حتى وصل الأمر إلى رموز التكفير فى الثمانينيات وأبرزهم صالح سرية ومحمد عبد السلام فرج وعاصم عبد الماجد وناجح إبراهيم وعصام دربالة هذا من ناحية التأصيل الفكرى، أما وجود الجماعات على الأرض فالوضع فى مصر يختلف عن ليبيا، ففى مصر تنشط جماعة أنصار بيت المقدس والتى لم تعلن بصورة واضحة انضمامها لداعش وإن كانت تبدى تعاطفا ملحوظا بإذاعة بيانات داعش وتصريحات أبو محمد العدنانى الناطق الرسمى باسم داعش أما فى ليبيا فالأمر جد مختلف ففى المنطقة الشرقية يظهر وجود داعش بوضوح ونشاط عسكرى معلن عنه وفى درنة أعلنت الخلافة الإسلامية وبويع أبو بكر البغدادى. وأشار ماهر إلى أن السلفية التى لا تنتمى إلى أى فصيل سياسى من الممكن أن تتجه إلى أى كتلة أخرى قادرة على جذبها فقد تتجه إلى الإخوان أو إلى داعش أو إلى جبهة النصرة ولذا فإن الحلول الأمنية وحدها غير كافية لمواجهة هذه التنظيمات فعلى الرغم من أهميتها فى مواجهة من رفع السلاح وقتل ودمر لكن يجب أن تكملها الحلول الفكرية بمحاصرة الأفكار المتطرفة وتعديل المناهج الدراسية والتربية داخل الأسرة والثقافة العامة فى المجتمع الرافضة للعنف وهو ما يؤتى نتائجه على المدى المتوسط والبعيد. الجندى: داعش خوارج هذا العصر والقصاص السبيل الوحيد لمواجهتهم فيما اعترض الدكتور محمد الشحات الجندى أستاذ الشريعة الإسلامية وعضو مجمع البحوث الإسلامية على نسب التنظيم للسلفية الجهادية موضحا أن الجهاد فى الإسلام كان جهادا ضد المشركين والكافرين لنصرة الإسلام أما أن يقتل المسلمون تحت مسمى الجهاد فهذا أمر باطل لا تبيحه الشريعة الإسلامية ولنا أن نسميه (السلفية الخارجة عن فكر الإسلام الصحيح). وأشار إلى أن الانحرافات الفكرية لداعش جاءت بداية من فهمهم المشوه والمغلوط للإسلام والنصوص الفقهية مما أدى بهم إلى انحراف مقصود عن صحيح الدين، فهم يؤولون دلالات النصوص للوجهة التى تخدم أهدافهم ومخططاتهم بحيث يمكنهم تكفير الآخر المختلف معهم ومن ثم قتاله واستباحة دمه وأيضا جذب الشباب المغرر به بدعوى إقامة دولة الإسلام لجعلهم وقودا لحروبهم التى يخوضونها لإزاحة الحكام والاستيلاء على الحكم وليس لنصرة الإسلام والدعوة فيزرعون فى عقول هؤلاء الشباب أنهم يسعون لتحقيق مجد الإسلام وإعادة الفردوس المفقود وإنهاء ضعف الأمة الإسلامية وإعادتها إلى مجدها. وأوضح الجندى أن مثال داعش فى التاريخ الإسلامى القديم هم الخوارج الذين خرجوا على سيدنا على بن أبي طالب كرم الله وجهه وكفروا الصحابة وقاتلوهم وبالتالى فإن التعامل الأمثل مع داعش هو القصاص ممن قتل أو حرض على القتل أو أفتى به أو موله ماديا أو ساعد عليه بأى شكل. واعترض الجندى على القول بأن الأساس الفكرى للجماعات الإسلامية التى تتبنى العنف ومنها داعش يرجع إلى فتاوى وأحكام( الإمام ابن تيمية ) قائلا إن ابن تيمية أجاز الخروج على الحاكم ولكن بشرط أن يأتى بكفر بواح ولم يجعل الخروج ملزما بل أجازه فى حالة الضرورة فقط . فلم يكن ابن تيمية يريد السلطة ولكنه أراد الجهاد ضد أعداء الإسلام بينما داعش ومثيلاتها تحارب من أجل أغراض دنيوية سلطوية كالنفوذ والمال والجاه « من أجل ذلك استباحوا دماء المسلمين وخربوا بلاد الإسلام.