في الوقت الذي يلّتف ملايين المرضى بفيروس سي حول عقار سوفالدي الجديد، اعتقادًا منهم بأنه بارقة أمل وعهد جديد مع حياة كانت على وشك إسدال ستارها في وجوههم، تجد شركات الأدوية وذوي المحسوبيات واليد العليا وكل من له "قرايب مهمين" في الدولة، يفتحون باب البيزنس والعمولات على مصراعيه سعيًا وراء المليارات، دونما النظر لحال الفقراء والمكلومين الذين باتوا يحلمون بالشفاء. بدأ بيزنس سوفالدي في مصر بموافقة اللجنة الفنية لمراقبة الأدوية بوزارة الصحة بصورة نهائية بجلستها يوم 10 من يوليو الماضي، على إصدار إخطار التسجيل لمستحضر سوفالدي 400 مجم أقراص (سوفوسبوفير أقراص) لعلاج التهاب الكبد الوبائي، إنتاج شركة جلياد الأمريكية ولمدة صلاحية للمستحضر عامين من تاريخ الإنتاج وبسعر بيع للصيدليات 14940 جنيهًا، وذلك للعبوة التي تحتوى على 28 قرصًا. ومنذ ذلك الوقت وسوفالدي تحول لصفقة تنكشف ملامحها للمصريين يومًا تلو الآخر، وتكشف الوجه القبيح لوزارة الصحة، حيث تمثل ذلك جليًا في قرار الوزارة بإسناد حق توزيع سوفالدي لشركة فارما أوفر سيز للأدوية المحسوبة على القطاع الخاص، والمملوكة لشقيقة الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس. وبسؤال محمود فؤاد، المدير التنفيذي للمركز المصري للحق في الدواء، عن مدى قانونية ذلك، أوضح أن وزارة الصحة أسندت حق توزيع عقار سوفالدي إلى شركة فارما أوفر سيز، رغم امتلاك الدولة شركات وطنية قادرة على القيام بهذه المهمة بتكاليف أقل ولصالح الشعب المصري، وهو ما يؤكد إهدار المال العام وإعلاء المصالح الشخصية على مصلحة المريض والشركات الوطنية. وردًا على ذلك، صرح الدكتور مهاب جزارين، عضو مجلس إدارة شركة فارما أوفر سيز للأدوية، بأنه تم إسناد حق استيراد وتوزيع سوفالدي للشركة، نظرًا لأنها الموزع الحصري لشركة جلياد الأمريكية المنتجة للعقار في مصر منذ 5 أعوام، مشددًا على أن وزارة الصحة المصرية لا دخل لها في اختيار المستورد أو الموزع، لأن الاختيار يكون للشركة المنتجة. ونفى في تصريح خاص ما تردد عن كون شقيقة الفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، إحدى مالكي "فارما أوفر سيز"، هو سر منح الشركة حق توزيع العقار على مستوى الجمهورية، مؤكدًا أن هذا الأمر تم بمحض الصدفة وأن عصر محاباة وموالاة رجال الدولة على حساب شركات أخرى انتهى ولن يعود من جديد. واستمرارًا لتلاعب الشركة المنتجة لسوفالدي بصحة المريض المصري وتأكيدًا لعدم ضمان نتائج استخدام العقار، مستندات تكشف عن تأمين شركة جلياد الأمريكية على حياة 3 أعضاء باللجنة القومية لمكافحة الفيروسات الكبدية المشرفة على تجارب الدواء، بمبلغ قدره مليون دولار. وبالأسماء، أوضحت المستندات أن ال3 أعضاء هم: الدكتور وحيد دوس، عميد المعهد القومي للكبد ورئيس اللجنة، وعضوي اللجنة الدكتور جمال عصمت، والدكتور جمال شيحة. وشددت المصادر على أن هذه الوثيقة للتأمين على المشرفين على تجربة سوفالدي في مصر ضد آثارها السلبية، ووجود علامات استفهام عدة حول أسباب اختيار الدكتور وحيد دوس، عميد المعهد القومي للكبد، ورئيس اللجنة القومية للفيروسات الكبدية ليكون رئيس لجنة المفاوضات، على الرغم أنه الباحث الأساسي للبحث الإكلينكي الذي تجريه الشركة في مصر. من جانبه، قال محمود فؤاد، إن المركز سيتقدم ببلاغ للنيابة العامة بشأن وثيقة التأمين للتحقيق مع المسئولين، متسائلًا: إذا كانت الشركة رأت أن هناك مخاطر قد تصيب الأطباء جراء تجربة العقار وعملت على التأمين عليهم، فلماذا لم تقم اللجنة بعمل وثيقة للمرضى الذين سيوقعون على إقرار بالعلاج الثنائي (سوفالدي وريبافيرين) وهم الأكثر عرضة للخطر؟