يتساءل المراقبون لأحوال الثورة المصرية ، التى اندلعت شرارتها صباح 25 يناير الماضى ولم تتوقف بعد ، عن مدى جدية محاكمة رموز الفساد ومن خلال الاتهامات والبلاغات التى بدأت توجه لعدد من الوزراء المصريين السابقين وبدء التحقيق معهم ، والحديث الموسع (وأحياناً المرسل) عن ثرواتهم الهائلة ، فى بلد 45% من شعبه تحت خط الفقر ، هل الأمر بالفعل جدى أم هو مجرد إلهاء للجمهور حتى ينصرف عن مهام الثورة أو الانتفاضة التى أشعلها و(يتسلى) وفقاً للمصطلح العبقرى الذى كان قد صكه الرئيس مبارك عن معارضيه، والآن بالتأكيد يندم كثيراً عليه ، لأنهم بالفعل يتسلون ولكن بثورة مزعجة بل مرعبة - للغاية بالنسبة لسيادته ولنظام حكمه ، ثورة طالت فترة التسلية بالنسبة إليها إلى حد أنها بدأت تدخل أسبوعها الثالث بنفس الوهج والتألق والقدرة على (التسلية) المؤثرة !!على أية حال .. نعود إلى ملفات الفساد لنحاول أن نلتقط منها بعض الإشارات والأرقام أولاً ثم نحلل دلالات فتح ملفاتها الآن ثانياً .تحدثنا الأرقام والحقائق المنشورة أن المحالين للتحقيق الجنائى والسياسى يمتلكون ثروات هائلة دعونا نتأمل بعضها . إن الصدمة التى أحدثتها انتفاضة 25 يناير ، والتى أفقدت النظام المصرى الحاكم توازنه ، كان لها الفضل فى كشف نواحى مذهلة من الفساد المالى ، ومنها امتلاك 60 من رجال الأعمال لحوالى 18 مليون فدان بأرخص الأسعار (الفدان سعره كان أقل من 50 جنيهاً مصرياً أى ما يوازى 10 دولار) خاصة أراضى طريق مصر اسكندرية الصحراوى والتى كان من أبرز ملاكها (صلاح دياب مالك جريدة المصرى اليوم اللواء مجدى راسخ حسين الجمال [ صهرى علاء وجمال مبارك ] أحمد بهجت مالك قنوات دريم ، حسن راتب مالك قناة المحور هشام طلعت مصطفى سليمان عامر وآخرين) ، أما المحالون للتحقيق فتحدثنا الحقائق أنهم كثر ولكن أبرزهم حسين سالم رجل التطبيع النفطى وصاحب اتفاقات الغاز الشهيرة ، والأهم منه هو إمبراطور الحديد أحمد عز والذى يحتل المركز الثالث مصرياً والسادس والأربعين لقائمة أغنياء العرب وبثروة تبلغ 60 مليار جنيه مصرى بعد نجيب ساويرس وشفيق جبر مع تأكيد أن تقييم الثروة أمر غاية فى الصعوبة ويخضع للكثير من المعايير .وحصل أحمد عز على قروض من البنوك تبلغ أكثر من مليار و600 مليون جنيه فى وقت كانت ديون شركة عز الدخيلة وصلت إلى 745 مليوناً و130 ألفاً و550 جنيهاً حتى 13/12/2005 ، وكان ذلك بالقطع شيئاً غريباً فالرجل الذى يستحوذ على أسهم فى الدخيلة ب 430 مليون جنيه كان مديوناً لها بأكثر من 745 مليوناً من الجنيهات ، أى أن مديونيات شركته كانت تساوى أكثر من ضعف الاستثمارات التى وضعها فى الشركة خاصة أن هذه الديون قدرت فوائد عليها تصل إلى 21% سنوياً ، حيث وصلت فوائد هذه الديون من 70-80 مليون جنيه سنوياً والتى عجز عن سدادها وشملت البنوك التى يتعامل معها (القاهرة بقصر النيل المصرى الأمريكى بالمهندسين التجارى الدولى بالجيزة مصر أمريكا الدولى المصرى الخليجى هونج كونج مصر العربى الأفريقى بنك أوف أمريكا كريدى ليونيه) .أما أحمد المغربى ، وزير الإسكان السابق والحاصل على الجنسية السعودية والذى لم يحصل على مؤهل عال ، بل مؤهل متوسط ، فيعتبر من أغنى وزراء الحكومة المقالة ، حيث وصلت ثروته إلى 17 مليار جنيه كما هو مكتوب فى إقرار الذمة المالية الخاص به ، فقبل أن يتولى المغربى مسئولية وزارة الاسكان كانت ثروته لا تتعدى 4 مليارات و90 مليون جنيه والتى كونها من شركة المغربى عام 1972 بجانب أنه شريك أساسى فى شركة أكور للفنادق وشركة أكور السياحية والنيل للتنمية الصناعية ، ولكن بعد دخوله الوزارة كون شركات أخرى منها شركة للخدمات السياحية والنعمة للاستثمار السياحى وفندق اللوتس الذهبى ووصل راتب المغربى الشهرى إلى 20 ألف جنيه مضافاً إليه البدلات والحوافز .وذكرت مصادر أنه رفض سداد قيمة بعض القروض التى حصل عليها من البنوك بقيمة 3 مليارات جنيه حصل عليها أثناء توليه وزارة الإسكان .أما زهير جرانة وزير السياحة فاقترض 4 مليارات جنيه من البنوك قبل أن يصبح وزيراً لإنقاذ شركته الخاصة وهى جرانة للفنادق والسياحة من الديون التى كانت تحاصره والتى عرضت الشركة لشبح الإغلاق ونجح جرانة فى تسديد ديونه بعد توليه الوزارة وجمع ثروة تقدر ب 8 مليارات جنيه .بعد هؤلاء يأتى الوزير رشيد محمد رشيد بثروة تقدر ب 18 مليار جنيه ، وحبيب العادلى بثروة تقدر ب 8 مليار ، ثم يأتى الرئيس نفسه وعائلته التى تم تقديم بلاغ ضدهم يتهمهم بامتلاك ثروة تقدر ب 70 مليار دولار وفقاً لما نشرته الجارديان البريطانية .* إن فتح هذه الملفات فى تقديرنا لن يتوقف ، طالما بقى الضغط الشعبى فى ميدان التحرير وربما يريد النظام بالفعل إلهاء الجماهير ، أو البحث عن كبش فداء يسكن غضبها ولكن ، نحسب أن هذا السلوك لم يعد يجدى ، فالأمر هذه المرة مختلفاً جداً ، ومن المؤكد أن الكثير من الرؤوس الكبيرة سوف تُقطع ، إما بالسجن أو بالتأميم لثرواتها !! ومصادرتها لصالح الشعب .. والله أعلم . (والحديث موصول)E mail : yafafr@ hotmail . com