كما هو الحال فى المناسبات والأعياد يتزايد الضغط على وسائل المواصلات المختلفة ويزيد اهتمام المسئولين بمترو الأنفاق ويهرع المسئولون أيضا لتوفير أتوبيسات هيئة النقل العام للحد من الزحام ولكن لم نسمع عن تطوير قطارات محطة مصر التى يلجأ إليها معظم البسطاء للسفر إلى ذويهم لقضاء عطلة العيد. تلك المواصلة السريعة التى تجد إقبالا كثيفا من المواطنين نظرا لرخص ثمنها إلى حد ما.. "النهار" قررت التجول وسط ركاب قطار الغلابة خلال حجزهم التذاكر لقضاء إجازة عيد الأضحى المبارك ... استمعت إلى مشكلاتهم ومعاناتهم مع القطار الذى لم يشهد أى تطور أو تحسن منذ سنوات سوى طلائه من الخارج أما فى الداخل فلا يعلم به إلا الله والغلابة من ركاب هذه القطارات. البداية مع شباك التذاكر فقد تجد الموظف وقد لا تجده وعليك أن تنتظره وقتما يعود وبعد حجز التذاكر والتى تختلف باختلاف الدرجة التى تستطيع ركوبها، تذهب للدخول للمحطة فتجد سائقى الميكروباص ينادون على المحافظات التى يذهبون إليها دون أى رقابة ثم الدخول إلى بوابات صغيرة للتفتيش والتى ليس بها تفتيش سوى يوم الجمعة، يتم تشغيل المكنة التى توضع عليها الشنط وخلافه أما باقى أيام الأسبوع لا تعمل !!! فى المدخل الكبير الذى يوحى بالفخامة والرقى وكأنك فى أحد المولات التجارية وبعدها ندخل إلى أرصفة القطارات لتتغير الصورة تماما للزحام وعدم وجود رقابة واختفاء النظافة لوجود بائعي المياه والشاى وسندوتشات الطعمية والأكشاك . حميدة عبدالسميع تحكى عن رحلتها فى قطار الصعيد والتى تقوم بها أكثر من مرة فى الشهر لزيارة ابنتها التى تسكن فى القاهرة فتقول "أنا أركب القطار العادة منذ أكثر من 25 عاما وهو كما هو لم يتغير من وقتها بل زاد فيه سعر التذكرة فقط ، أما عن نظافته وأبوابه ونوافذه لم تتغير وعمل الصيانة بالنسبة للقطار يبقى مجرد دهانه من الخارج فقط.. فبعض الأبواب لا تغلق أو تكون مكسورة والشبابيك معظمها مكسرة والزجاج موجود فى الأرض فلا أحد يهتم بتنظيف القطار العادة لأنه (قطار الغلابة ). أما الكراسى فهى دائما مخلوعة أو مكسرة لا يوجد كرسى للجلوس عليه أو حتى مكان فاضى فى الأرض نقعد عليه، وأضافت "مش شرط أن كل الركاب تقعد على الكراسى فى القطار لأنه يكون زحمة جدا وبيركب ناس من كل المحطات الناس بتقعد فى الأرض فى الطرقات أو على الأبواب، وبالرغم من عدم الاهتمام بالقطار ونظافته وصيانته إلا أن الإقبال عليه عال جدًا لأن تذكرته رخيصة وكمان أمان بالنسبة للحوادث اللى بتحصل فى الطرق بره . رخيص وأمان أما عم "محمود عليوة " عامل بإحدى المزارع ويعيش بالحطابة فى القاهرة ويسافر مرتين فى الشهر لزيارة أولاده وأهله فى أسيوط ويعود مرة ثانية لعمله فى القاهرة، عم محمود قال إن القطار جيد على أد فلوسنا حتى لو كان مكسر أو مش نظيف إحنا اتعودنا عليه كده بس هو الأنسب لينا لأنه أرخص وأمان، العربيات على الطرق حوادثها كثيرة وكمان القطار فيه ونس وناس تحكى معاهم أو تقوم تتحرك أو تشرب شاى خاصة فى الرحلات الطويلة لكن العربية لا فيها حركة ولا كلام، وأضاف عم محمود مش لازم يعنى نركب ونقعد كفاية إننا لقينا ركوبة سهلة ورخيصة توصلنا ولو مفيش مكان بنقعد على الأرض لحد ما ينزل أى حد، اللى عايز يقعد ويستريح يروح يركب المكيف ويدفع لو معاه لكن ده على أد فلوسنا وأهو بيمشى وبيقضى المشوار وخلاص. أما "أم سيد " فهي بائعة تأتى يوميا بالقطار من بلدها إلى القاهرة لتبيع ( البيض والفطائر والسمن البلدى) وتستقل القطار من كفر الشيخ للقاهرة قالت: القطار اليوم أحسن من الأول بكثير على قدنا ومريح لكن لسه محتاج للاهتمام بنظافته لأن القمامة كثيرة جدا وقشر اللب والترمس فى الأرض بالأيام والروائح كريهة وصعبة جدا لكنه الوسيلة الأسهل والأقرب والأسرع والآمن بالنسبة لنا ، كما أن أجرته أقل من العربيات . صيانة دورية سعيد "كمسرى يعمل بالسكة الحديد منذ 33 عاما" ، قال إن الرواتب والحوافز لأى عامل فى الهيئة مجزية جدا وأى حد يقول غير كده يبقى كاذب ولا يستحق ما يأخذه، "وأضاف سعيد أن عربات القطار تدخل صيانة دورية كل ثلاث سنوات، أما الجرار الذى يسحب القطار فهو فى صيانة مستمرة ولكن دورية صيانته كل ستة أشهر وأنا فى سنوات عملى كلها فى السكة الحديد لم أقابل أى مشكلة أو عطل فى العربات. واستطرد سعيد قائلا إن القطار مناسب جدا للركوب ويدخل فى الصيانة وعملية التنظيف والدهان الدورية ولا يوجد به أى مشكلة، وأن "قطار العادة "( الدرجة الثالثة) لم يعد له وجود الآن ولكن أصبح قطارين المميز والمطور، والفرق بينهما أن المطور تذكرته أقل من نصف قيمة المميز. أما عن زحام القطار فقال سعيد: إن الزحام شىء طبيعى فى مواصلة سهلة ورخيصة وتذهب للمحافظات بسرعة مثل القطار والجمعة اليوم الوحيد الذى تقل فيه الكثافة بشكل ملحوظ جدا، وأضاف أنه من المفترض أن يكون لكل راكب كرسى ولكن الناس اللي بتركب كتير كما أن عدد القطارات وإن كان كثيرا لا يكفى هذا العدد من الناس، وأكد أن هذا الزحام لا يمكن أن يؤثر عليه فى تأدية عمله سواء بجمع التذاكر أو تفتيش أى شىء يحمله الركاب، فكل الركاب لابد أن يتأكد من وجود التذاكر معهم ..كما أن له الحق فى تفتيش أى شىء مع الركاب حرصا منه على سلامة القطار والركاب، فهو يعتبر القطار مثل بيته ويحق له التعامل مع كل من يدخله. سوق سوداء للتذاكر يقول محمود، بائع كشك بالمحطة، الأكشاك الموجودة نوعان: النوع الأول هو كشك الأهالي وذلك يتم تأجيره عن طريق مزاد ويتم دفع إيجاره بالعام، والنوع الآخر هو أكشاك تابعة لشركات، وهذا الكشك تابع لأكشاك الأهالي وعملي فيه بالوردية 12 ساعة وأحيانا 24 ساعة ويوم واحد فقط إجازة ". وأشار محمود إلى أن التذاكر يتم بيعها فى السوق السوداء فى أوقات ما قبل العيد بسبب الإقبال الشديد عليها، وفي العيد بالطبع هناك ضغط فإذا كانت التذكرة قيمتها مثلا 40 جنيها يأخذها من موظف التذاكر ب50 جنيها ويبيعها للناس بالضعف وإذا تم ضبطهم سيتم مقاضاتهم ولكن الرقابة صعبة جدا في ذلك الوقت، مثلا أنا رجل أعمل بالسوق السوداء أدخل عند شباك التذاكر كأي رجل عادي وأشتري التذاكر ولكن بقيمة أعلى وذلك بالاتفاق مع رجل الشباك وأذهب، وإذا بحثت عن الأمر ستجدين أن التذاكر نفدت منذ أسبوعين والموجود حاليا يباع سوق سوداء بخارج المحطة . شدة الزحام إحدى الراكبات- رفضت ذكر اسمها- قالت إن قطارات الغلابة دائما بدون نظافة وشبابيكها مكسرة واذا كان معنا أطفال يمرضون من التراب والميكروبات التي تدخل منها كما لا يوجد أبواب أيضا ومن السهل سقوط أي شخص حيث إن القطار يكون شديد الزحام، فالقطار العادي مثل "القشاش" يقف في كل المراكز ويأخذ كثيرا من الناس الذين يستكملون رحلتهم واقفين أو جالسين بين الطرقات على الأرض، أما القطار المميز أغلى وأنظف كثيرا ولا يقف إلا في المحافظات فقط والزحام فيه قليل ولكنه مرتفع الثمن بالنسبة لنا" وعن الحوادث وأعطال القطارات المتكررة تقول "أصبحنا نألفها وتعودنا عليها وعندما نركب القطار نتوكل على الله ونصيبنا سنراه وأخيرا فإن الغلابة ليس لهم ثمن في هذه البلد".