لا ينعم اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية، بالراحة أو الهدوء داخل مكتبه ولو لحظة، فعلى مدار ساعات اليوم لا يتوقف الرجل عن تلقى وإجراء الاتصالات مع كل القيادات الأمنية بمختلف المواقع لمتابعة الوضع الأمنى وتفاصيل حملات الشرطة على البؤر الإجرامية. من داخل مكتبه تحدث «إبراهيم» ل«الوطن»، مؤكداً أنه يتابع الحالة الأمنية مع كل القيادات على مدار 24 ساعة، سواء كان بالمكتب أو خارجه، مشيراً إلى أنه يتصل يومياً بكل مديرى الأمن وكل القيادات فى جميع المواقع، للاطمئنان على الحالة الأمنية لتقطع استرسال الوزير فى الحديث متابعته للحملات الأمنية الموسّعة التى تشنها الأجهزة الأمنية فى الإسكندرية على الذراع البحرى، ثم يأتيه اتصال هاتفى بضبط 23 كيلوجراماً من الهيروين، فلا يفارق الرجل حرصه الدائم على الاطمئنان على ضباطه وجنوده المشاركين فى الحملات.. وإلى نص الحوار: ■ فى البداية.. هناك تخوُّف من إمكانية عودة الباعة الجائلين إلى منطقة وسط البلد مرة أخرى؟ - الأجهزة الأمنية ستظل منتشرة بكثافة بوسط المدينة لإقرار حالة الانضباط والحفاظ على الوجه الحضارى لتلك المنطقة المهمة، والحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء، تحركت فى هذا الأمر بشكل واقعى وتعاملت مع أزمة الباعة الجائلين بشكل رائع وحضارى، ومن خلال عمل حكومى متواصل، وتعاون كامل بين جميع مؤسسات الدولة، تم حل هذه المشكلة لإيجاد الحل البديل من خلال الأسواق التى تم نقلهم إليها، وتلك الأزمة كانت تؤثر على الشارع وصاحب المحل وحتى صاحب العمل نفسه كان يعانى، ومعظمهم كان غير آمن على مصدر رزقه، وأناشد الشباب (الباعة الجائلين) عدم التعجل، وانتظار نتائج هذه التجربة، مثلما حدث فى نقل سوق العبور الذى شهد اضطرابات فى بداية الأمر، ثم تبين أنه كان فى صالح الجميع.■ وهل تسلم الباعة أماكنهم دون أزمات أو صراع مع الأمن؟ حتى ظهر أمس تسلم أكثر من 1250 بائعاً أماكنهم فى «الترجمان».. والحكومة لن تتراجع عن تطهير وسط القاهرة من العشوائية والزحام.. والقانون سيطبق على الجميع وسنحارب من يرفع يده بالسلاح.. ويكفى أن من كان يدخل شواع وسط العاصمة فى السنوات الماضية كان يشعر بأنه فى منطقة عشوائية. ■ وماذا عن الوضع الأمنى الراهن فى ظل مسيرات الإخوان؟ - الوضع الأمنى فى البلاد يتحسّن بشكل مضطرد، كما أن تنظيم الإخوان الإرهابى فى النزعات الأخيرة، وكل الأوضاع تحت السيطرة بفضل جهود أجهزة الأمن بأنواعها، خصوصاً قطاعى الأمن الوطنى والأمن العام.. وبعيداً عن هذا نسعى لإحداث طفرة ملموسة فى العلاقة بين الأجهزة الأمنية والمواطن حتى نصل إلى حالة من التلاحم التام بين أطياف المجتمع والتعاون بين الشرطة والمواطن للوصول بمصر إلى بر الأمان، وتوفير الأمن بأقصى درجة لرجل الشارع، والإقلال من الجريمة ومقاومة التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها تماماً. ■ أثير مؤخراً وصول «داعش» إلى مصر.. هل هذا حقيقى؟ ومن وراء إثارة مثل هذا الأمور؟ - مصر لا يقلقها داعش أو غير داعش، فقوة جيشها ويقظة أجهزتها الأمنية ووعى شعبها قادرة بإذن الله على دحر أى تنظيمات تسعى إلى نشر الفوضى والعنف والفساد بالبلاد. مصر بلد آمن وستظل مصر آمنة ومحفوظة على مر الزمان، ولن يستطيع أحد زعزعة استقرارها وأمنها، فهذا وعد إلهى سخر لتنفيذه جيشاً وطنياً وأمناً واثقاً وشعباً واعياً، مشيراً إلى أن الأجهزة الأمنية جاهزة لمواجهة أى تحديات تهدد أمن وأمان المواطنين أو تؤثر على استقرار البلاد. ■ ومن الذى يروّج لمثل هذه الأفكار؟ - ما يُثار من وقت إلى آخر مجرد دعاية إعلامية تسوّق لشىء بلا أساس وغير موجود ولن يكون موجوداً بإذن الله، «الغرض الوحيد من تسويق مثل هذه المسميات، مرة يقولوا داحم ومرة داهف.. أن تكون وسيلة من وسائل بث الرعب فى نفوس الناس وتصدير صورة إلى الخارج مفادها أن مصر غير آمنة». وأدعو المواطنين إلى عدم الالتفات إلى مثل هذه «الدعايات» والثقة فى الأجهزة الأمنية والالتفاف حول القيادة السياسية، وبذل المزيد من الجهد والعمل من أجل المُضى قُدماً على طريق البناء والتنمية. ■ وكيف يتابع الرئيس السيسى الوضع الأمنى فى البلاد؟ - الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية، يولى ملف الأمن اهتماماً خاصاً، إيماناً منه بأهمية الأمن فى منظومة التنمية الشاملة التى تشهدها البلاد فى الوقت الحالى، ودوره فى جذب المزيد من الاستثمارات التى من شأنها خلق المزيد من فرص العمل ودفع عجلة الإنتاج لبناء مصر الجديدة، فالرئيس السيسى يتابع الملف الأمنى يومياً، سواء من خلال التقارير الأمنية أو من خلال اتصالاته على مدار الساعة. وكذلك المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء، أعلن منذ تكليفه بمهام الحكومة الجديدة عقب انتخاب الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيساً للجمهورية، عن أن عودة الأمن بشكل كامل تأتى على رأس أولويات العمل بحكومته، وأكد دعمه الكامل لرجال الشرطة فى أكثر من لقاء عقده معهم، فالحكومة لا تدخر جهداً فى توفير كل الإمكانات والتجهيزات والمعدات اللازمة لتطوير الأداء الأمنى.■ ظهر عبر «يوتيوب» فيديو منسوب إلى جماعة أطلقت على نفسها «كتائب حلوان»، ما حقيقة الفيديو؟ ومن المتهمون؟ - الأجهزة الأمنية حققت نتائج إيجابية جداً فى ملاحقة المتهمين فى فيديو «كتائب حلوان المسلحة»، وتم تحديد المتهمين ومحال إقامتهم ومكان تصوير الفيديو وساعة تصويره ونوع الكاميرا التى تم التصوير بها والمكان الذى تم بث الفيديو منه، ومنذ ظهور الفيديو أمرت بتشكيل فريق أمنى على أعلى مستوى من قطاع الأمن الوطنى والأمن العام وأمن القاهرة وإدارة التوثيق والمعلومات وإدارة العمليات الخاصة، وتم خلال 24 ساعة معرفة مكان التصوير والوقت الذى تم التصوير فيه ومدى احترافية الشخص الذى صوّر الفيديو، كما تم تحليل المضمون ولهجة المتحدث وكشف هويته، ثم لاحقاً تم التوصل إلى هوية باقى المتهمين، ثم شكلنا مجموعات ملاحقة، وتم استهدافهم فى عدة مأموريات، وقريباً بإذن الله سنعلن عن تفاصيل ما توصلنا إليه بالإضافة إلى هوية المتهمين وانتماءاتهم والجماعات التى ينتمون إليها ومصادر تمويلهم بالمال وإمدادهم بالسلاح والجرائم التى تورّطوا فيها ومدى ارتباطهم بخلايا أخرى. ■ وماذا عن ملاحقة المتهمين الذين ظهروا فى الفيديو؟ - عملية ملاحقة المتهمين شارك فيها مجموعة من أكفأ ضباط الأمن الوطنى ومباحث القاهرة والأمن العام وإدارة العمليات الخاصة، لأنهم تمكنوا باحترافية شديدة ومهنية عالية من كشف كل ملابسات القضية فى وقت قياسى. ■ هل عاد قطاع الأمن الوطنى بكامل قوته بعد استهدافه فى ثورة يناير؟ - قطاع الأمن الوطنى تعافى تماماً، ويمارس جميع مهامه حالياً بنسبة نجاح تصل إلى 100%، والدليل نجاح ضباط القطاع، بقيادة اللواء خالد ثروت فى كشف غموض كل الوقائع الإرهابية، وضبط المتهمين فيها خلال وقت قياسى، «مفيش عندنا جريمة إرهابية بدون متهم، لأننا نتوصل إليه من خلال تحريات دقيقة وأدلة دامغة». ■ وما الدور الذى قام به الأمن الوطنى فى الفترة الأخيرة لمحاربة الإرهاب ومنع جرائم استهداف المنشآت العامة؟ - قطاع الأمن الوطنى بمعاونة جميع الأجهزة الأمنية، خصوصاً قطاع الأمن العام، تمكن مؤخراً من توجيه 26 ضربة استباقية إلى الجماعات الإرهابية، وهى التى ساعدت فى إحباط مخططات إرهابية عديدة كانت تستهدف منشآت عامة ومواقع حيوية وتم القبض على 16 تكفيرياً و494 مُحرّضاً على العنف، بالإضافة إلى 10 متهمين بحرق أبراج شركات المحمول و142 متهماً بالتعدى على المقار الشرطية و153 متهماً بقطع الطرق وتعطيل المواصلات، وتم ضبط 44 خلية إرهابية وتكفيرية كان بحوزة أفرادها كمية كبيرة من الأسلحة النارية والمواد المتفجرة. ومن النجاحات أيضاً ضبط 78 متهماً بحرق أبراج الكهرباء وكذلك إبطال مفعول 26 قنبلة، وضبط 22 متهماً بحرق عربات القطارات وأوتوبيسات النقل وخطوط السكة الحديد، فكل الجرائم التى ارتكبها تنظيم الإخوان الإرهابى خلال ما سموه «إحياء ذكرى رابعة» تم ضبط المتهمين فيها، سواء المنفذون أو المحرضون.■ ما الذى رصدته المتابعات الأمنية لمسيرات الإخوان مع ذكرى فض رابعة حتى الآن؟ - عناصر الإخوان حاولوا مؤخراً زعزعة الثقة بين المواطن وجهاز الشرطة لتنفيذ مخططهم الذى يهدف إلى إشاعة الفوضى وإثبات وجوده المحدود فى الشارع المصرى، وذلك بعد فشلهم الذريع فى حشد المظاهرات المؤيّدة لهم، سواء فى أيام الجُمع أو خلال ما أطلق عليه «ذكرى إحياء رابعة»، فقد رصدت المتابعة الأمنية خروج نحو 3 آلاف شخص فقط فى مظاهرات التنظيم الإرهابى على مستوى الجمهورية، خلال تلك الذكرى، وهو ما يؤكد فشلهم الذريع فى الحشد، وانكشاف مخططاتهم الإرهابية لدى المواطن المصرى الذى أثبت بشكل قاطع وعيه الكامل وقدرته على التمييز بين الغث والسمين. ■ فى الفترة الأخيرة بدأ استهداف أبراج ومحولات الكهرباء.. ماذا فعلت الداخلية لمواجهة هذه الجرائم؟ - لجأ الإخوان إلى ترويع المواطنين من ناحية، ومحاولة إشاعة جو من السخط بينهم، سواء بتفجير محولات وأبراج الكهرباء والمحمول أو تعطيل المواصلات، وتمكنا من إحباط جميع تلك المخططات الشيطانية، وما زلنا نواجهها، وسنظل لهم بالمرصاد، «أؤكد أن كل من ارتكب جريمة فى حق الوطن والمواطن لن يُفلت من العقاب، عاجلاً أو آجلاً». والأجهزة الأمنية وجهت ضربات ناجحة للإرهاب خلال الفترة الماضية، تمكنت خلالها من تقويض حركته، كما أنها تعمل الآن على اقتلاع جذوره للقضاء عليه بشكل كامل؛ وذلك من خلال تجفيف منابع تمويله، ووقف مد العناصر الإرهابية بالأسلحة والمتفجرات، وذلك من خلال المعلومات التى تتوافر لأجهزة الأمن حول أنشطة تلك العناصر الإرهابية. ■ هناك 3 محافظات جديدة.. هل تنشئ «الداخلية» مديريات أمن بها أم يتم إلحاقها بمديريات موجودة بالفعل؟ - الحقيقة أنه بمجرد ترسيم الحدود الإدارية وتحديد هياكل الإدارة فى تلك المحافظات، سيتم على الفور وضع تصوّر دقيق لمديريات الأمن فى تلك المحافظات، وفقاً للتقسيمات الإدارية، سواء كانت حضرية أو ريفية وإنشاء ما يلزمها من أقسام ومراكز ونقاط الشرطة، ووضع خطة أمنية شاملة لكل منها على حدة. ■ وماذا عن الوضع الأمنى بشكل عام؟ - الموقف الأمنى بشكل عام جيد حالياً، حيث إن معدلات الأداء الأمنى فى ارتفاع مستمر، وهو ما يستشعره المواطن بنفسه فى الفترة الحالية، ولكن فى الوقت نفسه يجب الانتباه واليقظة الكاملة، لأن التحديات والتهديدات ما زالت قائمة.. والمواطن الآن يشعر بانحسار جرائم السطو المسلح والسرقات بالإكراه والخطف، وهذا نتيجة عمل دؤوب وتضحيات وخطة عمل شارك فيها الجميع أدت إلى حدوث طفرة من النجاحات على مستوى الأمن الجنائى والسياسى، فالحملات الأمنية الموسّعة على بؤر الجريمة مستمرة بشكل يومى وتحقق نجاحات طيبة، وأنا حريص على المشاركة بين الحين والآخر فيها، فليس لدينا وقت للتراخى أو الكسل، وقد قمت حتى الآن بزيارات ميدانية إلى 23 محافظة لأقف على أوجه القصور وأوجه تلافيها، وأتابع بنفسى الوضع الأمنى فى كل المحافظات، حيث أجرى اتصالات يومية بجميع مديرى الأمن والقيادات المسئولة وأتلقى تقارير مفصلة عن الوضع الأمنى ومعدلات الأداء. ■ ماذا عن الاستعداد للعام الدراسى الجديد وعودة الحرس الجامعى؟ - بالنسبة إلى المدارس فإن الأجهزة الأمنية لديها خطة للتأمين من خلال نشر أفراد شرطة سريين وعمل تمركزات وأكمنة فى مجمّعات المدارس، ويتم التواصل مع مديرى المدارس لمتابعة الحالة الأمنية أولاً بأول، أما الجامعات فلم ندرس طبيعة عودة الحرس الجامعى حتى الآن، لكن إجراءات التأمين ستجرى وفقاً لمتطلبات الحالة الأمنية، ولسنا فى خصومة معهم على الإطلاق، ولا نرغب فى دخول الحرم الجامعى مرة أخرى، لأن هذا فى حد ذاته يمثل عبئاً على وزارة الداخلية، ولكننا فى الوقت نفسه مسئولون عن تأمين الجامعات باعتبارها منشآت عامة مملوكة للشعب، ولذلك فلن نسمح بأى محاولات لاستخدام العنف أو إشاعة الفوضى أو التعدى على المنشآت الجامعية، وأى محاولات من هذا القبيل ستُواجه بكل حسم وحزم ووفقاً للقانون.. وسأبحث مع وزير التعليم العالى، ورؤساء الجامعات آلية تأمين الجامعات خلال العام الدراسى الجديد، خصوصاً فى ظل توافر معلومات حول اعتزام عناصر تنظيم الإخوان الإرهابى استغلال منابر العلم فى مظاهراتهم المسلحة التى تستهدف الإيقاع بين الطلبة وقوات الأمن من جانب، وتخريب منشآت الدولة من جانب آخر.. وسيتم نشر تمركزات أمنية بشكل مبدئى بمحيط جميع الجامعات مع بداية العام الدراسى، لتكون على استعداد كامل ودائم للتدخل الفورى، لوقف أى عنف داخل الجامعات، حمايةً لأرواح الطلاب، وحفاظاً على المبانى والمنشآت التعليمية التى هى ملكٌ للشعب المصرى.