في ظل العدوان الإسرائيلي العسكري والاجتياح البري الذي تشنه تل أبيب على قطاع غزة، والمستمر منذ 12 يومًا حتى الآن، والادعاءات الصهيونية أنهم كبدوا المقاومة خسائر فادحة حتى الآن، متمثلة في تدمير للبنية التحتية ولبعض الأنفاق الهجومية، واعتقال أسرى حررتهم إسرائيل في صفقة شاليط، إلا أن للصورة وجهًا آخر، فعلى الرغم من إمكانيات المقاومة المحدودة أمام إمكانيات الصهاينة العسكرية الهائلة، فقد نجحت المقاومة في تكبيد إسرائيل أيضًا خسائر اقتصادية واستخباراتية ومادية ونفسية غير معلنة وعلى عدة قطاعات. تصدر المستوى الأمني والاستخباراتي قائمة الخسائر والإخفاقات الإسرائيلية، حيث اعترف الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الإسرائيلي الخارجي "الموساد" داني ياتوم، أمس الخميس، بأن الجيش الإسرائيلي لديه ثغرة في المعلومات المتوفرة عن قطاع غزة، وأنه يجد صعوبة بالغة في استهداف منصات إطلاق الصواريخ وتحديد الأهداف في القطاع، الأمر الذي يمثل فشلًا استخباراتيّا إسرائيليّا في جمع المعلومات اللازمة عن المقاومة في غزة . وكان قائد رفيع المستوى في سلاح الجو الصهيوني قد أكد لصحيفة "يديعوت أحرنوت" مطلع الأسبوع أنهم ليست لديهم المعلومات المطلوبة حول مخازن الصواريخ في غزة، واعترف القائد الجوي: "إننا لا نعرف كل شيء، ولا نستطيع مهاجمة كل ما نعرف. ما نعرفه نعمل ضده، وما يمكننا مهاجمته نهاجمه". الأمر الذي يؤكد أيضًا أنه كان هناك ثغرة في المعلومات الاستخباراتية عدم علم إسرائيل أن المقاومة تمتلك صواريخ من طراز "إم 302". وكان الجيش تباهى بإرسال قوات النخبة لاصطياد سفينة «كلوس سي» قبل بضعة شهور مسافة 1500 كيلومتر لمنع وصول مثل هذه الصواريخ إلى غزة. ولكن ثبت أن هذه الصواريخ موجودة في غزة، أو أن المقاومة في القطاع قادرة على إنتاج شبيه لها. كما أن بعض المحللين الإسرائيليين يرون أن السبب في نقص المعلومات الكافية عن غزة هو لأنها ليست ضمن صلاحيات الجيش في مجال الاستخبارات، وأن المكلف بذلك لا يزال جهاز "الشاباك". أما على المستوى الاقتصادي فهناك دلائل تشير إلى أن هناك خسائر اقتصادية إسرائيلية مؤكدة، فحسب موقع "جلوبس" المعني بشئون الاقتصاد الإسرائيلي، فإن التكلفة الأولية لعملية "الجرف الصامد"، التي بدأتها إسرائيل قبل نحو 12 يومًا على قطاع غزة، تبلغ 8.5 مليار شيكل (2.4 مليار دولار.( فإسرائيل تستهدف في اليوم الواحد أكثر من 300 هدف في مدن وأحياء القطاع، الأمر الذي يكبدها خسائر في النفقات العسكرية للجيش الإسرائيلي، من رواتب الجنود الاحتياط، وتكاليف صواريخ القبة الحديدية المخصصة لإسقاط الصواريخ القادمة من القطاع، والنفقات اللوجستية، كتكاليف النقل والوقود والطلعات الجوية والبرية. ناهيك عن صواريخ المقاومة التي شلت المرافق الإسرائيلية، ووقفت المصانع عن العمل، وأدت إلى تراجع القوة الشرائية خلال أيام الحرب، وتوقف عجلة الاقتصاد بنسبة حادة، بسبب تعطيل المؤسسات عن العمل، وهذا ما أكد عليه وزير المالية "يائير لابيد" بإعلانه أن أضرارا بقيمة 10 ملايين شيكل (3 ملايين دولار)، تم تسجيلها في أول أيام سقوط الصواريخ على ممتلكات داخل إسرائيل، "والنسبة مرشحة للارتفاع عدة أضعاف". وبحسب معهد "فان لير" الإسرائيلي، فإن تقديرات بنحو 100 ألف دولار، تكلفة كل صاروخ يخرج من القبة الحديدية لاعتراض كل صاروخ قادم من غزة، وإن نحو 80 مليون دولار أمريكي، خسائر يومية يتكبدها الاقتصاد الإسرائيلي، منذ بدء العدوان على قطاع غزة قبل 12 يومًا. أما فيما يخص الميزانية الإسرائيلية، فأكدت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية، خلال تقرير اقتصادي لها، اليوم الجمعة، أن جدلًا واسعًا في انتظار ميزانية الدفاع الإسرائيلية لعام 2015، والتي كان من المفترض أن تناقش قُبيل عملية الجرف الصامد التي تشنها إسرائيل على غزة الآن، مشيرة إلى أن مسألة التعوضيات التي ستلتزم بها إسرائيل تجاه الأضرار التي لحقت بالمواطنين الإسرائيليين والمؤسسات، من شأنها أن تؤثر على الميزانية العامة. وأشارت الصحيفة أن عملية "الجرف الصامد" أجلت مناقشة الميزانية العامة؛ لأنه أصبح هناك معطيات جديدة، وهي مسألة التعوضيات وجدلية ميزانية الدفاع الإسرائيلية، التي كان مقررًا لها أن تتقلص بثلاثة مليارات شيكل، لافتة إلى أنه في ضوء الأحداث الأخيرة لا يمكن بشتى الطرق تقليص ميزانية الدفاع. 417 طلب تعويض لمنازل تضررت من صورايخ حماس، و228 تضررت سياراتهم وذكرت الصحيفة أنه وفقًا لهيئة الضرائب الإسرائيلية، فقد قُدم نحو 662 طلب تعويض لأضرار لحقت ببعض المواطنين والمؤسسات نتيجة لصواريخ حماس، من بينهم 417 طلب تعويض لمنازل تضررت من صواريخ حماس، و228 تضررت سياراتهم، و17 لحقت أضرار بحقولهم، لافتة إلى أن نسبة المتضررين سترتفع مع انتهاء الحرب، وأنهم في هيئة الضرائب الإسرائيلية يقدرون حجم التعوضيات بعشرة ملايين شيكل. وأضافت الصحيفة أن التأثير على الناتج المحلي الإجمالي يرجع إلى استمرار العملية الآخذة في التوسع، وأنه حسب " عوفر كلاين " رئيس قسم البحوث الاقتصادية والمالية التأمين هارئيل، فإن القطاع الذي تلقى ضربة موجعة فهو قطاع السياحة، والذي تبين من تجربة الماضي في عملية الرصاص المصبوب وحرب لبنان الثانية، أنه لن يتعافى قبل 5 ل 6 أشهر والذي سجل انخفاضًا دراميّا بنسبة 39% و53%، أما في عملية "عامود السحاب" في 2012 سجل قطاع السياحة انخفاضًا بنسبة 7% مع العلم أنه لم يكن موسم السياحة في إسرائيل بذلك الوقت. وأوضحت الصحيفة أن نفقات العملية التي تشنها إسرائيل على غزة من شأنها أن تغير الصورة، لافتة إلى أنه إلى جانب تحديد ميزانية الدولة لعام 2013-2014، تم تعيين تخطيط لميزانية الجيش السنوية، ووفقا لهذا المخطط فإن ميزانية الدفاع لعام 2015 ستكون 54 مليار شيكل قابلة للزيادة.