مع انطلاق الدعاية الانتخابية والكشف عن برامج المرشحين للرئاسة وبالأخص البرامج الاقتصادية، رصد خبراء اقتصاد رؤيتهم لهذه البرامج التى وصفها البعض بالتقليدية والخالية من الاقتصاد، والجدير بالذكر أن البرنامج الاقتصادى للمشير عبد الفتاح السيسى ، المرشح لرئاسة الجمهورية ، يتضمن انشاء 22 مدينة جديدة للصناعات التعدينية فى الظهير الصحراوى لسيناء، و8 مطارات جديدة لتسهيل حركة التنقل إلى المدن الجديدة، واستصلاح 4 ملايين فدان، وإنشاء نحو 20 ألف مدرسة وسيعين بها 200 ألف معلم، وتصل تكلفة انشائها إلى 500 مليار جنيه، وفتح مجالات جديدة للاستثمار المصرى والعربى والأجنبي. فى حين يتضمن البرنامج الاقتصادى لثانى مرشحى الرئاسة حمدين صباحي، تنفيذ عدد من المشروعات حال فوزه فى الانتخابات الرئاسية ، منها مشروع تنمية الساحل كذلك تطوير قناة السويس ومشروع الملاحة العالمية ، وتنفيذ مشروع تكنولوجيا الطاقة الشمسية وإنشاء مصنع بمنطقة الصعيد يحول الطاقة الشمسة لطاقة كهربائية ومشروع تطهير الصحراء الغربية من الألغام ، ومشروع وادى السليكون للصناعات التكنولوجية وغيرها من المشروعات التى تفتح آفاقا واسعة للنهضة وتوفير فرص العمل وتنمية الاقتصاد المصرى، هذا بجانب إقرار الحد الأدنى والحد الأقصى للأجور، وتطبيق الضرائب التصاعدية ، مع السعى لجذب الاستثمارات العربية والأجنبية المهاجرة، والسعى لزيادة المساحة المعمورة من مصر وبناء مجتمعات عمرانية جديدة. فهل حقاً أن هذه البرامج تقليدية كسابقتها من البرامج الانتخابية للمرشحين ؟، وهل تضمنت هذه البرامج حلولاً فعالة للمشكلات التى يعانى منها الاقتصاد وكيفية مواجهة هذه الإشكاليات والتحديات ؟، أم أنها لم تتضمن محاور اقتصادية معينة كان لابد من التركيز عليها خلال هذه الآونة لأهداف سياسية وليست اقتصادية ؟ " النهار" عرضت هذه الأسئلة على خبراء الاقتصاد والإجابة فى السطور التالية. فى البداية أكد الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، أن البرامج الاقتصادية لمرشحى الرئاسة الحاليين تقليدية ولم تقدم أى جديد، إذ إنها باتت بمثابة وعود لحين الفوز بالكرسى وبعد ذلك تتناسى الأهداف الاقتصاديه التى أعلنوا عنها، هذا بجانب أن هذه البرامج قد تجاهلت بل لم تتضمن عدداً من القضايا الاقتصادية المهمة لعل أبرزها كيفية سد عجز الموازنة العامة للدولة والذى بلغ حتى الآن 340 مليار دولار، والديون وسبل تنشيط سوق المال التى شهدت تدهوراً وتفكيكاً خلال الفترة الماضية، هذا بجانب أنهم لم يقوموا بالكشف عن مصادر التمويل التى سيحصلون عليها لتنفيذ مثل هذه المشاريع التى أعلنوها. أخطاء وأضاف عبده أن أكبر الأخطاء التى تضمنتها البرامج الانتخابية لمرشحى الرئاسة هو عدم التفرقة بين الآليات والأهداف، إذ إن كلاً من السيسى وصباحى قاموا بالكشف عن الأهداف الاقتصادية التى يسعان لتحقيقها حال فوزهما إلا أنهما تناسا آليات تنفيذ هذه الأهداف. وأوضح عبده أن البرامج الاقتصادية لمرشحى الرئاسة لم تتضمن قضايا اقتصادية جديدة لم يتم التطرق إليها ، هذا بجانب أنها تجاهلت تماماً الكشف عن الخطط المستقبلية لمواصلة التنمية المستدامة للبلاد حتى يستمر النمو الاقتصادى الذى أشارا إلى السعى إليه فور فوزهما بالرئاسة. فى حين ترى الدكتورة ماجدة شلبي، خبيرة الاقتصاد، أن البرامج الاقتصادية سواء للمرشح السيسى أو صباحى لم تتطرق على الاطلاق للتحديات الاقتصادية الراهنة ، والتى تحتاج لتقديم رؤية واضحة وحلول عاجلة لها، لعل منها تفاقم حجم الدين العام للدولة وكذلك عجز الموازنة العامة وزيادة معدلات البطالة، وانخفاض معدلات الاستثمار التى تراجعت بشكل كبير خلال الفترة الماضية فى ظل استمرار التفجيرات الإرهابية فى الشارع المصري. مدة زمنية وأضافت شلبى أن تنفيذ الأهداف الاقتصادية التى أعلن عنها كل من السيسى وصباحى تحتاج مدداً زمنية طويلة لتنفيذها قد تتعدى فترة الرئاسة التى سيقضونها وهذا الأمر الذى يجعل أحاديثهم حول البرامج الاقتصادية وكأنها كلام فى الهواء ومجرد وعود كاذبة من أجل الحصول على نسبة أصوات أكثر فى الانتخابات. وأوضحت شلبى أن تنفيذ خطط الإصلاح الاقتصادية والتى تم الإعلان عنها تتطلب مليارات الجنيهات والتى قد تصل لتريليون جنيه، ورغم ضخامة التمويل اللازم لتنفيذ هذه الخطط إلا أنه لم يتم تحديد مصادر التمويل من قبل مرشحى الرئاسة ، الأمر الذى جعل عدم الدقة هو العنصر السائد فى البرامج الاقتصادية. فى حين يرى الدكتور إيهاب الدسوقى ، الخبير الاقتصادي، أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، أن الأهداف الاقتصادية التى تم الاعلان عنها تعد جيدة للغاية ولكن مرشحى الرئاسة لم يكشفوا عن المدى الزمنى اللازم لتنفيذ هذه الأهداف، هذا بجانب أن السوق المصرية تفتقد آليات تنفيذ هذه الأهداف الاقتصادية. ليست جديدة وأضاف الدسوقى أن بعض الاهداف الاقتصادية التى تم الإعلان عنها من قبل مرشحى الرئاسة ليست بجديدة وإنما تعد تقليدية ولعل أبرز هذه الأهداف السعى لأنشاء مجتمعات عمرانية، فهذه الفكرة قد أعلن عنها من قبل عدد من المسئولين السابقين فى الدولة ولعل أبرزهم وزير الإسكان السابق حسب الله الكفراوى الذى كان يخطط لذلك أثناء توليه الوزارة، كما أنها تعد تنفيذاً لأفكار الدكتور فاروق الباز، هذا بجانب أن تنفيذها قد يمتد لأكثر من عشرة أعوام . وأوضح الدسوقى أنه رغم بعض العيوب التى تضمنتها البرامج الاقتصادية للمرشحين، فإنه لا يمكن تناسى أن برنامج السيسى قد وضع خطة للقضاء على التضخم، هذا بجانب أنه يسعى لربط التنمية الاقتصادية بالمشروعات التنموية، فى حين أن أكثر الانتقادات التى توجه لبرنامج صباحى هو ان بعض الأهداف التى أعلن عنها غير واقعية ولا توجد أى آليات لتنفيذها خلال الفترة الراهنة. بينما انتقدت الدكتورة عالية المهدي، أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة، البرامج الاقتصادية لمرشحى الرئاسة قائلة إنها تفتقد الشفافية والدقة خاصة فيما يتعلق بمصادر التمويل ، إذ إن تنفيذ ما تم الإعلان عنه يتطلب تمويل كبيراً للغاية ومن الصعب توفير مصادر لتمويل ذلك، لا سيما فى ظل انخفاض المؤشرات الاقتصادية للبلاد وتفاقم عجز الموازنة العامة للدولة وارتفاع حجم الدين العام. صعوبات وأوضحت المهدى أن إعلان السيسى عن حل معظم الإشكاليات والتحديات الاقتصادية خلال عامين، من الصعب تحقيقه، لا سيما أن برنامجه الاقتصادى قد يتطلب ما لا يقل عن سبعة أعوام لتنفيذه وليس عامين ، الأمر الذى يهدد بثورة جديدة غذا لم يتم تنفيذ هذه الوعود الانتخابية فى حالة فوزه. وأضافت المهدى أن أكثر الانتقادات التى لابد أن توجه للبرامج الاقتصادية سواء للسيسى أو لصباحى هى أنها افتقدت توضيح آليات الخروج من الأزمة الإقتصادية الراهنة سواء من عجز الموازنة أو الدين العام للدولة ، أى أنها افتقدت إعداد دراسات جدوى لتنفيذ الأهداف الاقتصادية حتى يمكن البدء فى مرحلة التنمية الاقتصادية، خاصة ان تحقيق أى تنمية يتطلب وضع خطة ودراسة جدوى ووضع آليات للتنفيذ وهذا الأمر لم تتضمنه البرامج الانتخابية.