السيسي يقرر تعيين رؤساء 8 محاكم استئناف    وزارة العمل تبدأ اختبارات المرشحين للعمل في الأردن.. بالصور    بنوك مركزية خليجية تثبت أسعار الفائدة بعد قرار الفيدرالي الأمريكي    رسميًا بعد الزيادة الجديدة.. موعد صرف مرتبات شهر أغسطس 2025 للعاملين في الدولة    أزمة صواريخ الاعتراض والذخائر عالية الدقة..التحالف الصهيو أمريكي يكشف سبب وقف الحرب على إيران    نتنياهو: أسقطنا المساعدات على غزة وحماس تسرقها من المدنيين    لاعب برشلونة السابق يقترب من الانتقال لفنربخشة    قناة الأهلي: بيراميدز يريد التعاقد مع أحمد عبد القادر    تأجيل استئناف مالك شركة أدوية و4 آخرين على حكم المؤبد في اتهامهم بتصنيع الترامادول ل27 أغسطس    «الجنايات» تقرر إدراج 5 أشخاص في قائمة الإرهابيين    بدء محاكمة طفل المرور في استعراض القوى 3 سبتمبر.. والنيابة تحيله للجنايات لاتهامه بتعاطي الحشيش    عرض الصمت المحكم يستقبل جمهوره بالبطيخ ويتطرق للقضية الفلسطينية بالمهرجان القومي للمسرح    4 أبراج تحت ضغط نفسي هائل مع بداية أغسطس.. "طبطبوا عليهم"    «أنا الذي».. محمد منير يطرح ثالث أغاني ألبومه الجديد (فيديو)    ما المقصود ببيع المال بالمال؟.. أمين الفتوى يُجيب    ما حكم الخمر إذا تحولت إلى خل؟.. أمين الفتوى يوضح    الشيخ خالد الجندي: الرسول الكريم ضرب أعظم الأمثلة في تبسيط الدين على الناس    ما حكم بيع سلعة لشخص قد يستخدمها في الحرام؟.. أمين الفتوى يُجيب    «الصحة» تكشف حقيقة زيادة مساهمة المريض في تكلفة الأدوية إلى 70%    انطلاق المؤتمر الجماهيري لحزب الجبهة الوطنية بسوهاج لدعم المرشح أحمد العادلي    محمد إسماعيل: هدفي كان الانتقال إلى الزمالك من أجل جماهيره    فشل المخطط الإسرائيلى    الكونغ فو يحصد 12 ميدالية ويتوج بالكأس العام بدورة الألعاب الأفريقية للمدارس    "هواوي" تطلق الإصدار 8.5 من حزمة السحابة في شمال إفريقيا لتعزيز الذكاء الاصطناعي    البيت الفني للمسرح ينعى الفنان لطفي لبيب    في شهرين فقط.. تامر حسني يجني 99 مليون مشاهدة بكليب "ملكة جمال الكون"    بنتايج يعود للتدريبات الجماعية مع الزمالك    المتهم بارتكاب أفعال فاضحه لجارته بالبساتين ينفي الواقعة    تأجيل دعوى عفاف شعيب ضد المخرج محمد سامي بتهمة السب والقذف    تحليل مخدرات والتحفظ على السيارة في مصرع شابين بكورنيش المعادي    ميسي يحصد جائزة جديدة في الدوري الأمريكي    تايلاند وكمبوديا تؤكدان مجددا التزامهما بوقف إطلاق النار بعد اجتماع بوساطة الصين    مصر تواجه تونس في ختام الاستعدادات لبطولة العالم لكرة اليد تحت 19 عامًا    مقتل 3 جنود جراء إصابة صاروخ روسي موقع تدريب للجيش الأوكراني    تويوتا موتور اليابانية: زيادة الإنتاج والمبيعات في يونيو والنصف الأول من العام    وزارة الثقافة تعلن تسجيل مصر مبنى متحف الخزف الإسلامي في سجل التراث المعماري والعمراني العربي    رئيس جامعة المنيا يحفّز الأطقم الطبية قبيل زيارة لجان اعتماد مستشفيي الكبد والرمد الجامعيين    أهمية دور الشباب بالعمل التطوعي في ندوة بالعريش    ركود السوق يهبط بأسعار الأجهزة الكهربائية 35%.. والشعبة: لا تشترِ إلا عند الحاجة    محافظ المنوفية تنهي استعداداتها لانتخابات مجلس الشيوخ 2025 ب 469 لجنه انتخابية    حركة فتح: إعلان نيويورك إنجاز دبلوماسى كبير وانتصار للحق الفلسطينى    أحمد درويش: الفوز بجائزة النيل هو تتويج لجهود 60 عاما من العمل والعطاء    الليلة.. دنيا سمير غانم تحتفل بالعرض الخاص ل «روكي الغلابة»    لماذا ينصح الأطباء بشرب ماء بذور اليقطين صباحًا؟    ختام موسم توريد القمح في محافظة البحيرة بزيادة 29.5% عن العام الماضي    جامعة بنها الأهلية تختتم المدرسة الصيفية لجامعة نانجينج للطب الصيني    مدرب ألمانيا: شتيجن هو الحارس الأول بعد اعتزال نوير    النيابة العامة: الإتجار بالبشر جريمة تتعارض مع المبادئ الإنسانية والقيم الدينية    "زراعة الشيوخ": تعديل قانون التعاونيات الزراعية يساعد المزارعين على مواجهة التحديات    ضبط 30 كجم مخدرات وتنفيذ 609 أحكام في دمياط وأسوان    لترشيد الكهرباء.. تحرير 145 مخالفة للمحلات التي لم تلتزم بقرار الغلق    محافظ أسوان يوجه بالانتهاء من تجهيز مبني الغسيل الكلوي الجديد بمستشفى كوم أمبو    انكسار الموجة الحارة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة    ما معنى (ورابطوا) في قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا)؟.. عالم أزهري يوضح    البورصة المصرية تطلق مؤشر جديد للأسهم منخفضة التقلبات السعرية "EGX35-LV"    ترامب يكشف عن تأثير صور مجاعة قطاع غزة على ميلانيا    استراتيجية الفوضى المعلوماتية.. مخطط إخواني لضرب استقرار مصر واستهداف مؤسسات الدولة    إعلام كندي: الحكومة تدرس الاعتراف بدولة فلسطين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا لا يهتم بوتين ؟
نشر في النهار يوم 18 - 03 - 2014

كان يا ما كان ايام الحرب الباردة ،كان يكفى ان «يزغر» جون كينيدى للاتحاد السوفياتى، فتسحب موسكو بطاريات منصات صواريخها فى كوبا، اعتبرت امريكا ان تعاون كاسترو مع السوفيات فى وضع بطاريات ومنصات صواريخ فى كوبا هو تهديد نووى مباشر لها. لكن بعد نظرة ثم «تكشيرة» السوفيات «جابوا ورا».
ده كان زمان. الان هناك اوكرانيا، ولكن قواعد اللعبة تغيرت.
لايهم ان الاتحاد السوفياتى تضائل ليصبح روسيا فقط أو ان امريكا أصبحت هى القطب الاوحد. فالموضوع لم يعد يتعلق بحجم وقوة الدولة، ولا الازمة اصبحت تتمحور حول بضعة صواريخ موجهة من كوبا لواشنطن.
من الاخر كده، الموضوع الان موضوع فلوس.
لا والله بجد!
ايام زمان لما كان فيه ستار حديدى، كان السوفيات يخشون الغرب صدقا. يظنون انهم جادون حين يهددون بالدفاع عن حقوق الانسان. يرتعدون من انتفاضة امريكا لحماية كوريا أو حتى مغامرتها الفاشلة فى فيتنام.
الان هذا الغرب المخيف تحول إلى ماكينة ضخمة لغسيل اموال الروس. نحن نتكلم عن اكثر من 56 مليار دولار خرجت من روسيا فى سنة 2012 وحدها، وتم غسيلها فى جزر الانتيل الهولندية وبنوك الجزر البريطانية.
الغرب بالنسبة لروسيا الان هم مجموعة من اصحاب البنوك والمصالح الجشعين الذين لا يهتمون بمبادئ الديموقراطية على قدر اهتمامهم بالنقود التى فى جيبك.
حين ينظر بوتين إلى الغرب، فهو لا يرى حلف شمال الاطلنطى، بل يرى دولا اوروبية عالة على امريكا (فيما عدا المانيا). يرى دولا يطحنها التضخم والبطالة مثل البرتغال واسبانيا واليونان تتسابق لعلاقات اقتصادية مع موسكو ورجال اعمالها الفاسدين مع غض البصر عن أى انتهاكات لحقوق الانسان داخل روسيا.
امريكا لم تعد القبضة الصارمة التى تحكم اوروبا فهى مشتتة بين افغانستان والعراق وايران ومباحثات السلام فى الشرق الاوسط، وفوق كل ذلك فهى تعانى تحت وطأة اكبر مديونية فى العالم ومصدرها الصين التى «من الاخر كده» ممكن تبيع وتشترى فى امريكا.
كان من المفترض ان يخاف بوتين من الغرب لأن اموال الروس تقبع فى بنوك اوروبا عرضة للعقوبات والتجميد فى حالة انتهاك الاتفاقيات الدولية أو حقوق الانسان. ولكن مرة بعد مرة بعد مرة وجد بوتين ان الاوروبيين لا يمتلكون الشجاعة الكافية لفعل ذلك.
انتظر بوتين ان يحدث ذلك فى 2008 حين وصلت القوات الروسية لمشارف «تبليسى» فى جورجيا. بالطبع كانت هناك تصريحات غاضبة ونداءات سياسية عاجلة. ولكن ولا كلمة عن مليارات الروس فى بنوك اوروبا.
حين تم الزج برموز المعارضة الروسية فى السجون من خلال محاكمات صورية، انتظر بوتين ان يسمع ولو حتى همسا أى شىء عن نقود الروس. لم يحدث.
الروس الان يقارنون بروكسل (مقر البرلمان الاوروبى) بالاتحاد السوفياتى فى اوائل الثمانينيات حين كان السوفيات يتحدثون عن الماركسية ولا يمارسونها. الان اصوات بروكسل صاخبة بالحديث عن حقوق الانسان ولكنهم ليسوا فى حاجة للكفاح من اجلها بجدية.
الدليل على ذلك هم رموز اوروبا السابقون، أبطال العالم الحر. فتونى بلير رئيس وزراء بريطانيا السابق هو المستشار الاعلامى لديكتاتور كازاخستان الذى يساعده على تحسين صورته فى الغرب ليغسل صورته بعض موجات الاعتقالات والقتل المتكرر ضد معارضيه. ساركوزى رئيس فرنسا السابق غارق حتى اذنيه فى التعاملات المالية مع دولة قطر وحكامها. اما جيرهارد شرودر مستشار المانيا السابق فهو عضو فى مجلس ادارة الشركة التى تنشئ انابيب الغاز بين روسيا والمانيا عن طريق البحر الاسود.
المال يشترى كل شىء ولا عزاء للديموقراطية ومبادئ حقوق الانسان.
لذلك بوتين يعلم ان كل الكلام الغاضب والتهديدات هى «طق حنك». فلن تقترب اوروبا المنهكة اقتصاديا ولا امريكا المشتتة دوليا من اموال الروس.
ربما ستنسحب امريكا من قمة الدول الثمانى؟ طز، وايه يعنى؟
ربما ستفرض أمريكا بعض العقوبات الاقتصادية ولكن طالما كانت بعيدة عن عمليات غسيل الاموال فلا قيمة لأى عقوبات.
مؤخرا تم تسريب ورقة من مقر رئاسة الوزراء البريطانى مفادها ان بريطانيا ستحتج وتشجب ولكنهم سيتجنبون أى اشارة لأى تجميد للاموال الروسية.
لكن سيبنا من امريكا واوروبا. لنعد لبوتين وروسيا. بوتين يحتاج إلى اوكرانيا. هو يحتاج إلى القرم. بوتين يحتاج إلى حرب حتى ولو كانت على الورق.
حين جاء بوتين رئيسا كان هناك وعد بالاستقرار، بالقضاء على الفوضى التى خلفها يلتسين ورفاقه. جاء بوتين رئيسا ثم اصبح رئيسا للوزراء تحت الرئيس الدمية ميديفيف، ثم عاد رئيسا. لم تتمتع روسيا بالاستقرار ولم تتوقف الفوضى، بل استشرى الفساد والقمع والفقر.
فى ديسمبر 2011 خرج اكثر من مئة الف روسى للتظاهر ضد بوتين. تم قمعهم وتخويفهم. ولكن بوتين يدرك تماما انه يحتاج لقصة اخرى لتجميل وجه النظام. فالقمع لا يستطيع ان يحميه للابد مع تصاعد الغضب.
لذلك تفتق ذهن بوتين عن الاتحاد الاوراسى، وهو اتحاد اقتصادى على غرار الاتحاد الاوروبى ضمت روسيا فيه بيلاروسيا وكازاخستان. ولكن الاقتصاد هنا لا يهم. فهى محاولة لإحياء امبراطورية الاتحاد السوفياتى.
وهنا اهمية اوكرانيا
سعى بوتين لضم الدول التى كانت فى الاتحاد السوفياتى ومنها اوكرانيا التى كان يرأسها فيكتور يانوفوكيتش كلب بوتين المدلل.
و لكن الشباب فى اوكرانيا يريد ان ينضم للاتحاد الاوروبى لأنه يرى فى هذا الاتحاد الاوراسى ستارا حديديا جديدا تنتهك فيه حقوق الانسان مرة اخرى ويستشرى الفساد من ورائه وكل ذلك تحت غطاء الامبراطورية الجديدة.
النتيجة ثورة عارمة للشباب بسبب الاتحاد الاوراسى والفقر والفساد وقمع المعارضين. فثار الشعب على يانوفوكيتش الذى هرب إلى موسكو.
وهنا جاء غزو القرم.
فدخول بوتين إلى شبه جزيرة القرم (جنوب اوكرانيا) ليس مجرد رد فعل لخلع ديكتاتور اوكرانيا. فبوتين يحتاج إلى إلهاء يغطى به على الفساد والفقر واكثر من خمسين مليار دولار تم صرفها فى اولمبياد سوشى الشتوية ثلثهما عمولات ورشاوى والقائمة تطول.
بوتين يحتاج إلى حرب يهلل لها الروس. فالقرم ليست «تبليسى». القرم كانت جزءا من روسيا حتى سنة 1954. القرم هى مقر الاسطول الاسود الروسى. القرم هى وجهة السياحة لأكثر من مليون روسى سنويا. القرم هى النادى الريفى المرفه الذى يعرفه الروس جيدا ويرتبطون به وطنيا وعاطفيا. القرم هو اخر مثال لرومانسية القرن التاسع عشر حين احتلتها روسيا وأخذتها من الدولة العثمانية.
اذا أعاد بوتين القرم فسيهلل له ملايين الروس ولن يهتم احد بحقوق الانسان والفقر والفساد. فلا صوت يعلو فوق صوت المعركة، فكيف تجرؤ على ان تطالب القيصر المنتصر بحقوق الانسان؟
ربما تكون مناورة وربما يكون غزوا كاملا. ربما يتراجع بوتين وربما يستمر فى حملته. ولكن بوتين يعرف شيئا واحدا. يعرف ان السياسيين الاوروبيين سيصدرون البيانات الغاضبة ثم يعودون لمكاتبهم لتسهيل شراء الروس للقصور الفرنسية والاقطاعيات البريطانية. يعرف ان امريكا لن تستطيع ان تجبر اوروبا ان تتعامل بشكل مختلف مع روسيا.
بوتين يعرف كل ذلك. لهذا، فهو ينظر إلى اوروبا وامريكا بنظرة شفقة وربما احتقار. فبوتين لم يعد يهتم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.