على الرغم من الصعوبات التى واجهت انعقاد مؤتمر جنيف 2 الخاص بسوريا فى ظل انقسام المعارضة من جهة واصرار نظام الأسد على الاستمرار فى السلطة بل واعتزام الترشح فى الانتخابات المقبلة الأمر الذى صعب من المفاوضات التى شهدتها جنيف وربما لم تفلح الا فى الضغط لايصال المساعدات الانسانية للاجئين والنازحين السوريين . ويرى المراقبون أن النظام السورى نجح فى القاء الكرة فى ملعب المعارضة بمجرد المشاركة فى المؤتمر لكنه حدد خطوطا حمراء لا يمكن التنازل عنها واعتبار المؤسسات الحالية والحديث عن رحيل الاسد خطا أحمر ، فيما اصرت المعارضة على تنفيذ بيان جنيف 1 مطالبة بتنازل النظام عن جميع الصلاحيات للدخول فى المرحلة الانتقالية . وفى غضون ذلك أعلن المبعوث الدولى إلى سوريا الأخضر الإبراهيمى فى جنيف عن تقدم جزئى فىيما يتعلق بفك الحصار عن المدنيين بحمص وعقد محادثات تمهيدية مع وفدى النظام والمعارضة السوريين قبل الدخول فى مفاوضات حول الانتقال السياسى المحتمل. وقال الإبراهيمى خلال مؤتمر صحفى على هامش المفاوضات الجارية ضمن مؤتمر جنيف الثانى ان الحكومة السورية وافقت على خروج الأطفال والنساء من أحياء حمص القديمة المحاصرة. لكن فى المقابل طلبت دمشق لوائح بأسماء المدنيين الآخرين من غير النساء والأطفال للتحقق منها، بينما طالب ناشطون فى الأحياء المحاصرة بضمانات بعدم اعتقال المدنيين أثناء خروجهم. وجاءت تصريحات الوسيط الدولى بعد جلستين ضمت وفدى النظام والمعارضة فى قاعة واحدة بحضور الإبراهيمي ونوقشت خلالهما قضيتا المحاصرين بحمص والمعتقلين والمفقودين. فيما أكد فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السورى ان «المسلحين والإرهابيين» هم من يعيق دخول المساعدات إلى بعض المناطق التى يوجد فيها قتال. وقال إن السلطات وزعت الشهر الماضى أربعة ملايين سلة غذائية على المناطق المحاصرة أو التى تشهد اشتباكات. قضية المعتقلين وقد ناقش وفدا النظام والمعارضة بجنيف قضية المعتقلين والمفقودين. وذكرت مصادر من المعارضة أنها أعدت قوائم بعشرات آلاف المعتقلين لدى النظام بينهم أكثر من ألفى طفل وامرأة ونفت أن يكون هناك مدنيون معتقلون لدى فصائل المعارضة. وأعلن عضو وفد الائتلاف الوطنى السورى المعارض منذر أقبيق أن وفد المعارضة لمس عدم جدية وفد النظام فى نقاش مسألة المفقودين والمعتقلين. من جهته قال وزير الإعلام السورى عمران الزعبى انه يتعين عدم التمييز بين المعتقلين وتحدث عن آلاف المفقودين والمخطوفين من الموالين للنظام. وفى الإطار ذاته نفى فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السورى مساء أن يكون هناك أطفال معتقلون فى سجون النظام بينما يرى المعارضون ان النظام يعتبر المعتقلين «إرهابيين» والأطفال المحتجزين فى سجونه «جواسيس» للمعارضة. وفى المقابل عبر الإبراهيمى عن أمله بأن تبدأ السلطات السورية الإفراج عن النساء والقصّر وكبار السن وكان قد قال ان النقاش بشأن المساعدات لحمص والمعتقلين والمفقودين يقع ضمن ما أطلق عليه خطوات لبناء الثقة بين الطرفين. ومن جهته قدر المرصد السورى لحقوق الإنسان عدد المفقودين فى سوريا منذ اندلاع الثورة منتصف مارس 2011 بنحو 17 ألفا وعدد المعتقلين فى سجون النظام بعشرات الآلاف. مواقف متباعدة وفى المؤتمر الصحفى الذى عقده على هامش جلسات المفاوضات أعلن المبعوث الدولى إلى سوريا أن الوفدين السوريين سيواصلاً بحث القضايا ذات الطابع السياسي. وقال الأخضر الإبراهيمى إن كل طرف سيتحدث إلى الطرف الآخر عن طريقه هو . ويفترض أن يناقش الوفدان تشكيل هيئة حكم انتقالية الوارد ضمن الإعلان الصادر عن مؤتمر جنيف الأول فى يونيو 2012 . وكشفت مصادر أن الطرفين يختلفان فى تفسير بنود الإعلان، فتقول المعارضة إنه ينص وجوبا على تشكيل تلك الهيئة بينما يقول النظام إنه لا حاجة لها فى ظل وجود مؤسسات قائمة بسوريا. ويرى مراقبون أن هناك تباعدا كبيرا فى مواقف الطرفين من هذه المسألة التى تعد أحد العوامل الحاسمة لنجاح مؤتمر جنيف الثانى أو فشله. وفىما يبدو ردا على اتهامات المعارضة للنظام بعدم الجدية بل وحتى بالتخطيط «للهروب» من المؤتمر أكد فيصل المقداد أن وفده جاء برغبة صادقة لإنهاء «الإرهاب» والحرب بسوريا. وكان وزير الإعلام السورى عمران الزعبى قد شدد على أن وفد النظام «منفتح» على مناقشة مقترحات بهذا الشأن لكنه شدد على أن الرئيس بشار الأسد «خط أحمر». وأضاف الزعبى أن الدستور يسمح للأسد بأن يرشح نفسه لولاية ثانية إذا أراد ذلك. كما اكد ان وفد النظام لن يقبل بتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات وفق ما نص عليه إعلان جنيف الأول، كما اشار الإبراهيمى إلى الاختلاف فى تفسير البند المتعلق بهيئة الحكم الانتقالية. وفى سياق متصل دعا نجل الرئيس المصرى الراحل «جمال عبد الناصر»، زعيم النظام السورى بشار الأسد، بأن يتسلح بصلابة والده (عبد الناصر) فى عام 56 عندما واجه العدوان الثلاثى على مصر. وقال عبد الحكيم عبد الناصر فى رسالة إلى الأسد عبر صفحته الرسمية على «فيس بوك»: «إلى أخى الرئيس بشار الأسد لا يرهبك هؤلاء الخونة وهم مستقويين (مستقوون) بالشيطان الأمريكى الأكبر أنت الآن تمثل سوريا الوطن وجيش الجمهورية العربية السورية الذى هو جيش الجمهورية العربية المتحدة الأول رافعاً علم الجمهورية العربية المتحدة الذى رفعه جمال عبد الناصر منذ 55 (عامًا) على مصر وعلى قلب العروبة النابض دمشق». وأضاف :»فلذلك تسلح بصلابة عبد الناصر فى 56 عندما واجه بريطانيا وفرنسا وحتى رغم هزيمة 67 تسلح بإيمانه بشعبه العربى وعدالة القضية العربية ضد الصهيونية فى حرب الاستنزاف حتى موافقته على مبادرة روجرز لاستكمال حائط الصواريخ الذى كان مفتاح نصر أكتوبر العظيم».