فى مفاجأة من العيار الثقيل، قامت وزارة المالية بأخذ قرابة الستة ملايين جنيه من مستشفى القصر العينى الفرنساوى وذلك نهاية شهر يوليو من العام الجاري،على اعتبار أنها الحصة التى أقرتها وزارة المالية من الصناديق الخاصة والتى تقدر بنحو 20%، مع العلم أن مستشفى القصر العينى الفرنساوى هى خاصة ولا تحصل على أى دعم من الدولة، إلا أن الكارثة أن الأموال التى تحصل عليها وزارة المالية تكون من إجمالى إيرادات المستشفى وليس من حصيلة الصناديق. فقد أثار ذلك الجدل بين الكثيرين، إذ اعتبره البعض بأنه نوعاً من فرض الإتاوات على المستشفيات الخاصة دون النظر إلى ما إذا كانت تعانى من نقص فى مستلزماتها أم لا؟، وهذا ما تقوم به بالفعل مديرة الإدارة المالية بالمستشفى إذ أن إهتمامها يتركز على جمع المبالغ المقررة للصناديق دون النظر إلى ما ينقص المستشفى من خدمات ومستلزمات طبية باتت شبه مختفية، على الرغم من أن المريض يعيش لحظات كثيرة قريبة من الموت. لذا هل باتت حياة المواطن المصرى رخيصة ، وذلك من أجل توفير مورد مالى فى الموازنة العامة للدولة، مع العلم أن هناك موارد مالية أخرى ولكن بعيدة تماماً عن حياة المرضي.. « النهار» طرحت القضية على الخبراء والتفاصيل فى السطور التالية. فى البداية أكد الدكتور تيمور مصطفى ، مدير مستشفى القصر العينى الفرنساوي، أن وزارة المالية تقوم بتطبيق قانون رقم 27 لسنة 2012، بأخذ 20% من حصيلة الصناديق الخاصة ، إلا أنه للأسف تقوم الوزارة بأخذ هذه النسبة من إجمالى إيراد المستشفى ، مع العلم أن إجمالى الإيراد يتضمن تكلفة أداء الخدمات والمستلزمات الطبية. تأثير سلبى وأوضح أن المستشفى تقوم بتقديم خدمات ذات تكاليف مع العلم أن هناك فرق بين الإيراد والرسوم، فالمستشفى تقوم ببيع خدمات ذات تكاليف عالية وواجبة السداد وهذه الخدمات لا تتجاوز ال20% اللى وزارة المالية تأخذها، ففى هذه الحالة لا تقدم المستشفى الخدمات بالمستوى المطلوب منها. وأشار إلى أن دعم الموازنة العامة تم وقفه على الرغم من أن هناك 2500 موظف بالمستشفى تم تعيينهم برواتب ممولة من الموازنة العامة للدولة ، فمن أين تتحمل المستشفى كل هذه التكاليف مع العلم أن الموازنة هى التى تتحمل ذلك، فهذا الأمر يمثل نوعاً من العبء على المستشفي، الأمر الذى أثر بالسلب على الخدمات وتوفير المستلزمات الطبية. وأوضح أن رغم هذا تم تقديم الكثير من المذكرات لكل من يهمه الأمر ولعل أبرزهم وزراء المالية ولكن بدون جدوى ، لافتاً أن هذا الأمر يشترك فيه كافة المستشفيات الجامعية بدون إستثناء وعلى رأسها مستشفى عين شمس التخصصي، والتى يقع على عاتقها ديون تبلغ نحو 35 مليون جنيه. وأشار أن مستشفى القصر العينى يوجد بها أقسام اقتصادية ومن المفترض أن يتم إستثناءها من الصناديق الخاصة، لافتاً إلى أن المستشفى لا تحصل على أى دعم نهائياً من الحكومة، لافتاً إلى أنه بناءاً على المبالغ التى تم أخذها منه هو مجبر على رفع الأسعار 20% على المريض، وهذا الأمر لن يحدث، فإذا كان هناك مريض دفع مبلغ عشرة آلاف جنيهاً لإجراء عملية جراحية ، تحت أى ظرف لم يفعل العملية، فستقوم المستشفى بدفع المبلغ مع العلم أن جزءاً منها يتحمله هو شخصياً. تعثر وتعطيل وتابع د. تيمور حديثه ل» النهار» قائلا أن هناك مشكلة أخرى تهدد سيولة العمل الإدارى وإحترافيته فى هذه المنشأة وهى وضع الوحدة الحسابية الحالى من أواخر 2012 لأنها تمتلك حق التوقيع بدلاً من مدير المستشفى وهذا أدى لتعثر الدورة المحاسبية وتعطيل مستحقات الموردين، فأصبح الحال الآن أن هناك جهة غير قابلة للربح يأخذ منها 20% من كامل إيرادها ومحملة بدفع رواتب 4500 موظف من فاتورة المريض، وإلى جانب ذلك أدى ذلك لصرف مستحقات الموردين. وأشار إلى أنه إلى جانب ذلك تتحمل المستشفى كافة تكاليف تداعيات إصابات المظاهرات منذ الأحداث التى تلت ثورة 25 يناير، مع العلم أنه لا توجد أى جهة تقوم بسداد ذلك، إضافة إلى أنه حتى هذه اللحظة لم تقوم المستشفى برفض أى حالة مرضية تم إصابتها فى التظاهرات. وإستكمل د . تيمور حديثه قائلاً:» إنه فى ظل الظروف الراهنة إضطرت المستشفى للصرف على بعض المستلزمات من نفقاتنا الشخصية ، مشيراً إلى أن هذه المبالغ التى يتم دفعها لوزارة المالية لا تؤثر خلال الفترة الراهنة على صرف رواتب العاملين بها، مع العلم أن الوزارة تأخذ نسبة كبيرة من هامش الربح، وإذا ظل الوضع كما هو عليه فهذا الأمر يهدد بعدم صرف رواتب العاملين بالمستشفى بجانب أنه سيهدد بإغلاق المستشفي. وأوضح أن سداد ملايين الجنيهات لوزارة المالية يؤثر بالسلب على الخدمة العلاجية، الأمر الذى يهدد بعدم قبول أى مريض على المستشفى ليتلقى العلاج بالمستشفى نظراً لعدم تحسن الخدمة. الصناديق الخاصة بينما أكد الدكتور صلاح جودة ، المستشار الاقتصادى للمفوضية الأوروبية، أنه كان من أوائل الشخصيات التى تحدثت عن الصناديق الخاصة، موضحاً أن الصناديق الخاصة لها نظام بمعنى أنه لا ينفع أن يتم النظر لجميع الصناديق نظرة واحدة ، ويتم النظر لأخذها، إذ أنه يتم النظر للصناديق التى بها مشروعات خاصة صناديق الجامعات والمستشفيات، وذلك لأنهم يعملوا مشاريع متواجدة. واضاف أنه عندما يكون هناك صناديق تقوم بصرف أموالاً ضخمة على الكثير من الأمور كالعلاج بسعر رمزى واقتصادي، أو العلاج بمستلزمات طبية لم تعد الدولة قادرة على توفيرها ويتم شراءها من الخارج بأسعار مرتفعة، ففى هذه الحالة لابد من إخضاع الصناديق الخاصة للبنك المركزى والجهاز المركزى للمحاسبات. وأشار جودة إلى أن قيام وزارة المالية بأخذ نسبة ال20 % من إجمالى إيرادات المستشفى وليس من حصيلة الصناديق الخاصة، ويوجد فى الوقت ذاته عجز كبير فى توفير المستلزمات الطبية بالمستشفيات فهذا الأمر يعد نوعاً من فرض الإتاوة عليها، خاصة وأن وزارة المالية لم تعلن عن المشروعات التى سيتم الإنفاق عليها بهذه الأموال، لافتاً إلى أنه يحذر من الإنفاق من الصناديق على الأمور التى ليس لها أهمية ويتم الإنفاق على الأجور والرواتب. وأشار إلى أنه لابد من النظر على ماهية مشروعات الصندوق الموجودة، ويتم بعدها على الفور إخضاعها للبنك المركزى والجهاز المركزى للمحاسبات، دون أخذ ال20%، وإذا وجدت أن المشروعات التى يفعلها بدون فائدة وتنفق مبالغ ضخمة كرصف الشوارع، فسيتم فى هذه الحالة إخضاع الإدارة المالية للرقابة، لافتاً إلى أنه يتم تعيين شخصيات على الصناديق بدون خبرة وبمبالغ خيالية فهذا الأمر يعد إهداراً للمال العام، لذا ينبغى مراجعة الصناديق ومراجعة المشروعات ، وإذا وجدت مشروعات ذو أهمية وفائدة فيتم إبقاءها ولكن تحت رقابة. وأضاف جودة أن أن أخذ أموال من مستشفى القصر العينى وهى قطاع خاص يعد تصرفاً خاطئاً من وزارة المالية، موضحاً أنه حتى إن أخذت أموالاً بالغة تصل ل6 مليون جنية من مستشفى القصر العيني، فلابد من معرفة إلى أين سيتم إنفاق هذه الأموال، لأن عكس ذلك يعد إتاوات على المستشفيات القطاع الخاص. وشدد على ضرورة فرض رقابة على مشروعات التى تمت خلال الخمسة سنوات الماضية، ويقوم بذلك الجهاز المركزى للمحاسبات ، وهل من حقه الرقابة على الصناديق ؟، وهل تم إعتماد موازنة لها؟، ومن الذى أعطى له الجهاز التقارير الأخيرة حول الصناديق الخاصة؟. إعادة نظر وطالب جودة الدكتور أحمد جلال وزير المالية بضرورة إعادة النظر على صناديق الجامعات والمستشفيات والتى تتسم بطبيعة خاصة، والتى يتم صرفها على الأبحاث العلمية والمرضي، فكل ما يهم الوزارة أن يتم صرف الأموال على أشياء ذو فائدة كتوفير المستلزمات الطبية بالمستشفيات وتوفير كافة مستلزمات البحث العلمي، وإذا كانت أموال الصندوق التى يتم أخذها ستحدث نوعاً من التقصير فى ذلك فينبغى فى هذه الحالة عدم أخذ أية أموال منها وإعفاءها تماماً من نسبة ال20 % التى يتم أخذها منها لأن المنتفع من هذه الأموال هم المرضى والطلبة. بينما أكد الدكتور كمال القزاز ، الخبير الأقتصادي، أنه على أى أساس تقوم وزارة المالية بأخذ ستة ملايين جنيهات من مستشفى القصر العينى الفرنساوي، وهى قطاع خاص ولا تدعم من الدولة، لافتاً إلى أن هذه المستشفى توجد بها شكاوى كثيرة جراء نقص المستلزمات الطبية من أدوية وخلافه. وأشار القزاز إلى أنه كيف تم أخذ ستة ملايين جنيهات منها، فهذا الأمر يعنى أن أرباح المستشفى سنوياً 30 مليون جنية ، فكيف يكون ذلك وهناك نقص كبير فى خدمتها ومستلزماتها الامر الذى يعانى منه كثير من المرضى. وأوضح القزاز أنه إذا كان هناك فائض مالى منها ، فستقوم على الفور بتوفير ما ينقصها من مستلزمات، موضحاً أنه إذا كان هذا الامر صحيحاً فسيتم تقديم إستجواباً عن طريق المجالس النيابية لمعرفة الاسس التى تم على أساسها أخذ الأموال من المستشفي. دعم المستشفيات وأضاف القزاز أن الدولة تسعى لدعم المستشفيات، والدليل على ذلك دعم مستشفى 57357، فكيف تسعى الدولة لدعم المستشفيات وفى نفس الوقت تأخذ أموالاً من مخصصاتها المالية التى باتت فى أشد الحاجة إليها، مشيراً إلى أنه كيف يقوم مدير المستشفى بدفع أموال لوزارة المالية وهى فى أشد الحاجة إليها، لافتاص إلى أنه إذ كانت المستشفى بها فائض مالى فمن الأولى أن تقوم بشراء وتوفير ما ينقصها من أدوية ومستلزمات. وأوضح أنه من المعروف أن جزء من الصناديق الخاصة يتم تحويلها للموازنة العامة للدولة، إلا أنه إذا كانت هذه الأموال ستحدث نوعاً من العجز مما يجعل هناك نوعا من التقصير فى خدماتها ففى هذه الحالة لن يتم أخذ أموالاً منها وذلك تطبيقا للمثل القائل « اللى يحتاجه البيت يحرم على الجارة» فكيف أدفع أموالاً وأنا أمتلك خللاً فى المؤسسة وعجزاً فى مواردها. فساد للركب فى حين أكد الدكتور ياسر حبيب، المتحدث الرسمى بإسم الجهاز المركزى للمحاسبات، أن الدكتور ممتاز السعيد وزير المالية الأسبق، اصدر قراراً أثناء توليه وزارة المالية فى حكومة الدكتور كمال الجنزوري، بأن يتم أخذ 20% من الصناديق الخاصة، وذلك بعدما أصدر الجهاز المركزى للمحاسبات تقريراً بأن الكثير من المؤسسات يوجد بها فساد للركب، إذ تم حصر الأموال وقتها فقد تعدت 40 مليار جنية، ومن ثم تقرر أن يكون للصناديق الخاصة حل جذري، وبعض الجهات خرجت وقته وقالت أنه إذا تم أخذ أموال الصناديق والدولة لم تعطى أى أموالاً ، فالكثير من المؤسسات ستتوقف وهذا ما تم بالنسبة لمستشفى الكلى بالمنصورة، ومن ثم قررت وزارة المالية أن يتم أخذ 205 من حصيلة الصناديق الخاصة. وأوضح حبيب أن الستة ملايين جنيهات التى أخذها الدكتور أحمد جلال وزير المالية باتت ضمن الحصة المقررة على الصناديق الخاصة وليس كنوعاً من الإتاوات على المستشفيات الخاصة، وذلك وفقاً لوزير المالية الأسبق. وأشار حبيب إلى أن مستشفى القصر العينى الفرنساوى لها جمهور يأخذ تذاكر دخول، وهذا الشىء يعد أمراً عاماً وليس خاص بالمستشفى وفى هذه الحالة يعد هذا الأمر من أموال الشعب، علاوة على ذلك أن مستشفى القصر العينى الفرنساوى ليس ملكية خاصة لأفراد، بل إن الدولة ساهمت فيه وتمتلك جزءاً به، هذا بجانب أن البنك الأهلى يمتلك نسبة فيه، موضحاً أنه طالما تضمن مالا عاما فلابد من أخذ 20% كنصيب الصناديق الخاصة. وأضاف حبيب أنه يتم مراجعة الأموال فى المستشفيات ، وإذا حدث نقص فى توفير مستلزماتها ففى هذه الحالة لابد على مدير المستشفى بأن يتقدم بشكوى لوزير المالية بأن إقرار الأموال للصناديق الخاصة يتسبب فى إحداث عجز مالى بها مما لا يجعلها غير قادرة لتوفير الكثير من الأمور الضرورية التى لا غنى عنها بها. وأشار حبيب أن مستشفى القصر العينى الفرنساوى من المعروف عنه بأن تكاليف أى عملية جراحية تعد مرتفعه جداً، فلا يعقل أن هذه المستشفى لا تعد قادرة على سداد الأموال المقررة للصناديق الخاصة، موضحاً أن القصر العينى الفرنساوى يحصل على دعم من الدولة ولكن بنسبة ضئيلة قد تبلغ نحو 20% حسب الملكية العامة للدولة به، على عكس القصر العينى التعليمى الذى يحصل على دعم من الدولة بنسبة 100%، وذلك لأن المريض لا يدفع أى تكلفة للعلاج. وتابع حبيب حديثه ل» النهار» قائلاً إن :» مستشفى القصر العينى الفرنساوى لن تقوم بدفع ستة ملايين جنيه لوزارة المالية وهى لا تعلم لماذا، بل إن إدارة المستشفى على علم تام بأن هذه الأموال هى الحصة التى أقرتها وزارة المالية للصناديق الخاصة». واختتم حبيب كلامه:» بأنه ليس دفاعاً عن وزير المالية، ولكن وفقاً للقرارات الوزارية ، إن ما فعله وزير المالية جاء وفقاً لقرارات صدرت من قبل، ولا يعنى هذا الأمر أن وزير المالية يقوم بفرض أى إتاوات على المستشفيات الخاصة وبالأخص مستشفى القصر العينى الفرنساوي». وإلى جانب ذلك فقد أجرت « النهار» عدة محاولات من أجل الإتصال بالدكتور حسام عيسى ، وزير التعليم العالي، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، كما قامت بالإتصال بالدكتور علاء ماهى مدير عام مستشفيات جامعة القاهرة وجاء رده كالتالي:» أنا ليس لى صلة بهذا الأمر لأننى مسئول عن مستشفى جامعة مجانى ولا يتم تطبيق هذا القرار على المستشفيات الجامعية». وتطالب جريدة « النهار» فى النهاية كل من رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء بسرعة التدخل لوقف نزيف إهدار المال العام ، والذى تتسبب فيه وزارة المالية خاصة وأن هذا الأمر بات على حساب حياة الكثير من المرضي، هذا بجانب أنه لابد من إلغاء أموال الصناديق الخاصة من المستشفيات دون تمييز مستشفى جامعى من خاص من حكومي، وذلك لأن الجميع فى النهاية يسعى لإنقاذ حياة المريضي.