ربما لا يصدق أحد أن مستشفي بحجم قصر العيني,( يضم5200 سرير, ويتردد عليه نحو مليوني مريض سنويا, ويعمل به نحو13 ألف موظف, وعامل, وطبيب, وممرض. بالإضافة إلي نحو3700 عضو هيئة تدريس), لا يجد من الميزانية الحكومية ما يكفيه لتلبية احتياجات هذا الكم الهائل من المرضي الذين لم يعد لهم ملجأ للعلاج إلا هذا المكان, فجاءوا إليه من مختلف محافظات الجمهورية, آملين في الشفاء العاجل! يستطيع الزائر للمستشفي, أن يدرك ججم الإقبال عليه من جانب المرضي, وأن يلحظ حجم التكدس الذي تعانيه مختلف الأقسام الجراحية, والعلاجية.. زحام شديد في أقسام الجراحة والعظام, والمخ والأعصاب.. أطباء يعملون علي قدم وساق في قسم استقبال الطوارئ لإنقاذ مصابي الحوادث.. مرضي يفرشون الأرض لعدم توافر الأسرة الكافية لهم, وآخرون اتخذوا من الممرات مستقرا لهم.. جميع أقسام المستشفي مكتظة بالمرضي من القاهرة والجيزة, ومن مختلف المحافظات الأخري, وبينما يشعر بعض المرضي بالرضا, يري البعض الآخر أن الإمكانات المادية تحول علاجهم علي النحو اللائق.. ذلك أن الميزانية الحكومية لا تكفي لتلبية مستلزمات العلاج لهذا الكم الهائل من المرضي, لكنهم أي الأطباء يجتهدون في توفير العلاج عن طريق أهل الخير, والتبرعات, وجمعية أصدقاء مرضي قصر العيني, فلا الميزانية تساعدهم, ولا التبرعات التي تأتيهم تكفي لعلاج المرضي, الذين جاءوا من كل حدب وصوب, أملا في العلاج. وفي قسم الجراحة تبدو الصورة مختلفة قليلا, فبينما يشكو المرضي من الانتظار, لأسباب يراها الأطباء خارجة عن إرادتهم, وربما لأسباب تتعلق بالمريض ذاته. الدكتور أشرف حاتم شغل منصب رئيس الإدارة المركزية لمستشفيات جامعة القاهرة, قبل أن يصدر قرار بتعيينه وزيرا للصحة, ثم غادرها في التعديل الوزاري الأخير, يروي لنا أن مستشفي قصر العيني يعد هو أقدم مؤسسة تعليمية وطبية, وهو أيضا اكبر مستشفي في الشرق الأوسط وإفريقيا, والعالم العربي, وهو أحد مستشفيات جامعة القاهرة, وعددها9 مستشفيات بالإضافة إلي مستشفي استثماري هو قصر العيني الجديد أو الفرنساوي كما يسميه البعض, وتقدر طاقة هذه المستشفيات بنحو5200 سرير, وهو ثالث اكبر مستشفي في العالم بعد مستشفيين في الهند والصين. علاج من التبرعات وعلي الرغم من هذا العدد الكبير من المرضي, والذي يتجاوز نحو مليوني مريض, يترددون علي مستشفي قصر العيني سنويا بحسب إحصاءات عام2009, فإن الميزانية كانت لا تغطي سوي60% من النفقات قبل عامين فقط, وكان يتم تدبير النسبة الباقية(40%) من تبرعات أهل الخير, وأموال الزكاة وجمعيات أصدقاء المرضي, والبنوك, ويضم كل قسم من أقسام قصر العيني لجنة تنمية الموارد, وتقوم هذه اللجان بتحديد احتياجات كل قسم, من مستلزمات وأجهزة, بحيث يتم إعداد قائمة بهذه المستلزمات, ويجري تقديمها لمن يطلبها من أهل الخير الذين وجهوا قدرا من أموال الزكاة, ومن أعمالهم الخيرية لمستشفي قصر العيني, مما يوفر للمستشفي قدرا كبيرا من المستلزمات التي محتاجها في تقديم الرعاية الصحية للمرضي. ومن أبرز المشكلات التي تواجه مستشفي قصر العيني- كما يقول الدكتور شريف ناصح أمين رئيس الإدارة المركزية لمستشفيات جامعة القاهرة- أنه لا يوجد بند في الميزانية يسمح بشراء أجهزة, ويظل الأمل معقودا علي تعديل القانون, حتي تتاح لنا امكانية شراء أجهزة متطورة, تتلاءم مع احتياجات المرضي المترددين عليه لتلقي الخدمة العلاجية, فنحن لا نستطيع تلقي أموال سائلة لأنها ستدخل في الحساب الموحد بوزارة المالية, فتصبح مالا عاما, لا يمكن السحب منه إلا بنفس الإجراءات التي يتم السحب بها من ميزانية المستشفي الرسمية, وفقا للقانون رقم(89), والذي يقضي بطرح ممارسات أو مناقصات, وربما تستغرق عملية السحب هذه ما بين6 شهور وحتي11 شهرا. ولعلكم تتعجبون, حين تعرفون أن الباب السادس في ميزانية مستشفي قصر العيني هذا العام, والمتعلق بالإنشاءات الجديدة, وشراء الأجهزة ميزانيته صفر. هكذا يقول الدكتور شريف زامر عزت نائب رئيس الإدارة المركزية لمستشفيات جامعة القاهرة للشئون المالية والإدارية, مشيرا إلي أن هذه الميزانية لا تلبي احتياجات المستشفي, ولا هذا الكم من المرضي المترددين عليه, وبطبيعة الحال هناك أدوية متوافرة, وأخري غير موجودة, يتم تدبيرها من تبرعات أهل الخير, لتدبير العلاج اللازم لكل حالة مرضية. ويعد القانون رقم(89) الخاص بالمناقصات والمزايدات, مشكلة المشاكل بالنسبة لنا, إذ لا نستطيع شراء علاج بصفة عاجلة إلا في حدود50 ألف جنيه, ولكي تشتري لابد من عمل مناقصة أو ممارسة, وهذا الأمر يستغرق وقتا طويلا ربما لا يتحمل المريض, ومن ثم تتجه ميزانية المستشفي لشراء العلاجات الأساسية, التي تقرها اللجنة العليا للأدوية, أما العلاجات الخاصة بالأورام, والرعاية المركزة, ومثبطات المناعة التي تعطي لمرضي زراعة الكبد والكلي, وغيرها, فهي موجودة, ولكن بكميات أقل. [email protected]