اثار القرار الذي أعلنه الدكتور طارق مصطفي رئيس لجنة الصناعة والطاقة بمجلس الشوري بإعفاء المصانع الصغيرة ومتناهية الصغر التي تعمل في إطار الاقتصاد الموازي من الضرائب لمدة «3» سنوات، جدلاً علي الساحة الإقتصادية، حيث رحب عدد من خبراء الإقتصاد بذلك القرار معتبرين أنه خطوة جيدة لدمج الاقتصاد الخفي مع الرسمي، في حين عارض البعض الآخر ذلك القرار إذ يروا أن هذا القرار يعد خطوة غير مجدية، لاسيما وأن القطاع غير الرسمي يخشي التعامل مع الحكومة، إضافة إلي أن الإعفاء الضريبي ليس الحل لضم القطاع الغير رسمي للاقتصاد. لذا حاولت " النهار" معرفة ما هو حجم رأسمال مال الإقتصاد الخفي؟، وكيف يمكن الاستفادة من الإقتصاد الخفي بعد قرار الإعفاء الضريبي الذي سيطبق علي شركاته، وهل قرار لجنة الصناعة والطاقة هو قرار سياسي أم إقتصادي، وعلي أي أساس تم إقرار ذلك؟، في البداية رحب الدكتور محمد المنوفي "أستاذ الإقتصاد بجامعة جنوب الوادي" بقرار مجلس الشوري ، مؤكداً أن هذا القرار وضعته لجنة الصناعة من أجل هدف إقتصادي بحت ، لاسيما وان هذا القرار سيساهم في دمج الإقتصاد الخفي مع الإقتصاد الرسمي، ليرفع بذلك نسبة الناتج القومي للدولة، علماً بأنه هذا الإقتصاد غير الرسمي يمثل نصف الناتج القومي للدولة، كما أنه دمجه مع الإقتصاد الشرعي سيساهم في توفير ما يزيد عن 7 ملايين فرصة عمل للمصريين في الوقت الذي زادت فيه نسبة البطالة. وأضاف المنوفي أنه قد حان وقت دمج الإقتصاد غير الشرعي مع الإقتصاد الشرعي ، لاسيما في ظل الظروف الإقتصادية السيئة التي تمر بها مصر منذ إندلاع ثورة 25 يناير حتي الآن، إضافة في ضوء المخاوف من تدهور أكثر للإقتصاد في 30 يونيو القادم. وأشار المنوفي أن الإقتصاد الخفي يمتلك رأسمالمال فائق وضم ذلك مع رأسمال القطاع الرسمي سيساهم في دعم الإقتصاد، إذ يمتلك الإقتصاد الخفي رأسمال مال يبلغ تقريباً 170 مليار جنية وهذا ما أكدته عدد من الدراسات في الفترة الأخيرة، لافتاً في الوقت ذاته أن هذا القرار الذي أعلنته لجنة الصصناعة يعد بمثابة دعوة لتأهيل الإقتصاد الخفي " غير الشرعي" لتحويله إلي أقتصاد شرعي والإستفادة منه في سد عجز الموازنه الذي تفاقم الفترة الأخيرة. بينما تري الدكتورة يمن الحماقي " أستاذة الإقتصاد بجامعة عين شمس" أن هذا القرار ذو مغزي سياسي لدي الحكومة المصرية وهو إعطاء الأمان لشركات " بير السلم" للظهور في السوق المصري والحصول علي ترخيص إضافة إلي إخضاعها للرقابة والتفتيش لمنع ما يسمي ب" الغش التجاري" ، مقابل إعفاءها من الضرائب، لتضمن الحكومة أيضاً بعد ذلك تحصيل الضرائب منها بعد إنقضاء الثلاث سنوات، وهذا القرار يعكس مدي ذكاء الحكومة في كسب ثقة شركات الإقتصاد الموازي ، لتستطيع بعد ذلك أخذ جزء منه كضرائب. وأضافت الحماقي أن هذا القرار سيساهم في دمج الإقتصاد الرسمي مع الغير رسمي، الامر الذي سيساهم بقدر كبير في تقليل ديون مصر الخارجية، من خلال تقليل الإستيراد ودعم المنتجات الوطنية ، كما سيساهم أيضاً في توفير فرص عمل للشباب العاطلين، كما سيساهم ذلك أيضاً في تقليل عجز الموازنة العامة. وأشارت الحماقي إلي أن السبب الرئيسي وراء تزايد نشاط الكثير من أصحاب الشركات الصغيرة والمتناهية الصغر في الخفاء، يرجع لعدم ثقة أصحاب الشركات في الحكومة ، وأنه يكمن بداخلهم مخاوف من تحصيل الكثير من الضرائب منهم، الامر الذي أدي لإضاعة المليارات علي الحكومة، لافتة في الوقت ذاته أن حكومة الدكتور هشام قنديل بدأت لأول مرة في التفكير بطريقة مجدية لكسب ثقة أصحاب هذه الشركات بعدما كانت تمارس هذه الشركات نشاطها بطرق غير مشروعة وسرية . وحول تقدير حجم هذا الأقتصاد الغير الشرعي أكدت يمن أنه لا يمكن لأي شخص تقدير حجم هذا الإقتصاد، موضحة أن هناك الكثير من التقارير قد أصدرتها عدد من مراكز الابحاث في الفترة الأخيرة، تؤكد أن حجم هذا الأقتصاد السري يتراوح بين 130 إلي 320 مليار جنية. بينما يري الدكتور أحمد غنيم " مدير مركز البحوث الاقتصادية" أن الإقتصاد السري يمثل نصف الناتج القومي للدولة أي نصف الإقتصاد المصري، ولا تقتصر نسبة هذا الإقتصاد علي ذلك فقط بل تتزايد كل عام عن عام نتيجة زيادة التجارة غير الشرعية للمنتجات والسلع سواء الغذائية أو غير الغذائية، وذلك خوفاً من تجار هذه المنتجات من دفع ضرائب تزداد سنوياً عليهم من قبل حكومة يروها أنا ليست علي ثقة. وأوضح غنيم أن إقرار العفو الضريبي علي الإقتصاد السري يساهم بشكل قانوني في ضم الإقتصاد الغير شرعي مع الإقتصاد الرسمي، لافتاً إلي أن العفو الضريبي علي الصناعات الصغيرة ومتناهية الصغر والتي أقرها رئيس لجنة الصناعة والطاقة بالشوري يعد من افضل الطرق التي تتبعها الحكومة، بل وخطوة جيدة أيضاً لدمج الاقتصاد الموازي مع الحكومي ، والذي يلعب دوراً في تقليل عجز الموازنه ومديونيات الدولة، خاصة و أن دمج الإقتصاد الخفي للإقتصاد الرسمي له فوائد كثيرة لاسيما وأن هذا الإقتصاد يمثل 55% من الإقتصاد المصري أي أكثر من نصف الأقتصاد الرسمي. وعن وجهة النظر المعارضة لهذا القرار أعربت الدكتورة بسنت فهمي " خبيرة الإقتصاد" عن رفضها التام لفكرة الإعفاء الضريبي للصناعات الصغيرة والمتناهية الصغر ، مؤكدة أن ينبغي إقرار الإعفاء الضريبي علي كل المصانع البعيدة والمتطرفة، حتي تتمكن الحكومة من زيادة فرص الإستثمار بالدولة. وأوضحت فهمي أن السبب الرئيسي وراء تزايد نشاط الاقتصاد السري هو تشديد الرقابة علي المصانع، الأمر الذي دفع الكثير من أصحاب المصانه لممارسة النشاط الإقتصاد في السر لعدم دفع ضرائب، لافتةً إلي أن كل عام يشهد تزايد عدد من المنشأت السرية بالدولة والتي تبلغ 80% من المنشآت الموجودة بالدولة. وشددت فهمي علي ضرورة أن يكون لدي وزارة المالية خطة يضعها أهل الخبرة من الإقتصاديين لتنظيم الإقتصاد السري ، كما ينبغي تخفيف الرقابة لفترة علي المصانع في محاولة لأن تنتقل ثقة ممارسي الإقتصاد غير الشرعي في الحكومة المصرية. بينما تري الدكتورة عالية المهدي "عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية الأسبق" أن الإقتصاد السري يوجد بكل دول العالم وليس في مصر فقط ، مؤكدةً إن قرار العفو الضريبي علي المصانع ثلاثة سنوات أمر غير كافي علي الإطلاق ، ولن يحقق للدولة ما تسعي إليه، من إسقاط الديون والإلتزامات المالية عليها، لافتةً في الوقت ذاته إلي أن وزير المالية الأسبق بطرس غالي قد طبق هذا القرار من قبل والذي إنتهي بالفشل، خاصة وأن صاحب المشروع غير الرسمي يتركز إهتمامه علي سداد الضرائب في الأعوام المقبلة، ولا يهتم بالضرائب الأعوام السابقة. وأوضحت المهدي أن قرار الإعفاء الضريبي لا يكفي وحده لتنظيم نشاط الإقتصاد السري بل ينبغي فرض رقابة مشددة علي المصانع غير الشرعية لتحقيق عنصر الأمان سواء للمستهلك لمنع الغش التجاري أو للعمال من خلال الإشتراك لهم في نظام التأمينات الأجتماعية لاسيما وأن العاملين بالإقتصاد الخفي حوالي 65% أي قد فاق عددهم 10 مليون عامل بخلاف العاملين في المجال الزراعي. بينما يري الدكتور حمدي عبد العظيم " الرئيس السابق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية" أن الإقتصاد الخفي قد تزايد حجمه في الفترة الأخيرة ليصل ل 160 مليار جنية ليفوق بذلك حجم الإقتصاد الرسمي، لافتاً إلي أنه قرار لجنة الصناعة بات خطوة جيدة لدفع أصحاب الإقتصاد الغير الشرعب للحصول علي تراخيص وخروج هذه الشركات للنور من جديد لتدعم الإقتصاد الوطني للدولة. وشدد عبد العظيم علي ضرورة علي ضرورة أن تقوم وزارة المالية بتشريع قوانين تقوم بحماية نشاط أصحاب الإقتصاد الخفي ليكون كخطة لإعادة الإمان لهم والثقة التي إنعدمت من قبل الحكومة المصرية تجاههم ، كما طالب الوزارة أيضاً بضرورة أن تنشر إعلانات تليفزيونية خلال شهر رمضان المقبل تحث المواطن المصري علي ضرورة أن يطالب بحقه في الحصول علي فاتورة أثناء شراءه لأي منتج لتضمن حق المشتري والدولة كضرائب عند تحصيلها.