صعد الآن إلي قمة المشهد السياسي في مصر مسألة التحالفات الانتخابية ، ليس فقط داخل جبهة الإنقاذ ، ولكن أيضًا بين الأحزاب ذات المرجعية الدينية، والتي تري في تحالف الأحزاب المدنية خطورة عليها، وعلي الإسلام، وعلي التجربة الإسلامية في الحكم، في مجافه واضحة للحقيقة. وفي ظل خريطة حزبية متغيرة، وبيئة سياسية مضطربة، وأوضاع مجتمعية قلقة، لا تسمح بالمنافسة المتكافئة، خاض الانتخابات السابقة أربع تحالفات رئيسية، هي: التحالف الديمقراطي، الكتلة المصرية، الثورة مستمرة، الأحزاب السلفية ، العملية الانتخابية، ولكن سرعان ما انقسمت هذه التحالفات علي نفسها سياسيا، وفشلت في الاستمرار حتي تحت قبة البرلمان، الذي لم يستمر كثيرًا. وبعد ما يربوا علي العام، وفي نفس الظروف السابقة، تحاول بعض الأحزاب والتيارات السياسية عقد تحالفات انتخابية جديدة. واللافت في أغلب بنيتها أنه لا يوجد رابط مشتركة بينها، سواء أكان المدنية منها أو ذات المرجعية الدينية. فعلي سبيل المثال، تضم جبهة الإنقاذ في طياتها عددا كبيرا من الأحزاب المتناقضة في التوجه الحزبي والسياسي لها، مما قد يفجر هذا التحالف مع قرب موعد الإنتخابات، ومع محاولة الاتفاق علي نصيب كل حزب من المقاعد، ومع من سيوضع علي رأس القوائم الانتخابية، في ظل احساس بعض هذا الأحزاب بأنها الأكثر شعبية في الشارع بالإضافة إلي إنها ستتحمل العبء الأكبر في الدعاية الانتخابية. أما بالنسبة للأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وفي ظل انقسام السلفيين إلي عدة أحزاب، ربما لا تستطيع هي الأخري تكوين تحالف موحد، وسوف تتشتت أحزابها علي تحالفات عدة، خاصة وأن بعضها مازال ينتظر ما سوف تعرضه عليها جماعة الإخوان المسلمين للتحالف معها. أما الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، وحزب مصر القوية، فيسعي هو الأخر لتشكيل تحالف سياسي وانتخابي وسطي جديد يضم عددًا من الأحزاب المحسوبة علي التيار الإسلامي، إضافة إلي أحزاب مدنية وليبرالية. وفي سبيل ذلك يسعي إلي ضم أحزاب الوسط والتيار المصري والنهضة والريادة ، التي أسسها أعضاء سابقون بجماعة الإخوان المسلمين، بإضافة إلي حزب مصر برئاسة الدكتور عمر خالد، وعدداً من الشخصيات المنشقة عن الإخوان للترشح علي نفس القوائم، أبرزهم المحامي مختار نوح، القيادي السابق بجبهة الإصلاح داخل الجماعة، والدكتور كمال الهلباوي، المتحدث السابق باسم الإخوان المسلمين في الغرب. وعلي الرغم من أن الأصل في العملية الانتخابية، هو محاولة كل حزب خوضها منفردًا للحصول، ليس فقط علي أكبر عدد من المقاعد، ولكن للفوز بتشكيل الحكومة، ولكن تجد الكثير من الأحزاب السياسية والمنظمات في التحالفات السبيل المهم والناجح لأجل زيادة نفوذها ودعم مواردها. إلا أن الحياة الحزبية في مصر تؤكد علي أن هناك أحزابا تتوفر لديها كل مقومات خوض معركة انتخابية ناجحة، بما في ذلك الخبرة الانتخابية السابقة، والكوادر المؤهلة للترشيح والعلاقات الجماهيرية والنفوذ السياسي فضلاً عن الإمكانيات المالية، وهناك أحزاب أخري ينقصها بعض هذه المقومات أو كل هذه المقومات. والخبرة الماوضوية في مصر تؤكد علي أنه كان هناك عدة محاولات، في العام الماضي لتشكيل تحالفات انتخابية، مثل محاولة تشكيل تحالف انتخابي يضم الأحزاب الوسطية وتحالف آخر يضم الأحزاب الناصرية ولم تكن هذه التحالفات التجربة الأولي في الانتخابات التشريعية في مصر، فقد كانت هناك تحالفات انتخابية من أحزاب الأقلية قبل 1952، وكانت هناك تحالفات انتخابية في ظل التعددية الحزبية الحديثة التي بدأت عام 1976 نتيجة للأخذ بنظام القائمة النسبية المشروطة في انتخابات مجلس الشعب 1984، 1987 حيث شهدت انتخابات 1984 تحالفاً بين حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين، كما شهدت تحالفاً آخر عام 1987 باسم التحالف الإسلامي بين حزب العمل وحزب الأحرار وجماعة الإخوان المسلمين، وقد حقق كل من التحالفين هدفه بالحصول علي مقاعد في مجلس الشعب بعد تجاوز نسبة الحد الأدني من الأصوات الانتخابية التي لا يجوز التمثيل في المجلس إلا بعد الحصول عليها وهي 8%، 5% علي التوالي. والخلاصة، أن خبرة التحالفات الانتخابية في مصر تؤكد علي عدة أمور منها، إنها تحالفات انتخابية فقط وليست سياسية، وعادة لا تستمر هذه التحالفات كثيرة بعد الانتهاء من العملية الانتخابية، كما إنها قامت من أجل محاربة سيطرة وانفراد حزب واحد علي تشكيل البرلمان. وعلي الرغم من ذلك فإن علي المتحالفين الجدد، خاصة جبهة الإنقاذ، بأن تؤكد للجميع بأن تحالفها، إذا استمرت، فإنه ليس موجها للقضاء علي التجربة الإسلامية، ولكن هدفه هو إيجاد برلمان يعبر عن جميع فئات المجتمع، ويعبر عن طموحات ثورة يناير المجيدة.