ربما لم تكن مدينة سوهاج من المدن السياحية او المدن الصناعية او حتى المدن الساحلية لكى تصنع حضارة فى هذه المجالات ولكونها من افقر المدن فى جمهورية مصر العربية الا انها صعنت حضارة مثل معظم مدن مصر ، فقد اخرجت المدينة العديد من العلماء فى حضارة علمية ، فقد خرج من سوهاج رائد الفكر وامام النهضة العلامة رفاعة رافع الطهطاوى . فهنا فى مدينة سوهاج وعلى بعد خطوات من مجرى النيل يقف مبنى اثرى قديم وتقع على واجهة المبنى لافتة كبيرة مكتوب عليها مكتبة رفاعة رافع الطهطاوى ، تلك هى المكتبة العامة التى كانت نواتها مجموعة كتب ومخطوطات رفاعة، بعدما أهداها للمحافظة حفيُدهُ محمد بدوى ، قبل خمسين سنة، وافتتحت للعمل سنة 1958 م . وتعد هذه المكتبة من اهم اثار المحافظة لما فيها من مخطوطات مكتوبة بخط اليد للعلامة رفاعة لكنها محفوظة بشكل بدائى ، وتنتظر عناية فورية قبل قفدانها وتلفها . ويمكن تقسيم مخطوطات رفاعة داخل المكتبة إلى ثلاث مجموعات الأولى تضم النسخ العتيقة التى تستمد قيمتها من قدمها، بحيث تنضاف لقيمتها المعرفية قيمة أثرية. والثانية تضم النسخ الفريدة التى يصعب ان نجد لها نظيراً فى أى مجموعة خطية أخرى ، فقيمتها تنبع من ندرتها. والثالثة ، مجموعة خاصة تضم كتابات رفاعة الطهطاوى وشيخه حسن العطار، ومن قبلهما الشيخ أحمد الدمنهورى، وقيمة هذه المجموعة الأصلية من المخطوطات تنبع من أهمية مؤلفيها ودورهم الكبير فى تأسيس نهضتنا المعاصرة. رفاعة رافع الطهطاوي من قادة النهضة العلمية في مصر في عهد محمد علي باشا. ووُلد رفاعة رافع الطهطاوي في 15 أكتوبر 1801، بمدينة طهطا إحدى مدن محافظة سوهاج ، يتصل نسبه بالحسين السبط. ولقي رفاعة عناية من أبيه، فحفظ القرآن الكريم، وبعد وفاة والده رجع إلى موطنه طهطا ، ووجد من أخواله اهتماماً كبيراً حيث كانت زاخرة بالشيوخ والعلماء فحفظ على أيديهم المتون التي كانت متداولة في هذا العصر، وقرأ عليهم شيئا من الفقه والنحو. التحق رفاعة وهو في السادسة عشرة من عمره بالأزهر في عام 1817 وشملت دراسته في الأزهر الحديث والفقه والتفسير والنحو والصرف.. وغير ذلك. يبدأ المنعطفُ الكبير في سيرة رفاعة الطهطاوي مع سفره سنة 1242ه /1826م إلى فرنسا ضمن بعثة عددها أربعين طالباً أرسلها محمد علىّ على متن السفينة الحربية الفرنسية (لاترويت) لدراسة العلوم الحديثة ، وكان الشيخ حسن العَطَّار وراء ترشيح رفاعة للسفر مع البعثة كإمامٍ لها وواعظٍ لطلابها، وذهب كإمام ولكنه إلى جانب كونه إمام الجيش اجتهد ودرس اللغة الفرنسية هناك وبدأ بممارسة علم، وبعد خمسٍ سنوات حافلة أدى رفاعة امتحان الترجمة، وقدَّم مخطوطة كتابه الذي نال بعد ذلك شهرة واسعة تَخْلِيصُ الإِبْرِيزِ فيِ تَلْخِيصِ بَارِيز ، ثم عاد رفاعة لمصر سنة 1247 ه / 1831 مفعماً بالأمل منكبّاً على العمل فاشتغل بالترجمة في مدرسة الطب، ثُمَّ عمل على تطوير مناهج الدراسة في العلوم الطبيعية. وأفتتح سنة 1251ه / 1835م مدرسة الترجمة، التي صارت فيما بعد مدرسة الألسن وعُيِّن مديراً لها إلى جانب عمله مدرساً بها، وفى هذه الفترة تجلى المشروع الثقافى الكبير لرفاعة الطهطاوى ووضع الأساس لحركة النهضة و يُعد الطهطاوى أحد رواد الفكر التنويرى في مصر بعد فترة من الاضمحلال الفكرى و التى عاشتها مصر و التى وصلت لذروات من الجمود الفكرى بشكل خاص في العصور المملوكية و العثمانية في مصر , مما أثر سلبا و بقوة على الفكر في مصر مما ترك اثر سلبيا جدا على الحياة الفكرية في مصر إبان السيطرة المملوكية و العثمانية على مصر . وتوفى رفاعة الطهطاوى سنة 1290 ه/1873م والان وبعد مرور قرابة 140 عام على وفاة العلامة رفاعة رافع الطهطاوى وما نراه من تدور ملحوظ فى مستوى التعليم فى مصر هل تعود الى مصر نهضة علمية مثل التى احدثها الطهطاوى . والسؤال الاهم هل سيعود شعار التربية قبل التعليم فى مصر وهل سيكون العلم هو النهضة القادمة التى تصعد بها مصر بعدما تدهور فى الفساد طوال ثلاثين عام .