يحكي لنا شيخ الإسلام ابن تيمية عن القتال الذى وقع بين الصحابة في موقعة الجمل فيقول: انطلق قوم من أوباش جيش علىّ كرم الله وجهه فحملوا على معسكر أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فظنوا أن عليا كرم الله وجهه قد بدأهم بالقتال فقالوا ندفع عن أنفسنا. ثم هرع هؤلاء الأوباش إلى سيدنا علىّ وكذبوا عليه وقالوا لقد بدؤونا بالقتال، ولم يذكروا له أنهم هم الذين بدؤوا، ليقع القتال بين الفريقين خوفا من هؤلاء الأوباش من اجتماع علىّ والزبير وعائشة رضي الله عنهم على الصلح فيطلبوا دم عثمان ولا يحدث خلاف بينهم على ذلك فتقع الدائرة على هؤلاء الأوباش لأن كثيرا منهم كانوا ممن حمل على عثمان واشتركوا في قتله, ويعلق ابن تيمية : وكذلك وقع القتال ليس على قصد السابقين الأولين ولكن على قصد الأوباش من قتلة عثمان , الذين كانوا في جيش علىّ كرم الله وجه . ولما وقع القتال امتنع طلحة من قتال المسلمين حتى قُتل وكان يحجز بين الصفيين , أما الزبير فقد ترك المعركة على فرسه فقال له ابنه عبد الله: أجبنا؟ قال: لا، ولكن لا ألوث سيفي بدماء المسلمين, ولحق الزبيرَ رجل يقال له ابن جرموز فوضع الزبير سيفه على رقبته ولم يبقى إلا أن يفصل جسده عن رأسه, فقال له ابن جرموز - لعنه الله - ناشدتك بالله والحواميم أن تعصم دمى فرفع الزبير سيفه عنه, وانطلق عدو الله فقتل الزبير, فقال له الزبير وهو يُستشهد أي عدو الله ناشدتني بالله والحواميم فتركت قتلك ثم بعد ذلك تقتلني!. ثم ذهب ابن جرموز إلى علىّ كرم الله وجهه ظنا منه أنه سينال جائزة من على كرم الله وجهه بقتل الزبير, فقال له على كرم الله وجهه: قاتل ابن صفية في النار, فقال ابن جرموز: إذا تركنا القتال قلت خذلتموني, وإذا قاتلنا معك قلت لنا قاتل ابن صفية في النار, فوضع ذبابة سيفه على بطنه واتكأ عليه فقتل نفسه, وتلقته جهنم فقد كانت في شوق إليه. هذه هي أخلاق الأوباش لا تقوم بهم نصرة أبدا, وقد سبق هذا أيام حروب الردة أن أمر أبو بكر من يرجع من الردة إلى الإسلام من مانعي الزكاة والمرتدين أن يلحقوا بجيش خالد, فحدثت بسببهم ارتباكات في الجيش وكادت الجيوش أن تنهزم, فصاح خالد إلى أبى بكر أن احجز عنى هؤلاء الأوباش, أنا لا أقاتل إلا بالسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار وأشراف العرب وذوى المكانة والبأس والخلق من الناس, وقد كان ما كان وصحَ رأى خالد, ولما تطهر جيش خالد منهم انطلق كالسيل العارم يجتاح الكفر ويقطع دابر المرتدين وكل من تمالأ على دين الله. وهذا يؤكد ما نقول: الأوباش لا يتحقق بهم نصرة ولا يتحقق إلا الخذلان. ونستكمل حديثنا في معركة الجمل فقد استهدف الخوارج في جيش على كرم الله وجهه الصحابة بالقتل، وركزوا رماحهم على هودج أم المؤمنين عائشة حتى صار كالقنفذ من كثرة ما رُشق فيه من الرماح, وقد كان هدفهم الخبيث -عليهم لعنة الله- هو تمزيق الهودج ووقوعها على الأرض ثم تعريتها وتمزيق جسدها حتى ينالوا من عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أن الله قد عصم عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يفتضح، فألهم أصحاب عائشة أن يُدرعوا الهودج، ولم يقع من هدفهم الخبيث شيء, وقد قام بنوا ضبة بحماية أم المؤمنين عائشة حتى استشهد على ذلك ثمانون رجلا وقطعت أيدي ثمانين رجلا ممن يمسكون بعناق الجمل, ولما مر علىّ كرم الله وجهه على جثث الشهداء من بني ضبة قال قولته الشهيرة: رحم الله بني ضبة لقد صانوا عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم, وقال عن الثمانين شهيدا قولته الشهيرة: لا يسبق هؤلاء أحد إلى الجنة, ولما عقروا الجمل ونزلت أم المؤمنين عائشة إلى الأرض أهانوها في معسكر علىّ كرم الله وجهه وأحاطوا بها إحاطة المسبية , إلى أن أنقذها علىّ كرم الله وجهه من بين أيديهم وأدخلها إلى بعض نساء بني بكر بن وائل فطببوها وطيبوا خاطرها، ثم صحبها أربعون امرأة من بني بكر بن وائل في لباس الفرسان من الرجال حتى وصلت إلى بيتها معززة مكرمة . هذه هي الأهداف الخبيثة لأوباش (الجرامزة) من الخوارج, وهؤلاء الجرامزة الجدد الذين يسمون أنفسهم (الجلاجلة) تكدست فى جيناتهم كل أخلاق الجرامزة القدامى؛ فهم منهم، كما كان اليهود زمن الرسالة يخاطبهم الله بأخلاق اليهود القدامى لأنهم منهم: جينات موروثة متراكمة ليس فيها إلا خبث الطوية والدناءة والغدر والخيانة " أخلاق ابن جرموز " . ولنذهب بعد ذلك قليلا إلى معركة صِفّين من كتاب الذهبي عن الخلفاء الراشدين : " يقول عن عكرمة حَكم معاوية عمرو ابن العاص , فقال الأحنف بن قيس لعلى كرم الله وجهه: حَكم أنت ابن عباس فإنه رجل مجرب, قال أفعل, فأبى اليمانية وقالوا لا, حتى يكون منا رجل, فجاء ابن عباس إلى على كرم الله وجهه لما رآه قد هم أن يُحكم أبا موسى الأشعري فقال له علام تحكم أبا موسى فوالله لقد عرفت رأيه فينا فوالله ما نصرنا وهو يرجو ما نحن فيه فتدخله الآن في معاقد أمرنا مع أنه ليس بصاحب ذاك, فإذا أبيت أن تجعلني مع عمرو فاجعل الأحنف بن قيس فإنه مجرب من العرب وهو قرن لعمرو, فقال على كرم الله وجهه أفعل, فأبت اليمانية أيضا, فلما غُلب جعل أبا موسى , فسمعت ابن عباس يقول: قلت لعلى يوم الحكمين لا تحكم أبا موسى فإنه معه رجلا حذرٌ فرسٌ فاره, فلزنى إلى جنبه فإنه لا يحل عقدة إلا عقدتها ولا يعقد عقدة إلا حللتها , قال يا ابن عباس ما أصنع: إنما أوتى من أصحابي؛ قد ضعفت بينهم وكلّوا في الحرب, هذا الأشعث بن قيس يقول: لا يكون فيها مضريان أبدا حتى يكون أحدهما يمان, قال فعذرته وعرفت أنه مضطهد وأن أصحابه لا نية لهم." انتهى أما موقف هؤلاء الأوباش مع على كرم الله وجهه فأجبروه على التحكيم وإلا قتلوه كما قتلوا عثمان هكذا جهارا نهارا وأحدثوا فتنة في الجيش, وهذه عبرة أن من يسمح بدخول الأوباش في جيشه لا يأمن غدرهم ويتعرض للهزيمة والفشل والخذلان ولو كان في مثل قامة علىّ ابن أبى طالب، ولا يوجد أحد الآن في مثل قامة على كرم الله وجهه, ولما رضي بالتحكيم كفّروه واستحلوا دماء أصحابه وقتلوا، عبد الله بن خباب بن الأرت فقاتلهم علىّ كرم الله وجهه وقتل منهم جمعا كثيرا فإلى جهنم وبئس المصير. وقد كان علىّ كرم الله وجهه قد أرسل لهم قبل ذلك ابن عباس فلم يسمع منهم إلا حججا عقيمة فَندها جميعا, نفس الحجج التي يقولونها الآن، فهم قبيل واحد لا يفصل بينهم الزمن, ولا يزالون يقومون في كل قرن حتى يلحقوا بالدجال. وقد استنهضهم بعد التحكيم علىّ كرم الله وجهه لقتال معاوية فتقاعسوا عنه إلى أن قتله ابن ملجم عليه لعنة الله، وهو منهم، ثم هموا بعد ذلك بعد أن صار الأمر إلى الحسن رضي الله عنه بقتله في خيمته بسبب واهي وهو أنه أرسل جيشا من العراقيين إلى نهاوند وبقى هو في جيش لقتال معاوية فظنوه يعرضهم للقتال وينأى هو عنه, ثم لما تبين لهم الأمر وعرفوا أن ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفعل ذلك دعاهم الحسن إلى قتال معاوية فنكصوا عن القتال وصاحوا صيحتهم الشهيرة: التقاة التقاة, فعلم الحسن أن هؤلاء لا يقوم بهم أمر ولا يتحقق بهم إلا الخذلان فتصالح مع معاوية, وتحققت بذلك نبوءة رسول الله «إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين الأمة»لأن هؤلاء القوم لا يتحقق بهم نصرة، فليس ما يدعوا إلى الفرقة فتكون الجماعة على «خير فيه دخن»خير من الاتكال على قوم متخاذلين تغلب عليهم صفة الأوباش. هذا درس من التاريخ, ولنعرض لما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخوارج: يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان. يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم. وهذه الأخيرة هي أهم صفاتهم : ألا وهى الشك في كل شيء؛ في الله ورسوله والناس جميعا وفى أنفسهم, وللشك في القلب سعير كسعير النار وهجير كهجيرها, يقرأ أجزاء من القرآن ليزيل هجير الشك ويخرج وقد ازداد شكا، ويقوم ردحا من الليل ويصوم ويتعبد ليصل إلى برد اليقين أو إلى شيء من الإيمان وينأى الإيمان عنه )كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا" وكما قال الله عن أهل الكتاب " وإنهم في شك منه مريب ". أما المؤمن فيجد في قلبه برْد اليقين مباشرة ولو صلى ركعتين خفيفتين، وكلما ازداد قربا من الله ازداد الله قربا منه، وترسخ الإيمان في قلبه حتى صار كالجبال الراسيات في نومته وفى قومته وفى غدوه ورواحه, دائما في قلبه برد اليقين وعليه وضاءة التقوى , وهذه الصفة قد برزت من قول ذي الخويصرة الذي شك في عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : إن هذه قسمة ما أريد بها وجه الله, غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهمَ قوم من الصحابة أن يقتلوه، فقال صلى الله عليه وسلم: اتركوه فإنه يخرج من ضِئضِىء هذا.... ثم ذكر صفات الخوارج, وإذا زدنا على صفات الخوارج صفات الجرامزة فهي: الخسة والدناءة والغدر والخيانة. والأن وقد جئنا إلى هؤلاء الذين انطلقوا يخربون ويدمرون ويفسدون كل شيء فنجد صفاتهم أنهم شباب: محبط – ضائع – مشتت الفكر – زائغ العقيدة – مضطرب الوجدان - ليس عندهم أمل في أي شيء ولا ثقة في أي أحد؛ يكفرون كل الجماعات ويسقطون كل الرموز ويشككون الناس في كل خطوط الحركة لإقامة الدولة الإسلامية لأنهم هم أنفسهم شاكون في كل شيء يعانون من هجير الشك, والله سبحانه وتعالى لا يعطى برد اليقين إلا لمن يستحقه وتلك نعمة عظمى، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول أرحنا بها يا بلال. وهذه الحركة الإرهابية المعاصرة التي تهدد أمن مصر وغزة ما هي بالاصطلاح الاستراتيجي إلا الانسحاب إلى الأمام بالتخريب والتدمير لأنه ليس عندهم خطوط حركية ولا خطط استراتيجية هادفة تصل بهم إلى هدف نهائي وهم يعلمون أنهم قد فشلوا ويريدون أن ينسحبوا من العمل الإسلامي الذي فشلوا فيه ويغطون هذا الانسحاب بحملة إرهابية ويوهمون الناس أن كل التيارات قد فشلت وليس أمامنا حل إلا الإرهاب, حتى إذا خربوا ديار المسلمين وشككوا في كل الرموز وكل التيارات وفشلت حركتهم أمام القوى التي تواجههم, ينطلقون بقولتهم الخائبة الشهيرة: وعلى أن أسعى وليس على إدراك النجاح, ثم ينطلقون إلى جولة جديدة من الانبطاح أمام العدو فليس ثمة إلا ذلك, فإذا حدث وتحركت حركات إسلامية هادفة تعلم هدفها وتعرف كيف تحققه مرة أخرى انطلق هؤلاء في جولة جديدة من الإرهاب تقطع الطريق على هذه الحركات الإسلامية الهادفة وتشكك الناس فيها ثم ينتهوا هم إلى الفشل بعد الإرهاب فليس يتبع الإرهاب إلا الفشل ثم الانبطاح, وهكذا دوما حتى يلفظ العالم الإسلامي أخر أنفاسه. هذه هي خطة أمريكا وإسرائيل لمقاومة الإسلاميين, وهؤلاء الجرامزة مخترَقون من أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية , ونقول لمن يحسن الظن فيهم ويؤويهم أن الأفعى أول ما تلدغ من يحتضنها, ولنا تجربة في ذلك فقد خرج أناس من السجن سنة 70 خاوين الوفاض فآواهم الناس وأعطوهم المال ليتجروا به حتى إذا اغتنوا انقلبوا إلى المال الحرام ثم كَفروا الجميع . ثم نأتي إلى فارق استراتيجى مهم وهو تعريف الإرهاب والفرق بينه وبين الجهاد: الإرهاب عملية عسكرية لا ترتبط بهدف سياسي ولا تحقق هدفا سياسيا وتتتابع حتى ينتهي بها الأمر إلى الفشل ثم الاندثار وذلك مع حسن النية ونبل الغاية, فإذا كان مع خبث الطوية والحقد والكراهية للمجتمع فالأمر أشد : خذ مثلا جيفارا انتهت حركته إلى الفشل , ماركوس نفس الشيء، مع أنهم كانوا يدافعون عن تحرير شعوبهم ولكن أخطأوا الوسيلة وهكذا الألوية الحمراء في إيطاليا وفى فرنسا والعمل المباشر في فرنسا وحركة الباسك في أسبانيا، وهؤلاء يملكون أسلحة متطورة وتمويل ضخم ولكنهم يجهلون حركة التاريخ ولا يعرفون شيئا عن الاستراتيجية وعلاقتها بالدراسات الاجتماعية والسياسية والعمل العسكري, وعلى العكس من ذلك نجد أن الجزائر استطاعت أن تجبر فرنسا على الانسحاب بمليون شهيد لأنها حركة مقاومة شعبية, وليست حركة إرهابية. باختصار الإرهاب لا يؤدى إلا إلى الفشل، والمقاومة الشعبية لا تؤدى إلا إلى النجاح لمن يحسن القيام بها. الفرق الأخر أن الإرهاب كعمل عسكري، والأهداف المستهدفة منه اجتماعيا وسياسيا، إذا رسمنا بينهما رسما بيانيا (س , ص) نجد أن العلاقة بين العمل العسكري ونتائجه لا تنتظم في خط بياني واحد يصل إلى هدف نهائي يرجى تحقيقه، وتجد أن النتائج مبعثرة عشوائية التكوين مما يسمى عشوائية التوزيع . أما الجهاد فاقرأوا سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغزوات والمعارك الكبرى والسرايا حتى حركات الصلح والعمليات الخاصة التي قام بها بعض الصحابة كقتل كعب بن الأشرف وابن أبى الحقيق إذا رسمتها كحركات عسكرية (س , ص) مع نتائجها وأهدافها سواء كانت مرحلية أو نهائية تجدها تنتظم في خط بياني واحد يصل بها إلى هدفها النهائي وهو الفتح الأعظم، فتح مكة، كأعظم ما يمكن أن يحققه مخطط استراتيجي في العصر الحديث. إن تحرير فلسطين بالكامل وإزالة إسرائيل من الخريطة واستعادة المقدسات ممكن أن يتحقق إذا وعينا هذه الفروق وقاتلنا بسلاح متطور على مستوى العدو وقمنا بحماية المدنيين أثناء القتال, وكان اهتمامنا بالدفاع لا يقل عن الهجوم , ووعينا الفرق بين الإرهاب وحروب التحرير والمقاومة الشعبية من جهة وبين الجهاد والإرهاب من جهة أخرى. إن مصر وغزة ليست إسرائيل ومن يريد أن يضرب إسرائيل فليذهب إلى حيفا ويافا ويغتال من يريد اغتياله من القيادات الإسرائيلية ويدمر مفاعل ديمونة, فالأهداف الإسرائيلية واضحة , أما سيناء وغزة فهما جزءان من العالم الإسلامي والعالم العربي وكذلك الأمن القومي المصري.. سندافع عن الجميع أمام هؤلاء المخربين. إنهم يستغلون الفراغ العسكري في سيناء الذى فرضته كامب ديفيد وحماية قبائلهم في سيناء لهم، وسيأتي وقت تتخلى عنهم قبائلهم وتتصدى لهم الدولة ويتصدى لهم المجتمع السيناوي بلا أدنى حرج. لقد تركت الدولة سيناء فترة من الوقت ليتكدس فيه السلاح في أيدي الشرفاء ليقوموا بحركة مقاومة شعبية إذا فكرت إسرائيل في عمل أحمق قبل وصول الجيش المصري إلى المعركة كما تصدى حافظ سلامة في السويس. ولقد كان السلاح الشعبي الذى جمعه الشرفاء بعد الحرب العالمية الأولى هو الذى دعمت به حركة اليد السوداء ثورة 19 حتى آثر سعد زغلول المفاوضات وتخلى عن عبد الرحمن فهمى لكنها ساعدت في رفع الحماية الانجليزية عن مصر وإلغاء الامتيازات الأجنبية سنة 28 , وكان تهريب السلاح من المعسكرات الإنجليزية إلى المقاومين الشرفاء هو الذى أشعل شرارة المقاومة حتى انتهت إلى تطبيق معاهدة 36 , ولقد عاد الإنجليز إلى الاسكندريةوالقاهرة بسبب الحرب العالمية الثانية حتى إذا انتهت الحرب جمع الإخوان كَما ضخما من السلاح من مخلفات الحرب العالمية الثانية, وكان الأخ محمد سليم من الاسكندرية عليه رحمة الله ممن كان يجمع هذا السلاح, ولقد وقعت أحيانا بعض حركات التجميع في أيدى السلطة فكان يتدخل الحاج أمين الحسيني بدعوى أن هذه الأسلحة لحرب فلسطين , وكان تعبير النيابة المصرية: يفرج عنه أو عنهم لشرف الغاية ونبل المقصد, ولا يصادرون السلاح, وهذا السلاح الذى قاوم به الإخوان جيوش إنجلترا في القناة بينما عجزت الشرطة عن ذلك, وقتل منهم من قتل , وقد جعلت الشرطة هذا اليوم عيدا لها, وقد كان هذا الفشل بسبب توجيه خاطئ من وزير الداخلية فؤاد سراج الدين وبسببه حدث حريق القاهرة وكان أول من قام به من الشرطة ممن يسمون وقتها بالبلوك أمين ثأرا لإخوانهم في بور سعيد. وقد كان هذا السلاح الذى هربه المرحوم محمد سليم وغيره من الإخوان من مخلفات الحرب العالمية الثانية هو الذى حارب به الإخوان في فلسطين. أما الآن وقد حدث هذا الإرهاب الأسود وانعدمت الثقة في المجتمع بسبب اندساس هذه الفئة الضالة فلا يمكن عسكرة المجتمع المقاوم في سيناء للقيام بدوره الطليعي في مواجهة أي حماقة عسكرية لإسرائيل, وهذا أخطر نتائج الفعلة الشنعاء بضرب جنود الحدود الشرفاء في فعل خسيس دنيء وهم يتناولون الإفطار لا يفعله إلا الجرامزة – خيانة, غدر , خسة, دناءة-. فسيناء الأن مفرغة من السلاح الرسمي طبقا لكامب ديفيد ومن السلاح الشعبي خوفا من الإرهاب, وهذا أعظم هدف حققته إسرائيل بتدريب هؤلاء وتسليطهم على مصر وغزة واختراقهم وتمويلهم وانصياعهم لهذه الأهداف الخسيسة لا لهدف إلا للانسحاب إلى الأمام والتشكيك في كل الحركات الإسلامية وإحراج مرسي وهنية, وكل هذه أهداف رخيصة ضيقة لا تنظر إلى الصالح العام وليس عندها أي عمق فكرى أو تخطيط استراتيجي, أهداف كلها كما قلنا ضيقة ورخيصة. أخيرا نقول لحماس لا تأخذكم بهم رأفة في دين الله, ولا تترددوا في اتخاذ القرار, طهروا أرضكم منهم ولا تبقوا على أحد فهؤلاء أعداء لكم عملاء لإسرائيل, قاتلوهم كافة واقتلوهم حيث ثقفتموهم، ومرة أخرى لا تترددوا في اتخاذ القرار لحفظ أمنكم وأمن مصر وإلا كنتم مسئولين عن كل ما يأتي لمصر من أضرار وما يتعرض لأمنها القومي ووقتها لا يلومن أحد إلا نفسه. العدو واحد، وفلسطين ومصر جسد واحد، ما يصيبنا يصيبكم وما يصيبكم يصيبنا " إذا أصيب منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" . والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.